الفصل الثالث: الكنيسة والايمان في الأناجيل الأزائية

الفصل الثالث
الكنيسة والايمان في الأناجيل الأزائية

ما هي العلاقة بين النظرة إلى الكنيسة وانتقال الايمان؟ أو بُنى الوحدة والنماذج التي بحسبها انتقل الانجيل في العالم القديم؟ نبدأ فنسأل العهد الجديد لنعرف كيف أن الشهود الاوائل للايمان طرحوا هذين السؤالين وعالجوهما. ونتوقّف بشكل خاص عند الأناجيل الأزائية. ونطرح سؤالاً أول: كيف تكوّنت الكنيسة، وما هو الحدث (أو الكلمة) الذي أسّسها وأعطاها وحدتها؟ وسؤالاً ثانياً: كيف تستطيع الكنيسة المؤسّسة أن تتكلّم عن بنيتها؟ ولكن لا نستطيع أن نتحدّث عن الاكليزيولوجيا دون أن نربطها بالكرستولوجيا. لا نتحدّث عن الكنيسة دون الحديث عن المسيح الذي يؤسسّ الكنيسة.

1- انجيل مرقس
أ- كرستولوجية السرّ المسيحاني
مرقس هو الذي خلق الفن الأدبي الذي اسمه "إنجيل". وهو أول من جمع في سرد متواصل، ومنظّم تنظيمًا تاريخيًا، مجموعات تقليديّة مستقلّة هي تقليد يسوع صانع العجائب، تقليد يسوع المبشّر. تقليد الحاش والآلام. من وجهة اجمالية وُضع المشروع السردي المرقسي في منظار محدّد، هو منظار الانجيل (اونجليون، بشرى سارة، خبر طيّب). وبلفظة "انجيل" (مر 1: 1) نعني إعلان خبر يسوع على الأرض كحدَث الحلاص.
أما مختلف المجموعات التقليديّة التي جمعها مرقس، فهي تمثل أنماط كرازة خاصّة مميّزة. فما هي العلاقة التي جعلها المدوّن بين المجموعات التي ضمّها بعضها إلى بعض، وما هو مبدأ التماسك فيها؟ ما هي البنية اللاهوتيّة التي توحّدها؟ نستطيع مع بعض الشرّاح أن نقول إن البنية اللاهوتيّة التي اختارها مرقس هي بنية "السرّ المسيحاني". وقد أوضح مرقس هذا السرّ عبر ثلاثة مناهج تدوينية.
- الامر بالصمت. أوصى يسوع دوماً بأن تبقى هويّته المسيحانيّة سريّة. أوصى الشّياطين أولاً (1: 25، 34؛ 3: 12). ثم تلاميذه (8: 30؛ 9: 9). وأخيراً كل الذين نعموا بالشفاء (1: 44؛ 5: 43؛ 7: 36؛ 8: 26).
- لافهْم التلاميذ. إن رفاق يسوع لا يدركون دومًا معنى أقواله وأفعاله (13:4، 40؛ 50:6-52؛ 8: 16-21؛ 5:9، 19؛ 24:10؛ 14: 37- 41).
- النظرة إلى الأمثال. أخفى يسوع عمدًا عن الشعب معنى أقواله. ولكنه كشفه للتلاميذ وحدهم مع أنهم ظلّوا متحفِّظين طويلاً (4: 10-13، 33- 34).
إن الأمر (التوصية) بالصمت ولافهم التلاميذ جعلا من الوحي وحيًا مخفياً، إبيفانيا سريّة. ما هو معنى هذا الموقف المرقسيّ في تقديم صورة يسوع؟ نجد الجواب في ثلاثة نصوص مفاتيح: 9:9؛ 14: 62؛ 15: 39. إن 9:9 يؤكّد ان الاعتراف بيسوع كابن الله، يجب أن يتأخّر حتى تتمّة الحدث الفصحي. في 14: 62 وللمرة الأولى أوضح يسوع في العلن هويّته كمسيح وابن الله، ولكنّه فعل ما فعل في الضعف والهزء خلال محاكمة خاسرة سلفًا. وأخيراً في 15: 39، أعلن الاعتراف الايمانيّ الأول الذي لا يخضع لأي قيد. بل هو يتمّ أمام جثّة يسوع المصلوب. هذه المقاطع المميّزة تدلّ على قصد واحد ووحيد. ففي مرقس، لا تُعرف هويّة يسوع انطلاقًا من معجزات هذا الشخص القدير، ولا من سلطته كمعلم لا يُناقش. هي تُعرف في ملئها وبدون أي التباس في شخص المصلوب. فبعد بولس، كان لاهوت مرقس في العهد الجديد، المثلَ الوحيد للاهوت الصليب.
ب- الجماعة ولاهوت الصليب
ما هي العلاقة بين هذا التفسير للواقع المسيحاوي والطريقة التي بها تكوّنت الجماعة وفهمت ذاتها؟ وبعبارة آخرى، كيف ارتبطت الاكليزيولوجيا بالكرستولوجيا في الانجيل الثاني؟
هنا نبدأ بملاحظة أدبية. فإنجيل مرقس يتألف من ثلاثة أقسام: 1: 1- 26:8 يصوّر رسالة يسوع في الجليل. 27:8- 10: 52 يصوّر الطريق التي تقود يسوع وأخصّاءه إلى أورشليم. 11: 1- 16: 20 يرسم إقامة الناصريّ في المدينة المقدّسة. إن القسم الثاني (8: 27- 10: 52) في هذا المخطّط "الجغرافي" يهمّنا بشكل خاص. فموضوعه هو الانباءات الثلاثة بالآلام (8: 31؛ 9: 31؛ 10: 32-34)، والتعليمات التي وجّهها المعلم إلى التلاميذ. أما الأمر الرئيسي والذي يجب أن يُفسَّر لأنه يدلّ على يد مرقس، هو أن الانباء بالآلام يصل بنا كلَّ مرة إلى توضيح وضع التلاميذ. فبعد الانباء الأول بالآلام (8: 31) يأتي تعليم حول اتّباع يسوع (8: 34-9: 1). وبعد الثاني (9: 31)، جدالا بين التلاميذ (9: 33: 50) ورسمة فقاهيّة (10: 1- 31). وبعد الانباء الثالث (10: 32- 34)، نجد الجدال مع ابني زبدى (10: 33- 44). الهدف التدويني واضح: فطريق المعلم نحو الجلجلة تحدّد طريق التلاميذ. وكرازة الألم تعطي الوضعَ الذي ينتظر جماعة المؤمنين شكلَه.
ويتوضّح هذا الطرح ساعة نهتمّ بثلاث كلمات مفاتيح في هذا القسم الثاني من الانجيل. التلميذ (ماتيتيس)، الطريق (هودوس)، اتّباع ومرافقة (اكولوتيو). ففي ف 8- 10، التلميذ هو مدلولا ملتبس. لا شكّ في أنه يدلّ على رفاق يسوع خلال حياته على الأرض. ولكنه يدلّ أيضًا على المسيحيين في كنيسة مرقس. فهذا التاريخ الماضي ليس ماضيًا فقط. ولا يُروى لقرّاء الانجيل كما يُروى أيُّ خبر من الاخبار. بل هو يتوجّه إلى التلاميذ بشكل تعليم وبلاغ. فالقرّاء هم الآن التلاميذ، وهذا الخبر يعلّمهم ويدعوهم وينبّههم. عند ذاك نتساءل: ما هي الكلمة التي تشكّل وتبني الجماعة التي يدعوها الانجيل؟ هي الطريق (هودوس، 8: 27؛ 9: 33، 35؛ 10: 17، 32، 52).
فالمسيح الذي يُعلَن للتلاميذ هو مسيح يسير "في الطريق". وهذا الطريق هو في الوقت عينه طريق تاريخي (حدث حقاً) وسرديّ (دخل في سرد وخبر) وكرستولوجي (هو طريق يسوع المسيح) ورمزيّ بمعنى أنه يبقى طريق يسوع في هذا العالم حتى نهاية الأزمنة: هو لا يقود إلى النجاح، بل هو طريق صعب لا يُفهم، وهو مهدّد في جذوره. هذا الطريق هو الذي يقود إلى أورشليم وإلى الصليب. وهذا المسيح هو ذاك الذي يُدعى التلاميذ للاعتراف به والتبشير، ولكنهم لا يقدرون على ذلك، الا إذا انضموا إلى يسوع في طريقه وتبعوه في مسيرته. فيسوع غير موجود في موضع آخر (إن قالوا لكم هو هنا أو هناك فلا تصدّقوا)، وليس للايمان موضع آخر فيه يعبّر عن أمانته.
أما اتّباع يسوع الذي يشكّل كيان التلميذ، فقد وُضع تحت راية الصليب، وهو يتضمّن انقطاعًا جذريًا بين ما يتوق اليه الانسان الطبيعيّ وما يقدّمه له المسيح. وهذا الاتّباع يحرّك اللافهم عند الآخرين. فبحسب الانجيل، إن أراد التلميذ أن يخلّص حياته وجب عليه أن يهلكها (8: 34-38). ومن أراد أن يكون الأول وجب عليه أن يكون آخر الجميع وخادمهم (9: 35؛ 10: 43). ومن أراد أن يعترف بالمسيح، وجب عليه أن يسير في عكس السير، ضدّ يقينات هذا العالم وقيَمه (8: 38). فمصير التلميذ لا يختلف عن مصير المعلّم. والايمان لا يستطيع أن يعفي نفسه من الاتضاع والضعف والألم.
ج- نقل الكلمة ولاهوت الصليب
لقد أوضح ف 4 (حول الامثال) مصير ملكوت الله والكارزين به وسط البشر. فالتماسك العميق لمشروع مرقس اللاهوتيّ لا يمكن إلاّ أن يلفت انتباهنا. فما قيل عن المسيح ثمّ عن تلاميذه، لا بدّ من أن يؤثّر في كلام الانجيلي حين نقل انجيله. ونحن نكتفي هنا بنظرة سريعة إلى بعض الامثال.
فمثل الزارع (3:4-8) يستند إلى التعارض بين عمل الفلاّح الذي صار تعبه باطلاً وبدون جدوى بعد أن ضاع الزرع، وبين حقل نضج فيه الزرع، وحيث كان وفرُ الحصاد صورة عن التتمّة الاسكاتولوجية. فمرمى المقطع يتحدّد في هذا التعارض بين نشاط الزارع الذي يبدو عقيمًا والنتائج التي وصل اليها. وهذا التعارض يبيّن أن الكرازة بالكلمة بفم يسوع أولاً ثم بفم التلاميذ، يتمّ في الفشل واللافهم والمقاومة. وأن الكفالة الوحيدة للشاهد المرسل هو الله الذي يأتي.
ومثَل حبّة الحردل (4: 30- 32) مبنيّ أيضاً على تعارض. تعارض بين حبّة الخردل التي هي صورة مشهورة عن الصغر، وشجرة عظيمة بالغة. أما مرمى المثل فيوجّه انتباهنا إلى المفارقة الخاصّة بمجيء الملكوت. ليس هناك من تناسب بين إعلان صعب وعقيم للملكوت وسط البشر، والتتمّة العتيدة.
ومثَل الزرع الذي ينمو وحده (4: 26-29) يصوّر هو أيضاً التعارض بين نموّ لا يقاومه شيء، وفلاّح لا يفعل شيئًا. ومرمى المقطوعة هو أن الكارز بالملكوت ليس سيّد الملكوت. فمصير الملكوت هو في يد الله وحده. أما التلميذ فهو في خدمة مشروع يُفلت منه ولا يستطيع أن يسيطر عليه بشكل من الأشكال.
إن نظرية الامثال (4: 10-13، 33-34) تستعيد ذات الموضوع وتتوسّع فيه. وهي تجسّد واقعًا مدهشًا: فمع أن لغة الامثال لغة واضحة، إلاّ أن الاستماع إليها يقسم الناس فئتين. بعضهم يتقبّلون معرفة سرّ الملكوت. وآخرون لا يرون فيه إلاّ لغزًا. لماذا هذه الأزمة؟ لأن تعليم يسوع الذي سيستعيده التلاميذ فيما بعد، يخلق فجوة وعدم تواصل بين ما ينتظره الانسان ويرغب فيه، وما يناله. وهذا التعليم لا يمكن أن يقود إلى طرح سؤال ينزع عنّا طمأنينة نتعلّق بها. في هذا المعنى قال أحد الشرّاح: "يعطي المسيح ذاته حين يتفلّت من قبضة الانسان. وحين يتفلّت يعطي ذاته حسب حقيقته".
أجل، لا ينتقل الانجيل إلى الناس إلا في اللاتواصل والمسافة والقطيعة. من هذا القبيل، يُرفض له النجاح المباشر والسريع. والحصّة المحفوظة له هي المواجهة والمقاومة، وعدم الفاعليّة الظاهرة وبعض المرّات الفشل. إن الكرازة بالكلمة هي أيضًا "في الطريق"، أي تحت راية الصليب. لم تصل بعد إلى غايتها. لم تصل إلى القيامة.

2- انجيل متّى
أ- كرستولوجيّة المعلّم
من هو المسيح المتّاويّ؟ وفي أي ألفاظ عبّر صاحب الانجيل الأول عن الحدث المسيحاوي وفسّره؟ هناك ثلاث مقطوعات مفاتيح تتيح لنا أن نكتشف المشروع الكرستولوجي في مت 28: 16- 20؛ 5: 17- 20؛ 11: 25- 30.
إن "البلاغ" (28: 16-20) الذي يختتم الانجيل، يحدّد بشكل من الاشكال هدفه الأساسي. ففي آخر تعليم أعطاه المسيح لأخصَّائه بعد أن جلوس في كرامته الاسكاتولوجيّة، فتح الباب أمام الحقبة البعد فصحيّة. فسلطته كربّ (كيريوس) تتيح له أن يحدّد زمن الكنيسة (آ 18 ب). والمشروع الذي حُدّد للجماعة المؤمنة هو رسالة تشمل الكون. وهذه الرسالة تقوم بأن تجعل كل إنسان، أية كانت حاله، في وضع التلمذة. تدعوه إلى أن يكون تلميذًا (آ 19 أ). والصيرورة المسيحيّة تتحدّد بالعماد (آ 19 ب) وبحفظ الوصايا التي أعطاها يسوع حين كان على الأرض (آ 20 أ). وإن نفّذ الرسل هذا الأمر نعموا بعون ناشط من لدن العليّ (آ 20 ب). إن أصالة متّى في هذا المقطع الرئيسي، هي في التأكيد على أنّ القائم من الموت قد بُشّر به منذ الساعة التي فيها يذكر تعليمه الأرضي. إن ايمان التلميذ يتوجّه إلى يسوع المعلّم، لا يسوع المصلوب كما في مر.
فما هو مضمون تعليم يسوع الأرضي؟ هو ما يعلنه 17:5-20: فخدمة المسيح تكمن أولاً في تفسير التّوراة على ضوء نهاية الأزمنة. وهذا الاعلان النهائي لمشيئة الله، يفتح زمناً جديداً في تاريخ البشر، زمناً له قيمته حتى النهاية. زمن القرار تجاه البرّ الجديد الذي علّمه يسوع المعلّم الاسكاتولوجي. ففي نظر متّى، يبدو تعليم يسوع الأرضيّ ذاك الذي ما زالت الكنيسة تنشره وتمارسه.
ويتيح لنا 11: 25-30 أن نخطو خطوة أخيرة. فنداء المخلّص (28:11- 30) يجعل في منظار متاوي مميّز "نشيد التهليل" (25:11-27). إن المسيح المتَّاويّ يتماهى مع الحكمة كما نرى في التقليد التوراتيّ اليهوديّ. هو لا يعلن فقط حكمة الله، بل هو تجسيد لحكمة الله. ولا ننسى أن الحكمة والتّوراة (في المعنى الحصري) لا ينفصلان. وهكذا كانت نيّة المدوّن واضحة: أن يشدّد على أن حياة يسوع الأرضيّ هي مشيئة الله كما قدّمت وظهرت وسط البشر، في كل نشاطه، وفي طاعته بالقول والعمل. وهكذا تحاول الكرستولوجيا المتّاوية ان تبيّن، وإن بشكل هجوميّ، أن المسيح هو توراة الله في نهاية الازمنة.
ب- اسرائيل والتلاميذ
كيف قُبل تعليم المسيح المتّاوي الذي ذكرنا دوره الرفيع؟ ومن قَبله؟ وبعبارة أخرى، في أيّ نمط إكليزيولوجيّ تصل بنا الكرستولوجيا المتّاويّة؟ هنا ننطلق من معارضة مفتاح تعبُر في الانجيل كله. وهذا التعارض يجعل التلاميذ واسرائيل وجهاً لوجه. التلاميذ الذين يشكّلون بوضوح الكنيسة (إكلاسيا، 16: 18؛ 18: 18) ويتحدّدون كأولئك الذين يقبلون تعليم يسوع. واسرائيل الذي هو تعبير عن الرّفض والذي سيصير النموذج المعاكسة للكنيسة.
ونتوقّف أولاً عند صورة التلاميذ. ليسوا فقط في متّى رفاق يسوع خلال حياته التاريخيّة على الأرض. بل النموذج الذي فيه تكتشف جماعةُ الانجيلي نفسها (28: 19 أ). من هذا القبيل يصبح "ماتيتيس" (التلميذ) مدلولاً إكليزيولوجيًا. في الأساس، يتحدّد التلاميذ كأولئك الذين يسمعون كلمة المسيح (13: 16). كالذين يعترفون بابن الله (14: 33). كالذين يفهمون (13: 51؛ 16: 12؛ 13:17). لقد زالت اللافهم الذي يميّز الاثني عشر عند مرقس. والخط الفاصل بين التلاميذ وسائر البشر هو خطّ مطلق. والأزمة التي تهدّد حياة التلميذ هي قلّة الايمان (اوليغوبستيا).
ونتوقّف ثانيًا عند صورة اسرائيل. فالازمة التي يمرّ فيها الانجيل الأول هي بسيطة بحيث يسهل الاحاطة بها. فالمسيح هو أساسًا الماسيا، مسيح اسرائيل (15: 24؛ رج 10: 5-6). ومع ذلك فالذين أرسل اليهم رفضوه. وهذا الرفض لم يكن فقط عمل الرؤساء، بل هو رفض عام (27: 25 حيث القرار الاخير للشعب يبدو سلبيًا). إنه يكشف خطيئة اسرائيل (13: 12-13) ويسبّب الحكم عليه وينتهي في دعوة الأمم الوثنية. ولكن اسرائيل ظلّ اسرائيل حتى في رفضه. لم يؤخذ منه الاختيار. ولكن هذا الاختيار اتّخذ منحى سلبيًا. لم تتنكّر البشارة لألقابه المجيدة. ولكن هذه الالقاب ارتدت منذ الآن مفهومًا زريًا. كانت الكنيسة اسرائيل الجديد واسرائيل الحقيقيّ. ولكن سيقول لنا مثل الكرّامين القتلة إنها قد صارت شعبًا آخر يدخل فيه اليهود والوثنيون على السواء. فالكنيسة في نظر متّى تتكوّن على أساس دعوة تلقّتها وهي لا تمتلك أي امتياز.
ما هي العلاقة بين إسرائيل والكنيسة؟ إن الدينونة القاسية التي ضربت اسرائيل فكانت علامتُها سقوط أورشليم ودمار الهيكل سنة 70، ولّدت وضعاً جديداً هو تكوين الشعب الجديد. غير أن هذه الدينونة لا يمكن أن تكون للكنيسة موضوع كبرياء، كما لا يمكن أن تخلق عندها عاطفة طمأنينة مبنيّة على الوهم. فإن ف 21-25 تدلّ على أن المصير الذي أصاب اسرائيل هو تنبيه واضح يوجَّه إلى أعضاء الجماعة. وكما أن الشعب المختار رُذل بسبب لا أمانته، هكذا يحصل للمؤمنين الذين لا يحملون ثمراً. فالكنيسة حسب متّى هي مزيج (من الأشرار والأخيار) يسير نحو الدينونة (22: 1- 14). وجماعة المدعوين، أي الكنيسة في واقعها التاريخي، لا تتماهى مع جماعة المختارين، مع شعب الله في نهاية الزمن. ففيها الحنطة والزؤان. وفيها الجيّد والرديء. وفي النهاية يختار الله الذين هم له، ويُلقى الآخرون في الظلمة البرّانيّة حيث البكاء وصريف الاسنان.
ج- رسالة الكنيسة
كيف تنقل الكنيسة تعليمها وهي التي تكوّنت حين قبلت تعليم المسيح وخضعت له؟ إن خطبة إرسال الاثني عشر (ف 10) تعطينا الجواب، لأنها تكوّنت في إطار بعد فصحي، فدّلت على المهمّة والمصير اللذين يعودان إلى الذي يشهد للمسيح. إن آ 1، 7، 8 تدلّ على أن التلاميذ صاروا في كل معنى الكلمة معاونين ليسوع. أعطيت لهم ذات المهمة وهي إعلان مجيء الملكوت وشفاء المرضى. وقد قاموا بها في الظروف عينها، فنالوا المواهب التي تؤهّلهم لذلك، وأعلنوا البشارة عينها. التزم هؤلاء المرسلون بعد الفصح والقيامة في ذات الرسالة، ونعموا بالسلطان الذي نعم به معلمهم، فكان مصيرُهم كمصيره: كانوا ضحيّة بغض البشر، فعرفوا الاضطهاد والألم (10: 17 ي). "ليس تلميذ أفضل من معلمه، ولا عبد أفضل من سيّده. حسب التلميذ أن يكون مثل معلمه والعبد مثل سيّده. اذا كانوا سموّا ربّ البيت بعل زبول، فكم بالاحرى أهل بيته" (10: 24-25)!
هذا المنظار الذي نستشفّه في ف 10، قد يبدو جزئياً ولا يحيط بكامل نظرة متّى. غير أن مقطع عظة الجبل الذي يعالج دعوة المسيحيّ إلى الشهادة (5: 11-16) يثبت الوجهة التي أشرنا اليها. فبنية المقطوعة مثلّثة: تطويبة قيلت في السامعين (آ 11-12). وظيفة جديدة أعطيت لهم (آ 12-15). رسالة عيّنت لهم (آ 16). فالنقطة المهمّة في هذا التسلسل هي أن التلميذ عليه أن يكون "ملح الأرض" و"نور العالم" وإلاّ تنكّر لذاته. ولكنّه سيكون (مُنحت له سعادة عن طريق المفارقة، سعادة يرافقها الاضطهاد) على صورة أنبياء العهد القديم. سيكون معرّضًا للهزء والتعيير والاضطهاد. فالألم الذي يرافق الشهادة، أمرٌ لا مهرب منه. ويستعيد متّى للمرة الأخيرة هذا الموضوع في مقاطع تعالج اتّباع يسوع. فنداء التلاميذ (18:4-22) يبيّن لنا أن الاتّباع يفترض التزامًا لا مشروطاً يمرّ قبل الرباطات العائليّة والاجتماعيّة والوظيفيّة. ولكن إن تعمّقنا بعد، وجدنا أن لا اتّباع إلاّ اذا كان هناك "شخص" يسير أمام التلميذ وإذا كان التلميذ يتبع ذاك الذي يسبقه في كل مسيرته. ولكن ما معنى اتّباع مفسّر التوراة في نهاية الزمن، اتّباع مشيئة الله المتجسدّة؟ الجواب المتّاويّ جاء لاذعًا: إن اتّباع المعلّم يعني أن نكون مثله مع آخري هذا العالم. أن نترك كل طمأنينة. فاتباع المسيح يقود إلى الخطر، إلى الغرق، كما في خبر العاصفة (8: 18-27) في وجهه السرديّ والرمزيّ، وفي مسيرة يسوع على المياه لملاقاة بطرس الذي كاد يغرق (14: 22-33). ففي قلب هذه المحنة، يُدعى التلميذ لكي يعيش ايمانه، متطلّعًا في الوقت عينه إلى ضعفه والى العون الذي يمنحه إياه الرب مساعدة له.

3- كتاب لوقا
أ- الاشكالية في لوقا
إن العمل اللوقاويّ بمجمله هو لاهوت الإقامة في التاريخ. فمع الجيل المسيحي الذي عاش في نهاية القرن الأول، اهتمّ لوقا بمسألتين. الأولى تعالج العلاقة بين الماضي وحاضر الكنيسة: كيف يبقى المؤمن معلّقًا بتاريخ يسوع الأرضي الذي صار في الماضي البعيد؟ وهذا الوعي بأن حياة يسوع تنتمي إلى الماضي، واضح جدًا في سفر الأعمال الذي يدلّ على المدى الزمني الذي جرى منذ انطلاق المسيح وصعوده إلى السماء. والمسألة الثانية تُعنى بالمستقبل: كيف يواجه المؤمن المستقبل مع أن المجيء الثاني الذي ترجّاه يتأخّر ولا يأتي؟ هذا الوعي لتأخّر المجيء نجده أيضًا في سفر الأعمال بقدر ما يؤكّد هذا الكتاب بأن التاريخ يتواصل بعد صعود المسيح وانطلاقه إلى السماء.
إن وضع ومدلول الزمن الحاضر الذي هو زمن الكنيسة، يرتبطان بالحلّ الذي يقدّمه لوقا لهاتين المسألتين. كيف يعيش المؤمن الحاضر الذي يبتعد شيئًا فشيئاً في ماض يستلهمه دون أن تحركه النهاية؟ كيف يكون المسيح حاضرًا في كنيسته رغم غيابه الظاهر؟ كيف يعبّر الله عن نفسه، وكيف يملك بعد الفصح والقيامة؟
ب- بنية تاريخ الخلاص
يبرز جوابُ لوقا في تنظيمه لتاريخ تصوّرَه بشكل خطوطيّ. فالتاريخ بمجمله هو حقل عمل الله الخلاصيّ. وهذا العمل الخلاصيّ الالهيّ ينتظم في ثلاث حقبات كبرى ترتبط بين بعضها البعض عبر وساطات. وهذه الوساطات التي نعرفها تساعدنا على الدخول إلى كل حقبة بمفردها.
الحقبة الأولى في الرسمة اللوقاويّة هي زمن اسرائيل، وهي تقابل تاريخ الله مع شعب اسرائيل. وهي تنتهي في شخص يوحنا المعمدان (لو 3: 19؛ 7: 24-28). إنه زمن الشريعة والوعد. ولا يتدخّل فيه الروح إلاّ بشكل متقطّع في شخص رجال ألهمهم الله. فالعهد القديم هو الوساطة التي تستعيد الوعد لكي يتمّ، والشريعة التي ما زالوا يعملون بها في سفر الأعمال.
والحقبة الثانية هي زمن يسوع. هي منتصف الزمن. يبدأ زمن يسوع بحصر المعنى، مع عماده (3: 21-22)، وينتهي مع صعوده. في الواقع، يحدّد هذه الحقبةَ زمنان متوسّطان: الزمن الذي ينطلق من الميلاد إلى العماد. والزمن الذي ينطلق من القيامة الى الصعود. زمن يسوع، هو منتصف الزمن المسيحاني، زمن إعلان الملكوت وتحقيقه في أعمال يسوع. وهذه الحقبة هي في المعنى الأساسي قلب تاريخ الله مع البشر. ويبرهن على هذه الحقبة تفصيلان لهما معناهما: من لو 13:4 حتى 3:22، غاب الشيطان عن السرد الانجيلي.
وطوال ذاك "الزمن" كان يسوع المستودع التام والوحيد للروح. وحين كتب لوقا انجيله منح الكنيسة الوساطة التي تردّ لها ذاك الزمن الفريد: فبواسطة الكلمة صار المسيح المتجسّد حاضراً لدى أخصّائه إلى الأبد.
والحقبة الثالثة هي زمن الكنيسة. تبدأ مع الصعود، أو بالاحرى في العنصرة، وتمتدّ حتّى المجيء الثاني. هي تتميّز بفيض الروح على جميع المؤمنين وبمهمّة رسوليّة تشمل الكون كله. إن الوساطة التي تتيح لنا أن نكتشف ونفهم هذا الزمن الذي هو زمننا، هي عمل لوقا. فحين دوّن سفر الاعمال (وهي محاولة فريدة في العهد الجديد) أفهمنا كيف يسكن الله في التاريخ وبعد اختطاف يسوع إلى السماء، وكيف يعمل كلَّ يوم في الكنيسة.
ج- الكنيسة بحسب لوقا
نستطيع بفضل سفر الأعمال أن نتعرّف بدقة أكثر إلى ظروف جماعة المؤمنين خلال زمن الكنيسة. فالعوامل التي تكوّن الحياة المسيحيّة، هي الكرازة والأسرار والشركة الاخوية والصلاة والثبات في الاضطهاد. هذه العناصر المعروفة في كل جماعة مسيحيّة، لا ينبغي أن تخفي ظاهرة خاصة بالجزء الثاني من مؤلّف لوقا عنيت به سفر الأعمال. فالكاتب لا يقدّم لنا فقط صورة عن الكنيسة، بل صورتين.
النمط الأول نجده في الجماعة الأولى. والوجه الذي يُشرف على هذه المجموعة هو بطرس. من وجهة المؤسّسة، نرى أن الجماعة الأولى تقودها الحلقة الرسوليّة المؤّلفة من الاثني عشر. إنهم يشكّلون وساطة لا غنى عنها بين "منتصف الزمن" وزمن الكنيسة. كانوا الشهود العيان فأمّنوا تواصل الكلمة، وكفلوا سلطة التقليد. ومن الوجهة الاجتماعية والتاريخية، الجماعة الأولى هي كنيسة مسيحيّة متهوّدة قد زُرعت في أورشليم. إنها رمز التواصل الجغرافي والتاريخي في تقليد اليمان. تراعي الشريعة وتؤمُّ الهيكل. وظروف حياتها هي أيضًا نموذج لنا. فاذا أخذنا الجماعة الأولى في حطّ ذاتها وكما يصورّها لوقا، فهي تجسّد المثال المسيحي في الحبّ والسلام. وإذا تطلّعنا إلى علاقتها مع العالم، نراها تثير العداوة وتحتمل الاضطهاد.
وتدلّ جماعة الرسل (في مجمع اورشليم) والقرار الرسولي على منعطف حاسم. فالمسؤولون عن الجماعة الأولى قد وعوا أن الكنيسة تتجاوز اسرائيل التاريخيّ. والشريعة لا يمكن أن تُحفظ كلها لدى الوثنيّين المرتدّين إلى المسيحيّة. وكذلك الهيكل لم يعد موضع العبادة المميّز للمسيحيين الأمميّين الذين يعبدون الله بالروح والحق، لا على هذا الجبل ولا على ذاك. إذن، عرفت حلقة الرسل نمط جماعة ثانياً تحرّر من سلطة أورشليم. هو الجماعة المسيحية الآتية من العالم الوثنيّ. والوجه الذي يُشرف على هذه الجماعة هو بولس، المرسل المسيحي العظيم. وإن كانت الخدم لم تنظّم بعدُ كلَّ التنظيم، إلا أن الكنيسة الامميّة يحركها تياران كبيران: الرسالة الشاملة هي محور مخطّط الله. الروح يعلّم المؤمنين، ويملي السلوك الملائم، ويعطي القوة لمجابهة الاضطهاد.
أما المسألة الاكليزيولوجيّة التي طرحها أع، فتقوم في تحديد رباط الوحدة بين الجماعة الاولى (جماعة اورشليم والنمط الاول) والكنيسة المسيحيّة الآتية من العالم الوثنيّ. ورباط الوحدة يتوضَّح في شكلين اثنين. هو أولاً تاريخي: الجماعة الأولى هي الاساس التاريخي للكنيسة المسيحيّة الامميّة. وهذه الكنيسة ليست بداية جديدة، بل توسعاً انطلق من جماعة اورشليم. ورباط الوحدة هو ثانياً لاهوتيّ. في هذا المجال تتزاوج القطيعة والتواصل بشكل له معناه. إذا كان الواقع التاريخيّ يفرض تبدّلاً في المؤسّسة وإدخال الايمان في الحياة العمليّة، فكرازة الكلمة والاحتفال بالأسرار يشكّلان النّواة الأهمّ لتماسك الكنيسة على مستوى الزمان وعلى مستوى المكان.
د- رسالة تشمل الكون
إن الموضوع الاساسيّ لسفر الأعمال (الذي يعيش زمن الكنيسة) هو نشر الكلمة. والبرهان على ذلك بنية تتوزّع الخبر وتقوم في تحقيق برنامج تحدّد في 1: 8: إعلان الكلمة في أورشليم (ف 1- 5). في اليهوديّة والسامرة (ف 2- 12) وإلى اقاصي الأرض (ف 13-28). والشخص المفتاح الذي يأخذ على عاتقه هذا البرنامج هو بولس المرسل الكبير الذي ينطلق من أورشليم فيصل إلى رومة. إذن مسيرته هي نموذج يتيح لنا أن ندرك كيف توسّع لوقا في الظروف التي أشرفت على إيصال الانجيل. في هذا المجال، بدا لوقا وكأنه يدافع عن موقع مشابه لموقع سابقيه، متّى ومرقس. هو أيضًا قد وعى تاريخية الوحي. هو أيضًا عرف أن الانجيل يسير في الضعف والفشل، أنه لا يظهر للعيون. وعرف أيضًا أن ليس من وضع يتخلّص من التوتّر والالتباس. هذا ما نحاول ان نكتشفه مبّينين أن مسيرة بولس هي مسيرة تنطلق في وجهتين.
ونبدأ فنقول من هو أعظم مرسل مسيحي. هو انسان عُرف في الماضي بأنه اضطهد الكنيسة بدون هوادة. هو يحمل في جسده كل العداوة وكل الرفض وكل العنف ضدّ المسيحيّة. وأول ظهور له في أع، هو موافقة على قتل اسطفانس. بعد ذلك سار حوله البحر المتوسط، وعُرف بأسلوبه في الرسالة: يستعمل مجامع الشتات كأرضيّة كرازته. وهنا أيضًا تتداخل قراءاتان: قد ندهش حين نرى أنه حيث يصل بولس هناك تلد كنيسة. ولكننا نستطيع أيضاً أن نلاحظ أن بولس يهرب من مجمع إلى آخر أمام عداوة يحرّكها ولا يستطيع أن يتجنّبها. حمدٌ لله بسبب العمل الذي تمّ. وانطلاق مفاجئ تحت ضغط الاضطهاد. استقبال أخويّ من جهة، وملاحقة "الشرطة" له من جهة ثانية. وكرازته بالانجيل هي أيضًا ملتبسة: يحمل تحريرًا عظيمًا من أجل الوثنيين، ولكنه يحمل خطر الموت والدمار لليهود حين يهدّد الحجر الأساس في لاهوتهم، وهو الشريعة.
ونجد الالتباس عينه حين نتطلّع إلى علاقات بولس مع الوثنيين. من جهة هو أعظم من بشّر الوثنيّين: احتل اليونان وهجم على رومة، عاصمة الامبراطورية. ومن جهة ثانية، تفشل العظتان اللتان أوردهما أع على أنهما توجّهتا إلى الوثنيّين: الخطبة في ساحة اثينة (أع 17) لا تربح ودّ الفلاسفة بل هزءهم. ونجد ذات الظاهرة في خطبة القاها بولس أمام برنيقة وأغريبا (أع 26). لا شكّ في إن الملك تكلّم بلهجة ودودة ولكنه ظلّ غير مؤمن.
إن هذه الخطبة الدفاعيّة التي ألقاها بولس أمام أغريبا، تجعلنا نكتشف واقعًا له معناه. وهو أن عرض رسالة بولس في أع ينقصه بعض التوازن. هناك أحداث توسّع فيها الكاتب وأطال، وهناك أخرى لم يذكرها بكلمة. ومن العناصر التي أخذت حصّة كبيرة في أع: مثول بولس أمام القضاة. هناك خمسة مقاطع (30:22- 23: 10؛ 24: 1-23؛ 24:24-25؛ 6:25-12؛ 26: 1-32). مهما يكن تفسير هذه الحلقة بمواضيعها، يبقى أننا نكتشف هنا كاتبًا (هو لوقا) واعيًا وعيًا عميقًا للصراع الممكن بين شهادة الانجيل والسلطات المحليّة. وقد حاول أع أن يبيّن لمؤمني عصره الموقف الواجب اتّخاذه في مثل هذا الوضع.
والمثل الاخير. كل تصميم أعمال الرسل يقوم في المسيرة من أورشليم إلى رومة. هل يصل الانجيل إلى رومة؟ في الواقع ينتهي أع بكرازة المرسل بولس في قلب العاصمة الرومانيّة. تلك هي الوجهة الأولى. أما الوجهة الثانية فهي أن بولس في رومة ليس ذاك القائد المنتصر، بل هو السجين الذي سيموت شهيدًا. ولكن إن كان مقيّدًا، فكلمة الله حرّة وهي ما زالت تتابع جريها حتى أيامنا.

خاتمة
حاولنا في هذا الفصل أن نلقي نظرة إلى الاناجيل الازائيّة الثلاثة حول علاقة الكنيسة بالايمان. انطلقنا من مرقس الذي كان إنجيله أول الأناجيل التي وصلت إلينا فاكتشفنا في كرستولوجيّة السرّ المسيحاني لاهوت الصليب، وهذا ما يجعلنا قريبين جدًا من بولس الرسول. وتوقّفنا عند "كرستولوجيّة المعلّم" في إنجيل متّى. مع كنيسة تنتقل من العهد القديم إلى العهد الجديد، من إسرائيل بقبائلها الاثنتي عشرة إلى اثني عشر رسولاً سيجلسون على اثني عشر كرسياً. وانتهينا مع لوقا الذي يربط زمن العهد القديم بزمن الكنيسة بواسطة زمن المسيح الذي هو منتصف الزمن. فزمن الكنيسة هو الإطار الذي تعيش فيه كنيسة لوقا التي وعت تأخّر عودة المسيح. ففهمت أن عليها أن تعيش الانجيل في الحياة اليوميّة، أن تحمل الصليب كل يوم، أن تمدّ فروع الرسالة إلى أبعد من إسرائيل وأرض فلسطين، أن تصل بالرسالة إلى أقاصي الأرض.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM