الروح في البدايات

في بداية أولى، يوم كانت الأرض خربة وخالية، ويوم كان الظلام يخيِّم على وجه المياه، كان الروح هنا. يرفرف، مثل طائر فوق عشِّه ليخرج الحياة من هذه البيضات التي وضعها. هذا الروح يرفرف على المياه، لأنَّ المياه أساس الحياة (تك 1: 2). فنحن نرى أنَّ الطير وُلد مع الزحّافات من المياه. وحين خُلق الإنسان على صورة الله ومثاله، كان الروح حاضرًا مع الله. لهذا نقرأ صيغة الجمع: "لنصنع الإنسان"، لا "لأصنع الإنسان". منذ البداية، إلهنا عيلة، وليس واحدًا وحيدًا يقيم في أعلى السماء وينظر عن بعد إلى البشر. وإذ هو خَلق، مزج حياته بحياة البشر، فكان الابنُ "بكرَ الخلائق" (كو 1: 15) بانتظار أن يكون بكرَ الراقدين وبكرَ من قام من بين الأموات (آ18). أجل، يسوع المسيح ابن الله هو البكر بين إخوة كثيرين (رو 8: 29).

والبداية الثانية: يوم اعتمد يسوع في نهر الأردنّ. نزل الروح بشكل حمامة، بشكل طائر، فوق المياه، من أجل الحياة الجديدة في المعموديَّة (مت 3: 16 وز). قال الآب من السماء: "هذا هو ابني الحبيب الذي به رضيت" (آ17). ويقول لنا حين نعتمد: هذا ابني. هذه ابنتي. وإذ نحن أبناء فنحن ورثة "ورثة لله وشركاء المسيح في الميراث. نشاركه في آلامه لنشاركه أيضًا في مجده" (رو 8: 17).

والبداية الثالثة كانت يوم انطلاق الكنيسة والبشارة التي حملها الرسل. يقول سفر الأعمال: "ولمّا جاء اليوم الخمسون، كانوا مجتمعين كلُّهم في مكان واحد. فخرج من السماء فجأة دويٌّ كريح عاصفة، فملأ البيت الذي كانوا فيه، وظهرت لهم ألسنة كأنَّها من نار... فامتلأوا كلُّهم من الروح القدس" (2: 1-4). أخذوا يتكلَّمون. وفي أوَّل يوم كان صيدُ بطرس والرسل ثلاثة آلاف. ثمَّ صيد آخر: ألفان. العدد المقدَّس: خمسة. ثمَّ العدد الأكبر: ألف الذي هو مكعَّب 10 (10×10×10).

بدايات ثلاث ولكنَّها لن تنتهي قبل نهاية العالم ومجيء المسيح الثاني.


 

سفر الأعمال 2: 14-21

بعد ذلك قامَ سمعانُ كيفا مع الأحدَ عشرَ رافعًا صوتَه وقالَ لهم: "أيُّها الرجالُ اليهودُ المقيمونَ جميعُكم في أورشليم، أصغوا إلى كلامي، وهذه تكونُ معروفةً لكم: ما هؤلاء سكارى كما أنتم ظانُّون، لأنَّها الساعةُ الثالثةُ حتّى الآنَ. ولكن هذه هي الكلمةُ المكتوبةُ في يوئيلَ النبيّ: تكونُ في الأيّامِ الأخيرةِ، قالَ الله، أنّي أفيضُ روحي على كلِّ بشر، وبنوكم يتنبَّأونَ وبناتُكم، وشبّانُكم رُؤى يرَون، وشيوخُكم أحلامًا يحلمون. وعلى عبيدي وعلى إمائي أفيضُ روحي في تلك الأيّام فيتنبَّأون. وأُعطي آياتٍ في السماء وعجائبَ على الأرض، دمًا ونارًا وعطرَ دخان. الشمسُ تُبدَّلُ بالظلامِ، والقمرُ بالدم حتّى يأتيَ يومُ الربِّ العظيمُ والمخيف. ويكونَ أنَّ كلَّ مَن يدعو باسمِ الربِّ يحيا.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM