وأنتِ يا بيتَ لحم

وصل المجوس إلى أورشليم. سألوا: "أين هو المولود ملك اليهود؟" (مت 2: 2). لا جواب لدى هيرودس، بل الجواب لدى "رؤساء الكهنة وكتبة الشعب". ذكروا نبوءة ميخا التي تمَّت في الإنجيل وفي ولادة يسوع: "وأنتِ يا بيت لحم، أرض يهوذا، لستِ الصغرى بين رؤساء يهوذا، لأنَّ منكِ يخرج مدبِّر شعبي إسرائيل" (آ6، رج مي 5: 1). بيت لحم حيث وُلد يسوع هي في أرض يهوذا لا في أرض زبولون. ويقول متَّى أيضًا: "هي بيت لحم اليهوديّة."

ماذا نعرف عن بيت لحم حيث وُلد يسوع؟ الاسم يعني "بيت الخبز". هي مدينة في يهوذا كما قال سفر الأخبار الأوَّل (2: 51-54؛ 4: 22). تقع على حدود البرِّيَّة، لهذا هي أرض الرعاة مع بعض الزراعة. إنَّها تقع بين أورشليم وحبرون، ويبدو أنَّها ذُكرت في نصوص تلّ العمارنة (مصر، القرن الرابع عشر). إليها أتى بعض اللاويِّين كما قال سفر القضاة (17: 7-9).

وعُرفت بيت لحم بشكلٍ خاصٍّ لارتباطها بداود، بأجداده، برفاقه، وبالآمال التي نبتت حوله: قصَّة راعوث وبوعز، ثمَّ مَسْح داود بالزيت المقدَّس على يد صموئيل. ولمَّا صار رحبعام بن سليمان ملكًا، حصَّن بيت لحم تذكُّرًا لجدِّه داود، وربَّما أيضًا بسبب موقعها.

رُذلتْ في الأصل فكانت مدينة المساكين، فبدت كلا شيء تجاه أورشليم "مدينة الملك العظيم". ولكنَّ الله لن يمضي إلى أورشليم لكي يأخذ "مسيحه" من هناك، بل إلى هذه القرية التي تحمل الخلاص للشعب. أجل، فشل الملك، مضى إلى السبي، فلا مجال للعودة بعدُ إلى العاصمة. قيل عن بيت لحم: "هي أصغر من أن تُحسب بين المدن الكبرى." ولكنَّها صارت كبيرة، أكبر ممّا تصوَّر النبيّ. فمنها لم يولد فقط "مَن يحكم إسرائيل"، بل من يحكم المسكونة كلَّها. ذاك ما قيل في إنجيل لوقا عن الإحصاء الذي يتمُّ في ميلاد المخلِّص. لا أوغسطُس الذي ملأ المملكة بالدماء قبل أن يُحلَّ السلام، بل هذا الطفل الموضوع في القماطات، في مذود. وحده يحمل المجد لله والسلام على الأرض للبشر.


 

إنجيل متّى 2: 1-12

ولمّا وُلدَ يسوعُ في بيتَ لحم يهوذا، في أيّام هيرودُسَ الملِك، أتى مَجوسٌ من المشرقِ إلى أورشليم. وقالوا: “أينَ ملكُ اليهودِ الذي وُلدَ، لأنَّنا رأينا كَوكبَه في المشرِقِ وأتينا للسجودِ لهُ.” وسمعَ هيرودُسُ الملكُ واضطرَبَ، وكلُّ أورشليمَ معه. وجمَعَ عظماءَ الكهنةِ كلَّهم وكتبةَ الشعب، وسألَهم: “أينَ يُولَدُ المسيحُ؟” وهم قالوا: "في بيتَ لحمِ يهوذا، لأنَّ هذا ما كُتبَ بالنبيِّ، وأنتِ، يا بيتَ لحمِ يهوذا، ما كنتِ الحقيرةَ في ملوكِ يهوذا، لأنَّ منكِ يَخرُجُ الملكُ الذي يَرعى شعبي إسرائيل."

حينئذٍ دعا هيرودسُ المجوسَ سرًّا، واستعلَمَ منهم في أيِّ زمانٍ تراءى لهمُ الكوكبُ. وأرسَلَهم إلى بيتَ لحمَ وقالَ لهم: “اذهَبوا، ابحَثوا عن الطفلِ بتدقيق، ومتى وجدتموهُ، تعالوا بيِّنوا لي لكي أمضيَ أنا أيضًا وأسجُدَ له.” وهم إذْ سمعوا الملكَ، ذهبوا. وها الكوكبُ الذي رأوا في المشرِق، كان ذاهِبًا قدَّامَهم، إلى أن أتى ووقفَ فوقُ، حيثُ كان الطفلُ. فلمّا رأَوا الكوكبَ، فرِحوا فرَحًا عظيمًا جدًّا. ودخلوا البيتَ، ورأَوا الطفلَ مع مريمَ أمِّه. وسقَطُوا فسجدوا له. وفتحوا كنوزَهم، وقرَّبُوا له القرابينَ، ذهبًا ومرًّا ولبانًا. وتراءى لهم (الملاكُ) في الحلُمِ بأن لا يَرجِعوا إلى هيرودُسَ، فذهَبُوا إلى بلادِهم في طريقٍ أخرى.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM