كنيسة جامعة

هكذا دُعيت الكنيسة منذ البداية: كاثوليكيَّة، أي هي تضمُّ الجميع: اليهود والأمم الوثنيَّة، اليونان والبربر، أي الذين لا يتكلَّمون اليونانيَّة، الأحرار والعبيد، الرجال والنساء. كلُّهم أبناؤها، كما يقول المزمور. كلُّهم وُلدوا فيها وهي التي تستقبلهم بعد أن دُعيَت الأمَّ والمعلِّمة.

ولكن صار لفظ "كاثوليكيّ" محصورًا في قسم من الكنيسة. هم الذين "يتبعون" أسقف رومة وبطريرك الغرب، تجاه بطريرك الشرق الذي تُدعى "كنيسته" الأرثوذكسيَّة. هي مستقيمة الإيمان ولا يمكن أن تلتقي مع "الكنيسة الكاثوليكيَّة". والبروتستانت أو "الذين احتجُّوا على كنيسة رومة" في أمور عمليَّة صارت فيما بعد عقائديَّة، ورفضيَّة. أسَّسوا هم أيضًا "كنيسة" هي "كنيسة الإنجيليِّين". وحدهم يقرأون الإنجيل، صار الإنجيل مُلكهم وحدهم. فلماذا يتطفَّل الآخرون ويجتاحون مجالاً ليس لهم. هم يُرفَضون باسم "الكثلكة" بعد أن تفتَّتوا وصاروا كنائس تتزاحم وتتصارع. ويُرفَضون خصوصًا باسم الأرثوذكسيَّة، لأنَّهم ابتعدوا عن عادات الآباء الأولى.

وهكذا صار في العالم ثلاثة "يسوع المسيح": لوجود ثلاث كنائس. أجزاء جسد المسيح. راحت كلُّ كنيسة في طريقها، وقطعت كلَّ علاقة مع أختيها. تشلَّع جسد المسح. وصارت "الكنيسة" منقسمة. لا جامعة. والذين تودُّ أن تجمعهم، يجتمعون وراء "قائد" يحلُّ محلَّ القائد الأوَّل والحقيقيّ، يسوع المسيح. ولو تعرفون القوَّاد داخل كلِّ جماعة واسعة: نسطور، يعقوب البرادعيّ، سويريوس الأنطاكيّ، تيوفيل الإسكندرانيّ... رؤساء رؤساء، ولكن ليس بينهم من يخدم. كلُّهم يريدون "صدور المجالس في المجامع". كلُّهم يريدون أن يراهم الناس ويسيرون وراءهم. تنظيمات وتنظيمات توصل إلى كلِّ مكان ما عدا إلى المسيح. فأين هي الكنيسة الجامعة؟ وأين هي الحظيرة التي فيها الحياة (يو 10: 10). أين هو الراعي الواحد والرعيَّة الواحدة؟ ولكن في عالم الرعاة الكثر بات الناس لا يعرفون وراء أيِّ راعٍ يمضون.

 


 

إنجيل يوحنّا 10: 11-18

أنا، أنا الراعي الصالح، والراعي الصالحُ واضعٌ نفسَه بدلَ خرافِه. أمّا الأجيرُ الذي لا يعرفُ راعيًا ولا تكونُ الخرافُ خاصَّته، فإذا رأى الذئبَ آتيًا، فهو تاركٌ الخرافَ وهارب. والذئبُ آتٍ، خاطفٌ ومُبدِّدٌ الخراف. فالأجيرُ هاربٌ لأنَّه أجيرٌ هو ولا اهتمامَ له بالخراف. أنا، أنا الراعي الصالح، وأنا عارفٌ خاصَّتي ومعروفٌ أنا من خاصَّتي. كما أبي عارفٌ إيّاي وأنا عارفٌ أبي، ونفسيَ واضعٌ أنا بدلَ الخراف.

ولي أيضًا خرافٌ أخرى التي لا تكونُ من الحظيرةِ هذه، وهذه أيضًا ينبغي أن آتيَ بها فتسمعَ صوتي وتكون الخرافُ كلُّها واحدة، والراعي واحدًا. لأجلِ هذا، أبي هو مُحبٌّ لي لأنّي أنا واضِعٌ نفسي حتّى أيضًا آخذَها. لا أحدَ آخِذُها منّي، بل أنا واضعٌ أنا إيّاها من إرادتي، وأنا مسلَّطٌ أن أضعَها وأنا مسلَّطٌ أيضًا أن آخذَها، لأنْ هذه الوصيَّةُ قبلتُها من أبي.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM