اثنين الأسبوع السابع من زمن القيامة

النصّ الكتابيّ (أف 4: 1-13)

1إذًا، أنا طالبٌ منكم أنا الأسيرَ بربِّنا بحيثُ تسلكونَ كما هو لائقٌ بالدعوةِ التي دُعيتُم إليها. 2بكلِّ تواضعِ الرأيِ والوداعةِ وأناةِ الروح، 3وكونوا مُحتملينَ الواحدُ الآخَر، مجتهدينَ لحفظِ اتِّفاقِ الروحِ برباطِ السلام. 4وهكذا تكونُون في جسدٍ واحدٍ وروحٍ واحد كما دُعيتُم برجاءِ دعوتِكم الواحد. 5فالربُّ واحدٌ هو، والإيمانُ واحدٌ، والمعموديَّةُ واحدة. 6وواحدٌ هو الله أبو الكلِّ وعلى الكلِّ وبيدِ الكلِّ وفينا كلِّنا. 7فلكلِّ واحدٍ منّا وُهبَتِ النعمةُ بحسبِ مقدارِ موهبةِ المسيح. 8من أجلِ هذا قيل: صعدَ إلى العلى وسبى سبيًا ووهبَ المواهبَ لبني البشر. 9فماذا يعني أنَّه صعدَ إلاَّ أنَّه نزلَ أيضًا من قبلُ إلى أسافلِ الأرضِ؟ 10فذاك الذي نزلَ هو ذاك الذي صعدَ أيضًا فوق السماواتِ كلِّها ليكمِّلَ الكلَّ. 11وهو وهب: هناك الرسل، وهناك الأنبياء، وهناك المبشِّرون، وهناك الرعاةُ وهناك الملافنة، 12لكمالِ القدّيسين، لعملِ الخدمة، لبنيانِ جسدِ المسيح. 13بحيثُ نكونُ كلُّنا وحدةً واحدة بالإيمانِ وبمعرفةِ ابنِ الله، رجلاً واحدًا كاملاً بمقدارِ قامةِ كمالِ المسيح.

*  *  *

بولس في السجن. ربَّما في رومة. هو "الأسير". ولكنَّه ليس وحده. فالربُّ معه في "السجن". وإن هو تكلَّم فبرفقة يسوع المسيح. إلى ماذا يدعو هؤلاء المؤمنين؟ إلى الوحدة. فكأنَّ الرسول يكلَّم كنائسنا اليوم. وجماعاتنا الرهبانيَّة والرعائيَّة، بل العائليَّة. نحن مفتَّتون، كلُّ جماعة تسير في طريقها. وننسى أنَّ الهدف واحد هو يسوع المسيح. نمضي إليه بطرق متعدّدة، والويل لنا إن انعزلنا بعضنا عن بعض واعتبرت كلُّ جماعة بأنَّها هي الكنيسة والآخرون هم في الخارج أو من درجة ثانية.

ويعدّد الرسول ما الذي يوحّدنا: الربّ. هل هناك ربَّان اثنان؟ كلاّ ثمَّ كلاّ. والإيمان. نتلوه في قانون الإيمان منذ نيقية سنة 325 وقبل أن نتشتَّت في الشرق أوَّلاً ثمَّ الغرب. المعموديَّة، من المؤسف أن يحسب البعض أنَّ معموديَّة الآخرين باطلة. لهذا يمنحون المعموديَّة مرَّة ثانية لمن يريد أن يتزوَّج في كنيستهم. وأخيرًا "إله وأب واحد للكلّ". أتُرى في صلاة "الأبانا" يكون الله الذي نتوجَّه إليه غير ذاك الذي تتوجَّه إليه طائفة أخرى؟ ما أتعسنا وما أشقانا! فنحن نتبع إبليس الذي يضع الشقاق والخلافات المؤسَّسة على الكبرياء، وعلى مجد صار باطلاً، فارغًا، بعد أن ضاعت آثارنا، فما عاد لنا تأثير مسيحيّ في المحيط الذي نعيش فيه.

ماذا نحتاج من أجل الوحدة؟ التواضع، الوداعة، طول الأناة (ضدّ الغضب). "نحتمل بعضنا بعضًا في المحبَّة". ما دامت هذه الصفات غائبة فعلى الدنيا السلام من أجل كنائسنا.

 

نصلّي من أجل الوحدة

"الصلاة الحقيقيَّة هي صراع مع الله حيث ننتصر بانتصار الله." هكذا قيل. والله يريد هذا الصراع. يريد أن يضمّنا إلى عمله إذ يكون هو فينا ويجعلنا بيده ننتصر عليه. لهذا على صلاة المسيح بعد العشاء الأخير، يوم خميس الأسرار، حيث يصلّي إلى أبيه من أجل وحدة كنيسته، أن تصعد، متألّمة ومتضرّعة، في كلِّ قلبٍ مسيحيّ. فمَن بين تلاميذ المسيح يرفض أن يرى في صلاته من أجل الوحدة النموذج الأوَّل لكلّ صلاة من أجل الوحدة؟ فمن طلب أسس صلاة أخرى من أجل الوحدة يكون مجدّفًا. أجل، ما من إفراط في هذا اللفظ حين نطلب مثالاً آخر من الصلاة العامَّة، غير تلك التي تركها هو لنا. أي: أبانا الذي في السماوات.

ثقتي بك، أيُّها المسيح، ترميني في قلبك حيث أجد صلاته: "أيُّها الآب، ليكونوا واحدًا لكي يعرف العالم أنَّك أرسلتني. أيُّها الآب، ليكونوا متمَّمين في الوحدة. صلاتي كخاطئ هي صلاتك أنت، وصلاتك هي طمأنينتي الوحيدة. متى؟ كيف تتمُّ الوحدة؟ هو شغلك أنت، ولا يسع إيماني أن يأمرني أكثر من أن أصلّي معك فيك، لكي تأتي وحدتك.

بول كوتوربيه

*  *  *

لكم الطوبى، أيُّها القدّيسون، أحبَّاءُ الابن.

لأنَّكم احتملتُم العذابات القاسية من المضطهدين،

فحُفظَ لكم في السماء الخدر والملكوت،

ومائدةُ الحياةِ والنعيم، كما وعدَ ربُّنا في بشارته:

من لأجلي يحتملُ الضيقات، معي سيتنعَّم

في خدرِ الأفراح، وسيدخلُ ويرثُ تلك الطوبى

التي لم ترها عين، ولم تسمَع بها أذنُ بشر.

 

شاهدَ الشهداء المسيحَ معلّقًا على الخشبة،

وجنبه مطعونُ بالحربة من الأثمة،

فتشجَّعوا قائلين: هلُمُّوا نموتُ من اجله،

كما أنَّه هو أسلم نفسه إلى الآلام والعذابات.

واستبسلَ الشهداءُ ونزلوا إلى الجهاد،

وانتصروا على الشرّير بقوَّة الصليب العظيمة.

وقبلوا إكليلَ المجدِ من الله، الديَّان العادل.

                (ألحان للشهداء، البيت غازو المارونيّ، الجزء الثاني، ص 127-128)

 


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM