المرأة تجاه الرجل في المسيحيَّة

 

الأحد الرابع عشر من زمن العنصرة (1 تس 2: 1-13؛ لو 10: 38-42)

 

38وحدث بينما هم سائرونَ في الطريقِ أنَّه دخلَ إلى قريةٍ ما، وامرأةٌ اسمُها مرتا قبِلتْه في بيتِها. 39وكانت لها أختٌ اسمُها مريم. فأتَتْ وجلسَتْ لدَى رِجلَيْ ربِّنا، وسامعةً كانت أقوالَه. 40أمّا مرتا فناشطةً كانَت في خِدمةٍ كثيرة. فأتَتْ وقالَتْ له: “يا ربّ، أما يُهمُّكَ أنَّ أختي تَركتْني وحدِي أخدم؟ قلْ لها أن تساعدَني.” 41فأجابَ يسوعُ وقالَ لها: “مرتا، مرتا، أنتِ مُهتمَّة، أنتِ مُضطربةٌ في أمورٍ كثيرات. 42لكنْ واحدةٌ هي المطلوبة، ومريمُ اختارَتِ النصيبَ الصالحَ الذي لا يُؤخَذُ منها.”

*  *  *

"وفيما هم سائرون". هي الطريق إلى أورشليم التي بدأها يسوع في 9: 51 ("ثبَّت وجهه لينطلق إلى أورشليم"). طريقه واضحة وهي تنتهي بالآلام والموت والقيامة. من يسير مع يسوع؟ تلاميذه.

"قبلته امرأة". ومتى المرأة تستقبل؟ أما ينبغي أن تكون في الداخل بحيث لا يراها أحد. هي مخبَّأة. تعمل في الداخل. وإن خرجت تغطِّي وجهها، بل كلَّ جسمها. هكذا سارة امرأة إبراهيم. في الخباء، تسمع ولا يحقُّ لها أن تنظر إلى الرجل. ورفقة اقتيدت إلى إسحق... أمّا في إنجيل لوقا، فهي امرأة تستقبل يسوع. ما هذا المعلِّم يتعاطى مع المرأة؟ نتذكَّر أنَّ مرتا اسم يعني السيِّدة. هي ليست عبدة عندي وخادمة أولادي.

"في بيتها". ومتى امتلكت امرأة بيتًا؟ انقلبت الأمور. في العالم اليهوديّ، إذا نذرت امرأةٌ نذرًا ولم يوافق والدها أو زوجها، فهي معفاة من النذر. في المسيحيَّة، الرجل والمرأة متساويان، والسيِّد والعبد، واليهوديّ واليونانيّ. ومنذ بداية التوراة، الرجل والمرأة هما على صورة الله. خلقهما الله ذكرًا وأنثى على صورة الله.

"وكانت لهذه أخت". امرأتان تستقبلان يسوع. أما من رجال في البيت؟ سوف نعرف أنَّ لعازر هو أخوهما. ربَّة البيت هي المرأة، ودورها مميَّز في استقبال الناس. واسم مريم يعني السيِّدة (اسم مصريّ). نلاحظ التقارب مع مثل الابن الضالّ: هناك شابّان وكلُّ واحد في طريقه. وهنا امرأتان.

"جلست عند قدمَي المعلِّم". هي طريقة رمزيَّة للقول أنَّها تسمع وأنَّها تلميذة. هكذا كان بولس عند قدمَي جملائيل. عملها رائع. دعاه الإنجيل: النصيب الأفضل. ويَمنع أيَّ إنسان أن ينتزع منها هذا الحقّ. المرأة تعمل، تركض إلى الحقل، تهتمُّ بالأولاد. لا وقت لها بأن تجلس. هي صورة عن الراهبة وخصوصًا الراهبة المصلِّية في الدير والمستحبسة. تستمع إلى الربِّ يسوع. وهنا كان ينبغي على مرتا أن تبدأ نهارها. أوَّلاً، تسمع يسوع ثمَّ تمضي إلى العمل. هكذا ترتفع المرأة في نظر يسوع. هي ليست آلة تعمل، ومهما عملت لا يُعرَف فضلها. الرجل هو كلُّ شيء. ونتطلَّع: حيث البيت ناجح هناك امرأة "ملكة". وحيث البيت فاشل، هناك امرأة "خادمة"، إنسان من الدرجة الثانية. لا يحقُّ لها أن تتكلَّم. وأكبر مثال على ذلك محيطنا الذي تأخَّر مئات السنين عمّا يحيط به في الشرق وفي الغرب.

"مرتا مرتبكة في خدمة كثيرة". قولوا ما هي هذه الخدمة الكثيرة وعندها ضيف واحد؟ بما أنَّها لا "تفكِّر"، فينبغي أن تملأ وقتها لئلاّ تحسَّ بالكسل ويقال لها ذلك. هل تقرأ بعض الشيء؟ هل تجلس قبالة زوجها؟ الحمد لله! هناك بعض التقدُّم ولكنَّه بسيط. إلى أيِّ حدٍّ يمكن القول إنِّ المرأة عندنا مسؤولة: في البيت وخارج البيت...

وماذا تريد مرتا؟ أن تجعل أختها على مستواها. "تهتمّ، وتضطرب". هنا نترك المعنى المادّيّ، ونرتفع إلى مستوى الإنجيل. يسوع ضيفنا. خصوصًا في الصباح قبل الانتقال إلى العمل. يحمل إلينا السلام والبركة، ونحن نرتبك بالأشغال. وإذا أُخذنا على غفلة في الصباح، هل نعرف أن نصمت في المساء ونستمع إلى الضيف الإلهيّ؟ المرأة، الزوجة. ومعًا أفضل. ومع الأولاد هي الذروة.

الحاجة إلى أمر واحد. يسوع في البيت وأنت كأنَّك خارج البيت مع أنَّ البيت "بيتك".

"خدمة كثيرة". "أخدم". هناك خدمة وخدمة. ماذا نختار؟ وما قيمة خدمة لا تنطلق من الله لتشابه يسوع الذي ما جاء ليُخدم، بل ليَخدم ويبذل حياته من أجل كثيرين.

 

اليوم والكلام كثير عن عنف المرأة في محيطنا، هل يستعدُّ الرجل لكي ينزل من غطرسته وذكوريَّته ويكون في خطِّ الإنجيل حيث من يقول "راقا" لامرأته يستحقُّ الدينونة ونار جهنَّم. والمرأة، هل ترتفع إلى المستوى العقليّ والروحيّ لتكون على قدر الرسالة التي أوكلها الله بها؟ هي ترتفع، يحترمها الجميع. هي تصبح مجرَّد "خادمة" فتبقى هناك ولا يحقُّ لها أن تكون سيِّدة، أن تكون مريم. ولماذا لا تنظر إلى مريم العذراء؟

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM