تقديم

 

تقديم
نقدّم في هذا الكتاب الجزء الرابع والأخير لتفسير انجيل متّى، وعنوانه تجلّي الملكوت.
كان عنوان الجزء الأول بدايات الملكوت فبدا في أربع مراحل: سرّ يسوع، من العهد القديم إلى العهد الجديد، عظة الجبل، عشر معجزات. وكان عنوان الجزء الثاني سر الملكوت، فجاء هو أيضًا في أربع مراحل: سلطة الملكوت، السؤال حول الملكوت، نموّ الملكوت، مسيرة الملكوت. وكان عنوان الجزء الثالث الجماعة وملكوت الله. فجاء في مرحلتين اثنتين: الحياة في جماعة الملكوت، الطريق إلى أورشليم الطريق إلى الملكوت. وكانت مقدّمات في كل جزء من هذه الأجزاء الثلاثة تطرّقت إلى المعاني اللاهوتيّة، إلى مواضيع الشريعة والتلاميذ والكنيسة، إلى الخدم في الكنيسة وعلاقة متّى بالعالم اليهوديّ.
أما الجزء الرابع فجاء في مقدّمات واسعة وفي مرحلتين. فالمقدّمات عالجت مواضيع من انجيل متّى، ولكنها تجاوزت هذا الانجيل، فاغتنت من انجيليْ مرقس ولوقا. فإن تطرّق الموضوع الأول إلى وجه يسوع في انجيل متّى، فالمواضيع السبعة الباقية غاصت في الأناجيل، بل في العهد الجديد كله، فعرّفتنا إلى ابن الانسان، إلى يسوع المسيح المخلّص، إلى الرب يسوع ودوره في ملكوت الله، إلى المعجزات والايمان، والارتداد والتوبة والسعادة. من أجل هذا سمّينا هذه المقدّمات مداخل لاهوتيّة.
وجاء القسم، الثاني أو بالأحرى المرحلة الحادية عشرة في ((تجلّي الملكوت))، دراسة إجماليّة لما في ف 24-25 وموضوع مجيء الانسان، فجعلنا على عتبة خبر الآلام والقيامة مع موضوع الدينونة الأخيرة. عنوانه: المجيء النهائي للملكوت في يسوع. أما القسم الثالث أو المرحلة الثانية عشر، فعنوانه: سرّ الفصح يدشّن الملكوت. يبدأ مع خيانة يهوذا، يذكر العشاء السريّ، ومحاكمة يسوع وموته، فيصل بنا إلى إرسال يسوع بأن يتلمذوا جميع الأمم.
وهكذا حدّثنا متّى منذ البداية عن ملكوت السماوات الذي نُدعى للدخول إليه. هو وليمة نشارك فيها، هو عريس نسير أمامه بأنوارنا المشتعلة، هو نداء لكي نعيش المحبّة مع أصغر الصغار. وهذا الملكوت يجد كماله في موت يسوع وقيامته. فموت يسوع هو عبوره إلى الآب، وقيامته هي عودته إلينا لكي يرسلنا فنتابع مسيرة الملكوت حتى نهاية العالم. ونحن لا نخاف. فهذا الذي سُمِّي عمانوئيل في بداية الانجيل، صار في نهاية الانجيل معنا. هو الذي بدأ فزرع حبّة الخردل، فصارت هذه المحبّة شجرة كبيرة في زمن متّى، وهي لا تزال تنمو إلى مجيء المسيح الثاني. وهذا المجيء يكون حين تعمّ البشارة المسكونة كلها. إلى هذا يدعونا انجيل متّى.

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM