افرحوا في كلِّ حين

فصل من رسالة القدِّيس بولس إلى أهل فيلبِّي (2: 12-19)

إذًا يا أحبّائي، كما أطعتُم في كلِّ وقت، لا فقط إذ أنا قريبٌ منكم بل الآنَ إذْ أنا بعيدٌ عنكم. اعملوا بالأحرى عملَ حياتِكم بخوفٍ وبرعدة. فالله هو مُحثُّكم بحيثُ تريدون وتعملون أيضًا ذاك الشيء الذي أنتم مريدون. فكونوا صانعين كلَّ شيء بلا دمدمةٍ ولا انقسام. بحيثُ تكونون ودعاءَ وبلا لومٍ مثلَ أبناء اللهِ الأطهارِ الساكنينَ في جيلٍ صعبٍ وملتوٍ، وتظهرون بينهم مثلَ النيِّراتِ في العالم. إذْ تكونون أنتم لهم في موضعِ الحياةِ لافتخاري أنا في يومِ يسوع، إذ ما كنتُ سعيتُ باطلاً ولا عملتُ فراغًا. ولكن وإن أنا منسكبٌ على ذبيحةِ إيمانِكم وخدمتِه، فأنا فارحٌ وأنا مسرورٌ معكم كلِّكم. فهكذا أنتم أيضًا، افرحوا وسُرُّوا معي. وأنا مترجٍّ في ربِّنا يسوعَ أن أرسل إليكم تيموتاوسَ عاجلاً كي يكونَ لي أنا راحةٌ حين أعرفُ أحوالَكم. فليس لي آخَر هنا، فهو مثلُ نفسي، هو المهتمُّ بنشاطٍ بما يخصُّكم.

 


 

بولس هو في السجن، وقد يُحاكَم أو لا يحاكم. وربَّما يرمونه أمام الوحوش في أفسس. فهو ما أعلن أنَّه مواطن رومانيّ، لأنَّه ما أراد أن يستند إلى البشر، بل إلى نداء الربِّ الذي تمنَّى أن يكون معه سريعًا ولا ينتظر.

ومع ذلك، وبالرغم من الظروف الصعبة التي يعيش، لا بسبب السلطة الرومانيَّة فقط، بل بسبب حسد الإخوة، فهو يعلن فرحه وابتهاجه. يقول: افرحوا في الربِّ كلَّ حين، وأقول أيضًا افرحوا.

لماذا هو فرِح؟ بسبب هذه الجماعة التي أسَّسها في فيلبّي. وافتخر بها، وما قبلَ مساعدة مادِّيَّة إلاَّ منها. وهنا يبدو الرسول في كلِّ مداه. هو مستعدٌّ لا أن يعطي بعض وقته، بعض تعليمه لهؤلاء المؤمنين، بل أن يعطي حياته على مثال الربِّ الذي قال: ما من حبٍّ أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبّائه.

يريد من الجميع أن "يكونوا أنقياء لا لوم عليهم". لماذا؟ لأنَّهم نور. لأنَّهم كواكب في ظلام هذا العالم. همُّهم أن يرضوا الله في كلِّ ما يقولون ويعملون، غايتهم التمسُّك بكلمة الله التي تهب الحياة. هل يمكن أن يقول الرسول مثل هذا الكلام عن رعيَّتنا، عن أسرتنا، عن كلِّ واحد منّا؟

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM