كنيسة أم حشدٌ من الناس

 

"كنيسة" تعود إلى السريانيّة وتعني: جمع. فإن لم يكن الأمر كذلك، فلا نستطيع أن ندعو المؤمنين كنيسة، جماعة. هم حشدٌ من الناس. هم الجمهور الكريم، ولكنَّهم ليسوا كنيسة "نالوا كلَّ بركة روحيَّة في السماوات". اختارهم الله، قدَّسَهم، تبنَّاهم (أف 1: 4- 5).  هي لا تستبعد واحدًا من البشر: اليهوديُّ يريد أن يستبعد اليونانيّ، واليونانيُّ أن يستبعد البربريَّ الذي لا يتكلَّم لغته، والأسكوتيُّ الذي هو آخر الناس (كو 3: 11). لا، ليست هذه  الكنيسة الجامعة. والمزمور 87 يقول عن أورشليم: "جميعهم وُلدوا هنا". ابن فلسطين وابن صور وابن كوش؟ هكذا تكون مجيدةً مدينةُ الله، كنيسةُ الله.

هل يكون العبد بجانب الحرّ؟ نعم. هل تكون المرأة قرب الرجل على مقعد واحد في الكنيسة؟ أجل. قال الرسول: "لا عبدٌ ولا حرّ، لا رجل ولا امرأة، لا قريب ولا بعيد." كلُّهم معًا حول مذبح الربِّ وفي بيت الربّ. ولفظ "كاثوليكيّة" تسري على جميع المسيحيِّين وإن اتَّخذت في ما بعد معنًى مشوَّهًا، محصورًا في جزءٍ من الكنيسة. فاللفظ يعني "الكلَّ" في اليونانيّة. وكنيسة لا تضمُّ البشر كلَّهم، لا المسيحيِّين فقط، لا المؤمنين فحسْب، لا يمكن أن تكون كنيسة المسيح.

قال الرسول: "الله مخلِّصنا يريد أن يَخلص جميع الناس ويبلغوا إلى معرفة الحقّ. لأنَّ الله واحد، والوسيط بين الله والناس واحد، هو المسيح يسوع الإنسان، الذي ضحَّى بنفسه فدى لجميع الناس" (1 تي 2: 3-6). مرَّتين وردت "جميع الناس". فإن لم تكن الكنيسة هكذا، تكون "بدعة" أو "جماعة سرِّيَّة" أو "حزبًا من الأحزاب". الكنيسة تضمُّ الكلَّ لأنَّ الله أرسل ابنه إلى العالم "لئلاَّ يهلك كلُّ من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبديّة". والله أرسل ابنه إلى العالم، "لا ليدين العالم، بل ليخلِّص العالم" (يو 3: 16- 17).

إذا كان الله لا يدين، فأنتَ كيف تدين؟ وإذا كان الله لا يريد هلاك أحد، فلماذا تريد هلاك الذين لا يكون رأيهم مثل رأيك ووجههم مثل وجهك، وبلادهم غير بلادك؟ عندئذٍ تستجلب على نفسك دينونةً مريعة. وافرحْ بأن تكون في حضن الكنيسة، وبالتالي في حضن الله، لأنَّ "من لا تكون الكنيسة أمَّه لا يمكن أن يكون الله أباه."


 

رسالة القدِّيس بولس إلى أهل كولوسّي 3: 1-14

والآنَ، إذا قمتم مع المسيحِ فاطلبوا ما هو فوق، حيثُ المسيحُ جالسٌ على يمينِ الله. واهتمُّوا بما هو فوق، لا بما هو على الأرض، فأنتم مائتونَ وحياتُكم مخفيَّةٌ مع المسيحِ في الله. ومتى المسيحُ تجلّى، إذ هو حياتُنا، حينئذٍ أنتم أيضًا تتجلَّون معه في المجد. إذًا أميتوا أعضاءَكم التي في الأرض: الزنى والنجاسة والأهواء والشهوة الرديئة والطمع الذي هو مخافةُ الأوثان. فمن أجلِ هذه غضبُ الله آتٍ على أبناء المعصية. وفي هذه أيضًا أنتم سلكتُم من قديم إذْ كنتم فيها متقلِّبين. أمّا الآنَ فزيحوا عنكم كلَّ هذه: الغضب، السخط، الشرّ، التجديف، التكلُّم النجس. ولا تكونون كاذبينَ الواحدُ على الآخر، بل اخلعوا الإنسانَ العتيقَ مع كلِّ تقلُّباتِه. والبسوا الجديدَ الذي هو مجدَّدٌ بالمعرفةِ بشبهِ خالقِه. حيثُ ليس يهوديٌّ ولا أمميّ، لا ختانةٌ ولا غرلة، لا يونانيٌّ ولا بربريّ، لا عبدٌ ولا حرّ، إنَّما المسيحُ الذي هو الكلُّ وفي كلِّ إنسان. فالبسوا إذًا مثلَ مختاري الله القدّيسين والأحبّاء، الرحمةَ والرأفةَ واللطف وتواضعَ الفكرِ والوداعةَ وأناةَ الروح. وكونوا محتملين الواحدُ الواحدَ وغافرينَ الواحدُ للواحد. وإذا لإنسانٍ على رفيقِه خصومة، فكما المسيحُ غفرَ لكم هكذا أنتم أيضًا اغفروا. ومع هذه كلِّها المحبَّةُ التي هي رباطُ الكمال.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM