المجد للروح

 

المجد للروح

 

حين نريد أن ننهي صلاتنا نقول: المجد للآب والابن والروح القدس. فإذا كنّا نعتبر الآب أهلاً لكلِّ تمجيد، وإذا كنّا نعتبر الابن كذلك، فالروح أيضًا يُمجَّد من قبل القوَّات السماويَّة والقوَّات الأرضيَّة.

خلال مسيرة البرِّيَّة، وحين العوز إلى الطعام، قال موسى للعبرانيِّين: "غدًا ترون مجد الله" (خر 16: 17) وما عتَّموا أن رأوا مجد الله في السحاب. فالمجد هو ما يظهر من الله لعيون البشر. الشعب جائع، أرسل له الربُّ المنَّ والسلوى، فدلَّ هكذا على حضوره، على عمله. لا ماء للعطاش، باسم الله يضرب موسى الصخر فينال الماء. أمِنَ الصخر تخرج المياه؟ انظروا مجد الله وعمله. مجد الله يظهر حين يخلِّص، ويظهر هذا المجد حين يخلق. لهذا تهتف الطبيعة بفم الإنسان: "السماوات تنطق بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه" (مز 19). ويهتف مز 29: "هبوا الربَّ مجدًا وقدرة، هبوا للربِّ مجد اسمه." ويراه المرتِّل بكلِّ عظمته فلا تقف في وجهه الجبال ولا عظمة الأرز. فالرعد صوته والبرق نوره. وفي النهاية، تنشد الخليقة كلُّها: "المجد لك يا الله."

تمجَّد الله الآب. وتمجَّد الله الابن. فبعد كلِّ معجزة كان الشعب يُمجِّد الله. "كان يعلِّم في مجامعهم والجميع يمجِّدونه" (لو 4: 15). والمخلَّع الذي شُفي "مضى إلى بيته وهو يمجِّد الله" (لو 5: 25). وما يلفت النظر ما جاء يفعله أحد البرص. أرسله الربُّ إلى الهيكل فإذا هو يرجع إلى يسوع. فقال يسوع للجموع: "ألم يُوجَد (من العشرة الذين شُفوا) من يرجع ليعطي مجدًا لله سوى هذا الغريب؟" (لو 17: 19).

كيف تمجَّد الآب؟ من خلال أعماله. والابن جعل الناس يرفعون المجد لله بعد أعماله: "إنَّه أحسنَ في كلِّ ما فعل: جعل العرج يمشون..." والروح كذلك الذي دعاه الآباء: الإله الخفيّ. فحين دُعيَ بطرس إلى بيت كورنيليوس قائد المئة، وجعل يتكلَّم ويتكلَّم، استبق الروحُ الرسولَ "فحلَّ على جميع الذين كانوا يسمعون الكلمة" وحلَّت الدهشة "لأنَّ نعمة الروح القدس انسكبت على الأمم أيضًا" (أع 10: 44-45). فلا يبقى للمؤمنين سوى أن يرفعوا المجد للروح، كما يفعلون للآب والابن.

 

سفر الأعمال 10: 34-47

ففتحَ سمعانُ فمَه وقال: "بالحقيقةِ أدركتُ أنَّ اللهَ ما كانَ آخذًا بالوجوه. ولكنْ في كلِّ الشعوب، ذاك الخائفُ منه وعاملُ البرِّ هو مقبولٌ لديه. فالكلمةَ أرسلَ إلى بني إسرائيل، وبشَّرهم بالسلامِ والأمانِ بيدِ يسوعَ المسيح، إنَّه ربُّ الكلّ. وأنتم أيضًا عارفونَ بالكلمةِ التي كانتِ في اليهوديَّةِ كلِّها، التي انطلقتْ من الجليلِ بعد المعموديَّة التي كرزَ بها يوحنّا على يسوعَ الذي من الناصرةِ، الذي مسحَه اللهُ بالروحِ القدس والقدرةِ وهو الذي كان مُتجوِّلاً وشافيًا هؤلاء الذين نكأهم الشرُّ، لأنَّ اللهَ كان معه. ونحن شهودُه على كلِّ ما صنعِ في كلِّ أرضِ اليهوديَّةِ وفي أورشليمَ. فهذا علَّقَه اليهودُ وقتلوه. وإيّاهُ أقامَ اللهُ في ثالثِ يومٍ وأعطاهُ أن يتراءى بعينٍ جليَّة، لا على الشعبِ كلِّه، بل علينا نحنُ الذين اختارَهم اللهُ ليكونوا لهُ شهودًا، نحنُ الذين أكلْنا معه وشرِبْنا بعدَ قيامتِه من بينِ الأموات. وأوصانا بأن نكرِزَ ونشهَدَ للشعبِ بأنَّ هذا هو الذي عُيِّن من قِبلِ اللهِ كديّانِ الأحياء والأموات. وعليه شهدَ الأنبياءُ كلُّهم أنَّ كلَّ مؤمنٍ باسمِه يقبلُ غفرانَ الخطايا."

وإذْ كان سمعانُ مُتكلِّمًا هذه الكلماتِ، حلَّ الروحُ القدسُ على كلِّ الذين كانوا سامعينَ الكلمة. فاندهشَ الإخوةُ المختونون الذين أتَوا معه، وتعجَّبوا لأنَّ موهبةَ الروحِ القدسِ أُفيضَتْ أيضًا على الشعوب. فكانوا سامعينَهم مُتكلِّمينَ بلسانٍ ولسانٍ ومُعظِّمينَ الله. فقالَ سمعان: "أقادرٌ إنسانٌ أن يمنعَ الماءَ بحيثُ لا يَعتمدُ هؤلاء الذين قبِلوا الآنَ الروحَ القدسَ كما نحن؟"

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM