الحياة بحسب الروح

فصل من رسالة القدِّيس بولس إلى أهل رومة (8: 12-18)

والآن يا إخوتي، نحنُ مَدينون لا للبشريِّ بحيثُ نسلكُ في البشريِّ. فإذا أنتم عائشونَ في البشريّ، فأنتم عتيدون أن تموتوا. وإذا أنتم بالروحِ مميتونَ انحرافاتِ الجسد، فعائشون أنتم. لأنَّ أولئك المتدبِّرين بروحِ الله، هؤلاء هم أبناءُ الله. فأنتم ما أخذتُم روحَ العبوديَّةِ أيضًا للمخافة، بل أخذتُم روحَ ذخيرةِ البنينَ الذي به نحن داعون: أبّا، يا أبانا. والروحُ ذاتُه شاهدٌ لروحِنا أنَّنا أبناءُ الله. وإذا أبناء، فورثةٌ أيضًا، ورثةُ اللهِ وأبناءُ ميراثِ يسوعَ المسيح. فحينَ نتألَّمُ معه، نمجَّدُ معه أيضًا. فأنا مُفكِّرٌ أنَّ آلامَ هذا الزمان لامساويةٌ للمجدِ العتيدِ أن يتجلّى فينا.

 


 

الحياة أمامنا حياتان. واحدة بحسب "الجسد" أو بالأحرى بحسب اللحم والدم والضعف البشريّ والميل إلى الخطيئة. وثانية بحسب "الروح". هي حرب في داخلنا يقول عنها الرسول: الخير الذي أريده لا أفعله، والشرّ الذي لا أريده إيّاه أفعل. ومع ذلك، نبقى أحرارًا. نبقى قادرين أن نستند إلى قدرة الله التي تفعل فينا كلَّ حين إذا شئنا، التي تخلقنا كلَّ يوم بحيث يصير الواحد منّا إنسانًا جديدًا، ولكن يبقى الخيار لنا.

هل نختار الموت؟ إذًا نحيا بحسب اللحم والدم. هذا يعني أن نزواتنا تقودنا. أنَّ الخطيئة الكامنة فينا تستعبدنا، أنَّ تجربة الشرّير تخدعنا فنسقط فيها كما سقط أبوانا الأوَّلان. وما يدلُّ على مسيرتنا هو الأعمال: الزنى، الدعارة، الجور، العداوة، الشقاق، الغضب، الخصام، التحزُّب. إن كنّا نقوم بمثل هذه الأعمال، فهذا يعني أنَّنا ذاهبون إلى الموت، لا موت الجسد فقط، بل موت النفس، والهلاك في جهنَّم.

ولكن هنيئًا لنا حين نختار الحياة. نحيا بحسب الروح. نترك الروح يقودنا. ذاك الذي كوَّن الخليقة من العدم، يكوِّن فينا الحياة، وخصوصًا الحياة الروحيَّة. لم نعُد فقط أبناء الأرض، بل أبناء السماء، أبناء الله. هكذا نستطيع أن نقول كما يقول الطفل لوالده: أبّا، أبّا. وحين نعرف أنَّنا أبناء الله لا نعمل سوى ما يعمله أبناء الله، في الفرح والسلام واللطف والوداعة والعفاف.

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM