الله خلق كلَّ ما يُرى وما لا يُرى

حين نقرأ خبر الخلق في بداية الكتاب المقدَّس، لا نرى إشارة إلى الملائكة، أي إلى الذي لا يُرى. ولكنَّ آباء الكنيسة اعتبروا أنَّ الملائكة خُلقوا في اليوم الأوَّل لسموِّ مقامهم. كلُّ ما ليس الله هو خليقة الله وهو يأتمر بأمره.

لمَّحت الرسالة إلى الكولوسيِّين أنَّ الملائكة أعظم من الابن. هو اتَّخذ جسدًا. اتَّحد بالمادّة، وهي شرِّيرة في عين الفلاسفة القدماء، بحيث إنَّ النفس تريد أن تهرب منها بعد أن كانت سجينة فيها. فأكَّد لهم الرسول أنَّ في الابن خُلق ما في السماوات وما على الأرض، ما يُرى وما لا يُرى، سواء كان عروشًا أم سيادات أم رئاسات أم سلاطين. تلك هي درجات الملائكة، كما كان يتكلَّم عنها العالم اليهوديّ، فقال في وقت من الأوقات: "وصلت الشريعة إلى موسى بيد الملائكة." وتابع الرسول عن المسيح: "هو قبل كلِّ شيء، وفيه يقوم الجميع." أي يلبثون على قيد الحياة، وإلاّ يعودون إلى العدم.

وفي خطِّ الرسالة إلىكولوسّي، جاءت الرسالة إلى العبرانيِّين تُبيِّن دور الملائكة في العالم، وخضوعهم ليسوع المسيح. وإذا كان يسوع تنازل إلى مستوى الإنسان، فلكي يقدِّس الإنسان ويأتي بنا إلى المجد. وتأتي البراهين الكتابيَّة: "لمن من الملائكة قال له يومًا: أنتَ ابني، أنا اليوم ولدتُك" (مز 2: 7). وقال أيضًا: "أنا أكون له أبًا وهو يكون لي ابنًا" (2 مل 7: 14). "وأيضًا حين أدخل البكر إلى العالم قال: "طتسجد له كلّ ملائكة الله" (تث 32: 43). وعن الملائكة يقول: "الذي صنع ملائكته رياحًا، وخدَّامه لهيب نار" (مز 104: 4). وأمَّا عن الابن: "كرسيُّكَ يا الله إلى دهر الدهور" (مز 45: 7).

وحده الابن يُعبد، لا الملائكة. وإن ظهر الملائكة فلكي يدلُّوا على حضور الله. هم مَن يسبق مجيء الله ويعلن عن حضوره. فلا يحلُّون محلَّ الله ولا محلَّ ابن الله. هم خدّام، هم مرسلون في مهمَّة من عند الله. هو سرٌّ لا نفهمه. ولكنَّنا ندخل فيه خصوصًا حين يروي القدِّيس لوقا خبر جبرائيل الذي جاء إلى مريم العذراء يبشِّرها بالحبل الإلهيّ.


 

الرسالة إلى العبرانيِّين 1: 1-14

في كلِّ درجاتٍ وفي كلِّ أشكال، تكلَّم اللهُ مع آبائِنا بالأنبياء من القديم. وفي هذه الأيّامِ الأخيرةِ، تكلَّمَ معنا بابنِه الذي وضعَه وارثَ كلِّ شيء وبه صنعَ العوالم. الذي هو ضياءُ مجدِه وصورةُ جوهرِه وضابطُ الكلِّ بقدرةِ كلمتِه، وهو الذي بأقنومِه صنعَ تطهيرَ خطايانا وجلسَ على يمينِ السيادةِ في الأعالي. وبهذا كلِّه عظُمَ على الملائكةِ كما الاسم الذي ورثَ أفضلُ من اسمِهم.

فلأيٍّ من الملائكةِ قالَ الله قطُّ: أنتَ ابني، أنا اليومَ ولدتُك. وأيضًا: أنا أكونُ له أبًا وهو يكونُ لي ابنًا. وأيضًا إذْ هو مُدخِلٌ البكرَ إلى العالمِ قال: له يسجدُ ملائكةُ الله كلُّهم. أمّا على الملائكةِ فهكذا قال: صنعَ ملائكته روحًا وخدّامه نارًا متَّقدِة. أمّا على الابن فقال: كرسيُّك يا الله لدهر الدهور، قضيبٌ مستقيمٌ قضيبُ مُلكِكَ. أحببتَ البرَّ وأبغضتَ الإثمَ لأجلِ هذا مسحكَ اللهُ إلهُك بزيتِ الفرحِ أفضلَ من رفاقِك. وأيضًا: أنت من البدءِ وضعتَ أساساتِ الأرض، والسماواتُ صنعُ يديكَ هي. هي تعبرُ وأنت قيّوم أنت، وكلُّها مثلَ الثوبِ تَبلى. ومثلَ الرداءِ تطويها. هي تتبدَّلُ وأنتَ كما أنتَ وسنينُك لا تكملُ. فلمَنْ من الملائكةِ قالَ قطُّ: اجلِسْ عن يميني حتّى أضعَ أعداءَك موطئًا تحتَ قدمَيك. أما هم كلُّهم أرواحُ خدمة، مرسَلون في الخدمة لأجلِ أولئكَ المزمعين أن يرثوا الحياة؟


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM