ثلثاء الأسبوع الثاني من زمن العنصرة

النصُّ الكتابيّ (أع 4: 13-22)

13فلمّا سمعوا كلامَ سمعانَ ويوحنّا الذي قالاه بعينٍ جليَّة، وفهموا أنَّهما لا عارفَان الكتابةَ وأنَّهما بسيطانِ هما، اندهشوا بهما وعرفوهما أنَّهما كانا مُتجوِّلَينِ مع يسوع. 14وكانوا ناظرينَ إلى الأعرجِ الذي شُفيَ، وهو قائمٌ معهما، وإذْ كانوا غيرَ واجدِينَ شيئًا يقولونه لمقابلتِهما، 15أمروا بأن يُخرجوهما من مجلِسِهم، وقائلين كانوا الواحدُ للآخَر: 16"ماذا نفعلُ لهؤلاءِ الرجال؟ فها آيةٌ جليَّةٌ كانتْ بأيديهم، وعُرفَتْ لدى سكّانِ أورشليمَ كلِّهم، ولا نستطيعُ أن نُنكرَ. 17ولكنْ نُهدِّدُهما بحيثُ لا يُنشَرُ هذا الخبرُ ويزيد، أن لا يتكلَّما بهذا الاسمِ لإنسانٍ من الناس." 18ودعوهُما وأمروهما بأن لا يتكلَّما قطُّ ولا يُعلِّما باسمِ يسوع. 19فأجابَ سمعانُ كيفا ويوحنّا وقالا لهم: "أهو عدلٌ قدَّامَ اللهِ أن نسمعَ لكم أكثرَ من الله؟ احكموا (أنتم) 20أمّا نحنُ فغيرُ قادرَينِ أن لا نتكلَّم بما رأينا وسمعنا." 21وهدَّدوهما وأطلقوهما، لأنَّهم ما وجدوا عليهما علَّةً لكي يَحكموا عليهما بسببِ الشعب، لأنَّ كلَّ إنسانٍ كان مُمجِّدًا للهَ على الشيءِ الذي كانَ. 22يُضافُ إلى ذلك أنَّ هذا الرجلَ الذي كانتْ فيه آيةُ الشفاء هذه، كان ابنَ أربعينَ سنة. ولمّا أُطلقا أتيا لدى إخوتِهم.

*  *  *

من هما هذان الرجلان اللذان يقفان في وجه أعلى سلطة؟ وهما يحاصران بما أو بمن يؤمنون. أين تعلَّما؟ لا علم لهما. هل هما من الكتبة أو من الكهنة؟ بل من عامَّة الشعب. كيف تحوَّلا؟ "كانا مع يسوع". إذًا، لا مكان للضعف، والتراجع. كم نحن بعيدون عمَّا حصل لبطرس خلال محاكمة يسوع. قالت جارية: "هذا (أي بطرس) كان معه" (لو 22: 56). لا. ما كنتُ معه. أنا "لا أعرفه" (آ57). بعيدًا عن يسوع هو الضعف والخيانة. "إن أنكرناه أنكرَنا". ولكن "إن اعترفنا به اعترف بنا". لا يسعنا أن نعترف بيسوع ونشهد له إذا لم نكن معه. إذا كنَّا ما رافقناه على طرقات فلسطين. من موقف هذين الرسولين وجرأتهما، فهمَ الرؤساء أنَّهما "كانا معه". حقًّا معه. في محاكمة يسوع قال أحدهم: "بالحقّ كان هذا أيضًا معه" (آ59). أجل، ذاك هو "الحقّ" ولا يمكن إنكاره. لهذا وجب المرور بالصلب والموت والقيامة ليعلن كلُّ واحد منَّا: "نحن مع يسوع. نجاهر باسمه. لا نخاف سواء كنَّا كثيرين أم قليلين."

لا مجال للسكوت. "لا يمكننا إلاَّ أن نتكلَّم عمَّا رأينا وسمعنا". الشعب بجانب الرسل إن هم جاهروا بإيمانهم. وإن تردَّدوا، من يجسر أن يستند إليهم؟ قال الربُّ لإرميا: "جعلتك سورًا من حديد، عمودًا من نحاس". هكذا يكون الرسول. ولا يقدر أحد عليه.

 

شوق الشهداء

من نال، عبر فضائل الجسم والنفس، معرفة هذه الأمور والأسرار الكامنة في أقوال الرجال القدّيسين والكتب الإلهيَّة، وبخاصَّة الأناجيل المقدَّسة، لا يفسّر، مع هذا، عن الشوق وذرف كلّ الدموع المنبجسة دائمًا بطريقة عفويَّة. ونحن أيضًا الذين لا يملكون سوى الاستماع إلى الكتب المقدَّسة، علينا أن نجدّ دائمًا، ونتدرَّب إلى أن يغدو شوق الله، مع الزمن، منقوشًا في قلوبنا...

شوق الشهداء، توجَّه كلُّه إلى المعلّم الأوحد، فكانوا بالحبّ يتَّحدون به ويترنَّمون. كما يقول يوحنّا الدمشقيّ في الفتية الثلاثة: "إنَّ الفتية المغبوطين تعرَّضوا، في بابل، للخطر، تمسُّكًا بالشرائع الأبويَّة. فرفضوا أمرَ الطاغية الأخرق، فأُسلموا للنار، ولكنَّهم لم يحترقوا، بل انبروا يرنّمون النشيد اللائق بذاك الذي حوَّلهم بحراسته." وقال بحقّ: "متى أوجس (وشعر) أحدهم عجائب الله، خرج من ذاته خروجًا كاملاً وذهل حتَّى عن هذه الحياة العابرة، لأنَّه فهم الكتب المقدَّسة... ولكن ليس على طريقتنا، نحن الذين نالوا ربّما من الكتب المقدَّسة شيئًا من هذا التخشُّع الذي يكسر قلبنا.

بطرس الدمشقيّ

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM