كنيسة مقدَّسة

القداسة، قبل أن تكون صفة خلقيَّة، هي انفصال عن العالم. فالكنيسة التي هي في العالم، ينبغي ألاَّ تعيش عيش العالم. عندئذٍ تكون مقدَّسة، مكرَّسة للربّ. لا تستوحي طريقها إلاَّ من يسوع المسيح ومن إنجيله. هو الطريق. فلا تبحث الكنيسة عن طريق أخرى. هناك البحث عن القوَّة والعظمة في السياسة. وهناك البحث على المال والغنى بحيث تعارض الكنيسةُ أوَّل تطويبة في التطويبات: "طوبى للمساكين بالروح" (مت 5: 3).

الكنيسة مقدَّسة بالكلمة التي فيها. الأناجيل الأربعة. الرسائل التي هي أيضًا إنجيل، وسفر الأعمال والرؤيا. كلُّها أناجيل. خبر طيِّب يملأ القلوب بالرجاء والسعادة. هنا تتقدَّس الكنيسة وهنا يتقدَّس أبناؤها.

الكنيسة مقدَّسة لأنَّها عروس المسيح. هي متَّحدة بمن هو القدُّوس، اتِّحاد الرجل والمرأة. تأخذ منه كلَّ قداسة. يشعلها بحبِّه. يوجِّه حياتها. يعطيها نعمة بها تقدِّس الناس، بواسطة حضورها أوَّلاً في العالم، ثمَّ بواسطة الأسرار. تُدخل الإنسان إلى حضنها فتجعله ابن الله. تعطيه جسد الربِّ ودمه لغفران الخطايا والحياة الأبديَّة. ترافقه في مراحل حياته الفرديَّة والجماعيَّة: يخطأ فتكون بقربه لكي ترافقه بواسطة سرِّ التوبة. فلا تكتفي بأن تغفر له خطاياه بالسلطان المعطى لها، بل تحمل إليه قوَّة المسيح فتستطيع أن تقول ما قال يسوع للزانية: "امضِ (أنا غفرت لك) ولا تعودي إلى الخطيئة." هذه الأمُّ ترافق أولادها مرضى النفس والجسد: في فترة الشفاء، في فترة النقاهة. تعلَّمت من الربِّ أن تمضي وراء الخروف الضالّ وتعيده إلى إخوته وأخواته.

وفي الزواج، تقدِّس الزوجين. وتمزجُ حبَّهما بذاك الحبِّ الإلهيّ الذي هو أقوى من الموت. فكلُّ حبٍّ يأتي من الله. والكنيسة التي غمرها يسوع بحبِّه، تعلِّم المتزوِّجين كيف يكون الحبُّ مثمرًا، لا على مستوى الجسد فقط، بل على مستوى الروح أيضًا.

وما يعرِّفنا بقداسة الكنيسة، في شكل ملموس، هو وجود القدِّيسين فيها، الذين يواصلون عمل الربِّ بالكلمة والعجائب والاهتداءات. هكذا صلَّت الكنيسة الأولى بعد خروج بطرس ويوحنّا من السجن: "يا ربُّ، مُدَّ يدك لتأتي بالشفاء والآيات والعجائب باسم فتاك يسوع" (أع 4: 31). فهل توقَّف عمل يسوع عند الرسل أم هو يتواصل إلى نهاية العالم؟


 

إنجيل يوحنّا 17: 17-26

أيُّها الآب، قدِّسْهم في حقِّك لأنَّ كلمتَك حقٌّ هي. كما أرسلتَني إلى العالم، أنا أيضًا أرسلتُهم إلى العالم. ولأجلهم أنا مقدِّسٌ نفسي لكي يكونوا هم أيضًا مقدَّسين في الحقِّ. وما أنا طالبٌ فقط لأجلِ هؤلاء بل أيضًا لأجلِ الذين يؤمنون بي، بكلامهم. لكي يكونوا كلُّهم واحدًا كما أنت، يا أبي، فيَّ وأنا فيك، بحيثُ يكونونَ هم أيضًا فينا واحدًا ليؤمنَ العالمُ أنَّك أنتَ أرسلتَني. والمجدَ الذي وهبتَ لي وهبتُ أنا لهم بحيثُ يكونون واحدًا كما نحنُ واحدٌ. أنا فيهم وأنتَ فيَّ بحيثُ يكونون مُكمَّلينَ واحدًا ويعرف العالمُ أنَّك أنت أرسلتني وأنَّك أحببتَهم كما أحببتني أنا أيضًا.

أيُّها الآب، هؤلاء الذين وهبتَ لي أريدُ أنا أن يكونوا معي أيضًا في المكانِ الذي أنا فيه، فيكونوا ناظرين مجدي الخاصّ، ذاك الذي وهبتَ لي، لأنَّك أحببتني قبلَ أركانِ العالم. يا أبي البارّ، العالمُ ما عرفَك أما أنا فعرفتُك وهم عرفوا أنَّك أنتَ أرسلتَني. وعرَّفتُهم اسمَك ومُعرِّفٌ أنا إيَّاه لكي يكونَ فيهم الحبُّ الذي أحببتَني، وأنا أكونُ فيهم.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM