إذا مضيت أرسلتُ إليكم الروح المعزِّي

الأسبوع الرابع بعد العنصرة (1 كو 2: 12-16؛ يو 16: 7-11)

 

7لكن أنا قائلٌ لكم الحقَّ أنا: أصلحُ لكم أن أذهب أنا، فإذا أنا غيرُ ذاهبٍ أنا، البارقليطُ غيرُ آتٍ إليكم. لكن إذا أذهبُ أرسلُهُ إليكم. 8ومتى أتى فهو يوبِّخُ العالمَ على الخطيئة وعلى البرِّ وعلى الدينونةِ. 9على الخطيئة، لأنَّهم غيرُ مؤمنينَ بي. 10وأمّا على البرِّ، لأنّي إلى أبي ذاهبٌ أنا وأنتم غيرُ رائينَ أيضًا. 11وأمّا على الدينونة، فلأنَّ رئيسَ هذا العالمِ مُدانٌ هو.

*  *  *

وعدنا يسوع، قبل ذهابه إلى أبيه السماويّ، أن يرسل لنا الروح القدس المعزّي، وشدّد على ضرورة ذهابه لأنّ الروح القدس هو الذي يتابع تدبير الله الخلاصيّ بعد صعود الابن إلى السماء وإرساله إيّاه.

أمّا عمل الروح فهو أن ينبّه العالم إلى ضرورة التوبة والعودة إلى الله، وأن يشجّع المؤمنين ويثبّتهم على إيمانهم بالمسيح. كما أنّ له دورًا آخر هو دور المؤنّب والموبّخ لأولئك الذين يرفضون المسيح والإيمان به ويفضّلون العالم وتفاهته ويتمسّكون بأذيال الخطيئة غير مكترثين بعمل ابن الله الفدائيّ على الصليب لأجلهم.

والعالم في إنجيل يوحنّا هم الذين أتى يسوع أيضًا لأجل خلاصهم ولم يقبلوه بل فضّلوا "الظلمة على النور" والخطيئة على البرّ. هم خاصّة يسوع ولم تقبله. هم أولئك الذين لم يقبلوا به مسيحًا مخلّصًا، لأنّهم وجدوه فقيرًا حقيرًا، ينقض الشريعة، ويقضي على عادات باطلة، ويحكم على الرؤساء بجراءة ويتكلّم أخيرًا كمن له سلطان. والروح القدس أتى يتابع عمل الربّ ويذكّر بكلّ ما قاله المسيح ويبكّت العالم الضائع.

1.    يبكّت العالم على الخطيئة:

رفض آدم كلام الله الذّي أراد قداسته، وفضّل أن يسمع لصوت ملذّاته فسقط في الخطيئة المميتة وقاد الشعوب إلى السقوط معه. ورفض العالم المسيح والإيمان به وظلّ يعيش حياته بملذّاتها غير مكترث بتعاليم المسيح وبما أتى من ثواب لخائفيه ولعاملي مشيئته، ومن عقاب لجاحدي إحساناته وعطاياه. "فالذين عملوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين عملوا السيّئات إلى قيامة الدينونة". أرسل المسيح الروح ليتابع عمليّة الخلاص، وليبكّت العالم على تمسّكه الأعمى في الخطيئة.

2.    يبكّت العالم على العدل:

دعا يسوع الناس إلى أن "امشوا في النور ما دام لكم النور لئلاّ يدرككم الظلام"، وتابع قائلاً "أنا نور العالم، من يتبعني لا يمشي في الظلام" فهو ماضٍ إلى أبيه ولن يراه أحد بعدُ. أمّا العالم فقد ابتعد عن النور ليسير في الظلام، ابتعد عن البرّ والعدل والصلاح، ليبقى عبد أنانيّته وأهوائه وميوله، ويظلّ حرًّا من قيود الحريّة، وعبدًا لضعفه ونزواته الحقيرة. وعمل الروح يكون في إظهار العدل والبرّ والقداسة فمن سار فيها نال الخلاص، ومن ولّى بعيدًا نال العقاب والتبكيت، نال جزاء العبد البطّال.

 

3.     يبكّت العالم على الحكم:

أعلن يسوع قائلاً: "إنّ إركون هذا العالم قد حكم عليه" (يو 10:16). فمن سار في درب سيّد هذا العالم أي الشيطان، فنصيبه الهلاك مع ابن الهلاك، وسيحكم عليه كما حكم على الشرّير الماكر. لو كان العالم يعرف أنّ الشيطان قد قضي عليه لما تجاسر أن يبقى في الظلمة حيث السعادة الآنيّة التي تعقبها المرارة. والروح يأتي ليسند ضعف البشر ويحذّرهم من طريق الضلال، ويبكّت العالم على الحكم لأنّهم ساروا في درب الشرّ ولم يحيدوا عنه بالرغم من الخلاص الذي تمّ بيسوع المسيح.

أيّها الروح القدس، اجعلني أنفتح لإلهاماتك القدّوسة فلا أقفل باب قلبي في وجه تعاليم الربّ وكلامه لئلاّ يكون مصيري كمصير العالم الذي رفض المسيح وتعاليمه ورفض الإيمان به، فنال التبكيت على الخطيئة والعدل والحكم. آمين

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM