خميس الأسبوع الثاني من زمن العنصرة

النصُّ الكتابيّ (أع 5: 1-11)

1ورجلُ ما كان اسمُه حنانيا باعَ حقلَهُ مع امرأتِه التي كانَ اسمُها سفيرة. 2حملَ بعضًا من ثمنِه وخبَّأه، وكانتْ امرأتُه عارفةً به. فأتى بقِسمٍ من الفضَّةِ ووضَعَ قدَّامَ أرجلِ الرسل. 3فقالَ له سمعان: "يا حنانيا، لماذا الشيطانُ ملأَ هكذا قلبَك فدجَّلتَ على الروحِ القدسِ وخبَّأتَ من الفضَّة التي هي ثمنُ الحقْل. 4أما هو كانَ لك قبلَ أن يُباعَ، وبعد أن بيعَ، أما كنتَ أيضًا مسلَّطًا على ثمنِه. فلماذا وضعتَ في قلبِك أن تصنَع الأمرَ هذا؟ أنتَ ما دجَّلتَ على البشرِ، بل على الله." 5فلمّا سمع حنانيا هذه الكلمات، سقطَ ومات. وكانَ خوفٌ عظيمٌ في كلِّ الذين سمعوا. 6وقامَ أولئك الشبّانُ بينهم، ولفُّوه وأخرجوه وقبروه. 7وبعد حوالي ثلاثِ ساعات، دخلَتْ امرأتُه أيضًا وما كانَتْ عارفةً بما كان. 8فقال لها سمعان: "قولي لي، أبهذا الثمنِ بِعتُما الحقل؟ أمّا هي فقالت: "نعم، بهذا الثمن." 9فقال لها سمعان: "لأنَّكما اتَّفقتُما على تجربةِ روحِ الربِّ، ها أرجلُ قابري زوجِكِ في البابِ وهم يُخرجونَك." 10وفي تلك الساعةِ، سقطَتْ قدَّامَ أرجُلِهم وماتَتْ. فدخلَ هؤلاء الشبّانُ فوجدوها ميتة، فاجتذبوها ونقلوها وقبروها إلى جانبِ زوجِها. 11وكانَ خوفٌ عظيمٌ في الكنيسةِ كلِّها وفي كلِّ أولئكَ الذين سمعوا.

*  *  *

أوَّل خطيئة في الجماعة. شابهت تلك التي اقترفها عاكان حين الدخول إلى أرض الموعد بقيادة يشوع بن نون: سرق بعض الشيء وخبَّأه. فنال القصاص هو وأهل بيته. وكذا نقول عن حنانيا وامرأته سفيرة. أرادا أن يفعلا مثل سائر الناس: باعا الحقل وأعطيا قسمًا للرسل وأبقيا لهما القسمَ الآخر. كذبٌ في بداية الكنيسة. وهذا غير مقبول. قال بطرس: "ملأ الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس وتختلس من ثمن الحقل." ثمَّ واصل الرسول كلامه: "لم تكذب على الناس، لكنْ على الله."

مات حنانيا. وماتت امرأته سفيرة. فاعتبر المؤمنون أنَّ موتهما كان قصاصًا لأنَّهما كذبا على بطرس وبالتالي على الروح القدس. واختلسا، وسرقا ما اعتُبر ملكًا للجماعة وعونًا للفقراء فيها. والنتيجة: "صار خوف عظيم على جميع الكنيسة." فالمسيحيُّون في أورشليم شابهوا رعيَّة من رعايانا، حيث يعرف المؤمنون بعضهم بعضًا. والتوبيخ الآتي من بطرس يشبه ما كان يفعله الأنبياء في العهد الأوَّل. أمّا العقاب السريع فهو طريقة أدبيَّة يتبيَّن فيها سلطانُ الرسل ولاسيَّما بطرس. هو موت روحيّ أوَّلاً، ثمَّ موت جسديّ. قال الربّ: "خافوا ممّن يهلك النفس والجسد... أجل من هذا خافوا."

 

استسلام لله في الإيمان

أن يثبت الإيمان في قلبنا، تلك علامة حبّ كبير. إنَّه عطيَّة الله، شيء كبير جدًّا وأكبر من أن نستحقَّه. ونحن نحمله، كما يقول مار بولس، في آنية سريعة العطب. ودعوتكم تقوم بأن تحفظوا في قلبكم هذا الإيمان فتمسوا يومًا بعد يوم الكنز العجيب الذي هو الإيمان، وتعترفوا به، ببساطة كبيرة ووداعة، ولكن أيضًا بقوَّة، في هذه الأوساط المضطربة التي تجدون. أفضّل إيمانكم على ذلك الذي يطمع في الأمور العجيبة. هناك عفويَّة تعود إلى الحشريَّة والفضول أكثر منه إلى الرغبة العميقة والحميمة من التعلُّق بالله ومن أن لا يكون لنا سوى روح معه. ينبغي أن لا نطلب المعجزة من أجل المعجزة، ولا التعزيات الحسّيَّة. ينبغي أن نتذكَّر أنَّ الله – كما قال توما الأكوينيّ – يقدر، بطريقة أسهل، أن يحرّك المسكونة من أن يحرّك يدنا، وأنَّه يفعل يومًا من أجل مختاريه، كما فعل يوم الفصح ويوم التخلّي عن ابنه الوحيد، كما يُسرّ أن يفعله مرارًا من أجل القدّيسين الذين هم مسحاء آخرون. كلُّ هذا بالنسبة إليه "لعبة" ومحض رغبة في تمجيد أولئك الذين تركوا كلَّ شيء من أجله.

الكردينال شارل جورنيه

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM