الفصل الخامس عشر : نور الإيمان

الفصل الخامس عشر
نور الإيمان
11: 33- 36
أراد لوقا أن ينهي جواب يسوع حول آية يونان بقولين (يردان في مثل أو في صورة) يتعلّقان بالسراج والنور (آ 33- 36). الأول (آ 33) هو تكرار لما في 8: 16. ولكن الإطار السابق المركّز على عظمة ابن الإنسان، قد بدّل معناه تبديلاً تاماً. فكرازة الملكوت وشخص يسوع هما سراج موضوع على منارة (يرتفع عالياً)، لكي ينير بنوره أولئك الذين يدخلون إلى البيت. فلا حاجة إلى آية أخرى من السماء لتبين صدق رسالته (11: 29). ويتوجّه القول الثاني (آ 34- 36) إلى كل واحد منا (في صيغة المخاطب المفرد، أنت) يطلب آية. لقد أعطي النور للإنسان بواسطة العين. فإن كان السامع الذي يتوجّه إليه يسوع "رديئاً" ولا يتقبّل نور الإنجيلي، فيكون كيانه كلّه في الظلمة. فليفحص كل واحد نفسه. وليتحقّق هل النور الذي فيه قد صار ظلاماً؟ من كان متقبّلاً للنور ورفض أي ارتباط بالظلام، يقبل أن تنيره كلمة الله.
هذا الجيل يطلب آية. والمسيحي يتلقّى سؤالاً ملحاً: هل ترك في قلبه جزءاً مظلماً، أم ان جسده كله، بل حياته كلها تسير في النور؟

أ- قراءة اجمالية
ضمّ لوقا هنا أقوالاً أخرى على أقوال تحذيرية ليسوع. هي في حدّ ذاتها لا ترتبط بما سبق، وقد جاءت من قرائن مختلفة. ولكنها جمعت حول فكرة النور وتأثيره.
تعود آ 33- 35 إلى المعين. ونحن نجد ما يوازيها في اجزاء مختلفة من خطبة الجبل في متّى (5: 15؛ 6: 22- 23). فالقول الأول (آ 33= مت 5: 15) هو تكرار لنص لو 8: 16 (= مر 4: 21). ونجد له شكلاً آخر في إنجيل توما 33 ب. جاءت آ 34- 35 قريبتين جداً بألفاظهما من مت 6: 22- 23. أقحم لوقا لفظة "تبصَّرْ"، أنظرْ، فدلّ على نداء (احتفظ به مت 6: 23) داخل تحذير بُني في قول آ 34. وحُفظ شكلٌ من آ 34 في إنجيل توما 24 ج: "هناك نور داخل انسان النور وهو ينير الكون كله. فان كان لا ينير فهو ظلمة". هذا ما يحوّل القول في خطّ آ 33. وهو يكاد يكون أصيلاً في شكله، بعد أن أثّر فيه يو 1: 9؛ 5: 35. إن آ 36 تطرح مشكلة: هل تنتمي إلى المعين أم لا؟ هناك من يجيب بالإيجاب ويقول إن متّى ألغى هذه الآية بسبب طابعها التكراري. ولكن قد تكون زيدت بيد لوقا لكي توضح آ 34 أو 35.
من جهة النقد الأدبي، نستطيع أن نجعل هذه الآيات مع الأقوال الربية، وخصوصاً الأقوال الحكمية. وهناك من يجعل آ 34- 35 في إطار مثل شعري في صيغته.
إن هذه الأقوال التي تشكّل وحدة في مسيرة يسوع إلى أورشليم، تفسّر طبيعة هذا "الأعظم" من سليمان ومن يونان. ففي يسوع قد أعطي النور الذي لا يحتاج إلى علامة (آية من السماء) تشهد على صدقه. فخبر الطفولة قد دلّ على أنه "نور" (2: 32، بفم سمعان). والآن هذا النور صار واضحاً ولم يعد مخفياً. فإن كان لا ينير، فليست لأنه مخفياً أو منطفئاً، بل لأن شعب هذا الجيل صار أعمى العينين، وصارت الظلمة جزءاً منه.
قدّم القول الأول (آ 35) شخص يسوع وتعليمه كالنور الذي يضيء كل إنسان. كان قد تركّز 8: 16 على سماع التلاميذ لهذه الكلمة. أما آ 33، فتركّزت على يسوع نفسه. ومع أن النصّ الموازي في مت 5: 15 يصوّر السراج منيراً لكل الذين في البيت، شابه نصّ لوقا 8: 16 ج فقال إنه ينير الذين يأتون إلى البيت. وهذا يعني أنه يردّ الذين هم في الخارج، يردّ الوثنيين. إن الطابع الحكمي لهذا القول يتضمّن نصيحة إلى التلاميذ الذين يجب عليهم أن يضيئوا على الآخرين.
والقول الثاني (آ 34) هو حكمي أيضاً. إنه يفسّر وضع الذين يسمعون، أولئك الذين يرون النور أو يستطيعون أن يروه. هناك بعض الغموض في هذا القول الذي يتحدّث عن النور والظلمة: فالإنسان الذي يرى حسناً يرى النور ويُعتبر مستنيراً في داخله. والذي يرى رؤية رديئة، لا يرى النور وقد امتلأ ظلمة. للوهلة الأولى، يتعلّق هذا القول بوضع عيون الجسد التي ترى بوضوح أو لا. ولكن في السياق، نقرأ "بونيروس" (رديء) الذي يستعمل للحديث عن الجيل "الشرير" في آ 29. وهكذا يتّخذ القول الحكمي معنى آخر. صارت "الرؤية الحسنة" تكرَّس لكلمة الله التي نكرز بها (النور). ويصل بنا "السوء" إلى وجود "مظلم". فعلى التلميذ أن يحذر (آ 35): ليتأكّد أن النور ينير حياته وأن الظلمة لا تؤثّر فيه. إذا كان الجسد حقاً متقبلاً للنور (وليس فيه جزء مظلم)، فهو يتقبّل الإستنارة من النور الحقيقي الذي يشعّ، من كلمة الله التي كرز بها يسوع.
إن هذه الكلمات حول النور تصوّر يسوع وكلمته، وتشدّد على عيون سليمة من أجل حياة مضاءة. لقد توجّهت في سياق لوقا إلى جيل يسوع الذي يطلب آية. طُلب من اسرائيل أن يكون نوراً للأمم من خلال نشيد عبد الله (أش 49: 6). والآن يشعّ يسوع كنور لم يعد مخفياً عن "جيله". ولكن هل عين هذا الجيل سليمة أم عليلة؟ هل تستطيع أن تقول مع المرتل: "الرب يضيء سراجي. إلهي ينير ظلمتي" (مز 18: 23)؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن نطرحه على ذواتنا: هل ينيرنا النور الذي يعطيه الله، النور الذي لا ظلمة فيه؟

ب- قراءة تفصيلية
1- ما من أحد يوقد سراجاً (آ 33)
قدّم يسوع نفسه على أنه آية (آ 29- 32). فكم نحتاج إلى النور لكي نرى هذه الآية ونؤمن؟ "في مكان خفي". هذا ما نجده في بردية 45 ومخطوطات أخرى. أما أفضل المخطوطات فقالت: "كربتان" فجوة، قبو، تأثراً بنصّ مت 5: 15؛ مر 4: 21 القبو خاص بفلسطين ولن يستطيع أن يفهمه اليوناني الذي يكتب إليه لوقا. لهذا قد يكون استعمل لفظة عامة: مكان خفي.
"تحت المكيال". هذه العبارة غير موجودة في بردية 45، 75، ولكننا نجدها في السينائي والفاتيكاني والافرامي والبازي. لهذا جعلتها نشرات النصّ اليوناني بين قوسين.
"يبصر الداخلون النور". أما مت 5: 15 فقرأ: "ليضيء على كل الذين في البيت". قد يكون هذا هو القول الأصيل الذي حوّله لوقا ليجعل نهاية هذه الآية تتوافق مع الزيادة التي اضافها على مرقس في 8: 11 ج (يبصر الداخلون نوره).

2- سراج الجسد العين (آ 34- 36)
"العين هي سراج الجسد". يعني: حيث يستنير الإنسان، فالعين هي العضو الذي يدرك النور. إن وظيفة السراج قد تبدّلت هنا. والجسد يعني هنا الشخص البشري كله (رج روم 12: 1؛ فل 1: 20؛ أف 5: 28).
"عينك سليمة". ليست عينين أو ثلاثاً. هي بسيطة. وعلى المستوى الأدبي: صادقة وصريحة، بل سخيّة. أم 4: 18- 19؛ مي 7: 8. ونحن هل نقبل شخص يسوع وتعاليمه أم لا؟
"عليلة". أي: مريضة، في حالة سيّئة. نجد في مت 20: 15؛ مر 7: 2 "العين الشريرة". غير أن المعنى لا يوافق النصّ هنا. لكن النصّ يشير إلى الشر الأدبي، لأنه يرتبط بعبارة آ 29: "جيل شرير".
"النور الذي فيك". النور الذي يدخل فيك. سبق للوقا وقال: أنظر، تبصّر. وهكذا شدّد على التنبيه الذي يقدّمه.
هناك خلاف حول ترجمة آ 36: أولأ: يعتبر تايلور أن العبارة ترجمة للأرامية: "ناهير نهوه كولا" فتقول: أما إذا كان جسدك كله مضاء، وليس فيه جزء مظلم، حينئذ يكون كله مضاء. مثل السراج الذي يضيء في الظلمة". هذه الترجمة ليست بمستحيلة. ثانياً: تعني الآية بكل بساطة: إذا كان القلب متقّبلاً حقاً للنور، سينال النور من النور الحقيقي حين يشرق، أي من المسيح.

ج- قراءة لاهوتية
1- السراج على المنارة
إن مثل السراج الذي لا يوضع تحت مكيال، بل على منارة يرد أربع مرّات في الاناجيل (مت 5: 15؛ مر 4: 21؛ لو 8: 16؛ 11: 33). وحين نتمعّن في النصّ نجد أنه يعود إلى تقليدين مختلفين. واحد يعود إلى نسخة مرقس والثاني إلى نسخة متّى. وإذ يورد لوقا الآية مرّتين فهو يدلّ على أنه عرف التقليدين، فجاء تدوينه نقطة أخيرة في التقليد الإنجيلي حول هذا المثل.
إن مثل السراج (11: 33) يدخل في مجموعة هي خطبة يسوع ضدّ خصومه. نجد أولاً جواب يسوع إلى أناس اتهموه أنه يطرد الشياطين بيعل زبول (آ 14- 20). وتبع هذا الجواب عدة ملحقات ترتبط بعضها ببعض ارتباطاً غامضاً (آ 21- 28). ثم نجد جواب يسوع إلى الذين يطلبون آية: لن يعطى لهذا الجيل آية إلاّ آية يونان (آ 29- 30 لا نفصلهما عن آ 31- 32). وزيدت بعض أقوال أخرى تبدأ بالقول حول السراج (آ 33- 36). وفي النهاية يرد جواب يسوع إلى فريسي تعجّب حين رآه يأكل دون أن يقوم بالإغتسال الطقسي.
إذن الإطار العام هو إطار هجوم. ويوجّه يسوع هذا المثل لا إلى تلاميذه، بل إلى سامعين لم يكونوا مستعدّين كل الإستعداد.
يتبع المثل حالاً (وبدون انتقالة) جواب يسوع إلى الذين يطلبون آية... ويقابل معاصري سليمان ويونان مع معاصريه الذين يطلبون آية: أما يكفي تعليمه الذي هو أعظم من تعليم يونان؟
ويقول يسوع: "لا يوقد أحد سراجاً...". نحن لا نوقد سراجاً لكي نخفيه. بل نجعله على منارة. والذين يدخلون لا يستطعيون إلاّ أن يروا نوره. هذه الصورة تفهمنا عن طريق القياس، لماذا رفض يسوع أن يعطي آية. فرسالته الإلهية واضحة في ذاتها. وهي لا تحتاج إلى برهان. وكما أن السراج الموضوع على المنارة يضيء على الذين يدخلون إلى البيت، هكذا يكون مرسل الله حين يُعلن تعليمه. فحقيقة رسالته تفرض ذاتها بذاتها. وهي لا تحتاج إلى آية لكي تثبتها. إذا كان أهل نينوى قد عرفوا يونان حين سمعوا كلمته، فماذا يكون موقف معاصري يسوع؟ إذن نفهم مثل السراج في هذا السياق كصورة واضحة عن رسالة يسوع الإلهية. فالذين لهم عيون ترى، لا يقدرون إلا أن يروه، أن يتعرّفوا إليه.
غير أن محاوري يسوع يطلبون آية، وهكذا يضعون شرطاً لكي يتعرّفوا إلى رسالته. لماذا لا يفرض اليقين نفسه عليهم؟ هل يمكن أن لا نبصر سراجاً مضيئاً وقد وُضع على منارة في صحن الدار؟ هنا جاءت آ 34- 36 لتجعلنا نفهم هذا الوضع. إنها تقدّم تطبيقاً آخر لموضوع السراج. "سراج جسدك عينك. إذا كانت عينك سليمة، كان جسدك كله في النور. وإذا كانت شريرة، كان جسدك كله في الظلمة" (آ 34). إذا كانت العين عليلة (مريضة)، فمهما شعّ النور في الخارج، فالإنسان يبقى في الظلمة. ويأتي التطبيق في آ 35: فانظر! أما يكون النور الذي فيك ظلاماً (آ 35)؟ إن محاوري يسوع يخطئون حين يظنون أن العلامة (الآية) الخارجية تتيح لهم أن يتعرّفوا إلى يسوع. فما يحتاجون إليه هو إصلاح داخلي. فالنور يشعّ أمامهم. فإن كانوا لا يشعرون به، فلأن عين قلبهم مريضة.

2- العين سراج الجسد
ان القول عن "العين سراج الجسد" (11: 34- 35؛ مت 6: 22- 23) هو من أصعب النصوص الإزائية. فهو يرد في سياقين مختلفين عند متّى ولوقا، ويبقى معناه غامضاً بالنسبة إلينا. هل نحن أمام عين الجسد أم نحن أمام رمز؟ وفي هذه الحالة الأخيرة، ما معنى عين "بسيطة"؟ هل تدلّ على السخاء الذي يعطي بلا حساب؟ أو الطيبة التي لا تعرف الحسد؟ أو نور الوجدان الداخلي؟ مثل هذه المسائل ليست بمسائل لأنها تهمل الخلفية التاريخية لهذا القول.
هناك أولاً تواز تعارضي: عينك بسيطة... عينك شريرة. ونعود ثانياً إلى العهد القديم. فالانطروبولوجيا البيبلية تأخذ الإنسان كله، ولا تعارض بين النفس والجسد كما فعل اليونانيون. فهي تدعونا إلى أن نرى في "العين" كما في "القلب" لا استعارة ومجازاً، بل تعبيراً عن الإنسان كله في وضعه السيكولوجي والاخلاقي والديني. فالصفة "سليمة" (تميم في العبرية، رج تمّ في العربية: من لم يكن فيه عيب) تدلّ على عطاء القلب الكامل أمام الله وعهده. فكما أن الضحية التي تقدّم إليه تكون "سليمة" "كاملة" (لا عيب فيها)، كذلك يكون الإنسان: يتقرّب إلى الله بدون تحفّظ ولا مساومة.
إن القول (العين سراج الجسد) ليس فقط قولاً مأثوراً من أقوال الحكمة ولا قاعدة سيكولولجية. فيسوع يتكلّم هنا من زاوية دينية، بل اسكاتولوجية من أجل الوضع المتأزّم الذي خلقه مجيئه. فالسياق الذي أعطاه متّى لهذا القول (الكنز الحقيقي في السماء، لا تعبدوا الله والمال) جعل البعض يحسبون أننا أمام العين السخية أو الحاسدة. في الواقع، نحن أمام خيار حاسم يفرض نفسه علينا: إما كنز سماوي وإما كنز أرضي. إما الله وإما المال. إما عين القلب البسيطة التي تعطي ذاتها كليا وإما عين القلب الشريرة التي تنقسم فتنغلق على النور. أكّد لو 11: 34- 35 هذا التفسير وكمّله مبيّناً بشكل أفضل أي "نور" يعني. هو نور التعليم الذي يحمله يسوع (رج 8: 16 الذي يكرر 11: 33 واطاره حوله التعليم بالأمثال) والذي يستطيع كل إنسان أن يتقبّله أو يرفضه، لا حسب امكانياته العقلية، بل حسب استعداداته الدينية. فالنور الموضوع على المنارة (11: 33) هو يسوع. والإنسان الذي عينه بسيطة، يفهم نداءه، وينفتح على هذا النداء بقلب سخي فيجد النور. أما الإنسان الذي عينه شريرة، فيحسب ألف حساب وينغلق على النور (آ 34- 35). هذه هي حالة الفريسيين الذين اعتبروا بفتاويهم أنهم يستطيعون أن يضعوا حدوداً لحقوق الله، وأن يحتفظوا بشيء من ذاتهم لذاتهم.
هي إشارة اسكاتولوجية تميّز مطلق متطلّبات يسوع، كما تدلّ عليها أقوال أخرى حول الباب الضيق والباب الواسع، حول الشجرة الصالحة والشجرة الرديئة، حول الذين معي والذين ضدي، حول يسوع الذي نقبله أو نرفضه لأنه يشكّكنا... أمامه لا بدّ أن نختار، ولا بدّ من الخيار الذي يقسم القلوب: من جهة، الصغار والبسطاء، والمتواضعون، والخطأة: انفتحوا فوجدوا الخلاص. ومن جهة أخرى، العظماء، والعلماء، والمكتفون بأنفسهم، والذين يعتبرون نفوسهم صديقين: انغلقوا فهلكوا. وفي أساس هذه القسمة، هناك الاختيار الإلهي ورضاه السري (10: 21؛ مت 11: 26) أي هذه المعطية في اللاهوت البيبلي الذي يحدّد الحاصلين على الخلاص دون أن يلغي مسؤولية الإنسان.

خاتمة
عبّرت آ 33- 36 عن تحوّل يتم في السامعين للكلمة. إستعاد لوقا قولاً جعله في نهاية الخطبة الرسولية. وزاد عليه قولاً ثانياً: قد يصبح الإنسان منغلقاً على النور، فلا يعود يتميّز الآية المعطاة له. والنور الذي يتحدّث عنه النصّ هو كلمة يسوع. فالجسد المضيء أو المظلم (الشفّاف والمنفتح على النور أو المنغلق) يدلّ على الموضع الذي فيه يعاش هذا النور، يدلّ على حياة التلميذ في أعماله اليومية. فالذي يسمع الكلمة ويحفظها (أو: يعمل بها) تستضيء حياته كلها ويصبح شاهداً للكلمة

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM