يوم الأحد (لو 10: 38-42) مرتا ومريم - غفران الله وفرح السماء الأسبوع الرابع عشر بعد العنصرة

سبق وقرأنا مثل الابن الضالّ، الابن الذي شطر ميراث أبيه، في زمن الصيام المبارك. وفي الخطّ عينه نرافق القدّيس لوقا لنشعر بفرح السماء لدى إنسان واحد يعود إلى الربّ. نعمل جهدنا "ونبحث" عمَّا ضاع، ونطلب ما ضلَّ ونحذر من أن نكون سببًا لسقوط واحد من "هؤلاء الصغار".

38وحدث بينما هم سائرونَ في الطريقِ أنَّه دخلَ إلى قريةٍ ما، وامرأةٌ اسمُها مرتا قبِلتْه في بيتِها. 39وكانت لها أختٌ اسمُها مريم. فأتَتْ وجلسَتْ لدَى رِجلَيْ ربِّنا، وسامعةً كانت أقوالَه. 40أمّا مرتا فناشطةً كانَت في خِدمةٍ كثيرة. فأتَتْ وقالَتْ له: “يا ربّ، أما يُهمُّكَ أنَّ أختي تَركتْني وحدِي أخدم؟ قلْ لها أن تساعدَني.” 41فأجابَ يسوعُ وقالَ لها: “مرتا، مرتا، أنتِ مُهتمَّة، أنتِ مُضطربةٌ في أمورٍ كثيرات. 42لكنْ واحدةٌ هي المطلوبة، ومريمُ اختارَتِ النصيبَ الصالحَ الذي لا يُؤخَذُ منها.”

*  *  *

نقاش، جدال في تاريخ الكنيسة وداخل الجماعات. ما الأفضل؟ التفرُّغ للصلاة وسماع كلام الربّ، أم الانطلاق إلى العمل لمساعدة الآخرين؟ قال أحد الفلاسفة: في البدء كان العمل! إذًا، لماذا إضاعة الوقت في الصلاة والذهاب بعيدًا في المخيّلة؟ وما قيمة الناسك؟ ولكنَّ الناس أخذوا يتذمّرون اليوم من كثرة التحرُّك والضجَّة.

الربُّ في بيت مرتا. هي صاحبة البيت وهي تهتمُّ بأمور الضيافة. تروح وتجيء. ما هو الأهمّ؟ الضيافة أم الضيف؟ هو الأوَّل وهو من يجب أن يأخذ كلَّ عنايتنا. ولا شيء يمكن أن يأخذ محلَّه. أوَّلاً، نبدأ ونجلس عند قدميه كما فعلت مريم. نكون تلاميذَه، وانطلاقًا من تلمذتنا له نمضي إلى العمل. لم يرفض يسوع اهتمام مرتا، ولكنَّه ميَّز ما هو حسن وما هو أحسن. ثمَّ إنَّ نقطة انطلاقنا في النهار وفي الحياة تكون من عند يسوع، والنهاية تكون عنده أيضًا، كما قال الرسول: "هو مبدئ إيماننا ومكمّله" وكما قال سفر الرؤيا: هو الألف والياء، البداية والنهاية. فكيف نبدأ من دونه: وماذا يكون لنا هدف سواه؟

*  *  *

مريم امرأة الإيمان والرجاء والمحبَّة

من بين القدّيسين تتألَّق مريم، أمُّ الربِّ ومرآةُ كلِّ قداسة. نجدها في إنجيل لوقا مشغولةً في خدمة المحبَّة لنسيبتها، إذ "أقامت مريم عند إليصابات نحو ثلاثة أشهر" (لو 1: 56)، لكي تساعدها في المرحلة النهائيَّة من حملها. لقد أنشدت بمناسبة هذه الزيارة نشيد "تعظّم الربَّ نفسي" (لو 1: 46). نشيدًا تُظهر كلماتُه برنامج حياتها الكامل. فهي لا تضع نفسها في المركز، بل تتركه لله، الذي تلتقيه في الصلاة وفي خدمة القريب – هكذا فقط يصبحُ العالمُ صالحًا.

عظمة مريم الحقيقيَّة تكمنُ في أنَّها تريدُ تعظيم الله، لا نفسها. هي متواضعة: رغبتها الوحيدة أن تصبحَ أمةَ الربّ (رج لو 1: 38، 48). هي تُدرك بأنَّها ستساهم في خلاص العالم لا بتنفيذ مشاريعها الخاصَّة، بل بوضع ذاتها بالكامل لتحقيق مبادرات الله. مريم امرأة الرجاء: فقط لأنَّها تؤمن بوعود الله وتنتظر خلاص إسرائيل، يمكن للملاك أن يأتيها ويدعوها إلى خدمة هذه الوعود الحاسمة. مريم امرأةُ الإيمان: "فطوبى لمن آمنت" على ما قالت لها إليصابات (رج لو 1: 45).

البابا بنديكتس السادس عشر

 


 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM