يسوع المسيح مؤسّس الأسرار

 

يسوع المسيح مؤسّس الأسرار

 

تتميَّز الأسرار السبعة عن الرتب وجميع العبادات بأنّ المسيح هو الذي وضعها وهو من يعمل في طقوس كنيسته. ذاك ما قاله الآباء. فتحدَّث إيرينه أسقف ليون في فرنسا، عن المعموديّة، وردَّ على الغنوصيِّين في كتابه "الردُّ على الهراطقة". وبعث قبريانس برسالة إلى أشخاص اعتبروا أنَّ القدّاس لا يكون بالخمر، بل بالماء... ورأى يوحنّا الذهبيّ الفم والقدّيس أوغسطين في الماء والدم اللذين جرَيا من جنب يسوع، ينبوع المعموديّة والإفخارستيّا. "قلتُ إنّ الماء والدم هما رمز المعموديَّة والإفخارستيّا. في هذين السرّين، غسلُ الميلاد الثاني والقربان الإفخارستيّ اللذين يجدان أصلهما في جنب المسيح المطعون، تتأسّس الكنيسة" (القدّيس أوغسطين).

هذا اليقين أنّ المسيح - وبالتالي الله - هو الينبوع المحيي لكلّ سرّ، يشكِّل مسألة التأسيس. فالموضوع ليس أوّلاً تحديد الأقوال الدقيقة ("الشكل") والموادّ التي تُستعمل ("المادّة")، كما أراد أن يفعل مجمع ترنتو في وجه المصلحين. بل الموضوع هو أنّ يسوع المسيح هو منظِّم الأسرار، أي مؤسّسها والفاعل فيها. هذا يعني حسب القدّيس توما الأكويني أنَّ قوَّة السرِّ لا تأتي إلاّ من الله. وينتج عن ذلك أنَّ الله وحده أسَّس الأسرار، وبشكلٍ أدقّ المسيح كونه الله. بعد ذلك نستطيع القول إنّ الكنيسة حدَّدت المادَّة والشكل مستنيرةً بالروح القدس.

سنة 1917، شجبت الكنيسة قولاً بأنّ الأسرار مدينة بأصلها إلى أنّ الرسل وخلفاءهم فسَّروا فكر المسيح ونيَّته بعد أن ضغطت عليهم الظروف والأحداث. إذا كانت هذه الظروف فرضت هذا التفسير، فلو أتت ظروف أخرى لكان تفسير آخر. وهكذا يكون عمل يسوع خاضعًا لظروف من هنا وهناك. هذا مستحيل.

الأساس هو يسوع المسيح الذي أعطانا هذه الأسرار السبعة، وأرادها أن ترافق الإنسان منذ الولادة، مع سرِّ المعموديّة، حتَّى الانتقال من هذه الحياة مع سرّ مسحة المرضى، مع زادٍ يرافقنا هو الجسد والدم بحيث لا نجوع ولا نعطش، بل نصل أقوياء إلى حيث يريدنا الربُّ أن نلتقي به، فيكون لنا معه ملء السعادة.

 

*  *  *

 

فصل من إنجيل ربِّنا يسوع المسيح للقدّيس يوحنّا (19: 31-37)

 

31ولأجلِ أنَّ الجمعةَ كانت، كان اليهودُ قائلين: "لا تبيتُ الأجسادُ هذه على صلبانِها لأنَّ السبتَ مُطِلٌّ؛ لأنَّ يوم السبت ذلك كان يومًا عظيمًا. فطلبوا من بيلاطُسَ أن تُكسَرَ سيقانُ هؤلاء المصلوبين وينزلوهم. 32والجنودُ أتَوا وكسروا ساقَي الأوَّل (وساقي) ذلك الآخَرِ الذي صُلبَ معه. 33ولمّا أتَوا إلى يسوعَ رأوا أنَّه ماتَ هو من قبْلُ، فما كسروا ساقَيْهِ. 34لكنْ واحدٌ من الجنودِ طعنَه في جنبِه بحربةٍ وحالاً خرجَ دمٌ وماء. 35ومن رأى شهد، وحقٌّ هي شهادتُه، وها عارفٌ أنَّه قالَ الحقَّ بحيثُ تؤمنون أنتم أيضًا. 36وهذه كانتْ ليتمَّ الكتابُ الذي قالَ: عظمٌ لا يُكسَر فيه. 37وأيضًا الكتابُ الآخر الذي قالَ: ينظرونَ إلى الذي طعنوه.

 

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM