الفصل الثامن عشر: الخلاص عند يوحنا

الفصل الثامن عشر
الخلاص عند يوحنا
الأب شارل بيرو

ما هي السوتيريولوجيا عند يوحنا؟ كيف يتكلّم عن الخلاص؟ إن يو يستعمل مرارًا لفظة "خلّص" (سوزاين، 1: 17؛ 5: 34؛ 10: 9؛ 12: 47). ولكن كيف يتمّ هذا الخلاص؟ لا يستعمل سوى مرّة واحدة لقب "مخلّص" (4: 42؛ رج 1 يو 4: 14). لاشكّ في أن المعمدان يسمّي يسوع منذ البداية كما يلي: "هذا هو حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم" (29:1، 36؛ رج 33:8- 36). ولكن ما هي هذه الخطيئة بحسب يو، هذه الخطيئة التي تفصلنا عن الله وتجعلنا عبيدًا (34:8، 42، 44، 47)؟ هذه الخطيئة التي تسجننا في نفسنا، وتسجن العالم في نفسه وتخضعه لرئيس هذا العالم قبل أن يقهره صليب المسيح (31:12؛ 30:14؛ 11:16)؟
أما نكون قبل كل شيء أمام خطيئة اللاإيمان لدى ذاك الذي يرفض أن يرى ساعة الخلاص، الخلاص بصليب الربّ الممجّد؟ وصليب ذلك الذي "رُفع" (هبسوو، في الأرامية س ب ق بمعنى رفع ومات، 3: 14؛ 8: 28؛ 12: 32، 34) وهكذا "مجِّد" (39:7؛ 12: 16... ما يقارب ثلاثين مرة، رج أش 13:52)، يكشف عن طريق المفارقة محبّة الله. فالله أسلم ابنه لخلاص العالم (3: 16؛ 1 يو 4: 9). وكان الابن أمينًا للرسالة التي تسلّمها من الآب، فأسلم نفسه من أجل "أخصّائه" (13: 1؛ 14: 30- 31؛ 13:15). أعطى حياته طوعًا (10: 15، 17) لتكون للخراف وفرة الحياة (10: 10).
نستطيع أن نبرز هنا عددًا من المواضيع. (1) حول يو 1: 29 والحمل الذي يرفع خطيئة العالم" (رج أش 52: 12 ي). (2) حول عطيّة الحياة على مثال اسحاق. (3) حول مواضيع ساعة الآلام المجيدة، والحياة، والماء... والتي تحمل رنّة سوتيريولوجيّة. (4) حول الأهميّة المعطاة لخبر الباعة المطرودين من الهيكل، ولعبارات عنيفة ضدّ الهيكل. وهكذا يخسر نظام الخلاص (الذي جُمع في الهيكل وفي الذبائح) كل قيمته ويُرذل. فيسوع هو الهيكل الجديد. هو حمل الذبيحة (1: 29: حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم؛ 19: 36: لم يكسر له عظم).
سوف نتوقّف عند النقاط التالية: (1) اسكاتولوجيا تحقّقت. (2) خلاص بالمعرفة. (3) دور الروح البارقليط.

1- اسكاتولجيا تحقّقت
يُطرح السؤال: هل يتطلّع يو إلى مستقبل الخلاص أم يعتبر أن كل قيم الخلاص هي هنا منذ الآن بعد أن تحقّقت تحقّقًا كليًا في المسيح؟ أما يلتهم حاضرُ الخلاص المستقبل التهامًا كاملاً؟ ونبدأ بتذكير قصير حول موضوع الخلاص وألفاظه عند بولس وغيره.
أ- ألفاظ الخلاص
- "سوتيريا"، الخلاص. هو المفهوم البيبلي والهلنستي الذي يتحدّث عن الصحّة والخلاص.
- الاسكاتولوجيا (أقوال تتعلّق بالأزمنة الأخيرة) هي غير العالم الجلياني (أو الرؤيويّ) الذي يدلّ على نمط من الأدب الذي يكشف الواقع الأخير، على أدب وحي. هذا ما نجده في دا، رؤ، 4 عز.
- الاسكاتولوجيا التالية (ما زلنا ننتظرها). والاسكاتولوجيا التي تحقّقت (النهاية هي حاضرة منذ الآن). والاسكاتولوجيا التي هي في طور التحقيق.
ب- الاسكاتولوجيا اليوحناويّة والبولسيّة
أولاً: إلى أيّ حدّ يشير يو إلى خلاص ما زلنا ننتظره، وكيف يتكلّم عن هذا الخلاص؟ هنا يختلف يو كثيرًا عن بولس وعن الازائيّين.
- عند مر ومت، أعلن يسوع الملكوت الآتي. من هنا، كان انتظار كله حمّى للمجيء لدى التلاميذ الأولين.
- عند لو، أعلن يسوع الملكوت، فجاء الروح القدس.
- عند بولس حيث انتظار المجيء القريب (1 تس 13:4-14) قد حلّتْ محلّه وبشكل تدريجيّ فكرةُ تتحدّث عن تأخّر المجيء. ويميّز الرسول بين "تبربر" "الخلاص" (يرد فعل خلّص في المضارع في الرسائل البولسيّة). هذا ما يتضمّن مسيرة حياة مسيحيّة تأخذ بعين الاعتبار ما "هو حاضر الآن" من صليب القائم من الموت، الذي برّرنا الآن، وما "لم يتمّ بعد" من خلاص مقبل، وذلك حسب الرسمة التالية:
برّر... خلّص
مع المسيح... في المسيح... مع المسيح
في الروح.
ثانيًا: الاسكاتولوجيا في التقليد اليوحناوي
أما ألغى (أو كاد يلغي) يو الموضوع الاسكاتولوجيّ؟ فنظرته الروحيّة إلى الخلاص، في ما هو الآن من خلاص تمّ كله، جعلته يلغي بُعد خلاص مقبل وانتظار ورجاء؟ ابتهج بولتمان بهذه النظرة التي جعلت الخلاص "خارج الزمن"، جعلت الرجاء "خارج السطر"، ساعة لا يهمّ "سوى القرار الآني للإيمان. ويسير كزمان في هذا الخطّ ويفسّره بشكل خاص متأثّرًا بغنوصيّة ذلك الوقت، حيث يترك الزمان والمادة.
وبمختصر الكلام، كانت المناقشات عديدة في هذا المجال: بعضها يقول بغياب المنظار الاسكاتولوجي في يو الذي يهتمّ قبل كل شيء بحاضر الخلاص كما قال جاك دوبون. والبعض الآخر (أوسكار كولمان) اتجهوا إلى قراءة يو في إطار "تاريخ خلاص". ولكن بعض العناصر اليوحناوية المتأخّرة (؟) تشير إلى المستقبل. فالتقليد اليوحناوي الذي هو في إطار اسكاتولوجيا تحقّقت أو كادت، قد يكون تأثّر بالاثر الهلنستي.
ولكن عندذاك أما نخطئ حول الفن الأدبي في يو؟ فخبره يبدو أولاً بشكل "شهادة" (تحكم على الماضي انطلاقًا من نقطة أخيرة من التاريخ في المسيح) أكثر منه كانجيل يشير إلى بشرى الخلاص.
هنا نميّز بين الخطبة التعليميّة التداولية والخطبة القضائية: (1) خطبة مدرسية أو خطبة برهان. (2) خطبة تداوليّة تناقش الخيارات الموضوعة وتطلب قرارًا. (3) خطبة قضائيّة تعلن حكمًا. فإن انجيل يوحنا لا يبدو بشكل برهان مدرسي أو إعلان يشير إلى المستقبل، بل خطبة قضائيّة. من هنا الأهمية المعطاة لموضوع "الشهادة". فخبره هو خبر دعوى كبيرة يُدعى فيها الشهود، واللهُ يعلن الحكم. فالانجيليّ كنبيّ المسيح القائم من الموت، الذي يحدّد موضعه الآن في الأزمنة الأخيرة، يعلن باسم الله دينونة الله النهائيّة على العالم والتاريخ. فالنبيّ يمتلك منذ الآن مفاتيح التاريخ النهائيّ وبالتالي الكلمة الأخيرة في دينونة وُضعت باسم الله. وهكذا يبدو مستقبل الخلاص أو المجيء هنا، وكأنه نُسيَ أو ابتُلع في الروح. وهذا ما يفسّر غياب منظار ارسالي في يو. فالنظر لا يتوجّه إلى المستقبل.
ونتذكّر أهمية موضوع الشهادة في إطار دعوى، في الخاتمة: "هذا هو التلميذ الذي يشهد لهذه الأشياء وقد كتبها، ونحن نعلم أن شهادته حقّ هي" (21: 24). هذا الموضوع يظهر أيضًا في الأدب الجلياني. وهكذا نصل إلى محاكمة مزدوجة تتداخل ألفاظها: فالعالم (كوسموس) واليهود الذين يمثلونه، هما في محاكمة ضد يسوع، والله يقيم دعوى على العالم. ومرمى الدعوى ضدّ يسوع نجد تعبيرًا عنه في إعلان اليهود لبيلاطس: يجب على يسوع أن يموت، لأنه يعتبر نفسه ابن الله، في المعنى القوي، وفي إطار "كرستولوجيا عليا". وهكذا نرى الشهود يُعرَضون أمامنا: المعمدان (1: 19-28). الكتب المقدّسة (5: 39). موسى الذي صار متهّمًا لليهود (5: 3-38). ويسوع الذي "يشهد للحقّ" (37:18). تلك هي الحرب الكبيرة بين يسوع وابليس، وهي حرب تنتهي بموت يسوع في المجد، في هذه "الساعة" الاسكاتولوجيّة التي دقّت الآن (7: 30؛ 8: 20) لتشير إلى هزيمة العالم. الآن دينونة العالم. الآن يُلقى رئيس هذا العالم على الأرض" (12: 31). هذا ما حصل منذ الآن. والعالم قد أدين. ويسوع، منذ الآن، غلب العالم (16: 11، 33 ب).
ج- موضوع ابن الانسان في يو
ونضيف بعض اعتبارات حول صورة ملغزة، صورة ابن الانسان، التي بدا تأثيرها الاسكاتولوجيّ واضحًا. في الأحوال العادية، يتحدّد موقع هذه العبارة على شفتي يسوع ليدلّ على نفسه، أو على الديّان الاسكاتولوجيّ المرتبط بنفسه (مر 14: 62؛ لو 9: 26). لسنا أمام لقب كرستولوجيّ في حصر المعنى. ولسنا أمام صفة من الصفات. ولكن في يو، ستصبح هذه التسمية لقبًا كرستولوجيًا يعبّر عن وضع سماويّ واسكاتولوجيّ. رج يو 1: 51: صار يسوع رباط سلم يعقوب الجديد، وبالتالي موضع الوساطة الأسمى؛ 3: 13-14؛ 5: 27 (أقامه الآب الديّان السامي لأنه ابن الانسان)؛ 8: 28 (حين ترون ابن الانسان تعرفون أني هو). فابن الانسان في مجده (12: 23؛ 13: 31) هو وجه اللاهوت.

2- خلاص بالمعرفة
لا ننسى أهميّة موضوع "المعرفة" في العالم اليونانيّ، في اليهوديّة الهلنستيّة، في قمران، عند بولس، وعند يوحنا. ولكن لفظة "معرفة" (غنوسيس) يتبدّل معناها بحسب السياق الذي تقع فيه: هل نحن أمام معرفة من النمط العقلي، على مستوى الفكرة أو المفهوم (كما في العالم اليوناني)، وهي معرفة تُعتبر الوسيلة الفضلى للبلوغ إلى الخلاص؟ أو هل نحن أمام "معرفة" بحسب الطريقة السامية (في العبرية د ع ت) أي أمام تعرّف لما يريد الله منّا (في قمران، في الرسائل البولسيّة)؟
من جهة، تولّد المعرفةُ (العقليّة) الخلاصَ بما أنها معرفة. ومن جهة أخرى، تتسجّل المعرفة (د ع ت) الحقّة أولاً في العمل، في خبرة ناشطة، في التعرّف إلى خلاص يمنحه الله (أو مسيحه). نلاحظ في يو وجود فعل "غيغنوسكاين" و "اويدا" (عرف، علم). فلسنا أمام خلاص يُمنح لنا بالنظر إلى علم أو معرفة جديدة نحصل عليها في إطار تنشئة كما في الديانات السرانيّة التي تقول إنها تمنح الخلاص.
كان العالم الهلنستي، في ذلك الوقت، شغوفًا بمثل هذه المعرفة. كان قد بحث عن خلاص (سوتيريا) فردي، عن "خلاص استهلاك" يتمتّع فيه الانسان حالاً. أما في يو، فالخلاص يتحدّد موقعه منذ الآن في شخص يسوع وحده. فهو وحده يقدّم الغفران ويجمع في ذاته كل قيم الخلاص التي دلّ عليها الهيكل حتى الآن. "أما هو فكان يتكلّم عن هيكل جسده" (2: 19- 21). وهكذا يقوم كل شيء في أن يحدّد الانسانُ موقعَه بالنسبة إلى يسوع، في علاقة وجوديّة وحياتيّة معه. ورباط المعرفة هذا يجد علّته الأخيرة في "المعرفة" نفسها التي تجمع الآب بالابن (10: 15، 38).

3- دور الروح القدس، البارقليط
أ- الروح، شخصه ودوره
أولاً: الروح شخص حيّ
في العالم اليهوديّ القديم، يشكّل الروح واحدًا مع الله. وفي الوقت عينه، يدلّ "روح النبوءة" على كل ديناميّة مخطّط الله في العالم. إنه تجلّي الله في عمل الخلاص. وحين نتكلّم عن الروح إنما نتكلّم عن عمل. وستشدّد مختلفُ التقاليد المسيحيّة بدورها على هذا الدور الجوهريّ. إن مسيرة الخلاص هي منذ الآن "روحيّة"، هي في الروح. تكلّم بولس ويوحنا عنها. وحدّد يوحنا وجه البارقليط، المحامي، والمدافع عنا أمام الله (14: 16؛ في 1 يو 2: 1 تطبّق الكلمة على يسوع).
ولكن علاقة الروح بيسوع والآب تطرح بعض الأسئلة. فتجاه هذين الشخصين (أو الاقنومين، كما سيقول اللاهوت فيما بعد)، يصبحُ الروح بدوره شخصًا حيًا. فلفظة "بنفما" (الروح) التي هي حياديّة في اليونانيّة، صارت اسم شخص مع ضمير المذكّر (14: 26؛ 13:16). فالتعرّف إلى شخصه يسير بنا إلى أبعد من تشخيص أدبي على مثال ما قال فيلون عن الحكمة أو اللوغوس. غير أننا لا نقرأ في يو عبارات من النمط الثالوثيّ كما نجد في رسائل بولس (روم 15: 30-32؛ 1 كور 12؛ 4-6؛ 2 كور 3:3) أو في مت 28: 19. ومع ذلك، يبقى دور الروح جوهريًا رغم كل شيء.
سبق وقلنا إن التقليد اليوحناويّ لا يعيش في انتظار مجيء قريب ليسوع. فمسألة "تأخّر المجيء" (لماذا تأخّر يسوع في العودة) بدت وقد تجاوزها الزمن. فالروح (روح القائم من الموت) هو الذي يجعلنا نحيا منذ الآن. هذا ما يقوله لوقا ولا سيّما في أع. والروح هو الذي يجعلنا نقرأ (ونعيد قراءة) حدث يسوع، ويتيح لنا أن نحيا ملء الحياة منذ الآن.
ثانيًا: الروح وقراءة حدث يسوع
يتيح لنا الروح أن نعيد هذه القراءة في العمق. ويوحّد نظرتنا إلى يسوع، فيضمّ ماضي يسوع ليجعله حاضرًا في حاضر حياتنا "الروحيّة". الروح هو في مبدأ هذه القراءة الجديدة والفهم الجديد. وتوقّف هوغن رولس عند كلمات يوحنا عن الروح في الوظيفة الاستعاديّة والاستقباليّة. بالوظيفة الاستعاديّة يوجّه المؤمن الروح القدس نحو يسوع القبل الفصحي. وبالوظيفة الاستقباليّة، يُفتح المؤمن على وحي الآب والابن. فالروح يدلّ على التواصل والتماهي بين عمل يسوع القبل الفصحيّ وعمله البعد الفصحيّ. وهكذا يُبرز تحقيقَ مشيئة الآب. فإذا كان هناك قطع سبب موت يسوع، فليس من قطع بين قبل الفصح وبعد الفصح. فالانجيل يرمي بأن يجعلنا نكتشف حضور (يسوع في الروح) واستمراريّة وحي الله في عمل الروح. فبالتدخّل النبوي للروح، يرتبط المؤمنون في وقت واحد بكلمة يسوع القبل فصحيّة ووحي الآب والابن. وموضوع المحبّة يترجم قوّة عمل الروح هذا في الذين يؤمنون.
ثالثًا: الروح يحيينا
وننطلق بشكل خاص من خطب الوداع في الانجيل الرابع (ف 13-17) لنحدّد أيضًا بعض الأمور. لماذا هذا التشديد على موضوع الوداع، على هذه الخطبة الوصيّة التي تدلّ على موت المعلّم وتعلن مسبقًا غيابه؟ كيف يستطيع هذا الغائب، وهو يودّع أخصّاءه فيقول لهم إنه ذاهب إلى الموت، أن يكون أيضًا حاضرًا بينهم؟ نحن هنا بلا شكّ أمام سؤال أساسيّ في يو حين يعيد قراءة حدث يسوع قراءة بعدفصحيّة. فكيف يستطيع يسوع دومًا أن يخلّصنا ويحيينا؟ نجد الجواب بدون شك في خطبة الوداع الأولى (13: 31؛ 14: 31) وفي 4:16 ب-33. فزمن غياب المعلّم ليس زمن نقص وقصور. بل هو مصبوغ بحضور الروح، بحضور ملء جديد نعيشه في جوّ المحبّة (أغابي، رج 13: 34-35؛ 15: 1-17). وهذه المحبّة المتبادلة بين الإخوة تدلّ على حضور جديد فتبرز الهويّةَ المسيحيّة.
ب- الروح والآب والمسيح
ونتوقّف عند هذا الدور المحدّد، فنتذكّر كيف يوحّدنا الروح بالآب والابن. فالخلاص هو في جوهره هذا الرباط مع الله في ملئه. وفي خطب الوداع بشكل خاصّ، يشدّد يو على هذه الوحدة وهذا العمل المشترك بين الثلاثة الذين لا يمتزجون. ولاحظ فرارو بشكل خاص أن الأفعال عينها تستعمَل للروح والآب والابن، دون مزج بين الأدوار. فالأفعال التي تدلّ على حضور مثل "نكون مع"، "نقيم"، "نكون في" تُقال في كل من الأقانيم الثلاثة. ونقول الشيء عينه عن أفعال "رأى"، "عرف"، "قبل"، دون أن ننسى موضوع الشهادة وتعليم (ديداخي) يسوع والبارقليط والآب. وفي كل مرّة (مثلاً، موضوع عطيّة الحياة) يشدّد التقليد اليوحناويّ بشكل سام وبألفاظ تدلّ على العمل، على مشاركة جذريّة بين الأشخاص الالهيّة الثلاثة في التمايز بين شخص وشخص. فإن يوحنا (ومثله بولس) لا يتكلّم عن الروح مستعملاً لفظة "الطبيعة أو الجوهر أو الشخص". المهمّ هو الحياة والخلاص. وهذا الخلاص لا يمكن أن نعبّر عنه، كما لا يمكن أن يتحقّق إلاّ بالنظر إلى علاقتنا الحيّة مع ابن الآب في الروح.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM