كنيسة في غياب المسيح

 

كنيسة في غياب المسيح

 

ليلة آلامه، رفع يسوع صلاته إلى الآب السماويّ: "يا أبي، جاءت الساعة، مجِّد ابنك ليمجِّدَكَ ابنُك" (يو 17: 1). وكيف يكون مجد الآب والابن؟ حين يُحفظ التلاميذ من الخلاف والانقسامات، من الضياع والهلاك. قال الربُّ: "أنا أصلّي لأجلهم". فيسوع يعرف الأخطار الآتية من العالم. حبُّ المال، الكبرياء، الحسد والغيرة، الذمُّ والنميمة. أصلّي "لأجل مَن وجَّهتَهم لي لأنّهم لكَ" (آ9). وواصل يسوع صلاته وهو خائف على كنيسته: "لن أبقى في العالم، أمّا هم فباقون في العالم" (آ11). أمواج هذا العالم قاسية، عاتية، لا ترحم، ولاسيَّما إذا كان المؤمنون تركوا العالم من جهة، وأدخلوه إلى قلوبهم من جهة أخرى. "أيّها الآب، احفظهم باسمك... حتَّى يكونوا واحدًا، كما أنا وأنتَ واحد" (آ11). أجل، كلُّهم واحد. هدف واحد. مسيرة واحدة، ولا يمضي كلُّ واحد في سبيله. ولكن ماذا يقول إشعيا؟ كلام مرعب: "مراقبوه عميان كلُّهم، لا يعرفون شيئًا. كلُّهم كلاب بُكْم لا تقدر أن تنبح. حالمون، مستقلُّون، محبُّو النوم... رعاة لا يعرفون الفهم. التفتوا جميعًا إلى طرقهم، كلُّ واحد إلى الربح. إلى أقصى الأقاصي" (إش 56: 9 - 11).

ونتساءل بعد ذلك عن الكنيسة الواحدة. الأفضل أن تكون مشتَّتة، فيكون فيها أكثر من رئيس. ونتساءل: رئيس على مَن؟ ماذا تشكِّل رعيَّتُه إذا كانت حقًّا رعيَّتَه التي يضحِّي بحياته لأجلها؟ ونحن نخاف أن يأتي الربُّ ويستعيد رعيَّته: "أنا أرعى غنمي،... أطلب الضالّ، أستردُّ المطلوب، أجبر المكسور، أعصب المجروح..." (حز 34). ولماذا تدخَّل الله ذاته؟ لأنَّ الرعاة يرعَون أنفسَهم: "تأكلون الشحم، تلبسون الصوف، وتذبحون السمين" (آ3).  والنتيجة يراها الربُّ: "ضلَّت غنمي في كلِّ الجبال... تشتَّتت غنمي ولم يكن من يسأل ولا من يفتِّش" (آ6).

كنيسة واحدة. كذا في المبدأ وفي تمنِّيات الربِّ يسوع. نحن كلُّنا جسد واحد. متعدِّدون ولكن مدعوُّون لكي نكون حبَّات قمح في قربان يقدَّم لله، وعناقيد عنب في خمرٍ يصبح دمَ المسيح. العالم يُشتِّتنا، يُبعدنا بعضُنا عن بعض، وهكذا يحبُّنا لأنَّنا صرنا مثله. أمَّا أن نبقى في إضمامة واحدة في يسوع المسيح، فهذا يفرض التواضع والتضحية والابتعاد عن الروح الفرِّيسيَّة. عندئذٍ وعندئذٍ فقط يحقُّ لنا أن نعلن: "نؤمن بكنيسة واحدة" وإلاَّ نكون كاذبين.

 

إنجيل يوحنّا 17: 13-23

والآنَ أنا إليكَ آتٍ، وبهذه مُتكلِّمٌ أنا في العالمِ ليكونَ فرحي مُكمَّلاً فيهم. أنا وهبتُ لهم كلمتَك، والعالمُ أبغضَهم لأنَّهم ما كانوا من العالمِ كما أنا ما كنتُ من العالم. أنا لا أطلبُ منكَ أن تأخذَهم من العالم، بل أن تحفظَهم من الشرِّير. فهم ما كانوا من العالمِ كما أنا ما كنتُ من العالم.

أيُّها الآب، قدِّسْهم في حقِّك لأنَّ كلمتَك أنت حقٌّ هي. كما أرسلتَني إلى العالم، أنا أيضًا أرسلتُهم إلى العالم. ولأجلهم أنا مقدِّسٌ نفسي لكي يكونوا هم أيضًا مقدَّسين في الحقِّ. وما أنا طالبٌ فقط لأجلِ هؤلاء بل أيضًا لأجلِ الذين يؤمنون بي، بكلامهم. لكي يكونوا كلُّهم واحدًا كما أنت، يا أبي، فيَّ وأنا فيك، بحيثُ يكونونَ هم أيضًا فينا واحدًا ليؤمنَ العالمُ أنَّك أنتَ أرسلتَني. والمجدَ الذي وهبتَ لي وهبتُ أنا لهم بحيثُ يكونون واحدًا كما نحنُ واحدٌ. أنا فيهم وأنتَ فيَّ بحيثُ يكونون مُكمَّلينَ واحدًا ويعرف العالمُ أنَّك أنت أرسلتني وأنَّك أحببتَهم كما أحببتني أنا أيضًا.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM