أيّوب وامرأته.

أيّوب وامرأته

الخوري بولس الفغالي

بين الشخصيّات التي انتشرت في الشرق الأوسط، أيّوب البارّ الذي عُرف بصبره وتحمُّله للألم فقيل فيه: "يا صبر أيّوب". رجل لا ينتمي إلى الشعب العبرانيّ. بل هو ربَّما من حوران، في سورية الجنوبيَّة، إذا اعتبرنا أرض عوص هناك. كما اعتبر أحدَ المتشفِّعين في المؤمنين ساعة الشدَّة. عبد الناس الأصنام فأراد الربُّ أن يدينهم، أن يحكم عليهم. قال بفم النبيّ حزقيال: "إذا خطئتْ إليَّ أرضٌ بأن خانتني خيانة فأمدُّ يدي عليها أحرمها مؤونة الخبز وأرسل عليها الجوع وأقطع منها البشر والبهائم، ولو كان فيها هؤلاء الرجال الثلاثة نوح ودانيل وأيّوب، لما تمكَّنوا من إنقاذ أنفسهم إلاَّ بيدهم، يقول السيِّدُ الربّ" (حز 14: 13-14).

نوح يدخل في تاريخ البدايات، لا في تاريخ الشعب العبرانيّ. فهو أبو البشريَّة كلِّها، حيث سام وحام ويافث يمثِّلون أولئك الذين أتوا وقدَّموا للطفل الإلهيّ اللبان والمرَّ والذهب (مت 2: 11). ودانيل (دينونة الله، لا: دانيال) اسم بطل كنعانيّ ذكرته نصوص أوغاريت (راس شمرا) على أنَّه البارّ الذي أزاح والده عن الملك لأنَّه لا يراعي الغريب واليتيم والأرملة. وأيّوب؟

 

  1. شخص أيّوب

لفظ أيّوب يعني في العبرانيَّة: المعادي. الرافض. هو الذي رفض أن يخضع للشيطان، دون أن يعرفه. رفض أن يجدِّف على الله مهما كانت الظروف قاسية، ومهما اشتدَّت التجربة. ماذا يقول لنا الكتاب عنه؟

كان غنيًّا جدًّا. وأورد سفر أيّوب الأرقام المضخَّمة التي تدلُّ على الغنى الكبير الذي نعم به هذا الرجل. الغنم بالآلام وكذلك الجمال. البقر بالمئات وكذلك الأتُن. "فكان ذلك الرجل أعظم أبناء المشرق جميعًا" (1: 3).

أبرز الكاتب غنى أيّوب الذي جاء في ذروة الارتفاع، لكي نفهم فقر أيّوب الذي خسر كلَّ شيء في سرعة هائلة. في الواقع، مثل هذا الانتقال من وضع إلى وضع لا يُفهَم.

وكان لأيّوب أسرة كبيرة: "سبعة بنين وثلاث بنات" (1: 2). ماتوا كلُّهم دفعة واحدة. "هبَّت ريحٌ شديدة... هدمت زوايا البيت الأربع، فسقطت عليهم فماتوا" (1: 19). أهكذا يعامَل البارّ؟ أمّا الأشرار فهم هانئون، تزداد ثروتهم على الدوام" (مز 73: 12)

كانوا يعتبرون أنَّ الغنى بركة من عند الله، وكذلك الأبناء والبنات. قيل مثلاً عن الحكمة (أو: المرأة الحكيمة والرجل الحكيم): "في يمينها طول الأيّام. وفي يسارها الغنى والمجد. طرقُها تقود إلى النِّعم، وجميع مسالكها سلام" (أم 3: 16-17). وقالت الحكمة أيضًا: "الغنى والكرامة معي، ودوام الثروة والرخاء" (أم 8: 18). فالغنى يكفل حياة الإنسان (أم 13: 8). ويزيد عدد الأصحاب (أم 19: 4). والخلاصة: "بالتواضع ومخافة الربِّ كلُّ غنى وكرامة وحياة" (أم 22: 4).

كان أيّوب متواضعًا، فما ثار على الله ولا تمرَّد تكبُّرًا. فهم أنَّه إنسان، لا إله يقدر أن يجابه الإله الواحد. أمّا "مخافة الله" فتردَّدت أكثر من مرَّة، في فم الراوي (1: 1: يخاف الله)، بل في فم الله نفسه. قال للشيطان: أيّوب "رجل نزيه، مستقيم، يخاف الله ويحيد عن الشرّ" (آ8). مثل هذا السلوك استرعى انتباه الله، فأراد أن يعرف به الجميع، حتّى المجرِّب نفسه.

أيّوب هو نزيه. في العبريَّة: تامّ. لا ينقصه شيء من مزايا الإنسان والفضائل التي تجعل الإنسان مرضيًّا لدى الله. أمّا مخافته فتبرز في أنَّه "يحيد عن الشرّ". وفي عبارة أخرى: "يحفظ الوصايا". إذًا هو يستحقُّ الحياة كما قيل للشابّ الغنيّ: "إذا أردتَ أن تدخل الحياة فاعملْ بالوصايا" (مت 19: 17). أحبَّه يسوع (مر 10: 21) وطلب منه أكثر.

والحياة بحسب الوصايا تمنح الرجل (كما تمنح المرأة) المرأة الصالحة والبنين العديدين "هنيئًا لمن يتَِّقي الربَّ ويسلك في طرقه. إذا أكلت من تعب يديك فلك الهناءَ والخير. مثل كرمة مثمرة تكون امرأتك في جوانب بيتك، ومثل أغراس الزيتون يكون بنوك حول مائدتك. هكذا يبارك الربُّ الذين يتَّقونه" (مز 128: 1-4). ويطول العمر ويطول بحيث يرى الرجل "بني بنيه" (آ6). ونقرأ في مز 127: 3-4: "البنون ميراث من الربّ، وثمرة البطن ثواب منه، أبناء الإنسان في شبابه كسهامٍ بيد الجبّار".

خسر أيّوب المال والمواشي ولبث تامًّا، بارًّا أمام الله. خسر الأولاد، فما تبدَّل سلوكه تجاه الربّ. فتقبَّل كلَّ شيء بالشكر. وخسر أيضًا صحَّته، إذ أصابه مرض عضال جعل الناس يبتعدون عنه: "لهاثي صار كريهًا عند زوجتي، وجسمي نتنًا لبيت أمّي. حتى الصغار اشمأزُّوا منّي، وفي غيابي يتكلَّمون عليَّ" (19: 17-18). وعن مرضه قال: "لحمي كساه الدودُ والقروح، وجلدي تشقَّق قيحًا وسال" (7: 5). وتكلَّم الراوي عن ضربة الجرب "من باطن قدمه إلى قمَّة رأسه. فأخذ أيّوب شقفة من الخزف ليحكَّ جسده بها وهو جالس على الرماد" (2: 7-8).

وهكذا صار أيّوب قمَّة في البلاء والشقاء. فمن هو السبب؟

 

  1. الشيطان المجرِّب

من هو سبب المرض الذي يحلُّ بالإنسان؟ ولمَ يأخذ الله شابًّا من هذه الحياة؟ هنا نقرأ ما قالته حنَّة أمّ صموئيل في نشيدها: "الربُّ يميتُ ويحيي، وإلى عالم الأموات (الشيول) يُسقط ويُعلي. الربُّ يُفقر ويُغني، يحطُّ من يشاء ويرفع من يشاء" (1 صم 2: 6-7). فالربُّ القدير يعطي الصحَّة والمرض، النجاح والفشل. أخذ المُلك من شاول وأعطاه لداود. وسوف يقول له بفم النبيّ ناتان: "أنا مسحتك ملكًا... وأنقذتك... وأعطيتُك..." (2 صم 12: 7-8).

"انظروا الآن، أنا هو، ولا إله يقف أمامي. أميتُ وأحيي وأجرح وأشفي، ولا من ينقذ من يدي" (تث 32: 33). ونقرأ في المزمور: "أعظِّمك يا ربّ لأنَّك نشلْتَني وحرمتَ أعدائي الشماتة بي. استغثتُ بك فشفيتني أيُّها الربُّ إلهي" (مز 30: 2-3).

ولكن في الكتب المتأخِّرة مثل سفر أيّوب الذي دُوِّن على ما يبدو بعد العودة من المنفى، ما عادوا يقولون إنَّ الله يُرسل الضربة، بل الشيطان. وهذا واضح حين نقابل بين نهاية سفر صموئيل الثاني وما يقابله في سفر الأخبار الأوَّل. نقرأ في النصِّ الأوَّل: "وعاد غضبُ الربِّ واشتدَّ على بني إسرائيل، فأثار عليهم الملك داود" (2 صم 24: 1). الله هو السبب بحيث أصاب الوباء الشعب (آ15). ولكن هذا يمكن أن يكون: أثير الربّ داود ثمَّ يضرب: هذا ظلم. لهذا قال سفر الأخبار: "ونوى الشيطان الشرَّ لإسرائيل، فأثار داود على إحصاء شعبه" (1 أخ 21: 1).

في الموت هو الشيطان لأنَّ الربَّ لا يمكن أن يترك أحبّاءه. في المرض هو الشيطان. في ما يصيب الشعب هو الشيطان. وهذا ما نكتشفه في الإنجيل. امرأة منحنيَة الظهر، محدودبة، يعني الشيطان جعلها كذلك. قيل: "روح شرّير أمرضها" (لو 13: 11). قال لها يسوع: "يا امرأة، أنت معافاة من مرضك!" (آ12) أين هو الروح النجس؟ لم يَعُد يُذكر. كان بالإمكان أن يقول الإنجيليّ: طرد منها الروح النجس. فتعافت. ولكنَّه نسيَ الروح الشرّير ونظر فقط إلى الشفاء. أمّا مجنون الجراسيّين فهو مريض فشفاه يسوع. اعتبروا أنَّ فيه عددًا من الأرواح النجسة (مر 5: 10). طردها يسوع فشفاه. أمّا الباقي فنظرة لاهوتيَّة إلى العالم الوثنيّ الذي مثله هذا "المجنون" حين كان جالسًا يستمع إلى المعلِّم، لابسًا لباس العماد (مر 5: 15).

وفي خبر أيّوب، الشيطان هو الذي "يضرب". سُرقت المواشي، مات البنون والبنات. السبب هو الشيطان الذي سمح له الله بأن يفعل. ولماذا؟ حدَّثه الله عن "كمال" أيّوب، فردَّ الشيطان: "أيخاف أيّوب الربَّ مجّانًا؟ سيَّجتَ حوله وحول بيته وحول كلِّ شيء له من كلِّ جهة؟ أما باركتَ أعماله فانتشرت مواشيه في الأرض؟ ولكن مدَّ يدك الآنَ ومسَّ كلَّ شيء له، فترى كيف يجدِّف عليك في وجهك" (1: 9-11).

ما مدَّ الله يده، بل الشيطان وبسماحٍ من الله. فالشيطان الذي هو روح يجرِّبنا في روحنا، يحاول أن يوقعنا في الخطيئة. وهو يستفيد من كلِّ الظروف لكي يدعونا إلى الخطيئة. نستطيع أن نتخيَّل أنَّ أيّوب خسر بعض ماشيته. جاءه الشيطان يدعوه إلى التجديف وإلى الثورة على الله.

يجرِّبنا الشيطان، ولكنَّ الله يضع له حدودًا: "ولكن إليه (= إلى أيّوب) لا تمدَّ يدًا" (آ12). ذاك ما "قال" الله للمجرِّب. في هذا المجال كلام بولس الرسول: "ما أصابتكم (= أيُّها الكورنثيّون) تجربة فوق طاقة الإنسان، لأنَّ الله صادق لا يكلِّفكم من التجارب غير ما تقدرون عليه، بل يهبكم من التجربة وسيلة النجاة منها والقدرة على احتمالها" (1 كو 10: 12-13). نلاحظ: لا تجربة فوق طاقة الإنسان. فالصليب يكون على قدر كشفنا. ثمَّ إذا كانت تجربة، فالله يهبنا القوَّة لكي نتخلَّص منها. ذاك كان وضع أيّوب. لا يقول لنا الكتاب إنَّ الله أعانه، بل يروي لنا جهاد أيّوب. وكان ردُّه ردَّ المؤمن الذي يجعل يده بيد الله.

حين حصل لأيّوب ما حصل، "شقَّ ثيابه وجزَّ شعر رأسه (علامة الحزن) ووقع على الأرض ساجدًا (لله، سجدة القبول ممّا يصل إلينا، على مثال المسيح في بستان الزيتون). وقال: "عريانًا خرجتُ من بطن أمّي وعريانًا أعود إلى هناك (أي إلى بطن الأرض التي تستقبل الميت جالسًا كما كان في بطن أمِّه)". وقال: "الربُّ أعطى والربُّ أخذ، فليكن اسمُ الربِّ مباركًا" (1: 20-21).

كان "رهان" بين الله والشيطان. وموضع الرهان أيّوب. من انتصر؟ الله. "وما خطئ أيّوبُ في هذا كلِّه ولا عتب على الله" (آ22). أو: ما نسب إليه عملاً معيبًا.

وحاول الشيطان مرَّة ثانية، "وتحدَّى" الله. "نجا بجلده! كلُّ ما يملكه الإنسان يبذله عن نفسه. ولكن مُدَّ يدك ومُسَّ عظمه ولحمه، فترى كيف يجدِّف عليك في وجهك" (2: 4-5). في مرحلة أولى، خسر أيّوب ما يملك من مواشٍ وما له من أولاد. وفي مرحلة ثانية، خسر صحَّته. أصابه المرض. صار على حافَّة الموت. فكان باستطاعته أن يقول: ماذا تستفيد من موتي؟ وهل في عالم الأموات يسبِّحونك؟

وكما في المرَّة الأولى، تغلَّب أيّوب على التجربة، ودلَّ على استسلامه لله: "أنقبلُ الخير من الله ولا نقبل الشرّ؟" (2: 10ب). والنتيجة: "ومع هذا كلِّه لم يخطأ أيّوب بكلمة من شفتيه" (آ10ج).

  1. أيّوب وامرأته

حين نقرأ الخبر في الكتاب المقدَّس، تتكوَّن لدينا فكرة سلبيَّة عن امرأة أيّوب. أوَّلاً لا نعرف اسمها ولا نعرف شعورها في ما حصل لزوجها ولأولادها. كأنّي بها غير موجودة في كلام أيّوب الشعريّ، نحسُّ أنَّها ابتعدت عنه بسبب رائحته الكريهة. وخلال التجربة، لم تكن تلك التي تعينه، بل تلك التي تدفعه إلى اليأس. "أتبقى إلى الآن متمسِّكًا بنزاهتك؟ جدِّف على الله ومتْ" (2: 9). لماذا تبقى أمينًا لله وهو يعاملك كما يفعل؟ نشير هنا إلى أنَّ أيّوب وامرأته لا يعرفان أنَّ التجربة هي من الشيطان، بل يعتبران أنَّ الله هو الذي يفعل. والأصدقاء الذين أتوا اعتبروا أنَّ ما يصيب أيّوب هو عقاب على خطايا اقترفها.

بدت امرأته تقول له: "ما لك وللحياة! جدِّف على الله. يرجمونك على مثل هذه الخطيئة فتموت وترتاح. وجاء جواب أيّوب: "كلامك هذا كلام امرأة جاهلة" (2: 10أ). هو كلام سفاهة ونظرة ضيِّقة تُبقي الإنسان على مستوى العاطفة وعلى الساعة الحاضرة، ولا تعلِّمه النظر إلى البعيد، على مثال ما نقرأ في مز 14: 1: "قال الجاهل في قلبه: "لا إله". أو: الله غير موجود. أو: هو بعيد لا قريب، فلا يرى ولا يسمع. أو: هو لا يفعل بحيث يشبه الأوثان الصمّاء.

نعود هنا إلى سفر التكوين حيث المرأة وُلدت من "قلب" الرجل لكي تكون تجاهه فيجد فيها العون (تك 2: 20). هي عظم من عظمه ولحم من لحمه (آ23). تحسُّ معه وتشعر. إن فرح تفرح معه، وإن تألَّم تألَّمت معه. ذاك ما نسيه العهد القديم مرارًا، وهو الذي اعتبر أنَّ الخطيئة دخلت إلى العالم بواسطة المرأة.

ولكنَّ التقليد اليهوديّ أعاد بعض التوازن. ساعة ترك الأصدقاء الثلاثة أيّوب، كانت هي بقربه، تحاول أن تتكلَّم، تقول رأيها في ما حدث لأيّوب المتمسِّك "ببرارته" كأنّي به يرفض الضعف البشريّ.

أصابت الضربة أيّوب. وأصابت امرأته. لا يقال شيء عنها، لأنَّ المرأة تبقى في ظلِّ الرجل كما كانت سارة في ظلِّ إبراهيم الذي يستقبل ضيوفه الثلاثة.

حالة أيّوب تعيسة. وامرأته تشتكي، وهو بعد وقت سوف يشتكي. وما ناله من مديح من الله في آخر الكتاب يمكن أن تناله المرأة: "ما تكلَّمتم بالصدق كعبدي أيّوب" (42: 7).

تألَّم أيّوب، وتألَّمت امرأته، ولكن لم يُعطَ لها المكان لكي تعبِّر عن ألمها، فألمها امتداد لألم زوجها، بل استباق له.

هنا نترك النصَّ العبريّ، ونقرأ النصَّ اليونانيّ الذي يجعلنا ندرك الألم الذي شعرت به امرأة أيّوب: "إلى متى سوف تقول: "ها أنا سأثبتُ بعض الوقت منتظرًا رجاء خلاصي؟ فها إنَّ ذكرك تلاشى من الأرض: زال بنوك وبناتك، ألم حشاي ومشقَّته، الذين لأجلهم استنفدت قواي عبثًا وتعبت. أمّا أنت فجالسٌ على فساد الدود تقضي لياليك في الهواء الطلق، وأنا تائهة خادمة، أدور من مكان إلى مكان، ومن بيت إلى بيت، أنتظر غروب الشمس لكي أرتاح من أتعابي وآلامي التي تضايقني الآن كلَّ المضايقة" (2: 9).

ووصيَّة أيّوب التي هي سفر منحول يعود إلى القرن الأوَّل ق.م.، تعطي لامرأة أيّوب مكانًا أوسع، فتشير إلى تدخُّلات كثيرة من قبلها، وتصوِّر وضعها وما فيه من شقاء، وهي التي يجب عليها أن تتسوَّل لتحمل الطعام إلى زوجها. وهي تقول:

"أيّوب، أيّوب، إلى متى أنت تستمرُّ جالسًا على الزبل والرماد خارج المدينة فتقول: بعد وقت قليل؟ أنت تنتظر رجاء خلاصك وأنا تائهة، خادمة لقاء أجر، أجول من مكان إلى مكان... أنا بائسة أعمل النهار وأتألَّم الليل لأجلب الخبز وأحمله إليك. من لم يدهش قائلاً: "هل هذه سيتيس، امرأة أيّوب، التي تقايض شعرها الآن ببعض الخبزات؟ أيّوب، أيّوب، بعد كلِّ الذي قيل، أقول لك بإيجاز: سُحقَتْ عظامي بضعف قلبي. قمْ، خذْ هذه الخبزات لتقتات. ثمَّ قُلْ كلمة للربِّ ومُتْ فأنجو من الحزن الذي يسبِّبه لي ألم جسدك".

اسم امرأة أيّوب Sitis، نسبة إلى Ausitis الذي هو اسم أيّوب في السبعينيَّة. وهكذا يعود سفر أيّوب إلى البدايات حيث المرأة أُخذت من امرئ (تك 2: 23). وهكذا يكون الرجل والمرأة أمام الربِّ في الفرح والضيق في الصحَّة والمرض، بل في كلِّ تطلُّعات الحياة. ما عادا اثنين، بل هما جسد واحد. ونحن ننتظر المسيحيَّة لكي يكون للمرأة الدور الذي للرجل. فيكوِّنان على الأرض صورة اتِّحاد المسيح بالكنيسة.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM