الجماعة الأولى

حين أراد يسوع أن يتكلَّم على الكنيسة، شبَّهها بحبَّة الخردل. "هي أصغر الحبوب كلِّها... ولكنَّها نمت وصارت شجرة كبيرة حتَّى إنَّ طيور السماء تجيء وتعشِّش في أغصانها."

أجل، حبَّة صغيرة، بضعة رسل، تلاميذ، تلميذات. وكانت خطبة أولى من بطرس يوم العنصرة، فاعتمد في ذلك اليوم ثلاثة آلاف نفس. وخطبة ثانية فصار المؤمنون خمسة آلاف. هو رقم الكمال والقداسة. وكأنَّ هذه الجماعة الأولى رمز إلى كنيسة تعدُّ اليوم مليارين ونصف المليار. لم يعُد سفر الأعمال يقدِّم إحصاءً لأنَّ هذه النواة الأولى ستكبر وتكبر وتكبر. فشدَّد على حياتها.

كانوا يداومون على الاستماع إلى كلام الرسل. هو الإنجيل قبل أن يدوَّن الإنجيل. حياتهم مشتركة كما في دير من الأديرة. يتقاسمون الخيرات على قدر حاجة كلِّ واحد منهم. وخلال الأسبوع، "كسر الخبز" يعني عيش العشاء السرِّيّ. اجتماع ضروريٌّ لكي يساندوا بعضهم بعضًا. يأكلون الطعام الواحد، جسد المسيح، ويشربون الشراب الواحد، دم المسيح. يأخذون حياةً ممَّن هو الطريق والحقُّ والحياة. وسوف تؤنِّب الرسالة إلى العبرانيّين أولئك الذين يتخلَّفون عن الاجتماع الأسبوعيّ.

والسمة الثالثة، الصلاة المشتركة حيث "يسبِّحون الله". يأتي الناس من الخارج فيستمعون بانتظار أن يُشاركوا. "قلبٌ واحد، روح واحدة"، اتِّحادٌ تامّ. هكذا لا يمكن أن يدخل بينهم عدوُّ البشر: إبليس الذي يحمل الكذب والشرّ، فيميلون إلى البغض والانقسام. وهذا ما سيحصل قريبًا بين فئة وفئة: من يتكلَّم الآراميَّة ومن يتكلَّم اليونانيّة. أحسُّوا بالتفرقة. ولكنَّ الرسل سارعوا فأسَّسوا الخدَّام السبعة. فتوسَّعت الرسالة وما تضايقت بفعل الروح القدس.

والنتيجة: كانت كلمة الله تنمو (كما كان ينمو يسوع)، تنتشر، وعدد التلاميذ يزداد كثيرًا في أورشليم، واستجاب للإيمان كثير من الكهنة (اليهود)... أولئك الذين حكموا على يسوع بالصلب، ها هم ينعمون بغفران يسوع ويدخلون في الجماعة الأولى، في الكنيسة.


 

سفر الأعمال 2: 14-42

بعد ذلك قامَ سمعانُ كيفا مع الأحدَ عشرَ رافعًا صوتَه وقالَ لهم: "أيُّها الرجالُ اليهودُ المقيمونَ جميعُكم في أورشليم، أصغوا إلى كلامي، وهذه تكونُ معروفةً لكم، ما هؤلاء سكارى كما أنتم ظانُّون، لأنَّها الساعةُ الثالثةُ حتّى الآنَ. ولكن هذه هي الكلمةُ المكتوبةُ في يوئيلَ النبيّ: "تكونُ في الأيّامِ الأخيرةِ، قالَ الله، أنّي أفيضُ روحي على كلِّ بشر، وبنوكم يتنبَّأونَ وبناتُكم، وشبّانُكم رُؤى يرَون، وشيوخُكم أحلامًا يحلمون. وعلى عبيدي وعلى إمائي أفيضُ روحي في تلك الأيّام فيتنبَّأون... ويكونَ أنَّ كلَّ مَن يدعو باسمِ الربِّ يحيا."

"... يسوعُ الناصريّ، الرجلُ الذي رُئيَ عندَكم من لدنِ الله بالقوّاتِ وبالآياتِ وبالمعجزاتِ التي صنعَ الله بيدِه بينَكم كما أنتم عارفون. هذا الذي كان مَفروزًا لهذه بسابقِ معرفةِ الله وبإرادتِه، أسلمتموهُ بأيدي الكفرةِ وصلبتموهُ وقتلتموه. ولكنَّ اللهَ أقامَه وحلَّ حبالَ الشيولِ لأنَّه غيرُ ممكنٍ أن يُؤخَذَ في الشيول... فيسوعُ هذا، اللهُ أقامَه ونحنُ كلُّنا شهودُه، وهو الذي بيمينِ اللهِ رُفِعَ وأَخذَ من الآب وعدًا على الروحِ القدس وأفاضَ الموهبةَ هذه التي أنتم راؤونَ وسامعون... والآنَ حقًّا يَعلمُ بيتُ إسرائيلَ كلُّه أنَّ اللهَ جعلَهُ ربًّا ومسيحًا، يسوعَ هذا الذي أنتم صلبتُم."

فلمّا سمعوا هذه توجَّعوا في قلبِهم وقالوا لسمعانَ ولبقيَّةِ التلاميذ: "ماذا نصنعُ، يا إخوتَنا." فقالَ لهم سمعانُ: "توبوا واعتمِدوا واحدًا واحدًا منكم باسمِ الربِّ يسوعَ لغفرانِ الخطايا لكي تتقبَّلوا نعمةَ الروحِ القدس. لأنَّ لكم كانَ الوعدُ ولبنيكم ولكلِّ أولئك البعيدين وأولئك الذينَ يدعوهم اللهُ."

وأناسٌ منهم مُستعدُّونَ قبلوا كلمتَه وآمنوا واعتمدوا. وفي ذلك اليوم نحو ثلاثةَ آلافِ أُضيفوا. وكانوا ثابتين في تعليمِ الرسل، ومُشاركينَ في الصلاةِ وفي كسرِ الإفخارستيّا.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM