السرُّ الثالث إكليل الشوك

"وضفروا إكليلاً من شوك ووضعوه على رأس يسوع" (مت 27: 29)

نقرأ النصَّ الكتابيّ ( كو 1: 21-29)

21وأنتم أيضًا الذين كنتم من قديمٍ غرباء وأعداءَ بأفكارِكم بسببِ أعمالِكم السيِّئة، أمَّنكم الآنَ، 22بجسدِه البشريِّ وبموتِه لكي يقيمَكم قدَّامَه قدّيسينَ بلا عيبٍ ولا لوم. 23إذا تثبتونَ في إيمانِكم وأساسُكم راسخٌ وأنتم لا تُزعزعون عن رجاء الإنجيل، ذاك الذي سمعتم أنَّه كُرزَ في الخليقةِ كلِّها التي تحتَ السماء، ذاك الذي أنا بولسُ صرتُ خادمَه. 24وفارحٌ أنا بالآلامِ التي من أجلِكم، ومالئ أنا نقصَ مضايقِ المسيحِ في لحمي لأجلِ جسدِه الذي هو الكنيسة. 25تلك التي صرتُ أنا خادمَها بحسبِ تدبيرِ الله الذي وُهبَ لي فيكم، لكي أكملَ كلمةَ الله. 26ذاك السرَّ الذي كان مكتومًا من العوالمِ ومن الأجيال، أمّا الآنَ فانجلى لقدّيسيه. 27لهؤلاء الذين شاءَ اللهُ أن يعرِّفهم ما هو غنى مجدِ السرِّ هذا في الشعوبِ الذي هو المسيحُ الذي هو رجاءُ مجدِنا. 28ذاك الذي نحنُ كارزونَ ومعلِّمونَ ومفهمونَ كلَّ إنسانٍ بكلِّ حكمةٍ لكي نقيمَ كلَّ إنسان وهو كاملٌ في يسوعَ المسيح. 29في هذه أيضًا أنا عاملٌ وأنا مجاهدٌ بمساعدةِ القوَّة الموهوبةِ لي.

*  *  *

انحنى الجنودُ أمامَ الملك الذي كلَّلوه بالشوك. لم يعرفوا تحت سماتِ الإنسانِ المشوَّه وجهَ ابنِ الآبِ الحبيب. ولا عرفوا أنَّ الملكَ الذي يهزأونَ منه ويشتمونَه هو ملكُ العالم، الملكُ المحبُّ الذي يسمحُ لهم أن يفعلوا.

*  *  *

السلامُ عليكِ يا مريم

نضيفُ في نهاية القسم الأوَّل من السلام الملائكيّ: يسوع المسيح، "الملكُ المكلَّلُ بالشوك".

السلامُ عليكِ يا مريم، يا ممتلئة نعمة، الربُّ معك، مباركةٌ أنتِ بينَ النساء، ومباركٌ ثمرةُ بطنِك سيِّدُنا يسوعُ المسيح، الملكُ المكلَّلُ بالشوك. يا قدّيسة مريم، يا والدةَ الله، صلّي لأجلِنا نحنُ الخطأة، الآنَ وفي ساعةِ موتِنا. آمين.


 

وبقي إذلالٌ آخر لم يعرفه المحكوم عليهم بالموت. قد يتفلون عليهم أو يلطمونهم على وجوههم أو يركلوهم بأرجلهم. ولكن أن يضعوا إكليلاً من الشوك على رؤوسهم، فهذا لم يحصل لإنسان على الأرض، بحسب معرفتنا. هو الملك، كما قالوا عنه. إذًا نحن نجعل على رأسه لا "تاج الذهب" بل "إكليل الشوك"، ونلبسه الثوب الأرجوانيّ لباس الملوك. ونضع في يده قصبة، هي الصولجان وعلامة المُلك. هنيئًا ليسوع بكلّ هذا. ثمَّ إنَّ القصبة تستعمَل لكي يُضرَب يسوع بها على رأسه فيغرز الشوك ويغرز. لست أدري لماذا يحبُّ الإنسان أن يعذّب أخاه الإنسان.

قال الرسول: افرحوا مع الفرحين وابكوا مع الباكين. أمّا الجنود فيفرحون لأنَّ يسوع حزين. ويضحكون لأنَّه يتألَّم، ويشتمون من هو الملك الحقيقيّ الذي يريد أن يملك على القلوب ويضحّي بذاته من أجلهم. فهو من رفض العنف من أيّ جهة أتى، وخصوصًا بالنسبة إلى الضعفاء والمهمّشين والذين ليس لهم من يدافع عنهم. وإن تعذّبوا فهو يأخذ عذابهم على عاتقه، ويجعله أداة خلاص للعالم. آلامهم آلامه. آلامهم تكمّل ما ينقص من آلامه من أجل الكنيسة التي هي جسده.

لا. لم يعد الألم هو النهاية في حياتنا. فبعده الراحة حين يزول كلّ وجع وكلّ بكاء وكلّ دموع. فالذي اتَّخذ وجه السامريّ الصالح، يضع الزيت والخمر على جراحنا ويحملنا على دابَّته إلى الفندق. وهناك تكون لنا لمسة الشفاء والعزاء.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM