من الموت إلى الحياة

قراءة من نبوءة عاموس (9: 11-15)

في ذلك اليوم أُقيمُ مسكن داود المنهدم، فأسدُّ شقوق جدرانه، وأرحمه وأُعيد بناءه كما كان في الأيَّام القديمة، ليرثَ بنو إسرائيل بقيَّة أرض أدوم وجميعَ الأمم الذين دُعيَ اسمي عليهم، يقول الربُّ الذي يصنع هذا كلَّه.

ها أيَّامٌ تأتي يقول الربُّ، يلحقُ فيها الفالحُ بالحاصد، ودائسُ العنبِ بباذر الزرع، وتقطر الجبال خمرً وتسيلُ جميع التلال. وأُعيدُ شعبي إسرائيل من السبي، فيبنون المدن المخرَّبة ويُقيمون بها، ويغرسون كرومًا ويشربون من خمرها، وجنائن ويأكلون من ثمرها، وأغرسهم على أرضهم التي أعطيتُها لهم، ولا يقتلعون منها فيما بعد، يقول الربُّ الإله.


 

حين نقرأ النبيّ عاموس وغيره من الأنبياء، نحسب أنَّ شعب الله ماضٍ إلى الموت بحيث لا يبقى منه أحد. الجراد يأتي، ثمَّ الجفاف، ثمَّ الدينونة القاسية، وأخيرًا يسقط المذبح فلا يبقى لحضور الربِّ من رمز وسط شعبه. فلماذا الحياة بعد؟ ويتحدَّثون عن غضب الله. ولكنَّ غضب الله هو "زعل" لأنَّه انتظر من شعبه الكثير فإذا شعبه ينسى مبادئ الحياة الاجتماعيَّة. يحسب أنَّ الله غير موجود، وبالتالي يستطيع أن يفعل كما فعل قايين بأخيه هابيل: قتل أخاه في البرِّيَّة لأنَّ لا أحد يراه هناك. مسكين الإنسان الذي يضع رأسه في الرمل فيعتبر أنَّه لا يرى الله. أو هو يهرب إلى مكان بعيد، وكأنَّ الله موجود فقط في الأماكن القريبة. ما هذا الإله المحصور في مدينة أو في شعب واحد؟ هو صنم، لا ذاك الإله الحيّ الذي يريد الحياة للبشر.

والإله الذي حدَّثنا عنه عاموس، أوقف "غضبه" في نصف الطريق. أو بالأحرى، أوقف عوامل الطبيعة وما أرادها أن تدمِّر أبناءه وبناته. فتبدَّل وجهُ الجوع. صار جوعًا إلى الله وكلامه. "ستأتي أيَّام يقول الربّ، أرسل فيها الجوع على الأرض، لا الجوع إلى الخبز ولا العطش إلى الماء، بل إلى استماع كلمة الربّ."

هي الدينونة آتية وتفعل فعل الغربال في الحنطة. ظنَّ الخطأة أنَّه "لا يلحقنا أذى ولا يقترب السوء ولا يدنو منّا". ظنُّوا ولكنَّهم أخطأوا. فالله العادل يجازي كلَّ إنسان بحسب أعماله، لذلك "يموت جميع الخاطئين من شعبي". كانوا يتكلَّمون عن موت الجسد الذي لا يهتمُّ له يسوع. أمّا نحن فنتكلَّم عن الموت الثاني، عن موت النفس والجسد، الإنسان كلّه، في جهنَّم.

ولكن في النهاية، الله ليس إله الموت، إنَّه إله الحياة. ماذا يفعل الله في النهاية، وبعد توبة شعبه؟ قال الربّ: "أقيم من جديد مسكن داود المنهدم، فأسدُّ شقوق جدرانه، وأرحمه وأعيد بناءه كما كان في الأيّام القديمة". ثمَّ نبتعد من الجفاف "فيلحق الفالح بالحاصد، ودائس العنب بباذر الزرع، وتقطر الجبال خمرًا وتسيل جميع التلال، وأعيد شعبي..."

ذاك ما يفعله الربُّ. يبقى علينا أن نتجاوب معه. فماذا ننتظر؟ ولماذا لا نبدأ اليوم؟ فالربُّ يمدُّ يده وما أحلانا نسير معه ونعرف أيَّة سعادة تنتظرنا منذ هذه الحياة.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM