أربعاء العنصرة

النصُّ الكتابيّ (أع 2: 22-28)

22أيُّها الرجالُ، يا بني إسرائيل، اسمعوا الكلماتِ هذه: يسوعُ الناصريّ، الرجلُ الذي رُئيَ عندَكم من لدنِ الله بالقوّاتِ وبالآياتِ وبالمعجزاتِ التي صنعَ الله بيدِه بينَكم كما أنتم عارفون. 23هذا الذي كان مَفروزًا لهذه بسابقِ معرفةِ الله وبإرادتِه، أسلمتموهُ بأيدي الكفرةِ وصلبتموهُ وقتلتموه. 24ولكنَّ اللهَ أقامَه وحلَّ حبالَ الشيولِ لأنَّه غيرُ ممكنٍ أن يُؤخَذَ في الشيول. 25لأنَّ داودَ قال عليه: "سابقًا كنتُ رائيًا الربَّ في كلِّ حين، وهو على يميني لئلاّ أتزعزعَ. 26لهذا ابتهجَ قلبي وتهلَّلَتْ تسبحتي، وجسدي أيضًا يسكنُ على الرجاء. 27لأنَّك غيرُ تاركٍ أنتَ نفسي في الشيول، ولا واهبٌ أنتَ صفيَّك أن يرى الفساد. 28كشفتَ لي طريقَ الحياةِ وتملأني بهجةً مع وجهِك.

*  *  *

"أيُّها الرجال". ما هذا الواعظ الذي يقف في الجماهير؟ من علَّمه؟ الروح القدس. من أعطاه الجرأة؟ الروح القدس. ألا يخاف من هذه الجماعة الذين قتلوا الربَّ بانتظار أن يضطهدوهم؟ كلاّ. ثمَّ هو تذكَّر ما قال الربّ: "لستم أنتم المتكلّمين، بل روح أبيكم هو المتكلّم فيكم." وماذا سيقول؟ هل يتكلَّم عن مهنته السابقة، صيد السمك؟ كلاّ. فالرسول لا يعظ بنفسه، بل بالمسيح ربِّنا. ولا حديث له سوى الإنجيل، وهنا، الإنجيل قبْل أن يُكتب الإنجيل. فيسوع هو الإنجيل. ويسوع هو الملكوت.

"يسوع الناصريّ". هي البداية. عرفتموه، عرفتم ما عمل وما قال. ولكنَّكم سلَّمتموه إلى الموت. هي الذروة في الكرازة المسيحيَّة. من أجلنا ومن أجل خلاصنا. وحسب اليهودُ أنَّ الله كان "غائبًا" بعد أن سيطرت الشريعة على عقولهم. باسم الشريعة أرسلوا يسوع إلى الموت! يا للغباوة! هل تطلب الشريعة أن نقتل إنسانًا بريئًا كما نفعل نحن اليوم؟ من يفكّر نقتله. من يتكلَّم نقطع لسانه. فيسوع لا يزال يلاحَق في عالمنا. ولكن كما أنَّ الآب لم يتخلَّ عن يسوع المسيح فأقامه من بين الأموات، فهو يقيم جميع الذين يبحثون عن الحقّ، لأنَّهم يعرفون أنَّ الحقَّ يحرّرهم. وهكذا يوصلهم إلى من هو الطريق الذي يقود إلى الحياة. لا. لم يبقَ يسوع في الموت، في الهاوية. ولا نحن نبقى في الموت، بل نعرف أنَّنا أحياء مع ربِّنا يسوع بفعل الروح الحالّ فينا.

 

من ليس علينا فهو معنا

إنَّ الذين لم يقبلوا الإنجيل بعدُ، في أشكال متنوّعة، هم أيضًا موجَّهون إلى شعب الله. وفي درجة أولى، هذا الشعب الذي نال العهود والمواعيد، والذي منه خرج المسيح بحسب اللحم (والدم، رو 9: 4-5). هذا الشعب المحبوب من جهة الاختيار، من أجل الآباء، لأنَّ الله لا يندم على عطاياه وعلى دعوته (رو 11: 28-29). ولكنَّ قصد الله يغمر أيضًا أولئك الذين يعترفون بالخالق، وفي درجة أولى المسلمين الذين يقرُّون بأنَّ لهم إيمان إبراهيم، ويعبدون معنا الإله الواحد، الرحمن، ديَّان البشر الآتي في اليوم الأخير. وكذا نقول عن الآخرين الذين يبحثون أيضًا في الظلال وفي الصور عن إله يجهلونه. وحتَّى هؤلاء ليس الله بعيدًا عنهم، لأنَّه هو من يعطي الجميع الحياة والنسمة وكلَّ شيء (أع 17: 25-28). وذلك لأنَّه يريد، بصفته المخلّص، أن يأتي بجميع الناس إلى الخلاص (1 تم 2: 4). فالذين، بدون ذنب من قبلهم، يجهلون إنجيل المسيح وكنيسته، ولكنَّهم مع ذلك يطلبون الله بقلب صادق ويسعون، بتأثير من نعمته، أن يتصرَّفوا بحيث يتمُّون مشيئته كما يكشفها لهم ضميرهم ويملي عليهم، فهؤلاء أيضًا يسعُهم أن يبلغوا إلى الخلاص الأبديّ.

فاتيكان الثاني، نور الأمم

*  *  *

قال ربُّنا لسمعان الصفا: عليكَ سأبني

البيعةَ المقدَّسة المؤمنة، وأمخالُ الجحيم

لن تقوى عليها، لأنَّني أنا بنيتُها،

وعلى راحةِ يديكَ موضوعة.

 

مثلَ الحملان بين الذئاب،

أنا أرسلكم، قال ربُّنا لرسله؛

فكونوا أبرياء ومملوئين حبًّا

مثلَ الحمام، وذوي دهاء كالحيَّات.

 

قال ربُّنا للاثني عشر رسله

في داخل العلّيَّة: قوموا، اقبلوا الروح القدس؛

اشفوا المرضى، طهّروا البرصَ،

أقيموا الموتى. مجَّانًا أخذتُم، مجَّانًا أعطوا.

                (ألحان للرسل، البيت غازو المارونيّ، الجزء السابع، ص 239-240)


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM