الفصل السابع:عمانوئيل، إلهنا معنا

الفصل السابع

عمانوئيل، إلهنا معنا

يتضمَّن الفصل السابع خبرين متوازيين ومتكاملين يتدخَّل فيهما إشعيا لدى الملك آحاز. وقبل تدخُّل ثالث نقرأه في الفصل الثامن، يرد مقطع عن التهديد الأشوريّ. التدخُّل الأوَّل (7: 1-9) عنوانه دعوة إلى الثقة بالله. والتدخُّل الثاني (آ10-17) عنوانه: آية من عند الربّ. وفي آ18-25 نفهم أنَّ إشعيا رفض الحلّ الذي يقوم بالالتجاء إلى القوى الكبرى لإبعاد الخطر الحاضر. وعى هذا النبيّ الخطر الكبير بأن تدخل هذه المملكة الصغيرة في حروب لا تتركها[RK1] وراءها سوى الموت والدمار.

7: 1-9 دعوة إلى الثقة بالله

يبدأ القول النبويّ الأوَّل بمقدِّمة تاريخيَّة تحدِّد موقع الحدث وتبرز مكوِّناته. خلال حكم آحاز، ملك يهوذا (735-716)، كان الحصار على أورشليم، كما نقرأ في 2 مل 16: 5. من هم المحاصرون؟ ملك آرام، عاصمته دمشق، واسمه رصين. ثمَّ ملك (مملكة) إسرائيل (في الشمال)، عاصمته السامرة، واسمه فقح بن رمليا (735-732 ق.م.). وتُدعى مملكة الشمال أيضًا: أفرايم، باسم أكبر قبيلة فيها. أتى الأراميّون إلى مملكة إسرائيل ومن هناك انطلق الهجوم على "بيت داود".

"صعد" (آ1). عادة يصعد الناس للحجّ في أورشليم التي ترتفع بالنسبة إلى المدن المحيطة بها ولاسيَّما أريحا التي تقع تحت سطح البحر. أمّا الصعود الآن فهو الحرب والقتال (م ل ح م ه) والعداء (عليها: ع ل ي ه). "فلم يقدر". نلاحظ صيغة المفرد، وكأنَّ رصين وحده يحارب وفقح معه.

بما أنَّ كلام إشعيا جاء في إطار تاريخيّ، نذكر الأحداث. سنة 738 ق.م. وصلت جيوش تغلت فلاسَّر إلى دمشق والسامرة، فدفع الملكان رصين ومناحيم الجزية. سنة 736-735، كان مشغولاً في الشمال مع الميديّين والأرمن، فنظَّم رصين حلفًا مع فقح الذي وضع يده على الحكم منذ مدَّة قصيرة. طلبا من يوتام (740-735) أن يدخل معهما فرفض (2 مل 15: 37) قبل أن يموت. دبَّ الذعر في قلب آحاز الشابّ، ومع ذلك قاوم الحلف، لكنَّ الخسارة كانت كبيرة (2 أخ 28: 5-7، مع أرقام مضخَّمة للدلالة على عمق خطيئة الملك). عندئذٍ استعدَّ آحاز لأن يرتمي بين يدي الملك الأشوريّ ويدفع جزية باهظة. في هذا الوقت أتى إليه إشعيا[RK2] .

"بيت داود" (آ2) هو حامل المواعيد (2 صم 6: 8-16؛ مز 89: 20-38). فإذا أزاله المتحالفون، هل يبقى "قسَمُ" الله ثابتًا؟ أمام ارتجاف الملك وشعبه، وساعة ضاع الجميع، تدخَّل الله بواسطة نبيِّه. نلاحظ دومًا أنَّ النبيّ لا يأخذ المبادرة وكأنَّ الكلام يأتي من عنده. نقرأ: "قال الربّ".

راح النبيّ مع ابنه "شآر ياشوب". معنى الاسم: بقيَّة تعود، في المعنيين المادّيّ والروحيّ. تعود من دمشق بعد أن سبى الملك الأراميّ العدد الكبير من يهوذا. ثمَّ يعودون إلى الربِّ في توبة صادقة. يبدو أنَّ ابن النبيّ هذا وُلد بعد دعوة النبيّ، فصار رمزَ الرجاء في مملكة يهوذا. فماذا ينتظر الملك ليستعيد الثقة بالله؟

كان اللقاء بين الملك والنبيّ في موضع محدَّد: طرف قناة البركة العليا. لا بدَّ من تنظيم المياه، فربَّما طال الحصار. نتذكَّر أنَّ رجال سنحاريب الأشوريّ التقوا هناك برجال حزقيّا سنة 701 (36: 2؛ 2 مل 18: 7). إذًا، كان اللقاء عند الأسوار، إلى الجنوب الشرقيّ من المدينة. يبدو أنَّ الملك اهتمَّ بالأمور المادِّيَّة، يوم دعاه النبيّ إلى الاتِّكال على الله.

"وقل له" (آ4). هو الأمر الإلهيّ لنبيِّه، وهو كلام التشجيع: "لا تخف". الضعف ممنوع في مشاريع الله الذي يعمل في قلب الضعف، على ما قال الرسول[RK3] . ولماذا لا يخاف الملك من "غضب" ملكين أقوى منه؟ ولكنَّهما "شعلتان مدخِّنتان". قريبًا سوف تنطفئان. وفي الواقع هذا ما حصل لملك آرام ولملك إسرائيل. من هو فقح؟ ابن رجل مجهول وهو لا يقابل آحاز ابن سلالة داود، ذاك السراج الذي يدوم كلَّ الأيّام (2 مل 8: 19). ثقة النبيّ بالربّ قويَّة، فهل تنتقل إلى الملك؟

ما هو هدف المتحالفين؟ الضغط على يهوذا، عزل آحاز فيحلُّ محلَّه "ابن طبئيل" (آ6). يبدو أنَّه أمير أراميّ على مثال ابن رمليا، ذاك الموظَّف الكبير. في هذا الإطار يزول بيت داود.

"نصعد على يهوذا ونقوِّضها" (ق ي ص). نفتح فيها ثغرة، ندخل إلى أورشليم. ذاك كلام البشر وما فيه من "قوَّة". ولكنَّه لن يصل إلى نتيجة. فكلمة الربِّ تفعل وبسرعة. لا حاجة إلى الكلام الكثير: لا تقوم، لا تكون. فعلان مع النافية. وتأتي جملة قاطعة أضيفت فيما بعد فدلَّت على ما حصل لدمشق والسامرة حوالي سنة 670 ونهاية حكم أسرحدون الأشوريّ.

من هو رأس أرام؟ دمشق. ومن هو رأس دمشق؟ رصين. وكذا نقول عن إسرائيل بعاصمتها السامرة. رأسها: فقح. ولكن من هو رأس يهوذا؟ أورشليم. ومن هو رأس أورشليم؟ الربّ الإله، ربّ الجنود. فمن الذي ينتصر؟

حمل إشعيا كلام الثقة إلى الملك ولكنَّ هناك شرطًا أساسيًّا: الإيمان. فالإيمان ينفي التردَّد. وحيث الإيمان لا موضع للخوف كما قال الربُّ لتلاميذه أمام البحر الهائج: "ما بالكم خائفين هكذا؟ أما عندكم إيمان؟" (مر 4: 40). أمّا آحاز فترك الإيمان بالله وجعل ثقته في البشر فعارض كلام المزمور: "الاحتماء بالربِّ خير من الاتِّكال على الرؤساء" (مز 118: 9). أمّا موقف إشعيا فموقف الإيمان والثقة، لا في هذا الوضع فقط، بل حين هجوم سنحاريب سنة 701 ق.م. هو ذاك الواثق بالله وحده، واثق بأمانته لمواعيده، واثق بإله داود وبأورشليم موضع حضور الله. وكلُّ هذا يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالرجاء بالخلاص.

7: 10-17 آية من عند الربّ

ها هو التدخُّل الثاني الذي جاء في بنية مشابهة للتدخُّل الأوَّل: المقدَّمة ثمَّ القول النبويّ. ونقرأ المقدِّمة (آ10-12) التي هي حوار بين الله وآحاز. ما نفرح فيه هو أنَّنا لا نعرف من يتكلَّم. فالله لبس[RK4] نبيَّه، فنقول النبيّ تكلَّم أو الله تكلَّم. كلُّ هذا يدلُّ على أمانة النبيّ لكلام الله الذي يرافقه، وصدقه في نقل الكلمة ولو أزعجت المسؤولين في المجتمع. نتحدَّث عن شجاعة في عالم البشر. وفي عالم الله، يبدو النبيّ مرفوعًا فوق الأرض بحيث تصبح الكلمة جزءًا منه، بل يصبح هو "الكلمة" بانتظار الذي هو وحده الكلمة: يسوع المسيح (يو 1: 1).

"ثمَّ عاد الربُّ فكلَّم آحاز" (آ10). الكلمة العبريَّة "و ي و س ف" تعني أضاف كلامًا على كلام. من تكلَّم من قبل؟ النبيّ. وها هو النبيّ يعود إلى الكلام. هذا ما نفهمه من آ11: الربُّ إلهك. هو النبيّ يريد أن يرفع الملك إلى الربّ الذي تدعوه "إلهك". وفي آ13 يعلن النبيّ: "تُضجروا إلهي". هذا يعني أنَّ إشعيا هو "ترجمان" الربّ وموصل كلامه إلى الملك.

هو قول بعد قول. والمناسبة هي هي: دعوة إلى الثقة في حالة حرجة. خاف آحاز أن يموت ولا يكون له ولد يواصل سلالة داود: الطريق مسدود والظلمة تكتنف القلوب. فلا بدَّ من ضوء صغير في قلب هذه العتمة. ما أراد الملك أن يطلب، بل سوف يرفض. لأنَّه إن طلب وجب عليه أن يبدِّل موقفه. الربُّ طلب الإيمان أمّا الملك فأراد أن "يضع يده" مثل توما، أن يرى بعينيه. ولكنَّه نسيَ أنَّ الإيمان لا يُرى. قال الرسول: "الرجاء المنظور لا يكون رجاء، وكيف يرجو الإنسانُ ما ينظره" (رو 8: 24). وقالت الرسالة إلى العبرانيّين: "الإيمان هو الوثوق بما نرجوه وتصديق ما لا نراه" (11: 1).

قال النبيّ للملك: "أطلب آية من الربِّ إلهك". الآية علامة قريبة تجعل الإنسان يتيقَّن من حدوث أمرٍ يأتي من البعيد. أو هي شيء منظور يبشِّر بواقع خفيّ سوف يحصل في المستقبل. وفي أيِّ حال، هي تدعو إلى الإيمان. أن نضع يدنا بيد الله مهما كانت الظروف. ما يتطلَّع إليه النبيّ من خلال "ابن الملك" هو "عمانوئيل"، الذي هو أعلى من الأعالي وأعمق من الأعماق، الذي ينطلق من الأرض فيصل إلى السماء، كما يبلغ إلى أعماق "الشيول" أو مقرّ الموتى، فلا شيء يصعب على الله. ولكنَّ الملك ترك الثقة بالله، لهذا رفض أن يطلب وخبَّأ رفضه وراء كلام من الكتاب: "لا تجرِّب الربَّ إلهك" (خر 17: 2). تظاهر أنَّه يهتمُّ بمشيئة الله ساعة تجنَّب الاستسلام اللامشروط لله الذي تصل قدرته إلى كلِّ مستويات الكون.

بعد المقدِّمة (آ10-12) يبدأ القول النبويّ (آ13-17). "فقال". من الذي يتكلَّم، الله أم النبيّ؟ بل الله في النبيّ. وإلاَّ كيف يجسر إنسان أن يعلن مثل هذا الكلام الإلهيّ؟ "اسمعوا". نحن أمام كلام احتفاليّ يتطلَّب تنبُّهًا كبيرًا. "يا بيت داود". أين آحاز؟ كأنَّ الربَّ "استغنى" عنه كما استغنى عن شاول حين رآه يفضِّل صوت الشعب والجيش على صوت الربّ. فالله ليس من الماضي، بل هو يتطلَّع إلى المستقبل. يتطلَّع إلى ذلك الولد الآتي. في القريب القريب هو حزقيّا الذي يخلف أباه، وفي البعيد هو "ابن داود" يسوع المسيح الذي ولد من امرأة حين تمَّ ملء الزمان (غل 4: 4).

"تضجروا الناس" (آ14). أو: "تتعبونهم" (ت ل ا و). أوَّلاً، إشعيا. تعب النبيّ وما استطاع أن يقنع الملك والذين حوله. ثانيًا، أتعب "بيت داود"، قسمًا من أورشليم بعد أن عارض قسمٌ من الساكنين سياسة آحاز وتطلَّعوا إلى شخص آخر يعيد إلى المدينة كرامتها. ما هذا الخضوع الذليل لتغلت فلاسّر؟ والآن، يضجرون الله، أي يعارضون مخطَّط الله. وحين رفض آحاز أن يطلب آية بدا وكأنَّه يثور على الله.

قال الملك: لا أطلب، لا أسأل (ا ش ا ل). ولكنَّ مشروع الله ليس تابعًا لمشاريع البشر. طلب المشاركة من آحاز فرفض. أتُرى الله يتوقَّف؟ بل يتطلَّع إلى آخر. ولهذا قال: ها أنا أعطيكم آية ولا أنتظر. هنا نتذكَّر تردُّد بطرس لكي يعمِّد كورنيليوس وأهل بيته. ولكنَّ الروح ما أراد أن ينتظر. قال سفر الأعمال: "فبينما بطرس يتكلَّم حلَّ الروح القدس" (10: 44)، وذلك قبل أن يُعطى العماد[RK5] (آ47).

قال النبيّ: "يعطيكم السيِّد آية". هنا "أدوناي". فالربُّ يعطي وطوبى من يعرف أن يفتح يديه وقلبه. "العذراء" في العبريَّة: "ع ل م ه" أي الصبيَّة المستعدَّة للزواج. صارت في اليونانيَّةparthenos : عذراء، بتول. تطوَّر المعنى في السبعينيَّة ليدلَّ على "المعجزة" بالنسبة إلى المسيح الآتي الذي يكون "إلهنا معنا" – عمانوئيل.

المعنى الأوَّل. هذه الفتاة المميَّزة، زوجة الملك، تعطي زوجها ولدًا يخلف والده على العرش الداوديّ. وما نلاحظ هو أنَّ "الصبيَّة" تعطي ابنها اسمًا، لا الملك. ذاك ما كانت تفعله أمُّ الملك في الحضارات القديمة، ومنها المصريَّة. ولفظ "عمانوئيل" يجد مضمونه منذ سفر التثنية: ا ل ه ي ك. ع م ك: إلهك معك. قال موسى: "ها أربعون سنة، يهوه إلهك معك" (تث 2: 7). ثمَّ صار هتافًا ليتورجيّا نقرأه مثلاً في مز 46: 7، 11: "ربُّ الجنود معنا". إنَّ "عمانوئيل" هو هنا اسم رمزيّ لا نقرأه في أيِّ موضع من العهد القديم كاسم شخصيّ. فهو يحمل وعدًا بالخلاص. وهذا ما نكتشفه في إنجيل متّى حيث اسم عمانوئيل الذي يُعطَى ليسوع في بداية الإنجيل (مت 1: 22) يصبح واقعًا في النهاية: "وها أنا معكم طوال الأيّام" (مت 28: 20).

المعنى الثاني هي "العذراء". انطلق إنجيل متّى من خبر مريم التي ولدت يسوع دون أن يعرفها رجل (مت 1: 25)، وقرأ في النبوءة الإشعيائيَّة تمتمة بعيدة عن سرِّ التجسُّد الإلهيّ الذي تمَّ في الحبل البتوليّ. فالكتاب المقدَّس بعهديه وحدة تامَّة، والروح القدس الذي هو كاتبه الأوَّل، يبيِّن لنا أنَّ ما كُتب في العهد الأوَّل لا يُنقَض في العهد الثاني، بل يُكمَّل (مت 5: 17).

"زبدًا وعسلاً" (آ15). علامة الوفر (تث 32: 13) والازدهار، كما يمكن أن تكون علامة حياة الرعاة، في خطِّ داود الذي كان راعيًا في قطيع والده (1 صم 16: 11) قبل أن يصير ملكًا في شعبه. ويكون كلامٌ عن "معرفة الخير والشرّ". تلك هي الصفة التي طلبها سليمان من الله ليستطيع أن يحكم الشعب الكثير الذي اختاره الربُّ له (1 مل 3: 8-9). مع مثل هذا الملك تسود السعادة في المملكة. وهذه الحكمة التي وُعد بها هذا الطفل، غابت من حياة آحاز. هي عطيَّة من الله كما كان على آدم وحوّاء أن يعرفا (تك 3: 5). يملكها "عمانوئيل" أو من يكون الله معه، من أجل خير شعبه.

"قبل أن يعرف الصبيّ" (آ16). أي يبلغ سنَّ الرشد، وينتقل من حضن والدته إلى حضن والده، تكون نهاية المملكتين. في الواقع، سنة 732 ضُمَّت دمشق إلى أشور، وتمزَّقت مملكة السامرة بانتظار زوالها سنة 722-721. فلا خوف بعد الآن لمملكة يهوذا.

وتطلَّع النبيّ إلى أيّام داود وسليمان، يوم كان الشمال والجنوب معًا. فما أحلاها تلك الأيّام حين تعود. أما كان ذلك حلم عاموس (9: 11: أبنيها كأيّام الدهر) وميخا (5: 1-2): "أمّا أنت يا بيت لحم أفراتة...".

وجاءت حاشية: "ملك أشور" (آ17). تبدو بشكل عنوان لما بعد، مع أنَّ ملك أشور لم يكن يهدِّد يهوذا سنة 735 ق.م. في 8: 7-8 سوف نعرف ما الذي يفعله الأشوريُّون في يهوذا.

وهكذا نكون أمام نظرة إلى مسيحانيَّة حقيقيَّة مرتكزة على تفسير تاريخيّ. "فعمانوئيل" هو ابن آحاز الذي يرى أرضه محرَّرة ويعرف الخلاص بعد حكم أبيه وما عرف من تعاسة ولكنَّه يفعل ذلك على أنَّه ممثِّل سلالة داود وحامل المواعيد. بواسطته نجد رسمة أولى للخلاص المسيحانيّ الذي يتحقَّق جزئيًّا، بانتظار أن يتحقَّق كاملاً في شخص المسيح الآتي.

7: 18-25 في ذلك اليوم

مع عبارة "في ذلك اليوم" يبدأ قولٌ نبويٌّ جديد. يبدو أنَّه ارتبط أيضًا بالحرب الأراميَّة الأفرايميَّة ولكن في مناسبة أخرى، وأضيف هنا لكي تكمل اللوحة ويفهم الشعب أنَّ الملك الأشوريّ هو أداة عقاب شعبه.

ترك النصُّ الكلام عن آحاز وعن عمانوئيل. وذكر مصر التي شبَّهها بالذباب. وماذا يستطيع أن يفعل الذباب؟ لا شيء. إذًا لماذا التعلُّق به؟ ولكن إن "صفَّر" الله له، فهو يأتي ويعيث فسادًا. ثمَّ ذكر أشورية وشبَّهها بالنحل. وما أضعف النحل! فالنحل يأتمر بأمر الربّ مثل الذباب. وإن هجمت مصر أو أشورية، فذلك يكون بأمر الربّ. فلماذا الخوف من هاتين الدولتين اللتين كانتا عظيمتين في ذلك الزمان. ففي نظر الله لا تشكِّلان خطرًا أكبر من خطر أرام وإسرائيل. في آ3 قرأنا عن أرام الذي "حلَّ" (ن ح ه). وهنا نقرأ في آ19 عن مصر وأشور (ن ح و، في صيغة الجمع).

وتعود العبارة "في ذلك اليوم" (آ20) مرَّة ثانية لتدلَّ عمّا تفعل أشورية التي يستعملها الله مثل "موسى الحلاقة".

تجاه ما يحصل للسامرة ولدمشق، تعرف يهوذا الوفر الذي كان الحديث عنه في آ15. متى يكون ذلك؟ "في ذلك اليوم". كلُّ هذا يدفع الشعب إلى الانتظار وهو يأمل الخلاص من لدن الله (آ21-22). هي نظرة كلُّها تفاؤل بالرغم ممّا تعرفه البلاد من صعوبة.

"في ذلك اليوم" (آ23). أربع مرّات جاءت هذه العبارة، لتدلَّ على ما يحصل في هذه الأراضي كلِّها بفعل الاجتياح الأشوريّ. وأوَّل ضرر يصيب الكروم. ثلاث مرّات ترد عبارة "الشوك والحسك". فتجاه عدن وما فيها من وفر، ها هو الشوك بعد الخطيئة (تك 3: 18). صارت البلاد مركزًا للصيد (وربَّما الاجتياح)، أو مرعى للبقر والغنم.

وهكذا فالاجتياح الذي "أرسله" الربّ لا يترك في الأرض سوى الشوك والحسك. ضاعت الغلاّت ولم يبقَ سوى بعض المواشي في المراعي، إلاَّ إذا أتى العدوّ وأخذها. متى يكون كلُّ هذا؟ بعد أن يرفض آحاز نداء الربّ ويمضي إلى ملك أشورية فيدلُّ أنَّه ترك الحكمة والتعقُّل. أتراه يفهم؟ وماذا تكون حالة الشعب في تلك الظروف؟


[RK1]لا تترك

[RK2]ربما من الأفضل أن يكون هذا الاطار التاريخي في بداية شرح الفصل.

[RK3]أي رسول؟

[RK4]ربما ينبغي الاستعاضة بكلمة أخرى غير "لبس".

[RK5]هل ينبغي أن يتم التوافق في كل التفسير على استعمال كلمة "العماد" أو "المعمودية"؟

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM