الفصل الحادي والثلاثون آلام يوحنا المعمدان وموته

الفصل الحادي والثلاثون
آلام يوحنا المعمدان وموته
14:6- 29

أرسل يسوع تلاميذه اثنين اثنين وأعطاهم سلطاناً... وفرغت "الساحة" إلاّ من يسوِع. وإذ ينتظر القارىء عودة التلاميذ، قدّم له مرقس مقطعاً يعلن مسبقاً آلام يسوع وموته: قدّم خبر سجن يوحنا المعمدان بانتظار أن يرسل هيرودس ويقطع له رأسه. ما يهيّىء هذا النص هو نبذة قصيرة تورد إعتبارات هيرودس حول يسوع. نجد المتتالية عينها عند متى وذلك قبل أول تكثير للأرغفة، ولكن حالاً بعد زيارة يسوع إلى موطنه (مت 14: 1- 12). أما لوقا فأعلن في بضع كلمات موت السابق، وذلك قبل عماد يسوع (لو 3: 19-20). واقتفى آثار مرقس فجعل حكم هيرودس على يوحنا يلي إرسال الإثني عشر (7:9- 9). هذا التنوّع في ترتيب المواد التي نقلها التقليد، يدلّ على هدف خاص بكل إنجيلي حين نقل إلينا هذا الخبر.

1- يسوع، هيرودس، يوحنا المعمدان
يبدأ النص حالاً: وسمع الملك هيرودس بأخبار يسوع.
من هو هيرودس هذا؟ هو هيرودس انتيباس (4 ق. م.-39 ب. م.). كان ابن هيرودس الكبير (37 ق. م.- 4 ب. م.)، شأنه شأن أخيه ارخيلاوس، من امرأته الرابعة ملتكة السامرية. سمّي بشكل عام "التترارخس" (أي رئيس الربع) تمييزاً عن أبيه الملك هيرودس. ولكن مرقس لم يأخذ بهذه العادة، فتكلّم عن "الملك هيرودس". أما لوقا فتحدّث في 3: 1 عن "هيرودس، تترارخس الجليل" (رج لو 8:9). تزوّج مرة أولى ابنة ملك الانباط، الحارث الرابع. ثم طلّقها سنة 27، وتزوّج هيرودية، إمرأة أخيه من أبيه، هيرودس فيلبس الأول المقيم في رومة.
كانت هيرودية ابنة ارسطوبولس وبرنيقة، وحفيدة هيرودس الكبير، وبالتالي ابنة أخي هيرودس انتيباس. أما سالومة ابنتها التي يتحدّث عنها النصّ الإنجيلي ولا يذكر اسمها، بل يذكر ما فعلت، فقد صارت زوجة هيرودس فيلبس آخر. كان ابن هيرودس الكبير وابن امرأته الخامسة كليوبترة التي من أورشليم. صار تترارخس ايطورية وتراخونيتس (ما يقابل الجولان وحوران اليوم)، وأعاد بناء بيت صيدا وقيصرية فيلبس (جمع اسم القيصر الروماني مع اسمه).
ونعود إلى هيرودس انتيباس. عيّن تترارخساً على الجليل بعد موت أبيه هيرودس الكبير، سنة 4 ق. م. ويروي المؤرخّ اليهودي فلافيوس يوسيفوس أنه سجن يوحنا لأسباب سياسية في قلعة مكاور. فرأى الشعب في هزيمته أمام الحارث الرابع، ملك الأنباط، عقاباً من قبل الله بسبب مقتل يوحنا المعمدان. إنه يمثّل عائلة اشتهرت بالقساوة والظلم، كما اشتهرت بالترف وحبّ البزخ.
أ- من هو يسوع
إن هيرودس هذا تساءل عن يسوع. أيكون يوحنا؟ وجاء جواب الملك. "يوحنا الذي أنا قطعت رأسه قد قام من الأموات". نلاحظ هنا وقبل الوقت هذا الحديث عن قيامة يوحنا. إنها رمز بعيد إلى قيامة يسوع.
آراء عديدة حول نبيّ الجليل وصانع المعجزات فيه. لقد اختار الملك قولاً من الأقوال فأعلن رأيه في هذا الرجل الذي ليس بعاديّ، في يسوع. فالآخرون فكّروا في إيليا الذي أعلن عن مجيئه النبي ملاخي (23:3: ها أنا أرسل إليكم إيليا النبي، رج سي 48: 10- 11). وبعضهم فكّر بمجيء نبيّ يشبه الأنبياء السابقين، ويهيّىء لمجيء الأزمنة المسيحانية (تث 15:18- 18؛ رج أع 22:3- 30).
نتذكّر هنا أن يسوع، خلال زيارته إلى مدينته، قد سمّى نفسه النبي (4:6: لا نبيّ بلا كرامة). وجاء الحماس الشعبي فمنحه هذا اللقب. ولكن ما زال التردّد مسيطراً حول هوية يسوع الحقيقية: كل واحد يعطي رأيه في يسوع حسب المثال الذي جعله أمامه، أو حسب الانتظار الذي يغذّي شعبه. لا أحد يمتلك معياراً دقيقاً يساعده على تقدير يسوع حقّ قدره.
حين عدّد مرقس الآراء المختلفة لدى الجموع، وجّه قارئه منذ الآن نحو اكتشاف متدرّج لشخص يسوع. بدأ الناس وتساءلوا عن أعماله العجيبة. قالوا: "ما هذا" (27:1)؟ وكانت خطوة ثانية مع التلاميذ حين تسكين العاصفة. تساءلوا: "من هذا" (4: 41)؟ الريح والبحر يطيعانه. ولكن الرب هو الذي يسيطر عليهما. أترى يسوع على علاقة مع يهوه؟ وتنوّعت الآراء. بعد شفاء المخلّع وغفران خطاياه، قال الناس: "ما رأينا مثل هذا العمل قط" (12:2). وبعد شفاء مجنون الجراسيين "كان جميع الناس يتعجّبون" (5: 20). وبعد شفاء الأصمّ الألكن، قال الجمع بإعجاب شديد: ما أروع أعماله كلها. وهكذا عادوا إلى عمل الخلق حيث رأى الله جميع ما عمله فإذا هو حسن جداً (تك 1: 31).
وكانت آراء سلبية حوله يسوع. خاف أهله عليه وعلى أنفسهم فقالوا فيه: إنه فقد صوابه (3: 21). واعتبره تلاميذه وهو ماشياً على الماء "شبحاً وخيالاً" (49:6). هذا هو عمل الليل. وسيحتاجون إلى نور النهار ونور الإيمان ليطمئنوا أولاً ويفهموا كلمته: "أنا هو" أي أنا يهوه، أنا الرب بحسب تسمية العهد القديم (رج خر 3: 12). أما أهل الناصرة فلم يستطيعوا أن يرتفعوا عن مستوى العائلة والقبيلة: "من أين له هذا"؟ من أين له هذه الحكمة؟ من أين له هذه المعجزات يجترحها؟ هو في نظرهم ذلك النجار. هو ابن مريم. هو أخو يعقوب ويوسي ويهوذا وسمعان. نحن نعرف أخواته وأقاربه وأهل بيته. وهكذا حبسوه في إطار بشري ضيّق، كما سيحبسه الكتبة والفريسيون في إطار يهودي. وحين يحاول أن يخرج من هذا الإطار يحكمون عليه بالموت.
يعلن للمخلع: مغفورة لك خطاياك، فيعلن الكتبة: إنه يجدّف. من يغفر الخطايا إلاّ الله وحده. ولكن يسوع قال في صيغة المجهول "غفرت خطاياك"، فدلّ على عمل الله. ثم إنه قد يكون على علاقة بالله (2: 1 ي). وأعلن يسوع أنه رب السبت (28:2) وبالتالي رب الشريعة. فلم يبقَ للفريسيين إلاّ التشاور مع ألدّ أعدائهم الهيرودسيين "ليقتلوا يسوع (6:3).
وحاول الشياطين أن يتعرّفوا إليه لكي يسيطروا على القوة الخارجة منه. قال له الروح النجس في 1: 24: "أنا أعرف من أنت. أنت قدوس الله" (رج 1: 34: منع الشياطين أن تتكلّم عنه لأنها عرفته). وصاحت الأرواح النجسة أمام الأشفية المتعدّدة: "أنت ابن الله" (3: 11). أما مجنون الجراسيين فأحسّ بالخطر، وحاول أن يتفاوض من أجل هدنة. "مالي ولك (لماذا العداوة بيننا؟) يا يسوع، ابن الله العلي" (5: 7)؟
مسيرة طويلة، مسيرة بطيئة، مسيرة متدرّجة، وصلت بنا إلى هذا التساؤل في بلاط هيرودس: من هو يسوع؟ وحده الإيمان يجعلنا نكتشف حقاً شخص يسوع. ولكن هذه التساؤلات الأخيرة (6: 14- 16) قد هيّأت الطريق للسؤال الذي سيطرحه يسوع نفسه على تلاميذه: وأنتم، من تقولون إني هو؟
ب- آلام يوحنا المعمدان
إذا أردنا أن نعرف من هو يسوع، يجب أن ننظر إلى السابق الذي ارتبط مصيره بمصير ذلك الذي تحدّث عنه مسبقاً. كان يوحنا صورة عن يسوع في مولده وطفولته (لو 1- 2). وكان صورة عنه حين بدأ يعلن: توبوا، فقد اقترب ملكوت الله (1: 4؛ ق 1: 15؛ مت 4: 17).
لم يبدأ يسوع أن يعلن عن نفسه إلاّ بعد "أن اعتقل يوحنا" (1: 14؛ مت 4: 12؛ رج مت 17: 22؛ 26: 2؛ 27: 2، 18، 26 حول اعتقال يسوع). هنا أيضاً يصوّر مصيرُ المعمدان بخطوط رفيعة المصيرَ الذي ينتظر يسوع. فهناك من يفكّر مع هيرودس أن يوحنا قام بعد أن قُتل عنفاً وظلماً. وهناك عدد من العناصر التدوينية، كما أن هناك موازاة بين شخص يوحنا وشخص يسوع، تدلّ على أنه يجب أن نقرأ خبر مقتل يوحنا كمقدّمة لخبر مقتل يسوع. وهكذا لا نقول كما قال البعض ان مر 17:6- 29 هو النصّ الوحيد في مرقس، الذي لا يتحدّث عن يسوع. هو لا يتحدّث عن نشاط يسوع لأن التلاميذ غائبون، ويسوع لا يريد أن يعمل شيئاً بدونهم. وبعد عودة التلاميذ من الرسالة سيعود إلى الحديث عن نشاط يسوع الذي أخبره تلاميذه "بكل ما عملوا وعلّموا" (6: 30).
هناك ألفاظ عديدة استعملها مرقس لكي يصوّر "آلام" يوحنا المعمدان، ثم استعادها للحديث عن "آلام يسوع". كلاهما "قُبض عليه" و"جُعل في السجن" (17:6؛ 65:14؛ 15: 1). هيروديا تريد "قتل" يوحنا (19:6). ورؤساء الكهنة بحثوا عن حيلة تمكّنهم من "قتل" يسوع (14: 1). "خاف" هيرودس من يوحنا (6: 20) لعلمه أنه رجل صالح قديس. وخاف رؤساء الكهنة من يسوع لأن الناس كانوا معجبين بتعليمه (18:11). يوحنا هو رجل "صالح قديس"، وهذا ما يقال عن يسوع في أع 2: 27؛ 3: 14؛ 7: 52؛ 13: 35؛ 22: 14. كان هيرودس يصغي إلى يوحنا بارتياح (6: 20). وكانت جموع الناس تصغي إلى يسوع بسرور (12: 30). مات يوحنا فأتى تلاميذه "وأخذوا جثته ووضعوها في قبر". وماتت يسوع فدفنه يوسف الرامي "في قبر محفور في الصخر" (15: 45- 46).
قال يوسيفوس إن هيرودس سجن يوحنا لأسباب سياسية. ولكن مرقس قال: لأنه وبّخه على علاقة غير شرعية مع امرأة أخيه فيلبس. إن النظرة الأولى لا تستبعد النظرة الثانية. فكل نظرة تبرز بُعداً مختلفاً من الواقع، كما تكشف في تداخلها مع الأخرى الالتباس في شخصية هذا الرجل الذي سماه يسوع ذاك الثعلب.
حين شجب يوحنا المعمدان سلوك هيرودس، كان أميناً للشريعة التي تمنع الزنى حسب خر 14:20؛ تث 18:5. كما تمنع بعض الزواجات بين الأقارب (لا 18: 16: لا تكشف عورة زوج أخيك: 20: 21). وهكذا وقف يوحنا "مسبقاً" في خطّ الموقف الذي اتخذه يسوع بالنسبة إلى الطلاق (10: 1- 12).
إن موضوع أمانة هذا النبي للشريعة، يذكّرنا بإيليا الذي واجه سلوكاً رديئاً لدى الملك أحاب (1 مل 17:21- 26)، ومؤامرات دنيئة لدى الملكة إيزابيل (1 مل 19: 2؛ 21: 4- 16). كل هذا كان نقطة إنطلاق للحديث عن تقليد الأنبياء الشهداء. نقرأ في سي 48: 12: "طول أيامه لم يضطرب أمام سلطان، ولا تمكّن أحد من إخضاعه" (رج إر 38: 14- 15).
إن تنظيم الخبر الإنجيلي في إطار وليمة عيد ميلاد الملك مع رقصة إبنة هيرودية (سالومة)، وقسَم الملك هيرودس، يذكّرانا بما في سفر استير حيث خلفت اليهوديةُ الجميلة (أس 2: 9) الملكة وشتي (أس 1) ودفعت الملك احشويروش لأن يقدّم لها "نصف مملكته" (أس 3:5، 6؛ 7: 2؛ 9: 12). وهكذا نالت قراراً بالعفو عن اليهود وإعادة اعتبارهم، وبقتل محازبي هامان (أس 9: 5: 17: إستلهم التقليد الإنجيلي ولا شك أسلوب المدراش من سفر استير). أما قسم هيرودس فجعل الملك في موقف دقيق تجاه مدعوّيه (6: 26). هؤلاء كانوا من الصادوقيين، وبعض الفريسيين الذين جاؤوا ليراقبوا سلوك الملك ويحكموا على يوحنّا المعمدان. هذا الوضع التي لا تنقصه خلفيات سياسية، قد يشير إلى وضع وجد بيلاطس فيه نفسه بالنسبة إلى يسوع "لأنه كان يعرف أن عظماء الكهنة سلّموه إليه حسداً" (15: 10).
وما يبرز قوة الإيحاء في هذا الخبر، هو موضعه في هذا الوقت من الإنجيل: فالرباط بين مصير يسوع ومصير المعمدان الذي قُدّم على انه "إيليا الذي سيأتي أولاً" (9: 11)، وإطار الوليمة التي فيها جرى دم رجل قديس وصالح (هذا ما يجعلنا نفكر بالعشاء الأخير، 18:14- 25)، والتلميحات إلى آلام يسوع ودفنه، كل هذا يشكّل تنبيهات يوجّهها الإنجيلي حول الطريقة التي بها نقرأ "مقال الخبز". فالوليمة التي ستأتي فيما بعد (6: 30- 44)، والإشارة المتكرّرة إلى الخبز، لا تتّخذان كامل معناهما إلاّ إنطلاقاً من شخص يسوع التي ستنكشف هويته في الطريقة التي بها يقدّم نفسه إلى أيدي البشر (9: 31؛ 22:14؛ 45:15).

2- هيرودس ويسوع (6: 14- 16)
ونعود إلى دراسة النص من الناحية الأدبية والتحليلية.
أ- تساؤل هيرودس
إن هذا المقطع (آ 14- 16) والذي يليه (آ 17- 29) يفصلان بين قسمين من الإنجيل.
لا يقول لنا مرقس ماذا كان نشاط يسوع خلال رسالة الإثني عشر. قد نكون من البساطة بمكان إذا قلنا: كيف نعرف ما عمله يسوع والشاهدون على نشاطه غائبون؟ يجب أن نلاحظ مرة أخرى أن الإنجيلي مرقس لا يتصوّر يسوع بدون تلاميذه. فهم منذ البداية معه، ولن يتركوه إلاّ في وقت الآلام.
يظنّ الشرّاح عامة أن موت يوحنا سابق للزمن الذي فيه وضعت مهمة الإثني عشر (20:2). فإقحام خبر مقتل يوحنا في هذا الموضع يفسّر حينئذ بأحد هذين السببين. إمّا أن مرقس أراد أن يملأ المدى الواقع بين ذهاب الرسل وعودتهم. وإمّا أنه أراد أن يعطي لهذا الجزء من كتابه الذي يعود إلى اعتراف بطرس، مقدمة توافق الموضوع. فالنصّ يعبّر عن حيرة هيرودس والشعب بألفاظ توازي تلك التي نقرأها في مشهد قيصرية فيلبس (27:8- 28). ويكفي مرقس أن يذكر رأي هيرودس حول هوية يسوع الحقيقية، لكي يروي موت يوحنا المعمدان الذي يصوّر مسبقاً مصير يسوع. وهذا المصير قد أنبأ به يسوع بعد اعتراف بطرس (8: 31).
من المعقول أن لا يكون التترارخس اكتفى بالسؤال والتساؤل. هذا ما يقوله لنا لو 13: 31 (هيرودس يريد قتلك)، حتى ولو اعتبرنا أن هذا الحدث جاء بعد مقتل يوحنا. ثم إن الهيرودسيين في 6:3 لم يتّصلوا بالفريسيين دون أمر هيرودس (رج 8: 15: خمير الفريسيين وخمير هيرودس). حينئذ نستطيع أن نتساءل: أما يكون الدافع لأسفار يسوع خارج الجليل (ستوردها المرحلة المقبلة) تهديدات أحس بها؛ هذا ما فهمه متى (12:14-13: فلما سمع يسوع بمقتل يوحنا خرج من هناك). وسواء جاءت من الجموع أو من التلاميذ، أو من الفريسيين، أو من هيرودس، فالعلامات تتكاثر وهي التي تقود يسوع إلى يقين يقول له إن ملكوت الله لا يُبنى إلاّ عبر موته. ولكنه يتصرّف هنا كما تصرّف في السابق. هو لا يستبق الساعة التي حدّدها الله.
إن آ 14- 16 تجد ما يوازيها في مت 14: 1- 2، وفي لو 7:9- 9. غير أن متى لا يشير إلى إيليا ولا إلى الأنبياء الآخرين. وهكذا يكون مشهد قيصرية فيلبس بعيداً بعض البعد عن النص الذي ندرس. وهكذا يفترق متى عن مرقس ولوقا حين يذكران إيليا والأنبياء.
يرى الرأي العام في ذلك الوقت أنه لا يستطيع أن يفسّر نشاط يسوع إلاّ إذا كان في الواقع يوحنا المعمدان، إيليا، أو أحد الأنبياء. وهذا أمر له معناه. ففي القرن الأول المسيحي، كان التيّار النبوي ينتمي إلى الماضي. فالنبي هو الشخص الذي به يوجّه الله كلامه بشكل مباشر. هكذا قال الرب (2 صم 7:12؛ 1 مل 7:14؛ أش 10: 24...). هو وسيط كلمة الله لشعبه لأن الله كلّمه كلاماً مباشراً (أش 8:6- 9؛ 3:7؛ 8: 1، 5؛ إر 1: 4؛ 2: 1...). من هذا القبيل يمتلك هذا الإنسان عطية الروح، بل الروح هو الذي يمتلكه، يقبض عليه. هذا ما قيل بشكل واضح عن إيليا (1 مل 18: 12) عن شاول أو داود (2 صم 23: 2؛ رج مر 12: 36)، وخصوصاً عن حزقيال (حز 2: 2؛ 3: 12...). وهذا الواقع هو واقع الأنبياء بشكل عام أكانوا عاموس أو هوشع (هو 9: 7) أو يوئيل (يوء 3: 1). وقد قال سفر العدد (29:11) في ذلك: "ليت جميع أمة الرب أنبياء يحلّ روح الرب عليهم"!
ولكن تيقّن الناس ان زمن الأنبياء قد ولّى (قد أغلق باب النبوءة)، لأن الروح "انطفأ". لا شك في أنّه ولدت في ذلك الوقت تيارات مواهبية. لا شك في أن أهل قمران اعتبروا أنهم يمتلكون الروح. لكننا نعتبر بشكل واسع أن عودة الروح والظواهر النبوية اعتبرت أموراً اسكاتولوجية، ننتظرها في نهاية الأزمنة. أما يوحنا المعمدان فلم يخلط بين عماد يعطيه وعماد الروح المحفوظ للذي ينبىء به. "أنا عمّدتكم بالماء، وأما هو فيعمّدكم بالروح القدس" (1: 8).
ب- من النبوءة إلى الشريعة
ليس القرن الأول زمن النبوءة، إنه زمن الشريعة وبالتالي زمن الرابانيين. اختلفت وساطة الرابانيين عن وساطة الأنبياء بين الله وشعبه. فسارت في خط وساطة الشريعة. لا شك في أن الشريعة هي كلمة الله، ولكنها كلمة قد تثبّتت في النصوص، سواء نصوص الكتاب المقدس وسواء نصوص التقليد. كلمة الله في نظر عاموس أو إرميا هي الله الذي يتكلّم هنا والآن بالنظر إلى زمن محدّد في تاريخ اسرائيل. هو يتكلّم بحرية غنية "بالتناقضات" تدل على أمانة الله لهذا التاريخ، وعلى الطابع الشخصي والحي لهذه الكلمة. أما الشريعة فهي الكلمة التي قيلت مرة من المرات. نحن لا نستطيع أن ننتظرها من جديد، بل نحاول أن نفهمها ونفسّرها.
لا شك في أننا لا نستطيع أن نتخيّل ما كانت تعنيه الشريعة لليهودي في القرن الأول. فالإنجيليون لم يقولوا لنا شيئاً في هذا المجال. فبجانب الرابي الذي يتساءل هل نستطيع أن نأكل بيضة بيضت يوم السبت، هناك من يكتشف بهاء الله من خلال حرف الشريعة. وقد حكم المسيحيون باسم الإنجيل على الرابانيين المتعبّدين للشريعة وكأنها صنم (هذا لا يعني أننا تحرّرنا من صنميّة الشريعة).
ديانة الشريعة هي ديانة الطمأنينة، ديانة الذين لا يثقون بتبدّلات الإنسان، بل بالنصوص التي لا تتبدّل. هناك طريق الإيمان ومخاطرها. هناك الإنجيل بما فيه من جديد دائم. ولكننا نُحلّ محل الله شيئاً ثابتاً وأكيداً دون أن نخسر شيئاً من خيرات الله.
خاطر الله. أرسل أنبياءه. سلّم كلمته إلى الإنسان الضعيف والسريع العطب. هذه المخاطرة هي مخاطرة الحرية المتروكة للمرسلين مع تناقضاتهم وربما مع أخطائهم البشرية. الله وحده ترك الباب مفتوحاً أمام كلمة حية ومباشرة.
وجاء وقت غاب فيه "الأنبياء، فكان زمن الشريعة التي هي مرآة عن الله أو حاجز بين الإنسان والله، ولكنها قد تطمئن الإنسان حتى الجمود. وواجه الرابانيون (أنبياء أو أشخاص عاديون) الشريعة، واجهوا حرف الشريعة الذي يقتل في النهاية، إن لم يُحيه نور الرب.
وإذ اعتبرت عودة زمن الأنبياء كإحدى العلامات عن الأزمنة الأخيرة أزمنة التتمة، فهذا الإعتبار كان في نظر القرن الأولى البرهان على أن عبادة الشريعة لم تلغِ الحنين إلى كلمة مباشرة يوجّهها الله إلى شعبه. نلاحظ حين نقرأ النصَوص الإنجيلية أن الناس استصعبوا هذه العودة، ما عادوا يتخيّلونها. ليس من المعقول أن يقوم نبيّ جديد. فكأن لا جديد بعدُ عند الله! فأقوال ومعجزات يسوع تدهش الناس. لا نستطيع أن نجعله مع الكتبة بسبب السلطان الذي يتمتّع به (22:1- 27).
ج- يسوع نبي
فمن هو يسوع إذن؟ يوحنا، إيليا أو أحد الأنبياء القدامى؟ لماذا لا يكون النبيّ يسوع؟ لم يفكّروا في هذا الاحتمال. ففي المقاطع الإنجيلية التي فيها يعني هذا اللقب يسوع، لا نجد عبارة "النبي يسوع الناصري في الجليل" إلاّ مرة واحدة في مت 21: 11 (الدخول إلى أورشليم). أما النصوص الأخرى فتدلّ على الشك والارتياب. جاءت امرأة تائبة إلى يسوع. قال سمعان الفريسي: لو كان هذا الرجل نبياً... ولكنه لو كان نبياً لمنع هذه المرأة من أن تلمسه (لو 39:7). وخلال جدال حول هوية يسوع، إنتهى كل شيء بالقول "الفصل": "فتّش تجد أن لا نبي يظهر من الجليل" (يو 7: 52). وهناك نصوص تدلّ على الهزء والسخرية. هذا ما نجده في وقت الآلام: غطّوا وجهه ولطموه. قالوا له تنبأ (مر 14: 65). لا نعرف ماذا انتظر الناس: نبياً جديداً، أم نبياً من الأيام القديمة. أراد الرؤساء أن يمسكوا يسوع، فخافوا من الجموع لأنهم كانوا يعدّونه نبياً (يو 21: 46). وبعد إقامة ابن أرملة نائين قال الشعب وهم يمجّدون الله: "ظهر فينا نبي عظيم وافتقد الله شعبه" (لو 16:7).
يلفت انتباهنا هذا الاستسلام لدى شعب كامل: هو لا يرجو شيئاً
جديداً. لا ينتظر إلاّ تكرار الماضي. ولكن معاصراً لهم جُعل على مستوى إيليا، على مستوى الأنبياء القدماء. إذا كان يسوع نبياً مثل يوحنا المعمدان، فهذا يعني أن يوحنا كان نبياً حقيقياً. وهكذا نفهم المكانة الفريدة التي احتلّها في عصره. لقد أورد الإنجيليون بعض الشهادات. إن هيرودس "أراد أن يقتله، فخاف من الشعب لأنهم كانوا يعدّونه نبياً" (مت 14: 5). وخاف الرؤساء أيضاً من غضبة الشعب بسبب إكرامهم ليوحنا "النبي" (مت 21: 26؛ رج مر 11: 32؛ لو 20: 6). ويسوع نفسه شهد يوحنا المعمدان: "هو أفضل من نبي" (مت 9:11). "ما ظهر في الناس أعظم من يوحنا المعمدان" (مت 11: 11؛ رج لو 7: 26). وتجاه هذا نسمع أقوال يوحنا في نفسه. يسوع الآتي هو أقوى منّي (مر 1: 7- 8). هو صوت صارخ يهيّىء الطريق (يو 1: 21 ي). هو صديق العريس يفرح لفرحه. "له هو أن يزيد، ولي أن انقص" (يو 27:3- 30)!
جاء كهنة من أورشليم وسألوا يوحنا: هل أنت إيليا؟ هل أنت النبي (يو 1: 21)؟ هذا ما يفهمنا أن معاصري يسوع انتظروا مع "عودة" الروح والظواهر النبوية، مجيء ذاك الذي يسمّى "النبي" في المطلق. النبي الذي هيّأه السابقون. النبي الذي لا نبيّ بعده. وحين نتكلّم عن أنبياء المسيحية نقول إنهم يشاركونه في موهبة حمل كلمة الله لأنه كلمة الله بالذات.
تحدّث لا 15:18 عن هذا النبي المنتظر الذي سيكون صورة عن موسى، بل الصورة الكاملة. قال موسى: "يقيم لكم الرب إلهكم نبياً من بينكم، فاسمعوا له". إنتظر الشعب اليهودي هذا النبي الخارق، ولهذا أرسلوا يسألون يوحنا المعمدان إن كان هو النبي. أجاب يوحنا: لست "النبي" ولم يقل لست "نبياً" (يو 1: 25). فالنبي هو ذاك المنتظر. وبحسب يوحنا هو يسوع المسيح. وبعد تكثير الأرغفة سيهتف الشعب: "بالحقيقة هذا هو النبي الآتي إلى العالم" (يو 14:6). وفي الهيكل سيضيع الناس. منهم من يقول: هذا هو النبي. ومنهم من يقول: هذا هو المسيح (يو 40:7-41).
د- تواصل عمل الله
يوحنا هو نبي. ويسوع هو النبي. فعمل الله يتواصل ولا يتوقّف. وسنجد دوماً هذا الرباط بين عمل يوحنا وعمل يسوع. وحتى حين تحدّث الإنجيلي عن "المعجزات" التي تجري على يد يسوع، ربطها أيضاً بيوحنا، وكأن هذا الأخير اجترح المعجزات.
يختلف الإنجيليون الثلاثة في تحديد موقف هيرودس من الآراء الجارية حول هوية يسوع الحقيقية. عند لوقا، يبدو الملك مرتاباً جدّاً: يوحنا، أنا قطعت رأسه. فمن هو هذا الدي أسمع عنه مثل هذه الأمور؟ واختار مرقس فرضية قيامة يوحنا، وهذا ما يثير لدى هيرودس الخوف والتوبة (قام يسوع. هل سوف يثير عند اليهود الخوف والتوبة؟). ولكننا نتساءل: هل يستطيع إنسان مثله أن يتطلّع إلى قيامة يوحنا أو غيره؟ قال بعض الشرّاح: هو يعني أن يسوع هو يوحنا جديد. ولكننا نعلم أن مرقس يجعل من هذا الملك شاهداً لقيامة يسوع من دون أن يدري. ليس يوحنا هو الذي قام بل يسوع. أما هنا فسوف نعرف آلام يوحنا التي هي صورة عن آلام يسوع.
في متّى، بدا الملك متيقناً. ولكن كلماته لم تبدُ طبيعية. فهيرودس أخذ برأي الناس، بل أورد تعابير هؤلاء الناس. هنا نشير إلى أن اختلافة في المخطوطات تورد مر 6: 14 على الشكل التالي: "وقال" (الملك). بدل، وقال الناس: "يوحنا المعمدان...". هل تبع متى هذا النص المرقسي؟ الأمر ممكن.
أشار مرقس إلى حيرة وقلق المسؤول عن مقتل المعمدان. قبل أن يخبرنا عن ظروف موته. حرّك الفضولية عند القارىء وهيّأها لقراءة الحدث الدراماتيكي (آ 17- 29) في إطار لاهوتي صحيح. لاحظ البعض أن خبر الوليمة لدى هيرودس وقطع رأس يوحنا لا يتضمّن أي عنصر ديني واضح، وعدّدوا أخباراً مماثلة عند المؤرّخين الدنيويين. لا شك في أن خبر مقتل يوحنا كان قد صاغه "التقليد الشعبي". فأخذه مرقس كما هو. غير أن المقطع الذي سبقه (آ 14- 16) قال لنا كيف يجب أن نقرأ هذا الخبر "الشعبي".
كان بإمكان مرقس أن يعطي عنواناً للمجموعة التي ندرس (6: 14- 29): "كلمة الله ليست مقيّدة" (2 تم 9:2). شاهد من مقام يوحنا، كلّف بمهمة سامية، ونعم لدى الشعب باحترام كبير، قد توقّفت رسالته بنزوة أمير حقير خاضع لرومة، قطع رأسه بعناد امرأة وحيلة ابنتها... هذا هو الواقع الذي يصطدم به الإنجيل. كان باستطاعة الجماعة المسيحية أن تقدّم أصداء لهذا الواقع حين تتحدّث عن يسوع أو عن نفسها. ولكن مرقس يهيئنا لقراءة هذا النصّ فيبيّن لنا أن المنتصر الحقيقي ليس هيرودس، بل يوحنا. إنتهت السلطة وما فيها من سراب في مساء ذلك العيد. أما يوحنا فهو دوماً هنا وهو الأقوى، لأنه يرتبط بمن لا يزول، بمن لا يستطيع أحد أن يزيله. حينئذ لا يهم إن رأى هيرودس في يسوع يوحنا جديداً أو شخصاً آخر. كان يوحنا "صوتاً". والآن قد صار هذا الصوت يسوع. إنه في النهاية صوت الله الذي لا يستطيع أحد أن يسكته.

3- موت يوحنا المعمدان (6: 27- 29)
لا تجد آ 17- 29 ما يقابلها في لوقا إلاّ 19:3- 20 التي تختتم الحديث عن كرازة السابق. أما متى (3:14- 12) فأوجز نص مرقس، وحوّله من خبر يعجّ بالحياة إلى تقرير قضائي. العداوة هي عداوة هيرودس، ومشاريع القتل هي مشاريع هيرودس (آ 5). وإن كانت هيروديا هي التي أشارت عليه بقتل يوحنا. فمتى يشير إلى دورها بشكل باهت وسريع (آ 8). أُغفلت كل إشارة سيكولوجية (رج مر 6: 19- 20) وكل عنصر تصويري (6: 21). وحلّ "التقرير" محلّ الخطبة في الأسلوب المباشر (ق مر 6: 22 ب- 23 ومت 14: 7؛ مر 6: 24 ومت 14: 8). إن متى يجبرنا على أن نتخيّل ما يجعلنا مرقس نراه ونسمعه: دخول وخروج الفتاة، سرعتها وعجلتها، تشاورها مع أمها، مسيرة الحارس إلى السجن. وغاب النصّ الذي يوازي مر 6: 20 ب (كان يسمعه بارتياح)، فجاءت لفظة "فحزن" في مت 9:14 لتقابل مر 26:6 (هناك لفظتان مختلفتان في اليونانية).
هناك من ناقش تاريخية الخبر. أولاً، لا شك في مقتل يوحنا، فإن يوسيفوس يقول إن هيرودس قتله في قلعة مكاور، شرقي البحر الميت لأسباب سياسية: فشهرته وسلطانه على الشعب قد يقودان الناس إلى الثورة. وقد يكون حُكم يوحنا على حياة هيرودس الخاصة قد عجّل في موته.
تكلّم يوحنا فجُعل في السجن. تحدّث يوسيفوس عن مكاور. ولكن حضور وجهاء الجليل في عيد هيرودس، يجعلنا في طبرية، عاصمة الجليل الجديد، والواقعة على الشاطىء الجنوبي الغربي لبحيرة جناسرت. كان للتترارخس هناك قصر يؤمّه ربما في زمن الصيف.
قال متى إن هيرودس يريد أن يقتل يوحنا، ولكنه خاف من الشعر الذي يعتبره نبياً. إستعاد متّى نصّ مرقس وحوّله بعض الشيء. قال مرقس (19:6): "كانت هيرودية ناقمة عليه تريد قتله فلا تقدر". فقال مت 14: 5: كان هيرودس يريد قتله. خافت هيرودية من خوف هيرودس، أما هيرودس فخاف من الشعب. إذن، هناك تعارض بمن الملك وامرأته، وبين الملك ونفسه. هو يقاوم محاولات امرأته ضد سجينه ويحميه. ولكنّه من جهة أخرى منقسم على ذاته: لا يريد أن يخضع للمعمدان، ولكنه لا يستطيع أن يتهرب من تأثيره. هو يخافه لا خوفاً سياسياً (كما يقول متى)، بل خوفاً أدبياً. كان يخافه ويحميه لعلمه أنه رجل صالح وقديس (6: 20).
ما نعرف عن عوائد عائلة هيرودس، وما نعرفه عما فعله انتيباس، لا يكذّب ما نقرأ في آ 20، بل يشدّد على ما في مصير هذا الملك من وجهة مأساوية. ليس هيرودس شخصاً بلا قلب، بل شخصاً بقلبين كما قال يع 1: 8؛ 8:4. هو يستمع إلى يوحنا بارتياح. ولكنه في الواقع بلا طريق، (ابوريو، من بوروس: طريق)، بل يقفا أمام طريقين (مت 13:7-13): طريق سار فيه منذ صغرهـ، وطريق يدلّه عليه يوحنا المعمدان. طريق يوحنا لا يوافقه، والطريق الذي يختاره لا يقود إلى شيء، بل يقود إلى العدم.
نجد في سفر الأعمال أوضاعاً تذكّرنا بوضع هيرودس أمام يوحنا. في أع 24: 24- 25 نجد فيلكس الذي تزوّج فتاة من عائلة هيرودس، اختطفها من زوجها. كان يستمع إلى بولس (آ 24). ولكن ما عتّم أن اعتقله، بعد أن ارتعد من كلماته (آ 25). وفي أع 26: 24- 29 نجد فستوس وأغريبا (هيرودس) الذي عُرفت علاقته باخته برنيقة. إعتبر فستوس أن بولس جن جنونه، وسأل أغريبا بولس إن كان يريد أن يجعل منه مسيحياً.
أن ترقص فتاة وجيهة في مثل هذه المناسبة وأمام مجموعة من الرجال! هذا ليس بمعقول. لقد بدت سالومة بشكل راقصة محترفة! حين نعرف الحياة الخاصة لدى عائلة هيرودس، لن نندهش من هذا التصرّف. ثم، لا بدّ من المخاطرة من أجل بلوغ الهدف. أما هذا ما فعلته أستير يوم قدّم لها احشويروش الملك نصف مملكته؟ خاطرت بحياتها ودخلت إلى غرف الملك (اس 4: 10- 11؛ 5: 1- 3).
وهُزم هيرودس أمام امرأتين، وبضعفه قبل أن يُهزم بكلمته. رفض أن يأخذ طريق يوحنا، فحار في أمره، ثم أخذ طريق الموت. وهكذا انتهت حياة ذاك الذي أراد أن يكون صوتاً صارخاً في البرية. قُتل الشخص، ولكن الصوت ظل ينادي وهو لن يزال لكي يهيّىء طريق الرب

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM