جميع أمَّة الربِّ أنبياء

النبيُّ هو من يحلُّ عليه روح الربّ فيجعله يتكلَّم باسم الربّ. يُدخله الروح في سرِّ الله وفي حياته الحميمة، كما كان الأمر مع موسى: "فمًا إلى فم أخاطبه... وعيانًا يعاين شبهي أنا الربّ" (عد 12: 8). أي أسمح له أن يراني بعينيه - لا بعين الجسد بل بعين الإيمان. ولكن لا يمكن أن يكون موسى وحده نبيًّا فيحلُّ عليه الروح دون سواه.

طلب منه الربُّ أن يختار "سبعين رجلاً من شيوخ بني إسرائيل" (عد 11: 16). يقفون أمامي "فآخذ من الروح الذي عليك وأُحلُّه عليهم" (آ17). أجل، هو الروح يُلهم السبعين شيخًا فيُعينون موسى في عمله. ينالون روح الحكمة والفهم ولا يخافون من قول الحقيقة.

أطاع موسى الربَّ وجاء بالشيوخ. نتذكَّر أنَّ عدد سبعين يعني لغات العالم القديم كلَّها. كما نتذكَّر أنَّ يسوع اختار أيضًا سبعين تلميذًا وأرسلهم يحملون البشارة إلى العالم الوثنيّ (لو 10: 1ي). وما إن وصل هؤلاء الشيوخ إلى خيمة الاجتماع حتَّى "نزل الربُّ في السحابة (رمز حضور الله)... وأخذ من الروح الذي على موسى وأحلَّ على السبعين شيخًا. فلمّا استقرَّ عليهم الروح تنبَّأوا" (آ25).

قالوا كلمة الله في الحالات الصعبة وجعلوا السلام بين المتخاصمين. فالمؤمن يسعه أن يكون نبيًّا، لأنَّ الروح لا ينحصر في شخص من الأشخاص، ولا في مكان من الأمكنة، ولا في حالة من الحالات. كان السبعون قرب خيمة الاجتماع، فنالوا الروح. ولكنَّ اثنين لبثا على عتبة بابهما وما اقتربا من الخيمة! هما لا يستطيعان أن يتنبَّأا!! ذاك كان موقف يشوع بن نون. ولكن لا. قال الكتاب: "حلَّ عليهما الروح فتنبَّأا" (آ29). شأنهما شأن الآخرين. فنحن لا نستطيع أن نضع شرطًا لكي يحلَّ الروح أو لا يحلّ. فهو حرٌّ كلَّ الحرِّيَّة. ونذكر في هذا المجال بطرس الذي كان يعظ كورنيليوس. أطال الكلام. عندئذٍ "نزل الروح القدس على جميع السامعين" (أع 10: 44). كيف؟ نزل الروح عليهم قبل أن ينالوا سرَّ العماد! مستحيل. أجل، أفيضت هبة الروح، فأمر بطرس أن يتعمَّدوا (آ48).

هذا هو الروح. هو للجميع. كلُّ الظروف مؤاتية. المهمّ أن نَفتح قلوبنا.


 

سفر العدد 11: 24-29

فخرجَ موسى وأخبرَ الشعبَ بكلامِ الربِّ وجمعَ سبعينَ رجلاً من شيوخِ الشعبِ فأقامَهم حول خيمةِ الاجتماعِ. فنزلَ الربُّ في السحابةِ وخاطبَه، وأخذَ من الروحِ الذي عليه وأحلَّ على السبعينَ شيخًا. فلّما استقرَّ عليهم الروحُ تنبَّأوا إلاَّ أنَّهم لم يستمرُّوا.

وكان بقي رجلانِ من السبعينَ في المحلَّةِ ولم يخرجا إلى الخيمةِ، اسمُ أحدِهما ألدادُ واسمُ الثاني ميدادُ، فحلَّ عليهما الروحُ فتنبَّآا هناك. فأسرعَ شابٌّ وأخبرَ موسى بأنَّ ألدادَ وميدادَ يتنبَّآن في المحلَّة. فقال يشوعُ بن نون، وهو خادمُ موسى منذ حداثتِه: "يا سيِّدي، يا موسى، اردَعْهما." فقال له موسى: "أفتغارُ لأجلي أنتَ؟ ليتَ جميعَ أمَّةِ الربِّ أنبياءُ يُحلُّ الربُّ روحَهُ عليهم."


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM