تقديم

تقديم

إنجيل يوحنا إنجيل غريب. كلماته بسيطة وهي التي نستعملها كل يوم. ولكن الاخصّائيين ما زالوا يدرسونها فلم يكتشفوا بعد أعماقها. يرتاح الاولاد إلى قراءة هذا الإنجيل. والصوفيّون جعلوه رفيق صلاتهم وتأمّلهم. إنجيل يورد حياة يسوع، شأنه شأن متى ومرقس ولوقا، ولكنه يختلف عنهم.
إنجيل يوحنا هو الإنجيل الروحاني. إنه يخبرنا أكثر من أي إنجيل آخر عن الروح القدس. وهو ينطلق بنا من عالم المادة إلى عالم الروح، من الماء الذي نشربه كل اليوم إلى الماء الحيّ الذي يتفجّر فينا. من الخبز الذي نأكله كل يوم إلى الخبز الحيّ الذي نزل من السماء فأعطانا حياة أبديّة. من ولادة بحسب الجسد إلى ولادة في الماء والروح.
إنجيل يوحنا هو شهادة فرد. شهادة يوحنا بن زبدى وشقيق يعقوب وصديق بطرس ورفيقه حتى الصليب، بل في زيارة القبر بعد القيامة. وهو أيضاً شهادة جماعة تقول لليهود الذين لم يؤمنوا بيسوع: نحن ننطق بما نعلم، ونشهد بما رأينا، ولكنكم لا تقبلون شهادتنا. جماعة تقول عن صاحب الإنجيل: هذا هو التلميذ الشاهد بهذه الأمور، وهو الذي كتبها. ونحن نعلم أن شهادته حق.
شهادة جماعة عاشت خبرة الروح. إنطلقت من حياة يسوع وأقواله وأعماله. فتأملّت فيها طويلاً قبل أن تدوّنها. تأملّت فيها على ضوء خبرة القيامة. فيسوع القائم من الموت حاضر في كنيسته ولاسيّما في شعائر العبادة. وكنيسته تتغذّى من هذا الحضور ولا سيّما حين تمارس سرّي المعمودية والافخارستيا.
هذا هو إنجيل يوحنا. إنه يدعونا إلى أن نؤمن بأن يسوع هو المسيح وابن الله. وإذا آمنا به كانت لنا الحياة. إيمان يلد من الشهادة. إيمان لا يتوقّف عند المعرفة بل عند الولادة الجديدة. إيمان يصل بنا كما وصل بالسامريين إلى المسيح الذي هو مخلّص العالم.
هذا هو إنجيل يوحنا الذي ينقلنا من الظلمة إلى النور، من أسفل إلى أعلى، من هذا العالم إلى عالم الله. إنه إنجيل الروح والحرية والحب والنور. وهو يتعارض مع هذا العالم، مع اللحم والدم، مع العبودية والبغض والظلمة.
هذا هو إنجيل يوحنا. يبدأ فيحدّثنا عن كلمة الله الحاضر من الأزل. ويدعونا أن نرى في يسوع، المسيح الكلمة الذي صار بشراً فسكن بيننا. نرى فنؤمن، نؤمن فنتعلّق بيسوع المسيح. نؤمن فتكون لنا حياة الابن. نرفض الايمان فنختار الموت.
إلى هذا الإنجيل سنتعرّف لا في جزء واحد بل في ثلاثة أجزاء من سلسلة "القراءة الربية". ونحن نبدأ مسيرتنا كما اعتدنا مع كل من متى ومرقس ولوقا، فنرافق القديس يوحنا يحدثنا عن يسوع كلمة الله، بل يخبرنا عن الذي رآه بعينيه، وتأمّله بقلبه، ولمسته يداه، فجاء يبشّرنا به. وهكذا يكون فرحنا كاملاً

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM