انطلِقوا، تلمِذوا

في نهاية إنجيل متَّى، نعرف أنَّ يسوع دعا تلاميذه كي يلاقوه إلى الجليل. وهكذا فعلوا. أتَوا إلى الجليل، كما في بداية البشارة والعظة على الجبل. عندئذٍ قال لهم الربُّ: "انطلِقوا، تلمذوا جميعَ الأمم" (مت 28: 19). وانطلقت الكنيسة في الشرق والغرب، في الشمال والجنوب، كما قال يسوع عند شفاء ابن قائد المئة: جميعهم مدعوُّون إلى "ملكوت السماوات" (مت 8: 11).

ويروي لنا سفر الأعمال ما حصل يوم العنصرة: مسيحيُّون في بلاد فارس وبلاد الرافدين. في تركيَّا الحاليّة، وصولاً إلى مصر وليبيا، وفي النهاية رومة. وذكر ثلاثة شعوب: اليهود، العرب، أهل كريت. سنة 85-87، يوم كُتب سفر الأعمال، كانت الكنيسة وصلت إلى كلِّ هذه الأصقاع. الرسل وحدهم؟ لا. التلاميذ السبعون وحدهم؟ لا. المؤمنون الذين سمعوا البشارة وأصابتهم النعمة في قلوبهم (أع 2: 37). راحوا إلى السامرة ووصلوا إلى أنطاكية قبل بولس، وإلى قبرص قبل برنابا. فالمؤمنون كلُّهم مسؤولون عن انطلاقة الكنيسة وإيصال الإنجيل إلى أقاصي الأرض. وبطرس قال للمؤمنين: "كونوا مستعدِّين لكي تَعطوا جوابًا عن الرجاء الذي فيكم، لكلِّ من يطلب منكم دليلاً" (1 بط 3: 15).

نحن نور العالم، قال يسوع. والنور يضيء في البيت للذين هم في البيت، هم في الكنيسة. والنور يضيء للذين هم في الخارج لكي يدخلوا ويلتقوا بالمسيح ويتعشَّوا معه وهو معهم. ولكن الويل لنا إن كان النور الذي فينا ظلامًا. فإلى أين نقود اللامؤمنين؟ نبدو كالعميان فنقودهم إلى الحفرة. وبدلاً من أن نكون لهم جسرًا، نصبح حجر عثرة، فنُبعدهم عن المسيح. لهذا نبَّهَنا يسوع: الويل للعالم من الشكوك. فمن شكَّكَ إخوته، أي جعلهم يبتعدون عن الربّ، يجب أن يوضع في عنقه رحى الحمار ويُرمى في البحر. مرَّات عديدة يستحقُّ الواحد منّا مثل هذا العقاب.

طلب منَّا يسوع أن ننطلق. هل انطلقنا؟ وأن "نتلمذ"، هل تلمذنا؟ أن نجعل الكبير والصغير يلهج باسم يسوع فيحرق قلبَه هذا الاسمُ، كما حصل بعد خطبة بطرس. عندئذٍ يقتبلون العماد "ويواظبون على التعليم" طوال حياتهم، بحيث يبقون أمناء للذي دعاهم حتَّى آخر نسمة من حياتهم. عندئذٍ يكونون مع الحمل ليلاً ونهارًا. حيث "لا يبقى موت ولا حزن ولا صراخ ولا وجع، لأنَّ الأشياء القديمة زالت" (رؤ 21: 4).


 

إنجيل مرقس 16: 15-20

وقال لهم: “اذهَبُوا إلى العالمِ كلِّهِ واكرِزُوا ببشارتي في الخليقةِ كلِّها. فالذي مُؤمِنٌ ومُعتمِدٌ مُحيًى، والذي هو لا مُؤمِنٌ مُدان. والآياتُ هذه تتبَعُ أولئكَ المؤمنين. باسمي الأبالسةَ يُخرِجُون، بألسنةٍ جديدةٍ يَتكلَّمون. وحيّاتٍ يَحملونُ، إذا سُمَّ الموتِ يَشربونَ لا يُؤذيهم، وأيديهم يَضعونَ على المُرضى فيُشفَون.” ويسوعُ ربُّنا من بعدِ ما تَكلَّمَ معهم، إلى السماء صعدَ وجلَسَ عنْ يَمينِ الله. وهم خرَجُوا فكرَزُوا في كلِّ مكان، وربُّنا عاضِدًا كانَ لهم ومُثبِّتًا أقوالَهم بالآياتِ التي كانوا صانِعين.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM