إيماني إيمان بطرس

عيد مار بطرس وبولس (1 كو 11: 21-30؛ مت 16: 13-20)

 

13ولمّا أتى يسوعُ إلى مكانِ قيصريَّة فيلبُّس، سائلاً كان تلاميذَهُ وقائلاً: “ما الناسُ قائلونَ عنّي أنا ابنُ الإنسان؟” 14أمّا هم فقالوا: “هناك قائلون: "يوحنّا المعمدان." وآخرون: "إيليّا." وآخرون: "إرميا أو واحدٌ من الأنبياء."” 15فقالَ لهم: “وأنتم، ما قائلونَ أنتم إنّي أنا؟” 16فأجابَ سمعانُ وقال: “أنتَ هو المسيحُ ابنُ الله الحيّ.” 17فأجابَ يسوعُ وقالَ له: “طوباكَ، يا سمعانُ بنَ يونا، لأنَّ اللحمَ والدمَ ما كشفَ لك ذلك، بل أبي الذي في السماء. 18وأنا قائلٌ لك: أنتَ هو الصخر. وعلى هذا الصخر أبني بيعتي وأبوابُ الشيولِ لا تغلبُها. 19لك أعطي مفاتيحَ ملكوتِ السماء، وكلَّ ما تربطُ في الأرض يكونُ مربوطًا في السماء، وما تحلُّه في الأرضِ يكونُ مَحلولاً في السماء.” 20حينئذٍ أمرَ تلاميذَه ألاّ يقولوا لإنسانٍ إنَّه هو المسيح.

*  *  *

والتفت إليهم يسوع يسألهم: "وأنتم من تقولون أنّي أنا؟" تفاجأ التلاميذ من سؤاله ولم يستطيعوا أن يجيبوه كلمة واحدة. وإذا ببطرس يصرخ قائلاً: "أنت هو المسيح ابن الله الحيّ".

1.    إيمان بطرس:

أعلن بطرس معترفًا أنّ يسوع هو المسيح وابن الله. هذه الحقيقة تظهر جليًّا أنّ يسوع ليس مثل باقي البشر، فهو ليس إنسانًا عاديًّا بل إنسان كامل: هو المسيح المرسل من الله والآتي إلى العالم لخلاص البشر. وهو إله كاملٌ أيضًا: هو ابن الله الأزليّ المتجسّد من مريم العذراء. لو قصد بطرس بيسوع شخصًا عاديًّا لما نال التهنئة من الربّ: طوبى لك يا سمعان بن يونا لأنّه لا لحم ولا دم أظهرا لك ذلك بل أبي الذي في السماوات". تدخّل الله لإظهار الحقيقة لأنّ يسوع هو ابن الله بالطبيعة، وهذه الحقيقة لا تدرك إلاّ بنعمة خاصّة من الله، بتدخّل منه وعلى ضوء الإيمان. لم ينل يسوع هذه البنوّة لأنّه "معلّم" أو لأنّه "نبيّ" أو مبشّر بملكوت الله، بل لأنّه إله بطبيعته. أمّا رسالته فهي أن يعرّفنا إلى أبيه السماويّ ويقودنا إذا آمنّا بموته وقيامته إلى الحياة الأبديّة.

نال بطرس من يسوع هذه التهنئة أوّلاً، ومن ثمّ سلّمه رعاية الكنيسة ومفاتيح ملكوت الله مع الحلّ والربط. وعاد المسيح وأعطى هذا السلطان جميع التلاميذ (متّى 18:18).

2.     إيمان الكنيسة:

عاشت الكنيسة منذ مطلع عهدها هذا الإيمان بالمسيح ابن الله وتناقلته عبر الأجيال والعصور. هذه الحقيقة الإيمانيّة ما فتئت الكنيسة تردّدها و"ملعون كلّ من لا يثابر على العمل بكلّ ما جاء الشريعة" (غل 10:3). حاول كثير من اللاهوتيّين أن ينقضوا هذه الحقيقة فاعتبروا هراطقة وحرمتهم الكنيسة ورفضت تعاليمهم ونقضتها.

على توالي العصور، راحت الكنيسة تثبّت هذه الحقيقة من خلال مجامع مسكونيّة تشهد بشكل قاطع ألوهيّة يسوع (مجمع نيقية 425) وإنسانيّته (مجمع خلقيدونية 451)، ودوره المسيحانيّ في خلاص البشر. كما استفاض آباء الكنيسة ولاهوتيّوها والباباوات في شرح حقيقة الابن الأزليّ المتجسّد.

3.     إيماني أنا:

"إيماني إيمان بطرس وإيمان بطرس إيماني". هذا ما يعلنه كلّ مؤمن بالمسيح. وكلّ من يدحض هذه الحقيقة هو خارج عن الكنيسة بل يسعى إلى هدمها ونقضها. نتذكّر بولس الّذي كان مضطهدًا الكنيسة ومن ثمّ أصبح مبشّرًا بالمسيح في المسكونة كلّها. جماعات كثيرة تطرق أبوابنا اليوم آتية بتعاليم جديدة مناقضة لهذه الحقيقة فلنحذر السقوط ولنتجنّب السبيل إليه معلنين إيماننا بالمسيح وبالكنيسة وبتعاليمهما فلا ندخل في حوار عقيم لا يجدي بل يضعضع الأفكار وقد يؤدّي إلى فقد الإيمان أحيانًا.

ويبقى السؤال الذي طرحه يسوع على التلاميذ موجّهًا لي أنا كلّ يوم: "وأنت من تقول إنّي أنا؟" هل أتفاجأ في السؤال؟ أم أتلعثم في الإجابة؟ هل أتهرّب من الجواب؟ أم "إذا سمعت صوته فإنّي أقصّي قلبي". فليكن جوابي صريحًا وثابتًا فأقول مع بطرس: "أنت هو المسيح ابن الله الحيّ".

أيّها الربّ يسوع، نحن نؤمن بك مسيحًا مخلّصًا وابنًا لله وحيدًا. ثبّت إيماننا هذا على مثال بطرس ولا تجعلنا نحيد عنه مهما عصفت الرياح وسعى العدوّ في زعزعتنا، واجعلنا نتغلّب على كلّ من يحاول إبعادنا عن إيماننا على مثال بولس. لك المجد والسجود إلى الأبد. آمين


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM