الفصل الرابع :الرب يسوع في ملكوت الله

الفصل الرابع

الرب يسوع في ملكوت الله

بدأ يسوع كرازته في الجليل فأعلن اقتراب ملكوت الله (مر1: 15). وعلى مدّ رسالته ذكر هذا الملكوت مرارًا: 47 في مت؛ 14 في مر؛ 36 في لو. وذكر ملكوت الله مرتين في يو؛ 7 مرات في أع؛ 12 في الرسائل البولسيّة؛ مرتين في الرسائل العامة؛ 3 مرات في رؤ . وسيذكر يسوع ملكوت الله في العشاء الأخير ووليمة الوداع (مر 14: 25وز)، فيجعل منه موضوعًا أساسيًا في تعليمه. نشير هنا بشكل عابر أن لفظة ((باسيلايا)) تدلّ على مُلك بشري (4 مرات في مت، 5 في مر، 4 في لو )، على ملك إبليس (مرّة واحدة في مت ولو)، على ملك داود (مرة واحدة في مر) وعلى ملك يسوع (3 مرات في مت، 5 في لو).
ملكوت الله مفهوم قريب من سامعي يسوع بعد أن أعلنه الأنبياء على أنه خلاص اسرائيل (اش 52: 7؛ 24: 23؛ لو 24؛ زك 14: 9)، وأنشدته مزامير الملك (96-99) وأكدّت على انتظاره كتبُ الرؤى وتعاليم العالم اليهوديّ.
استند يسوع إلى هذه الأفكار المعروفة في محيطه، فحولّها منطلقًا من الدور الذي لعبه في مجيء ملكوت الله. هذا ما نتوقّف عنده في هذا المقال.

1- إعلان ملكوت الله
حين أعلن يسوع ملكوت الله لم يشرح هذه العبارة التقليديّة. بل تحدّث عن ((ملكوت السماوات)) كما في مت (22 أو 24 مرة؛ رج يو 3: 5). عن ((ملكوت الله)) (في مت 3-5 مرات. وثلاث حالات مماثلة: ملكوتك، ملكوت أبي، ملكوت أبيكم: في مر 14 مرة؛ في لو 31 مرة مع حالتين مماثلتين: ملكوته، ملكوتك)، عن ((الملكوت)) (7 أو 8 مرات في مت؛ مرتين في لو). وترك سامعيه يفهمون.
أ - الملكوت الاتي
بدأ يسوع فقدّم، شأنه شأن الانبياء، هذا الملكوت كواقع مقبل وقريب. وكثّف الانجيليون كرازته في الاعلان التالي: ((اقترب ملكوت الله)) (مر 1: 15؛ مت 4: ،17 أو ((وصل)) في شخص يسوع). واستعاد الاثنا عشر، ثمّ السبعون تلميذًا هذا الاعلان (10: 7؛ لو 10: 9-11). وانتظر يسوع مجيء هذا الملكوت حتى عشائه الأخير (26: 29؛ مر 14: 25؛ لو 22: 18). وقاسمه تلاميذه انتطاره (مر 15: 43؛ لو 23: 51). ووعدهم المعلّم بأن هذا الملكوت سوف يتمّ (مر 9: 1؛ لو 9: 27: 21: 31)، وعلّمهم ان يطلبوه في صلاتهم (6: 10؛ لو 11: 2). فعليهم أن يعيشوا منذ الان في هذا الانتظار مثل العذارى العشر اللواتي وجب عليهنّ أن يكنّ مستعدات لاستقبال العريس (25: 1-13)، مثل العبيد الذين يجدهم سيّدهم ساهرين (24: 44-51؛ مر 13: 33-37؛ لو 12: 42-46)، والذين يطالبهم بالحساب (25: 14-30؛ لو 19: 12-27).

ب - تمثّلات الملكوت
> الدينونة
لا يقدّم لنا يسوع رسمة إجماليّة عن ملكوت الله. ولكنه يعود في كرازته إلى تمثّلات اسكاتولوجيّة معروفة. أما المشهد الذي يُذكر أكثر ما يُذكر (في خطّ الأنبياء)، فهو الدينونة التي تدشّن هذا الملكوت. يذكرها بشكل عابر في 7: 1-2 (لو 6: 37)؛ 7: 21-23؛ 10: 28-32 (لو 12: 4-9)؛ 12: 32، 41-42 (لو 11: 31-32 ). ويصورّها بشكل مطوّل في لوحتين جليانيتين يظهر فيهما ابن الانسان كما في دا (25: 31-46؛ لو 17: 22-37). كما يصوّرها في أمثاله: الحصاد (13: 30؛ مر 4: 29؛ رج يو 4: 13؛ اش 41: 15؛ إر 51: 33 وصورة البيدر. رج أيضًا عا 9: 9؛ اش33: 11؛ 41: 16؛ إر 13: 24؛ 51: 2). الشبكة (13: 47-50؛ رج إر 16: 16؛ حز 32: 3؛ مد 5: 7-8). فعل يسوعُ مثل المعلّمين في عصره، فاتّخذ صورة من المجتمع الذي يعيش فيه: تأدية الحساب (18: 23-25؛ 25: 14-30؛ لو 16: 10-9؛ 19: 12-27)، المحكمة (5: 25-26؛ لو 12: 58-59). من خلال هذه الأقوال المختلفة، وجدت الجموع ما قاله الأنبياء من تنبيهات احتفاليّة: لا مجال ليلوغ الملكوت الآتي دون المرور في الدينونة التي فيها يختار الله أخصَّاءه حسب برّه ونعمته.
> فرح الملكوت الآتي
وعبر هذه المحنة المخيفة، يجعلنا يسوع نستشفّ فرح الملكوت الآتي. يدلّ عليه مرارًا بواسطة كلمة أخذها من عالم الاسكاتولوجيا. وعد مؤمنيه أنهم ((سيخلّصون)) (مر 8: 35؛ 10: 26؛ 13: 13، 20؛ رج لو 13: 23. نلاحظ هنا صيغة المجهول الالهي). وأعلن لهم، شأنه شأن دا 12: 2، ((الحياة الأبديّة)) (25: 46؛ مر10: 17-30؛ لو 10: 25)، ((الحياة)) (7: 14؛ 18: 8-9؛ مر 9: 43-45). ((الحياة)) تقابل ((الملكوت)) حسب مر 9: 43-45؛ ق 9: 47؛ وحسب مت 18: 8-9؛ 19: 17؛ ق 18: 3؛ 19: 23-24. الحياة هي القيامة.
وسمّى يسوع، شأنه شأن المعلّمين، العالم الآتي (20: 35؛ مر 10: 30؛ لو 18: 30)، الولادة الجديدة، الخلق الجديد (19: 28؛ رج اش 65: 17)، الفداء الذي يحرّر البشر من العبوديّة ومن الشرّ (لو 21: 28؛ رج روم 8: 23). عبارات مجرّدة سوف يفضّل عليها يسوع صورًا ملوّنة باللون التقليديّ. مثلاً، تلك التي تنشد فرح شعبه الذي اجتمع أخيرًا في حضرة الآب: إقامة اسرائيل الجديد في أرض الموعد الحقيقيّة في نهاية خروج مؤلم (5: 4). استقبال المختارين ((في المظال الابديّة)) من أجل عيد مظال لا ينتهي (لو 6: 9). إعادة تكوين الأسباط الاثني عشر (19: 28؛ لو 22: 30). تجمّع المختارين (13: 41-43؛ 24: 30-31؛ 25: 31-46؛ مر 13: 26-27). الوليمة المسيحانيّة (8: 11؛ 22: 11-13؛ مر 14: 25؛ لو 6: 21؛ 14: 16-24؛ 22: 30؛ رج أش 25: 6؛ 65: 13-14؛ 1أخن 62: 14). عيد الأعراس (22: 1-10؛25: 1-13) الذي يعود رمزه إلى هو 2: 21-25 فيصل إلى مز 45 ونشيد الأناشيد.
إن إيجاز هذه الاقوال حول الملكوت لافت للنظر. ما أراد يسوع أن يُشبع فضول سامعيه ولا أن يجاريهم في رغباتهم: لا الروح الوطنيّة المتطرّفة لدى الغيورين، ولا تكبّر الذين يعتبرون نفوسهم أبرارًا، ولا شهوانيّة أهل اللحم والدم. فالخلاص الذي يعلنه هو سرّ متعال. والله هو قلب هذا السرّ. وما يدلّ على ذلك هو سيطرة عبارة ملكوت الله على عبارات استعملها الكتبة فركّزت على الانسان، مثل الخلاص، الحياة، العالم الآتي. أما في نظر يسوع، فجوهر الأمور هو نجاح قصد الله. والانسان لا يخسر شيئًا في هذا النجاح، لأنه يجد أخيرًا في البرّ والقداسة، فرح الأنبياء الكامل.

ج - شروط الدخول إلى الملكوت
بدا يسوع متحفّظًا في وصف الملكوت الآتي، ولكنه قدّم التفاصيل حول شروط الدخول إليه. وهكذا جاء تعليمه في خطّ الأنبياء الذين اهتمّوا، لا بتصوير المستقبل، بل بالحصول على قرار حاضر من قبَل السامعين. وتحتلّ النصوص التي تتحدّث عن هذه الشروط جزءًا هامًا في الاناجيل (ف5-7؛ 10؛ 18؛ رج لو). يكفينا هنا أن نتفحّص الأقوال الواضحة من نداءات إلى الارتداد والتوبة، من تطويبات تدعو إلى السعادة، من أقوال حول ((الدخول)).
> نداء إلى التوبة
ما طالب به الانبياء مرارًا هو التوبة. ندّدوا بخطيئة شعبهم، فدعوه إلى العودة إلى ربّه لكي ينال الخلاص في الدينونة القريبة. استعاد يسوع هذا النداء، فجمعت كرازته الأولى اعلان اقتراب الملكوت والنداء إلى التوبة (4: 17؛ مر1: 15). واستعاد الاثنا عشر التعليم عينه في مهمّتهم الرسولية (مر 6: 12). وشدّدت أقوال من حياة يسوع على هذ الموضوع عينه: دعوة ملحّة تنطلق من واقع حصل في أيام يسوع (لو 13: 1-5). قولان نبويان ضد الذين لم يتوبوا أمام المعجزات (11: 20-24؛ لو 10: 12-15). كرازة يسوع كما في 12: 41: ((رجال نينوى سيقومون في الدينونة مع هذا الجيل ويحكمون عليه، لأنهم تابوا بوعظ يونان وههنا أعظم من يونان)) (رج لو 11: 32). لا شكّ في أن يسوع اتّخذ قرارًا خطيرًا يفوق ما طلبه الانبياء، غير أن سامعيه وجدوا أولاً في تعليمه طلبًا مماثلاً لطلب سابقيه: التزام شخصيّ تجاه الرب أمام الدينونة الاتية.
> التطويبات
منذ الحكماء في العهد القديم، جاءت التطويبات فنًا أدبيًا معروفًا يقدّم متطلّبة دينيّة وجزاء لمن يتمّ هذه المتطلّبة. وتُصوَّر هذه المتطلّبةُ بشكل أوضح من السعادة الموعود بها. وخضعت تطويبات يسوع لهذه القاعدة. فوعدت التلاميذ الأمناء بملكوت السماوات (5: 3، 10؛ رج لو 6: 10) الذي صورّته أرضَ موعد وتعزية وشبعًا وغفرانًا ورؤية الله وأجرًا نناله وبنوّة نحصل عليها (5: 4-12؛ لو 6: 21-23). بل صوّرته بكل بساطة على أنه السعادة (11: 6؛ 24: 46؛ لو 7: 23: 11: 28؛ 12: 37، 38، 42). وتقدّم التطويبات متطلّباتها: الفقر الروحي، الشجاعة في الألم، العطش إلى البرّ، الغفران الاخوي، نقاوة القلب، طلب السلام. الثبات في الاضطهادات (5: 3-12؛ رج لو 6: 20-23)، الايمان (11: 6؛ لو 7: 23؛ 11: 28) والرجاء الساهر (24: 46؛ لو 12: 27-38، 42). فبدون هذه المواقف العميقة، لا نستطيع البلوغ إلي ملكوت الله.
> أقوال ((الدخول))
وهناك سلسلة أخرى من أقوال يسوع تتحدّث عن شروط ((الدخول إلى الملكوت)) (18: 3 وز؛ رج 5: 20؛ 7: 21؛ مر 9: 47) أو ((إلى الحياة)) (18: 8-9؛ مر 9: 43، 45؛ رج مت 19: 7). أو هي تلاحظ صعوبة هذا الدخول (مر 0: 23-25 وز) أو رفض الكتبة والفريسيين الدخول (23: 13). نقرّب من هذا الدعوة إلى الدخول في الباب الضيّق (7: 13؛ لو 13: 24)، المثل حول الباب المغلق أمام مدعوين غير جديرين (25: 10-12؛ لو 13: 25).
وتحدّد هذه الأقوالُ أيضًا متطلّبات الدخول إلى ملكوت الله: روح الطفولة (مر 10: 15 وز)، قطع كل علاقة بأسباب الخطيئة (18: 8-9؛ مر 9: 43-47)، التجّرد من المال (مر 10: 23-25 وز)، قبول تعليم يسوع (23: 13)، الأخذ ببرّ يتجاوز بّر الكتبة والفريسيين (5: 20)، تتميم إرادة الآب (7: 21)، حفظ الوصايا (19: 17)، المجهود للعبور في الباب الضيّق (137؛ لو 13: 24)، السهر لكي نكون مستعدّين لمجيء الرب (25: 10-12؛ رج لو 13: 25). هذه المتطلّبات هي في امتداد متطلبّات تث من أجل الدخول إلى أرض الموعد (تث 4: 1؛ 6: 18؛ 16: 20). والمزامير من أجل ممارسة الليتورجيا في الهيكل (15: 24: 3-6؛ 118: 19-20). وهي قريبة من متطلبّات المعلمين ((للمشاركة في العالم الاتي)). طابعُها طابع مطلق وهي تفرض نفسها على القارئ.
د - نعمة ملكوت الله
إذا عزلنا هذه النصوص التي ذكرناها عن الانجيل، ينتابنا شعور بأننا أمام نداء حصريّ إلى المجهود البشريّ، إلى عالم أخلاقيّ مشدود نحو الأعمال على مثال عالم الفريسيين. غير أن يسوع ندّد مرارًا باعتداد الانسان في أن ((يبرّر نفسه)) (ف 23؛ لو 17: 7-10؛ 18: 9-14). وكرازته حول الملكوت تُبعدنا كل البعد عن هذا الموقف.
فعبارة ((ملكوت الله)) تكفي لتدلّ على الفاعل الحقيقيّ للخلاص الذي يعلنه يسوع. فمجيئه لا يرتبط إلاّ بالله (لا نجد أبدًا على شفتَي يسوع تأكيدا رابينيًا يقول إن التوبة تعجّل في مجيء الخلاص. رج أع 3: 19-20؛ 1بط 3: 12): هو وحده قد هيّأه منذ خلق العام (25: 34) وهو وحده يحقّقه شيئًا فشيئًا في التاريخ المقدس: وهكذا يرتفع الزرع حتى الحصاد دون أن يحتاج الانسان إلى التدخّل (مر 4: 26-29). وحده الآب يعرف يوم وساعة مجيء هذه الملكوت (24: 36؛ مر 13: 32)، كما يميّز الأماكن المحفوظة لمختاريه (20: 23؛ مر 10: 40).
على التلاميذ أن يتقبّلوا هذا الملكوت كنعمة سامية (13: 16-17؛ لو 10: 32-34؛ 12: 32). وحسب عبارة تقليديّة نجدها في تث 2: 12؛ 3: 20، الملكوت هو ميراث كما قال يسوع أيضًا (5: 5؛ 19: 29؛ 25: 34؛ مر 10: 17؛ لو 10: 25؛ 18: 18؛ 22: 39). لهذا، عليهم أن يطلبوه في صلاة متواصلة (6: 10؛ لو 11: 2). وهذه المبادرة، مبادرة الله المطلقة في ملكوته، هي تعليم تقليديّ لدى الأنبياء. والفريسيون الذين حصروها في حياتهم العمليّة التي تهتم بالاعمال، لم يرفضوها يومًا. وهكذا وجد سامعو يسوع في إعلانه للملكوت التقليد الصريح الذي وجدوه في العالم اليهودي.

2 - يسوع الربّ
أعلن يسوع ملكوت الله في لغة تقليديّة. هذا ما لا شكّ فيه. ولكنه أدخل في إعلانه، الجديدَ الذي لم يسمع به أحد. فسابقوه ومعاصروه لم يروا في هذا الملكوت من ربّ سوى الاله الواحد. أما يسوع فنسب إلى نفسه ربوبية حقيقية. هو الرب. وهذا ما نكتشفه بشكل ضمنيّ في مهّمته الزمنيّة، في معجزاته، في السلطة التي يمارسها. وهو يعلن هذه الربوبيّة ليوم مجيئه الاسكاتولوجيّ كابن الانسان، ويوضحها كل الايضاح في ظهوراته الفصحيّة.

أ - معجزات يسوع
منذ موس حتى المكابيّين، امتلأ تاريخ اسرائيل بالمعجزات. فمدهشات سفر الخروج معروفة: ضربات مصر، عبور البحر، المن والسلوى، الماء من الصخر، الرعد في سيناء. كل هذا يدلّ على قدرة مخلّص اسرائيل. وتجاه هذه المعجزات المشهورة، تبدو معجزات يسوع جدّ متواضعة. لهذا لا نعجب إن سمعنا الكتبة يطلبون من يسوع آية تتوافق مع آيات يذكرها التقليد (12: 38 وز؛ 16: 1 وز).
ومع ذلك، فالمعجزات الانجيلية تقدمّ، على بساطة مادتها، أصالة خاصة. فمجري المعجزة في العهد القديم لا يحصل على ما يطلب إلاّ بالصلاة. إن موسى ((صرخ إلى الرب)) (خر 14: 15؛ 15: 25؛ 17: 4). وإيليا توسّل وتوسّل قبل أن يعيد إلى الحياة ابن الارملة (1مل 17: 19-22). فالانبياء لا يُجرون المعجزة في المعنى الحصري للكلمة، بل يعلنونها (خر7: 17، 27؛ 8: 17؛ 9: 3؛ 14: 13-14؛ يش 3: 5؛ 6: 16؛ 1مل 17: 14؛ 18: 36-37). أما يسوع، فحين يُطلب منه شفاء، نسمعه يجيب في عبارة بسيطة: ((شئتُ فكن طاهرًا )) (8: 3 وز). ((قم احمل فراشك واذهب الى بيتك)) (9: 6 وز). ((مدّ يدك)) (مر 3: 5 وز). ((يا صبيّة، قومي)) (مر 5: 41؛ لو 8: 54). ((فتح)) (أي انفتح) (مر 7: 34). لا نجد في هذه الأشفية صلاة يسوع (رج يو 11: 41-42 وصلاة يسوع قبل إقامة لعازر؛ مر 1: 35؛ 9: 29). وهذا ما يدلّ على سلطة يسوع وعمق سلطانه الشخصيّ من أجل خلاص البشر.
وهناك أقوال يسوع تُسند هذا التفسير، فتجعلنا ندرك المعنى الذي أعطاه هو لهذه الوقائع، وعلاقة هذه المعجزات بمجيء ملكوت الله. فعلى أثر إخراج الشياطين، أعلن يسوع خلال جدال مع الفريسيين (15: 28): ((وأمّا إن كنت بروح (قال لو 11: 20: باصبع) الله أخرج الشياطين، فذلك أن ملكوت الله قد انتهى إليكم)). يسوع هو أقوى من الشيطان (12: 29؛ لو 11: 21-22)، وعمله الشخصيّ يحقّق حضورًا للملكوت لم يصبح بعدُ نهائيًا (لأن إبليس ما زال يعمل)، ولكنه منذ الآن فاعل ناشط. حين طلب يوحنا المعمدان من يسوع أن يوضح هويّته، قدّم يسوع معجزاته فصوّرها بصور طبّقها الأنبياء على الملكوت المسيحاني (11: 5؛ لو 7: 22؛ رج أش 35: 5-6؛ 29: 18-19). وهنا أيضًا يُتمّ عملُ يسوع مواعيد الأنبياء. وجاءت أعلاناته الواضحة ففسّرت أقوالاً خفيت على معاصريه (لو 12: 54-56)، فجعلتهم يرون في هذه الأعمال مجيء الخلاص.
ما تمّ بعدُ ملء ملكوت الله الاسكاتولوجيّ. فالشرّ ما زال حاضرًا في العالم. غير أن الله يُنجز منذ الآن مخطّطه في عمل يسوع وبواسطة هذا العمل، فيعطي ابنه سلطانًا يفوق كل سلطان .

ب - سلطان يسوع
لا تكفي معجزاتُ يسوع وحدها لكي تحدّد دور يسوع: فشعب اسرائيل عرف عددًا من مجترحي المعجزات. ولكنها تدعونا إلى التأمّل في تعليم يسوع الذي يطالب لنفسه بسلطة فريدة.
أولاً: سلطة بالنسبة إلى السامعين
كرز يسوع، شأنه شأن الأنبياء، بالتوبة ودعا الناس للعودة إلى الله. غير أنه أعطى هذه الكرازة المعروفة، تعبيرًا جديدًا كل الجدّة. جعل الأنبياء التوبة في تتمّة متطلبات عهد الآباء، كالعدالة والمحبّة والايمان وصدق نوايا القلب... أما يسوع فحدّدها تعلقًا بتعليمه وشخصه. ارتدّ العشّارون والخطاة حين جاؤوا إلى يسوع، على مثال المريض الذي يأتي إلى الطبيب (9: 12وز؛ لو 15: 1-2، 7 10؛ رج 5: 32؛ 13: 3، 4؛ 16: 30؛ 24: 47؛ أع 2: 38؛ 3: 19؛ 5: 31؛ 17: 30؛ 20: 21؛ 26: 20). ففعل الايمان (لو 7: 50) هو الذي يُدخل السامعين، منذ الآن، إلى ملكوت الله (21: 21). أما الذين يرفضون رسالة يسوع، فهم يرفضون في الوقت عينه الارتداد الذي يدعوهم الله إليه: على مثال مدن الجليل (11: 20-24؛ لو 10: 12-15). على مثال ((هذا الجيل الفاسق الخاطئ)) (12: 39-42؛ لو 11: 29-32). على مثال المسؤولين الدينيّين في العالم اليهوديّ (21: 28-31). ومشيئة الله التي نتمّمها لكي ندخل في ملكوته، هي أن نتقبّل ذاك الذي أرسله (10: 40؛ مر 9: 37؛ لو 9: 48؛10: 16؛ يو 12: 44-50؛ 13: 20؛ 17: 18؛ 20: 21).
ومشيئة الله هذه قد عرفها شعب اسرائيل في الشريعة التي أعلن يسوع قيمتها الدائمة (5: 17، 18؛ 23: 23، 23)، التي حفظها وطلب من الناس أن يحفظوها (8: 4 وز؛ 15: 3-6؛ 23: 16-22؛ مر 7: 9-13؛ 10: 19). غير أنه في مرات عديدة، يجعل سلطته فوق سلطة الشريعة. يرفض الطلاق كما حدّده تث 24: 1-4، واعتبره تراجعًا أمام قساوة القلوب (19: 2-9؛ مر 10: 2-12؛ رج مت 5: 31-32؛ لو 16: 18). واعترض على مبدأ شرائع الطهارة الطقسيّة (15: 10-20؛ مر 7: 14-23). وتجاه الوصايا المقدّسة التي نجدها في الدكالوغ (=الوصايا العشر)، قدّم وصاياه الخاصة وجعلها أسمى من وصايا العهد القديم: ((سمعتم أنه قيل للأقدمين... أما أنا فأقول لكم)) (5: 21-48): وهكذا يؤكّد يسوع أنه موسى الجديد، الذي يسمو على موسى الاول، الذي هو الرئيس والمشترع في شعب الله النهائيّ.
ثانيًا: سلطة بالنسبة إلى التلاميذ
أعطى يسوع أوامره كالسيّد المطلق للذين أرادوا أن يتعلّقوا به ويكونوا تلاميذه. فمن أراد أن يتبعه، وجب عليه أن يتخلّى عن كل خيرات هذا العالم: عن المهنة والأملاك والعائلة. ونجد صورة عن هذه المتطلّبات في أخبار الدعوات، دعوة سمعان بطرس واندراوس، دعوة يعقوب ويوحنا (4: 18-22)، دعوة الرجل الغنيّ (19: 16-22وز). ونسمع أقوال يسوع القاطعة: ((كل من ترك بيوتًا أو إخوة أو أخوات أو أبًا أو أمًا...)) (19: 29وز). ونقرأ في 10: 34-37 عن الحرب التي جاء يسوع يُشعلها ((فيفرّق الرجل عن أبيه والابنة عن أمها)) (رج لو 12: 51-53؛ 14: 26). بل إن يسوع يذهب بعيدًا في خطّ هذا التخلّي فيفرض على تلاميذه أن يستعدوا لاتّباعه حتّى الموت: ((من أراد أن يتبعني فليكفر بنفسه وليحمل صليبه ويتبعني... ماذا ينفع الانسان أن يربح العام كله ويخسر نفسه)) (مر 8: 34-37 وز). في 20: 20-23 وز، يدعو يسوع ابني زبدى إلى أن يشربا كأس الآلام معه. ويطلب من تلاميذه أن ((يعترفوا)) به أمام المحاكم اليهوديّة والمحاكم الوثنيّة (10: 17-21، 28، 33؛ مر 8: 38؛ 13: 9-13؛ لو 12: 4-9، 11-12). لا نبيّ ولا معلّم تجرّأ يومًا أن يقدّم مثل هذه المتطلبّات. أما يسوع فجعل منها شرطًا مطلقًا للدخول إلى ملكوت الله.
كان يسوع كله انشدادًا إلى الآب وملكوته، فما طلب يومًا أن يلفت الانتباه إلى شخصه. ومع ذلك، فقد جعل نفسه في قلب عمل الله. إنه المعلّم الوحيد وطريق الخلاص الوحيدة. لا نقدر أن نذهب إلى الآب، إلى ملكوته، إلى الحياة، دون المرور به. مثلُ هذه الاعتدادات المدهشة لا نستطيع أن نقبلها إلاّ من النبيّ ((الوديع والمتواضع القلب)) (11: 29). هي تستند عنده إلى المعجزات، وتستنير بالمعجزات. وهو يدلّ بهذه المعجزات على حضور الملكوت: 11: 5؛ (رج لو 7: 22)؛ 12: 28 (رج لو 11: 20). يجب أن نقربّ هذه الكلمات من أقوال أقلّ وضوحًا حول حضور الملكوت (لو 12: 32؛ 17: 20- 21)، من اقوال غامضة عن يوحنا المعمدان (11: 10-14؛ لو 7: 17-29؛ مر 9: 11-13؛ رج مت 17: 10-13؛ لو 16: 16). حين تحدّث يسوع عن يوحنا المعمدان على أنه السابق الذي أعلنه ملا 3: 1، 22-24، فقد دلّ بشكل ضمنيّ على أن ملكوت الله هو هنا.
إذن أتمّ الله وعده. وقد حقّقه في يسوع: في معجزات جعلت إبليس يتقهقر هو وكل شرّ. في أقوال تعلن الخلاص وتدلّ بشكل متعال على طريق هذا الخلاص. والتلاميذ الذين اجتمعوا حول يسوع يشاركونه منذ الآن في الملكوت وقد أعطي لهم سرّه (مر 4: 11 وز). هم يشكّلون ((القطيع الصغير)) الذي هو بداية الشعب الجديد (لو 12: 32)، والزرع الصغير الذي يستعدّ للحصاد. ولكن الايمان يستطيع منذ الآن أن يرى في يسوع سمات الربّ الاله.

ج- إعلان مجيء ابن الانسان
حين أعلن يسوع مجيء ملكوت الله استعاد تمثلاّت دا 7: 13-14 ولا سيّما لوحة مجيء ابن الانسان للدينونة الأخيرة. وقد قدّم هذا الشخصَ السريّ في الخطبة الاسكاتولوجية (24؛ مر 13؛ لو 17: 22-37) وفي كلامه الاحتفالي أمام السنهدرين (26: 64 وز) وعاد مرارًا إلى مجيء ابن الانسان الأخير (10: 23؛ 13: 41؛ 16: 28؛ 19: 28؛ 25: 31؛ مر8: 28؛ لو 12: 8؛ 18: 8). وهكذا نكون هنا أمام أحد المواضيع الأساسيّة في تعليمه.
لن نعالج هنا جميع المسائل المتعلّقة بصورة ابن الانسان. ولكننا نشير فقط إلى السمات التي تتعلّق بدراستنا هذه.
ماهى يسوع بين ((مجيء)) ابن الانسان وحضور ملكوت الله. ذاك كان معنى رؤية دا 7، ومعنى الخطبة الاسكاتولوجيّة ومختلف الأقوال التي تربط مجيء ابن الانسان بالدينونة الاخيرة (12: 40-43؛ 25: 31-46؛ مر 8: 38؛ لو12: 8) أو ((التجديد)) (19: 28).
> قدّم سفر دانيال ابن الانسان على أنه شعب القديسين الذي سحقه الوثنيون فعظّمته دينونة الله (دا 7: 13-14، 16-27). أما يسوع فأعطى لابن الانسان دورًا متعاليًا وشخصيًا: إنه ذاك الذي يجمع ((مختاريه)) (24: 31؛ مر 13: 27). ويمارس الدينونة التي كان الله يمارسها (13: 41-43؛ 16: 27؛ 25: 31-46؛ لو 21: 26). ويأمر الملائكة (24: 31؛ مر 13: 27؛ رج مت 13: 4؛ 25: 31). ويجلس عن يمين الله كالمسيح ابن داود (26: 64 وز). إنه ((الملك)) (25: 34، 40) ((في مجد أبيه)) (مر 8: 38 وز)، ((على عرش مجده)) (19: 28؛ 25: 31).
> ويتماهى يسوع شخصيًا مع هذه الصورة الاسكاتولوجيّة التقليديّة التي تحدثّت عنها الأناجيل الإزائية في سلسلتين من الأقوال الانجيلية.
هناك أقوال ترتبط بالآلام: الانباءات الثلاثة التي تتوزّع صعود يسوع إلى أوشليم (مر 8: 31 وز؛ 9: 31 وز؛ 10: 33 وز)، إعلان مجيء إيليا (17: 12: مر 9: 12). العبارة الرئيسيّة التي فيها يقدّم يسوع نفسه كعبد الله المتألم (20: 28؛ مر 10: 45). والتأكيد الذي يفتتح العشاء الأخير (مر 14: 21وز)، والاحتجاج على خيانة يهوذا (مر 14: 21وز؛ رج لو 22: 48)، ونهاية حدث جتسيماني (مر 14: 41 وز). إن مجموعة هذه الأقوال المرتبطة بالتاريخ قد جاءت بعد اعتراف قيصريّة فيلبس، وهي تربط بشكل واضح بين ابن الانسان الدانيالي وعبد الله الاشعيائي.
وفي سلسلة ثانية من الأقوال الانجيلية يتّخذ يسوع لقب ابن الانسان ليعلن سلطته على الخطيئة (مر 2: 10 وز) ، على السبت (مر 2: 28 وز)، على رسالته التي جعلت منه آية (12: 40؛ لو 11: 30)، ومخلّصًا (لو 19: 10)، على وضاعة حالته الزمنيّة (8: 20؛ 11: 19؛ 12: 32؛ لو 9: 58؛ رج 7: 34؛ 12: 10). قد وُضعت هذه الأقوال، في الأناجيل الإزائية، قبل اعتراف قيصرية (عند متّى بشكل خاص)، مع أنها تابعة له: في التقليد، كان ابن الانسان شخصًا اسكاتولوجيًا فما تكلّم يسوع عن عودته المجيدة قبل أن يعلن موته.
> إن كان يسوع تحدّث عن نفسه مرارًا مستعملاً هذا اللقب الذي لم يشدّد عليه العالم اليهوديّ، فلأنه أراد أن يتجنّب الالتباسات الزمنيّة حول المسيح، وأن يتجاوز نظرة بني اسرائيل الخاصة. فالسمات التي أعطاها دانيال لابن الانسان، قدمّت له صورة تساعده على تقديم سرّه. كما أنها تدله على مجده المقبل والمرتبط بمجيء ملكوت الله، وعلى تضامنه مع شعبه (فابن الانسان في دانيال هو تشخيص لشعب القديسين).
وهكذا استطاع يسوع أن يحدّد دوره الخاص تجاه البشريّة كلها التي تكوّن شعبه. إنه ممثّلها وقائدها الحقيقيّ والمسؤول عنها. ومن أجلها ((أسلم ابن الانسان نفسه)). وقد أخذ على عاتقه ألمها ليقودها إلى مجد ملكوت الله. ودوره في مجيء هذا الملكوت الاسكاتولوجيّ هو دور مركزي، بحيث نسمّي هذا الملكوت ملكوته دون أن نتعرّض لربوبيّة الله الآب (20: 21؛ رج 25: 34، 40؛ لو 22: 30؛ 23: 42؛ رج 19: 12، 15). لا نستطيع أن نقول إن يسوع نفسه قد تحدّث عن ((ملكه)): ما في 20: 21 قد جُعل على شفتي ام ابني زبدى (رج مر 10: 37). أما لو 23: 42 فهو كلام اللصّ. ثم إن لو 22: 30 لا يجد له سندًا في مت 19: 28. أما مت 25: 14، 30؛ لو 19: 12، 15، فعبارتان ضمنيتان. قدّم التقليد اللاحق هذه التعابير، فعبّر عن نظرة التلاميذ إلي يسوع الذي هو الربّ. ولكن يبقى دور الآب (20: 23؛ 25: 34؛ لو 22: 29؛ رج 19: 11، 12، 15).

د - الوحي الفصحي
وانتهى وحيُ يسوع بالظهور الفصحيّ. إذ أراد أن يجمع تلاميذه المشتّتين ويجعلهم يلجون إلى سرّه، احتاج إلى خمسين يومًا تمتدّ من الفصح إلى الصعود والعنصرة. غير أن كلاً من الانجيليين كثّف خبرات هذه الحقبة في رسمة سريعة لظهور واحد للاثني عشر.
احتفظ لوقا بمعطيات مفصّلة عن مدى الظهورات وتنوّعها (أع 1: 3)، فبنى خبره بناء منطقيًا (لو 24: 36-53). دلّ القسم الاول على واقعية الجسد الممجّد (لو 24: 36-43). شدّد على جسد القائم من الموت ليردّ على اليهود الذين لا يستطيعون أن يقبلوا هذا السرّ (أع 17: 32). والقسم الثاني (آ 44-48) عرض المعطيات التي ستشكّل الكرازة الرسولية: يسوع هو المسيح. أعلن العهد القديم آلامه وقيامته. فيجب الآن أن نعلن لجميع الشعوب ((باسمه)) التوبة التي تنال غفران الخطايا. وهذا ((الاسم)) يدلّ على أنه الرب الاله (فل2: 9-10). فيه وحده نجد الخلاص (أع 4: 12). وتحدّث لوقا على مدّ انجيله عن ملك يسوع، فرآه فد تحقّق في الفصح (لو 22: 69؛ رج 19: 12، 15) الذي هو جلوس يسوع كالملك المسيحانيّ على عرشه (أع 2: 33-36). والصعود الذي هو خاتمة الظهور الفصحية (آ 51) يقود يسوع إلى يمين الآب ويدلّ بشكل منظور على أنّه الربّ.
وكان متّى أكثر ضوحًا في ظهور فريد على الاثني عشر في الجليل (28: 16-20). بدأ يسوع فأعلن أنه ربّ الكون (آ 18). واستخلص النتائج من إعلانه: أرسل الاثني إلى جميع الشعوب (آ 19)، وقدّم شريعته (آ 20). وهكذا بدأت الكنيسة، فرأى فيها مت تحقيق ملكوت ابن الانسان (13: 41؛ 16: 28).
وانطلق الرسل منذ ذلك الوقت، فأعلنوا ((اسم)) يسوع (أع 3: 6، 17؛ 4: 10، 12 30؛ 5: 41)، وملكه المسيحانيّ (أع 2: 31-36؛ 3: 18، 20؛ 4: 10؛ 10: 36، 48)، ولقبه كـ ((الرب)) (أع 1: 21؛ 2: 20، 21، 34، 36؛ 10: 36). وسوف يتصرّفون دومًا على هذا الشكل عائدين إلى حدث الفصح حيث ظهر يسوع منتصرًا على الموت كملك شعب الله ومخلّصه.

خاتمة
الانجيل كله هو وحي عن ربوبيّة يسوع. إنه الربّ حقًا وهو وحي خفيّ يرفض فيه يسوع الالقاب الاحتفاليّة بما تحمل من آمال بشريّة. وهو وحي نلمسه من خلال الوقائع التي فيها تظهر قدرته الحقيقيّة. وهو وحي يضمّ مجد ابن الانسان الاسكاتولوجيّ إلى وضاعة حياته على الأرض ومحنة الآلام الدمويّة. كانت هذه الربوبيّة شيئًا جديدًا فما استطاعت الألفاظ التقليديّة أن تعبّر عنها. لهذا، ما استطاع الناس أن يعرفوها إلاّ في حضور يسوع ، في خبرة بشريته الشبيهة ببشريتّنا ومجده الفصحيّ.
وهكذا قدّم يسوع حلاً للعالم اليهودي الذي ما استطاع أن يتصوّر المسيح على أنه الربّ. فما دام المسيح انسانًا، لا نستطيع أن نعطيه دورًا في ملكوت الله. ووحدهم أولئك الذين كانوا شهود صلاة يسوع وطاعته المطلقة للآب، وشهود مجده، قد استطاعوا أن يعلنوا أن يسوع هو الرب في ملكوت الله.





Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM