المزاميركتاب صلاة الكنيسة

المزاميركتاب صلاة الكنيسة

لكلِّ جماعة مؤمنة كتاب صلاة تستعين به لتعبِّر عن عواطفها أمام الله. والكنيسة جماعة المؤمنين، جعلت سفر المزامير كتاب صلاتها. هذه المزامير صلَّتها الجماعة اليهوديَّة قبل المسيح، ثمَّ صلاّها المسيح وصلاّها بعده رسله والنسّاك والعبّاد والآباء الذين ساروا على خطاه. هذه المزامير تصلِّيها اليوم الكنيسة بفم رهبانها وراهباتها في الأديرة، بفم مؤمنيها في الرعايا. هذه المزامير نتلوها فرديًّا داخل غرفتنا (مت 6: 6) أو ننشدها جمهوريًّا عندما نجتمع باسم المسيح (مت 18: 20) على مثال رعيَّة أفسس في تركيّا التي كتب القدّيس بولس إلى مؤمنيها يقول: امتلئوا بالروح، وليكن حديثكم تلاوة مزامير وتسابيح وأناشيد روحيَّة. رتِّلوا وسبِّحوا للربِّ واحمدوا الله الآب حمدًا دائمًا على كلِّ شيء باسم ربِّنا يسوع المسيح (5: 9-20).

أ‌-     ما هي المزامير؟

1- كتاب يتكوَّن من 150 صلاة، وقد سمِّي سفر المزامير لأنَّ المؤمنين كانوا ينشدونه وهم ينفخون بالقصب ونحوه. نسمِّيه مزامير داود لأنَّ في عهده بدأ الكهنة يجمعون هذه الصلوات وينظِّمون تلاوتها في الاحتفالات الدينيَّة حسب المناسبات والأعياد. وسيتابعون عملهم في الهيكل بعد موت داود بأجيال. وعندما تُرجمت هذه الصلوات إلى اليونانيَّة والسريانيَّة واللاتينيَّة... صارت صلاة كلِّ مؤمن دون تمييز لأنَّ في يسوع المسيح "لا فرق بين يهوديّ وغير يهوديّ، بين عبد وحرّ، بين رجل وامرأة" (غلا 3: 28). هذه المزامير التي كتبت منذ آلاف السنين هي كلام الله كما وصلت إلينا عبر الآباء والأنبياء في القديم، قبل أن تصل إلينا عبر شخص يسوع المسيح (عب 1: 1). كلام الله فوق الزمان والمكان، توجَّه إلى أجدادنا في الماضي وهو يتوجَّه إلينا اليوم وسيتوجَّه إلى أبنائنا حتّى نهاية الأزمنة ساعة نرى بعيوننا كلمة الله، يسوع المسيح، ونراه كما هو (1 يو 3: 2).

2- نحن نجد في هذه المزامير خلاصة عن الكتاب المقدَّس كلِّه، منذ قصَّة الخلق في سفر التكوين، إلى ملحمة خلاص الشعب كما نقرأها في سفر الخروج. في المزمور 18 ينشد المرتِّل: "السماوات تنطق بمجد الله والأفلاك تخبر بعمل يديه، فيردِّده النهار للنهار والليل يعلم به الليل بغير قول ولا كلام ولا صوت يسمعه أحد. ونقرأ في المزمور 32: خافي الربّ يا كلَّ الأرض. استجيروا به يا قاطني المسكونة، لأنَّه أمر فكان كلُّ شيء، وقال فكان كلُّ موجود.

قصَّة الخلاص نردِّد فصولها في المزمور 77. افتح فمي بالأمثال وأبوح بالأمثال منذ القديم، بما سمعناه وعرفناه وأخبرنا به آباؤنا، فلا نخفيه عن بنيهم، بل نخبر الجيل الآتي بأمجاد الربِّ وعزَّته ومعجزاته التي صنع: شقَّ البحر لهم ليعبروا، هداهم بالسحاب في النهار وطول الليل بضوء النور... أمر الغيوم من فوق، فأمطرت منّا ليأكلوا... يتذكَّر المؤمنون خلاص الربِّ في القديم ويأملون منه أن ينجِّيهم من الضيق الذي يحيق بهم بعد أن هجمت الجيوش الغريبة على أورشليم. قال المزمور 78: الأمم (الوثنيَّة) غزوا ميراثك يا الله. نجَّسوا هيكلك المقدَّس. جعلوا أورشليم أنقاضًا. أطعموا طيور السماء جثث عبيدك... إلى متى يا ربّ؟ ويتابع المزمور 79: يا راعي بني إسرائيل أصغِ إلينا. أيقظ جبروتك وتعال لخلاصنا. أرجعنا إليك يا الله، وأنر بوجهك فنخلص".

ونتتبَّع التقليد الدينيّ عن الخلاص من الشرِّ والخطيئة والموت، وهو تفكير ينطلق من سعادة الأشرار والخطأة. يقول المرتِّل إنَّه غار حين رأى السفهاء والأشرار في سلام. فهم لا يشكون من الأوجاع، وأجسامهم سليمة سمينة. لا يتعبون كسائر الناس ولا يصابون مثل البشر (72: 3-5). ويفهم المؤمنون حقيقة أولى: لا تخف إذا اغتنى إنسان وعظم مجد بيته، لأنَّه عند موته لا يأخذ شيئًا، ولا يتبعه إلى القبر مجده (48: 17-18). ولكن أيكون حظُّ الأشرار كحظِّ الأبرار بعد الموت؟ كلاّ. فالأشرار يساقون كالغنم إلى الجحيم ويكون الموت راعيهم. ينزلون توًّا إلى القبر وصورتهم تصير إلى البلاء ويكون الجحيم مسكنًا لهم (48: 15). أمّا الأبرار، فالربُّ يفديهم من يد الهلاك حين يأخذهم إليه (48: 16) وهم ينشدون مع المرتِّل الذي يقول: لكنّني كنت دائمًا معك. تمسكني بيدك اليمنى. بمشورتك تهديني وإلى المجد تأخذني من بعد. من لي في السماء سواك (72: 23-25)؟

وصلت إلينا هذه المزامير وقد نبعت في قلوب المؤمنين الذين عرفوا حالات الضيق والخطيئة مثلنا، وأحسُّوا بعاطفة الشكر والفرح أمام أعمال الله كما يحدث لكلِّ واحد منّا. هؤلاء المؤمنين أرادوا تمجيد الله، ونحن سوف نستعمل الكلمات عينها لنرفع دعاءنا إلى الربّ: لا لنا يا ربّ لا لنا، بل لاسمك أعطِ المجدَ من أجل رحمتك يا ربّ، من أجل رحمتك وأمانك (113ب: 1).

1-  مزامير التوبة

أمام التائبين هو الملك داود ذاته وقد ترك لنا التقليد صلاته عندما وافاه ناتان النبيّ ووبَّخه على خطيئته (قتل أوريّا الحثّي وتزوَّج امرأته بتشابع). قال: قد خطئت إلى الربِّ وتضرَّع إلى الله وصام ونام على الأرض تقشُّفًا (2 صم 12: 13، 16). وكانت نتيجة هذه التوبة المزمور 51: ارحمني يا الله بحسب رحمتك... أحجب وجهك عن خطاياي وامحُ جميع آثامي. قلبًا طاهرًا اخلقْ فيَّ يا الله وروحًا مستقيمًا جدِّد في داخلي. القلب المنكسر المنسحق لا ترذله يا الله.

ولقد جمعت التقوى المسيحيَّة سبعة مزامير بما فيها المزمور 51 سمَّتها مزاميرالتوبة. المزمور 6 يصوِّر عالم الخطيئة الذي يعيش فيه المؤمن فيشبه نفسه بمريض يحتاج إلى شفاء: تحنَّن عليَّ يا ربّ لأنّي عليل، اشفني فعظامي بليت، ونفسي في عذاب شديد. ويتابع: أنا موجع من النواح، تفيض كلُّ ليلة دموعي على سريري فأعوِّم بها فراشي. والمزمور 31 يهنّئ الخاطئ الذي غفر له الربُّ خطيئته بعد أن اعترف بها: طوبى لمن غفرت معصيته وسترت له خطيئته. طوبى لمن لا يحسب الربُّ عليه إثمًا ولا يكون في قلبه مكر. في المزمور 37 يقابل المؤمن حالة الشقاء التي يعيشها بالخطيئة التي يعتبرها أصل كلِّ شرّ. بسبب خطيئته تركه الله، وبسبب مرضه ابتعد عنه إخوته وأصحابه. يا ربّ، لا تعاقبني بشدَّة، ولا تحتدّ إذا وعظتني، لأنّي إيّاك أرجوك وأنت تعين أيُّها الربُّ إلهي. يا ربّ لا تتركني وحيدًا، يا إلهي لا تتباعد عنّي.

المزمور 101 هو صلاة البائسين والمتروكين: يا ربّ اسمع صلاتي ولتصل إليك استغاثتي. في الضيق لا تحجب وجهك عنّي، وحين أشكو استمع سريعًا وأعنّي. أمّا المزمور 129 الذي تعوَّدنا إنشاده في تذكار الموتى، فهو في الواقع صلاة يرفعها التائب إلى الربِّ فيعبِّر فيها عن ثقته برحمة الربِّ وغفرانه: من الأعماق صرخت إليك يا ربّ. من أعماق بؤسي وشقائي وخطيئتي أشكو إليك أمري. يا ربّ استمع إلى صلواتي. لتصغ أذناك إلى صوت حنيني. إن كنت تراقب الآثام يا ربّ يا سيِّد فمن يقف بريئًا؟ لكنَّك تغفر لنا فنخافك. ترجو نفسي الربَّ كما يرجو الساهرون طلوع الفجر. والمزمور 142 يصوِّر حالة التائب الذي عرف خطاياه فانتظر تدخُّلاً من الله ينقذه من ضيقه ومن ألمه. يا ربّ استمع صلاتي. أنصت إلى حنيني وأعنّي بأمانتك وعدلك. بسطت يدي إليك، لا تحجب وجهك عنّي. أسمعني في الصباح رحمتك فأنا عليك توكَّلت. أنقذني من أعدائي يا ربّ، فأنا بك احتميت. علِّمني أن أرضيك لأنَّك أنت إلهي.

2- مزامير التوسُّل والتشكّي في الضيق

من منّا لم يحسّ بالضيق في حياته؟ والمؤمن الذي أنشد المزامير يذكر الشدَّة التي ألمَّت به لمّا رأى الأعداء يحيطون به. فيصرخ: يا ربّ ما أكثر الذين يضيِّقون عليّ، ما أكثر الذين يهاجمونني. كثيرون يقولون عنّي: لا خلاص له بإلهه (3: 2). ويذكر المرض الذي جعل الناس يقولون عنه إنَّه خاطئ وإنَّ الله يضربه بسبب مرضه. تألَّمت جدًّا وسكتُّ وتحاشيت الكلام فاشتدَّت كآبتي. اسودَّ قلبي في داخلي وفي جسمي اتَّقدت نار. نجِّني يا ربّ من معاصيَّ ولا تجعل الجاهل يعيِّرني (38: 3-4، 9). ويذكر الخطر اللاحق به بسبب قاضي يرتشي أو عدالة لا تبالي بحقِّ المسكين والغريب واليتيم والأرملة: اتَّهم يا رب من يتَّهمني، وقاتل الذين يقاتلونني. امسك ترسًا ودرعًا وقمْ إلى نصرتي. برحمتك صدَّ الذين يطاردونني وقلْ لي: "أنا خلاصك" (34: 1-3).

يشتكي المؤمن إلى الربّ ويصوِّر الحالة التي يتخبَّط فيها، فنحسب أنَّه وصل إلى حافَّة اليأس، ولكنَّه في الواقع متَّكل على الربّ ومتأكِّد أنَّه سيعينه ويخلِّصه. وهذا ما يجعلنا نقول إنَّ المزامير هي صلاة المساكين الذين عرفوا أنَّ الاتِّكال على العظماء والأغنياء لا ينفع (117: 8-9)، لأنَّه إن لم يبنِ الربُّ البيت فعبثًا يتعب البنّاؤون، وإن لم يحرس الربُّ المدينة فعبثًا يتعب الحارس (126: 1). فيقول المرتِّل: أستلقي وأستسلم للنوم وأستيقظ لأنَّ الربّ سندي. لا أخاف من عشرات الألوف، من أولئك الذين يحاصرونني (3: 6-7). ويقول أيضًا: قم يا ربّ يا الله، ارفع ذراعك. لا تنس جماعة المساكين (9: 12). ويقول بعد أن أحسَّ بأنَّ الله نساه: وأنا على رحمتك توكَّلت وابتهج قلبي بخلاصك (12: 6)، فأنت سيِّدي وفيك وحدك سعادتي (16: 2).

بعد الضيق والشدَّة تنقلب الصلاة حمدًا وشكرًا. هذا ما ينشده أتقياء الربّ وقد جاؤوا جماعات منظَّمة يردِّدون: احمدوا الربَّ على رحمته وعجائبه لبني البشر. احمدوا الربَّ لأنَّه صالح لأنَّ إلى الأبد رحمته. ويروي المسافرون كيف صرخوا إلى الربِّ فأنقذهم من ضيقهم، ويتذكَّر الأسرى قيود الحديد وظلام السجن وكيف نجّاهم الله، ويصوِّر المرضى حالتهم ويدعون الجميع ليحمدوا الربَّ على رحمته، ليرفعوه في مجمع الشعب وليهلِّلوا له في المجالس (106: 1ي) وصلاة الشكر هذه ترافق المؤمن في منامه وقيامه فنسمعه يقول: قلبي حاضر إلى الله، قلبي حاضر، أنا حاضر لأنشد وأرتِّل لك. أفيقي يا نفسي، يا قيثارة ويا كنّارة، أفق أيُّها السحر. أحمدك في الشعوب وأرتِّل لك في الأمم. عظمت إلى السماوات رحمتك وإلى الغيوم أمانك (56: 8-12).

3- مزامير الابتهاج والتعييد

كان لبني إسرائيل ثلاثة أعياد يجتمعون فيها حول المعابد المنتشرة في أرض كنعان، بانتظار أن يصبح هيكل أورشليم المكان الوحيد الذي يجتمع فيه أبناء شعب الله من كلِّ أنحاء الأرض. هذه الأعياد كانت مناسبة يحجُّون فيها إلى مقام الله فيشتركون في الاحتفالات ويقدِّمون الذبائح ويستمعون إلى حديث الكهنة عن أعمال الله العظيمة في شعبه.

كان للحجِّ أهمِّيَّة كبيرة عند المؤمنين وهم يستعدُّون مسبقًا لزيارة الله القدّوس ويتحدَّثون عن الفرح الذي شعروا به بعد أن قضوا أيّامًا في حضرة الله: ما أحبَّ مساكنك أيُّها الربُّ القدير. تشتاق بل تتوق نفسي إلى حضرة الربّ. هنيئًا للمقيمين في بيتك، فهم على الدوام يهلِّلون لك (83: 2-5). وكانت هناك مزامير خاصَّة يتلوها الحجّاج المتوجِّهون إلى بيت الله اسمها أناشيد المراقي أو الصعود إلى تلَّة صهيون. فرحت بالقائلين لي: إلى بيت الربِّ ننطلق (21: 1). وعندما يعيشون في بيت الربِّ يفهمون أنَّ يومًا في ديار الربِّ خير من ألف في مسكن المنافقين (83: 11). ويرتفع صوتهم بأناشيد البركة: باركوا الربَّ يا جميع عبيد الربّ. ارفعوا أيديكم إلى المقدس وباركوا الربّ. ليباركك الربُّ يا صهيون. الربُّ صانع السماوات والأرض (33: 1-3).

خلال أيّام العيد هذه يسيطر جوُّ الفرح عندما يتذكَّر المؤمنون ما صنعه الله لشعبه وملكه ومدينته المقدَّسة: ليفرح جبل صهيون، لتبتهج مدن يهوذا لأجل أحكامك يا ربّ. طوفوا بصهيون ودوروا حولها، وعدُّوا الأبراج التي فيها. ارفعوا عيونكم إلى حصونها وتمتَّعوا في قلاعها لتخبروا الجيل الآتي أنَّ الله إلهنا مدى الدهر، وهو إلى الأبد هادينا (47: 12-15).

في هذه المناسبات يرتفع نشيد المجد إلى الربّ. أيُّها الربُّ ربُّنا، ما أعظم اسمك في كلِّ الأرض (8: 1). الربُّ عظيم لأنَّه خلق، وهو عظيم لأنَّه أعطى شعبه شريعة توجِّه حياته: شريعة الربِّ كاملة تنعش النفس، وإرشاداته مأمونة تجعل الغبيّ حكيمًا. أمر الربِّ مستقيم يُفرح القلب، ووصيَّته ساطعة تنير العيون. كلام الربِّ طاهر ثابت إلى الأبد، وأحكامه أمينة صادقة كلُّها (18: 8-10). ولا شكَّ في أنَّ أجمل وقت كانت هذه التطوافات حول الهيكل يُنشد فيها رئيس الجوقة عبارة ويجيب الجميع بصوت واحد: فإنَّ إلى الأبد رحمته (135: 1ي). رحمة الربِّ إلى الأبد لأنَّه خلق الشمس والقمر والكواكب، لأنَّه خلَّص شعبه من الضيق وهو الذي سيخلِّصنا اليوم بالمسيح ربِّنا الذي اسمه يسوع، لأنَّه الربّ بالذات الذي جاء إلى الأرض من أجل خلاصنا.

ج- يسوع المسيح والمزامير

إنَّ يسوع المسيح قد تعلَّم المزامير غيبًا وردَّدها مرارًا مثل كلِّ أبناء إسرائيل. فنحن نعرف مثلاً أنَّه أنشد مزامير التهليل بعد عشاء الفصح كما تلا آيات من المزامير خاصَّة في ساعاته الأخيرة. فجوابه إلى الفرّيسيّين يوم استقبله الأطفال داخلاً إلى أورشليم (مت 21: 16) مأخوذ من المزمور 8: 3: من أفواه الأطفال والرضَّع هيّأت تسبيحًا. وكلامه عن يهوذا (يو 13: 18) الذي أكل الخبز معه ورفع عليه عقبه نجده في المزمور 40: 10. وكذلك كلامه في يو 15: 25 إنَّ أبناء شعبه أبغضوه بلا سبب مأخوذ من مز 24: 19.

غير أنَّنا نودُّ أن نتوقَّف على مزمورين كان لهما دور كبير في حياة يسوع وآلامه: المزمور 21 والمزمور 68. فالمزمور 21 يعطينا صورة عن الإنسان المتألِّم وقد وصل به الألم إلى هوَّة الموت، ولكن دون أن ييأس لأنَّه تيقَّن أنَّ أفراح القيامة تتبع أهوال الموت. هذا المزمور صلاّه يسوع ساعة موته على الصليب فحمل في صلاته صلاة البشر وفي آلامه آلامهم. ونحن عندما نصلّيه نجمع صلاتنا بصلاة يسوع ونجعل من آلامنا تتمَّة لآلام يسوع من أجل جسده الذي هو الكنيسة (قو 1: 24). يقول المرتِّل: إلهي إلهي لماذا تركتني وامتنعت عن نجدتي وسماع أنيني. إلهي، في النهار أشكو فلا تعين، وفي الليل فلا تحرِّك ساكنًا. الكلاب يحيطون بي. زمرة من الأشرار حولي. أوثقوا يديَّ ورجليّ، من الهزال أعدُّ عظامي وهم ينظرون ويتفرَّسون فيَّ. يقتسمون ثيابي بينهم وعلى لباسي يقترعون.

أمّا مز 68 فهو يصوِّر حبيب الله في الاضطهاد كرمز لشعب متألِّم ومضطهد. يتشكّى المرتِّل من شرِّ الأشرار ويتشكّى لأنَّ الله يبقى ساكتًا رغم ما يتعرَّض له صفيُّه. "من أجلك احتملت التعيير وغطّى الهوان وجهي، صرت أجنبيًّا عند إخوتي وغريبًا عند بني أمّي. لأنَّ غيرتي على بيتك أكلتني وتعييرات معيِّريك وقعت عليَّ... وأنا فإليك صلاتي يا ربّ. يا الله هذا أوان الرضى. فكن عونًا لي بكثرة رحمتك وخلِّصني يا ربَّ الأمان. أعنّي يا ربّ بجود رحمتك، وبكثرة رأفتك التفت إليَّ".

عندما تكون المزامير وسيلة صلاة استعملها يسوع ليعبِّر فيها عن عواطف قلبه نحو الآب السماويّ، أنعجب بعد ذلك أن تكون المزامير صلاة الكنيسة، وهل نتأخَّر في أن نستفيد منها فتنبع من قلبنا صلاة نرفعها إلى الله؟

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM