أحد الأسبوع السابع من زمن القيامة

النصّ الكتابيّ (أف 1: 15-23)

15لأجلِ هذا أنا أيضًا منذُ سمعتُ إيمانَكم الذي في ربِّنا يسوعَ المسيح ومحبَّتَكم تجاهَ القدّيسين، 16ما أنا مُتوقِّفٌ عن الشكرِ من أجلِكم وتذكُّرِكم في صلواتي، 17بحيثُ أنَّ إلهَ ربِّنا يسوعَ المسيح أبا المجدِ يَهبُ لكم روحَ الحكمةِ والكشفِ في معرفتِه. 18وينيرُ عيونَ قلوبِكم بحيثُ تعرفون ما هو رجاءُ ندائِه وما هو غنى مجدِ ميراثِه في القدّيسين، 19وما هي وَفرةُ عظمةِ قدرتِه فينا نحنُ المؤمنين بحسبِ عملِ شدَّةِ قدرتِه، 20التي صنعَ في المسيح وأقامَه من بينِ الأموات وأجلسَه عن يمينِه في السماء، 21فوق الرئاساتِ كلِّها والسلاطينِ والقوّاتِ والسادات، وفوقَ كلِّ اسمٍ مُسمّى لا فقط في هذا العالم ولكن أيضًا في (العالم) العتيد. 22وأخضعَ كلَّ شيء تحتَ رجليه، وإيّاهُ وهبَ فوقَ الكلّ، وهبَه رأسًا للكنيسة. 23التي هي جسمُه وملءُ ذاك المتمِّمِ الكلَّ في الكلِّ.

*  *  *

صلاة الرسول لا تكون شخصيَّة بمعنى أنَّه يطلب ما يحتاج إليه هو نفسه أو أقرباؤه وأحبَّاؤه. صلاته هي من أجل رعيَّته. أهي فاترة؟ يطلب لها حرارة العبادة. أهي ضائعة؟ يطلب لها الله الراعي الذي يمضي فيعود بها إلى الحظيرة. وتكون صلاة الراعي على هذه النيَّة أو تلك، لأنَّه يعرف أنَّ كلَّ "هريان" في جماعته، يؤثّر في الجميع.

تلك كانت عاطفة بولس. "سمعتُ بإيمانكم"، أنتم مؤمنون. عائشون تحت نظر الله. سائرون في الطريق السويّ. هذا ما يُفرح قلب الرسول. يشكر الربُّ، يصلّي لكي يبقى هذا الإيمان حيًّا فاعلاً. وسمع الرسول "بمحبَّة الجماعة" بعضهم لبعض. شكر، صلَّى، طلب، "روح الحكمة" أو الروح القدس الذي يمنح المؤمنين الحكمة، تلك التي ترتبط بالصليب، لا الحكمة البشريَّة التي هي جهالة في نظر الربّ. هكذا يصل إليهم "الوحي"، فيكشف الله لهم قلبه، بحيث يعرفونه معرفة تتعمَّق يومًا بعد يوم.

وطلب الرسول للمؤمنين "النور". فجماعة أفسس آتون من ظلام الوثنيَّة ويحتاجون إلى نور المسيح الذي تحدَّث عنه سمعان الشيخ حين أتوا بالطفل الإلهيّ إلى الهيكل. وهذا النور يُدخل إلى قلبنا الرجاء فنفرح أنَّنا مدعوُّون مع "القدّيسين"، مع المعمَّدين لنعيش كأبناء الله وبناته، ونكون امتدادًا لنور المسيح. ويفهمنا هذا النور أنَّنا وارثون ملء السعادة مع الابن الوحيد. الربُّ القدير يفعل هذا.

 

شركة في الروح

إذا كان الفكر قادرًا أن يتنقَّى من الأهواء المادّيَّة، أن يتجاوز كلَّ الخليقة المعقولة وأن يخرج، مثل سمكة، من عمق المياه إلى السطح، وأن يبلغ إلى طهارة الخليقة، عندئذٍ يرى الروح القدس حيث الابن هو وحيث الآب هو. إنَّه يمتلك هو أيضًا كلَّ شيء، بشكل جوهريّ وبالطبيعة، الصلاة والاستقامة والقداسة والحياة. وكما أنَّنا لا نستطيع أن نفصل الحرارة عن النار والشعاع عن النور، كذلك لا نستطيع أن نفصل عن الروح القدس، القداسةَ والحياة التي يعطي والصلاح والاستقامة.

إذًا، هو الروح هنا، هنا في الطبيعة المغبوطة، لا يُحسَب مع الكثرة ولكنَّنا نشاهده في الثالوث الأقدس. يُذكر بمفرده ولا يُحسَب في مجموعات. كما أنَّ الآب واحد والابن واحد، الروح القدس هو أيضًا واحد، تخدمه الأرواح (أو الملائكة)، التي تتراءى لنا بشكل كثرة لا تُحصى.

فلا تبحث في الخليقة ما يتجاوز الخليقة، ولا تحدر ذاك المقدِّس على مستوى القدّيسين. فهو من يهب الملائكة ويهب رؤساء الملائكة، وهو من يقدّس الرئاسات وهو من يحيي كلَّ شيء. وهو يضع شيئًا منه في كلِّ خليقة.

*  *  *

ببيتِ القضاء كنتُ عابرًا، فشاهدتُ عجبًا:

الشهداءَ، وهم يحاكَمون (وهناك) من الأثمة،

كانوا يحنونَ رؤوسَهم مثلَ العبد،

ويهتفون ويقولون للمسيح: هلمَّ لمساعدتنا،

أيُّها السيّد الصالح، لأنَّنا، نحبُّك، الآلامَ

احتملنا من الحكَّام مبغضي الحقّ.

ولكنْ فلتأتِ نعمتُكَ ولتسترنا من تهديد الحكم!

 

الشهداء المباركون الذين قُتلوا من أجل ربّنا،

صار دمُهم قربانًا لملكِ الملوك.

لكيما الأمانُ والسلامُ يملكا في الخليقةِ

بصلواتِ والدتِه وقدّيسيه الذين أحبُّوه وآمنوا به.

فلتَبطل منَّا الانشقاقات

والخصومات وأيضًا العواصفُ وكلُّ الهرطقات.

والبيعةُ المقدَّسة المؤمنةُ فلترتّل المجدَ

للربّ لأنَّه عظِّم تذكارَهم.

                (ألحان للشهداء، البيت غازو المارونيّ، الجزء الثاني، ص 125-126)


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM