2 تقديم

تقديم

بعد الجزء الأول من تفسير انجيل متى، ها هو الجزء الثاني. بعد بدايات الملكوت، نقدّم هنا سرّ الملكوت الذي يتوزعّ على مقدمة وأربع مراحل.
في الجزء الأولى كانت مراحلنا: سرّ يسوع من العهد القديم الى العهد الجديد، عظة الجبل، عشر معجزات. وفي هذا الجزء الثاني تكون سلطة الملكوت، السؤال حول الملكوت، نموّ الملكوت، مسيرة الملكوت. أما المقدّمة فتحمل ثلاثة مواضيع عامّة: الشريعة والانجيل، التلاميذ والجمع، الكنيسة والايمان. ولن نقف فقط عند إنجيل متّى بل نصل في تأمّلنا إلى إنجيل مرقس وانجيل لوقا.
أما أسلوب العمل فهو هو. في بداية كل مرحلة نقدّم نظرة عامة إلى المرحلة كلها، فنشدّد بشكل خاص على البنية والتركيب، لأن الانجيل ليس فقط مقاطع متفرِّقة نسمعها في قداس أو صلاة. إنه بناء. إنه شهادة كنيسة وكاتب في حياة يسوع وأقواله وأعماله. ومن مرحلة إلى مرحلة نرافق التلاميذ الأولين في تعرّفهما إلى يسوع يوماً بعد يوم. فكما أن نموّ الانسان يكون متدّرجاً، هكذا كان نموّ الرسل. نموّ الكنيسة الاولى، ونموّنا نحن الّيوم. وبعد البنية والتحليل، نحاول أن نكتشف المعنى اللاهوتي الذي نكتشفه في كل مرحلة.
وبعد هذه النظرة العامة، نتوقّف عند كل مقطوعة على حدة: في إطارها التاريخي والنقدي، في بنيتها ومراجعها وطرق تفسيرها. قد يتبدّل الاسلوب بين دراسة ودراسة. هكذا لا يملّ القارئ من رتابة في التأليف. ومن جهة ثانية، يتعرّف إلى أساليب متعدّدة في شرح النصّ الكتابيّ. فكما أن لنا في الكنيسة أكثر من انجيل، فلنا أيضاً أكثر من قراءة للنصّ الانجيلي الواحد. فنحن نستطيع أن نبقى داخل الكنيسة وتكون لنا قراءات متعدّدة للنصّ الواحد. فكلمة الله غير المحدودة لا نستطيع أن نحصرها في تفسير واحد. فاللامحدود يحتاج إلى محاولات لا محدودة لكي يحيط به ويدركه، هذا إذا استطاع. لهذا حاولنا أن نفتح سبلاً متعدّده لقراءة النصّ الانجيليّ. وهنا نذكّر القارئ بأن نصوص متّى قد ظهرت كخبر عند مرقس ولوقا. لهذا فهو يستطيع أن يقرأ ما قلناه من تفسير في النصوص الموازية. وما يساعده على المقابلة، والتعرّف إلى أوجه الشبه والاختلاف هو "إزائية الاناجيل الأربعة" التي تفهمنا أن كلمة الله ليست جامدة. خرجت من فم يسوع فجاءت متنوّعة في أربعة أناجيل. وهي تدعو جماعاتنا وكنائسنا وكلَّ واحد منّا أن يكون بدوره انجيلاً حياً: يجعل كلام الانجيل في تفكيره وعقليّته، في أقواله وأعماله، في حياته ومماته، على ما يقول بولس الرسول: سواء متنا أو حيينا فنحن للمسيح.
تلك مسيرتنا في هذا الجزء الثاني من تفسير انجيل متّى نقدمه باسم الرابطة الكتابية، ونحن نرجو له الرواج الذي عرفته مجموعة "دراسات بيبلية" التي صارت في رقمها السادس عشر، وهي ترجو بنعمة الله ومحبتكم لكلمة الله، أن تسير قدماً فتعطي القارئ العربي ما يحتاج اليه من مفاتيح للدخول إلى كلمة الله، هذا الهيكل العظيم الذي هو حضور الله الرائع وسط البشر.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM