الصوم زمن الصدقة

قراءة من إنجيل القدِّيس متَّى (6: 1-4)

فانظُروا إلى صدقَتِكم: لا تَصنعونَها قدّامَ البشرِ لكي يرَوكُم، وإلاّ لا أجرَ لكم عندَ أبيكم الذي في السماء.فمتى أنتَ صانعٌ صدقَة، أنتَ لا تدعوُ بالبوقِ قدَّامَك مثلما الآخِذونَ بالوجوهِ فاعلون، في المجامعِ وفي الأسواقِ، لكي يمجَّدوا لدى الناسِ. فآمين، أنا قائلٌ لكم: قبِلُوا أجرَهم.أمّا أنت فعندما تَصنعُ صدقةً، لا تَعلَمُ شمالُك ما يمينُك صانعة.لكي تكون صدقَتُك في الخفاء، وأبوكَ الناظرُ في الخفاءِ هو يُجازيكَ في العلَن.

 


 

زمن الصوم هو زمن الصدقة. والصدقة ترتبط بالصدق والصداقة والمحبَّة. فكلُّ عطاء لا ينطلق من المحبَّة يكون ضياعًا علينا. ننظر إلى ذاك السامريّ الذي رأى الجريح في الطريق. كان بالإمكان أن ينظر إليه نظرة الشفقة: يا حرام، ويتابع طريقه. ولكن لا. كان يمكن أن يرمي له بعض الدراهم عن بعد: تدبَّر أمرك. لا. فعلَ ما تفعله الأمّ. ركع قربه بحنان. ضمَّد جراحه. جعله على دابَّته وسار وراءه. قال النصُّ عنه: أشفق عليه، تحرَّكت أحشاؤه. ومعلِّم الشريعة فهمَ: عاملَه بالرحمة. هكذا تكون الصدقة أو ليست هي صدقة.

لا يمجَّد الربُّ بواسطة صدقة نريد بها أن يرانا الناس: ضاع أجرنا. وفي أيِّ حال، حين نعطي المحتاج، نعطيه بمجّانيَّة، على ما طلب الربُّ من تلاميذه: مجّانًا أخذتم، مجّانًا أعطوا. فكلُّ ما لنا هو عطيَّة من الربّ، وما أجملنا حين نعطي، فنقسم ما لنا مع الآخرين. قال الربّ: من له ثوبان، يُعطي من ليس له ثوب. وقال القدّيس باسيل: الثوب الذي في خزانتك، ولا تلبسه، ليس لك. ونضيف: هو يجعل دينونتك قاسية. هذا ما عرفه الغنيُّ الذي نسيَ لعازر عند بابه. ومتى عرفه؟ حين صار في الجحيم.

نحن نعطي ولا ننتظر أجرًا ولا ثوابًا. نعطي لأنَّ الله أعطانا. قال لنا الرسول: تشبَّهوا بالله كالأبناء الأحبّاء. وفي أيِّ حال، لن نكون يومًا أكثر سخاءً من الربّ. "أعطوا تُعطَوا". إذا أعطيتم الربُّ يعطيكم. بل يُعطيكم قبل أن تَعطوا. ويعطيكم لكي تَعطوا بحيث تكونون أسخياء مثله. تَعطون "كيلة" من القمح، تُعطَون كيلة "ملآنة، مكبوسة، مهزوزة". بقدر ما تكونون أسخياء يكون الربُّ سخيًّا معكم، وهو الذي قال: "بالكيل الذي تكيلون به يُكال لكم". فماذا ننتظر لنجعل من صومنا مناسبة للعطاء، لأنَّ في العطاء فرحًا لا نجده في الأخذ.

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM