ابن الله إنسان من البشر

 

 

ابن الله إنسان من البشر

 

أحد النسبة (رو 1: 1-12؛ مت 1: 1-17)

 

1كتابُ ولادةِ يسوعَ المسيحِ ابنِ داودَ، ابنِ إبراهيمَ، 2إبراهيمُ ولَدَ إسحقَ، إسحقُ ولَدَ يعقوب، يعقوبُ ولَدَ يهوذا وإخوتَه. 3يهوذا ولَدَ فارصَ وزارحَ من تامار، فارصُ ولَد حصرون، حصرون ولَد آرام. 4آرامُ ولَد عميناداب، عمينادابُ ولَد نحشونَ، نحشونُ ولَد سلمونَ، 5سلمونُ ولَدَ بوعزَ من راحاب، بوعزُ ولَد عوبيدَ من راعوت، عوبيدُ ولدَ يسّى، 6يسّى ولَد داودَ الملك، داودُ ولَدَ سليمان من امرأةِ أوريَّا، 7سليمانُ ولَد رحبعامَ، رحبعامُ ولَد أبيّا، أبيّا ولَد آسا، 8آسا ولَد يوشافاط، يوشافاط ولَد يورام، يورامُ ولَدَ عوزيَّا، 9عوزيَّا ولَدَ يوتام، يوتامُ ولَد آحاز، آحازُ ولَد حزقيّا، 10حزقيّا ولَدَ منسّى، منسّى ولَدَ آمون، آمونُ ولَد يوشيّا، 11يوشيَّا ولَدَ يُوكنيا وإخوتَه في جلاءِ بابل.

12ومن بعدِ جلاء بابل، يوكنيا ولَد شلتائيلَ، شلتائيلُ ولَد زربّابل، 13زربّابلُ ولَد أبيّود، أبيّودُ ولَد ألياقيم، ألياقيمُ ولَدَ عازور، 14عازورُ ولَد زادوق، زادوق ولَد آخين، آخينُ ولَد إليودَ، 15إليودُ ولَدَ إليعازر، إليعازرُ ولَد متّانَ، متّانُ ولَد يعقوبَ، 16يعقوبُ ولَدَ يوسفَ رجلَ مريمَ التي منها وُلِدَ يسوعُ المدعوُّ المسيح.

17إذًا، كلُّ الأجيالِ من إبراهيمَ حتّى داودَ، أجيالاً أربعةَ عشَر. ومن داودَ حتّى جلاء بابلَ أجيالاً أربعةَ عشَر، ومن جلاء بابلَ حتّى المسيح أجيالاً أربعةَ عشَر.

*  *  *

نسبٌ بشريّ

هذا الأحد هو الأخير بين آحاد الاستعداد للميلاد. نتعرَّف فيه إلى يسوع الإنسان الحقّ الذي يدخل البشريَّة. يوم عيد الميلاد سوف نراه طفلاً ملفوفًا بالقُمُط. وهو يدعونا أن نأتي إليه في فقره وتواضعه، في تضامنه مع البشريَّة المتنوِّعة.

يفتتح متَّى إنجيله بتقديم نسب يسوع، بسلسلة أجداده، لا بشكل دقيق جدًّا، ولكنَّنا أمام سجلاَّت تشبه سجلاّتنا الحاليَّة. ما يعرفه الإنجيليّ هو أنَّ يوسف الذي تبنَّى يسوع، يرتبط بشكل بعيد بداود. وهكذا دخل يسوع في السلالة الملكيَّة: هو ملك. وسوف يعلن ملكوت السماوات لا مملكة أرضيَّة: وهذا الملكوت مفتوح للجميع. فماذا ننتظر لندخل إليه؟ أمّا الطريق فتبدأ عند هذا الطفل الذي هو المسيح.

 

يسوع غاية البشريَّة

نجد في هذه السلسلة إبراهيم وإسحق ويعقوب. إبراهيم هو رجل الإيمان. إسحق صاحب الرجاء. ويعقوب رجل المحبَّة. مع إبراهيم نجد الإسماعيليِّين بابنه إسماعيل، والعبرانيِّين بابنه إسحق، والقبائل العربيَّة بواسطة قطُّورة. وارتبطت بإبراهيم بشكل غير مباشر، شعوب موآب وعمُّون المقيمة في شرقيّ الأردنّ. ولا ننسى قبائل عيسو ابن إسحق مقابل قبائل يعقوب التي انتشرت في فلسطين، بل أبعد من فلسطين. كلُّ هؤلاء دخلوا في سلالة المسيح.

في العادة، ننطلق من الجدّ لكي نصل إلى الأبناء. أمّا هنا، فالشخص الأهمّ ليس إبراهيم، بل يسوع، وجميع الشعوب يجب أن تصل إليه. فهو من يجمع في شخصه كلَّ الشعوب القبائل، ومنه ستنطلق الشعوب في مسيرتها إلى مجيئه الثاني.

 

رجاء خائب في البشر

وصلت السلسلة إلى داود الذي ارتبط اسمه باسم أورشليم، مدينة الله. وإلى سليمان الذي بنى هيكلاً سيصبح رمزًا لحضور الله وسط شعبه. وتوالى الملوك في أرض يهوذا حتَّى السبي الذي تمَّ سنة 587ق.م. وحاولوا أن يسيروا حسب شريعة الله. لكنَّ أكثرهم لم يفعلوا القويم في نظر الربّ. ومع ذلك، هؤلاء كلُّهم هم أجداد المسيح. وسيأخذ على عاتقه حياتهم وأعمالهم. جاء لا ليقدِّس الكون وحسب، بل ليقدِّس الإنسان ويعيد إليه بهاءه الأوَّل كما خرج من يد الله.

بعد السبي، تتكوَّن السلسلة من أسماء مغمورة. بعد أن انتظر المؤمنون بعض الشيء من زربَّابل الذي حاول أن يجمع في شخصه داود وسليمان، فيعيد إلى أورشليم بهاءها وإلى الهيكل جماله. ولكنَّ أورشليم ظلَّت مهدومة، وستُعاد أسوارها مع نحميا، والهيكل سيكون صغيرًا جدًّا. فهل يجعل الإنسان رجاءه في الإنسان مهما كان عظيمًا؟ وهكذا فهم الشعب شيئًا فشيئًا أنَّ عليه أن ينتظر خلاصه من الله وحده. وهذا الإله سوف يرسل من أعلى سمائه ذاك الآتي على سحاب السماء، كما يقول سفر دانيال وكما طبَّقه المسيح على نفسه في مشهد محاكمته أمام رؤساء الكهنة.

 

الغرباء هم نسله أيضًا

لم يذكر متَّى سارة، زوجة إبراهيم، ولا رفقة زوجة إسحق، ولا راحيل زوجة يعقوب، بل تامار، وراحاب، وراعوت، وامرأة أوريّا، ومريم. خمس نساء. والرقم خمسة هو رقم الكمال والقداسة لدى الشعب العبرانيّ. وحين نذكر أنَّ المرأة تمثِّل شعبًا من الشعوب، نفهم أنَّه بواسطة هؤلاء النساء دخلت الشعوب في نسب المسيح. تامار الزانية. راحاب البغيّ، راعوت الغريبة، بتشابع امرأة أوريَّا الحثّيّ، جئن من الخطيئة والغربة عن الوعد. أربع نساء يمثِّلن الكون. وتتوِّجهنَّ مريم التي منها وُلد يسوع.

تشبَّه يسوع بأولاد هؤلاء النسوة الأربعة. شابهنا في كلِّ شيء ما عدا الخطيئة. ولكنَّ يسوع أخذ الخطيئة على عاتقه، وصار خطيئة من أجلنا لكي نصير نحن برَّ الله. أو بالأحرى، أخذ البشريَّة كما هي. وما كان يستطيع ذلك، حسب مخطَّط الله، إلاَّ بدخوله في هذه البشريَّة. شدَّد لوقا في النسب الذي أورده على الشموليَّة، فوصل إلى آدم. أمّا متَّى فشدَّد بالأحرى على الخطأة الذين يأتون إلى المسيح رافع خطيئة العالم، وعلى الغرباء لكي يدخلوا في شعب الله قبل مجيء المسيح فيدعوهم جميعًا إلى ملكوته. كما فعل في مثل الوليمة، ولكن الويل لمن لا يكون عليه لباس العرس!

في الرسالة إلى رومة، قدَّم بولس وجه يسوع الإنسان الذي هو ابن داود، ووجه يسوع الإله الذي أظهر لاهوته حين قام من بين الأموات. هذا الآتي إلينا وعد به الله بواسطة الأنبياء. حملوا الكلمة بانتظار مَن هو الكلمة. والكنيسة تعلن هذه البشرى إلى جميع الشعوب، ولاسيَّما مركز الإمبراطوريَّة التي ضمَّت حوض البحر المتوسِّط ففي قلب العالم المعروف آنذاك، بُشِّر بالله الآب والابن والروح القدس، من خلال هذا الطفل. وارتبط الميلاد بالقيامة، والعيد الصغير بالعيد الكبير. الميلاد بداية خلاصنا، والقيامة تتمَّة هذا الخلاص وانطلاق نحو المجيء الثاني بعد أن دشَّن يسوع النهاية بموته وقيامته وصعوده. بهذه الولادة والقيامة، صار المؤمنون قدِّيسين، أي تكرَّسوا لله مع يسوع، فكوَّنوا شعب الله مع أخيهم البكر يسوع المسيح.

 

عيش الكلمة

أسماء وأسماء قرأناها، هم أجداد يسوع. سبقوا يسوع وهيَّأوا له الطريق، بما في هذه التهيئة من ضعف وخطيئة ومحاولة عيش بحسب الوصايا. أخذهم يسوع في سلالته كما هم. وفي الواقع، خلال حياته على الأرض، استقبل الخاطئة وقال لها: قومي ولا تعودي إلى الخطيئة. واستقبل الابن الضالّ الذي رضي أن يكون أجيرًا، فما رضي به إلاَّ ابنًا... وهو يستقبل اليوم كلَّ واحد منَّا، بل هو يجيء إلينا، يقرع الباب. هل نسمع صوته، ونفتح له؟ وهكذا نعيِّد معه في روح الفقر والتجرُّد، في روح التضامن والمحبَّة، في روح الطفولة التي وحدها تفتحنا على ملكوت الله.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM