خاتمة الكتاب


خاتمة الكتاب

كتاب جديد نقدِّمه في هذه السنة الكتابيَّة. هو نتيجة التأمُّل والبحث والمطالعة والكتابة في عدد من المجلاّت، كما المحاضرات في المؤتمرات. الحمد لله أنَّ الكتاب المقدَّس صار رفيقنا اليوميّ، بعد أن تركنا كلَّ شيء والتزمنا به. منذ الصباح وحتّى المساء، بل خلال الليل، هو الهذيذ، وتكرار الكلمات بالفم بانتظار أن تصل إلى القلب.
في قسم أوَّل من مؤلَّف دعوناه الكتاب المقدَّس وامتداده قرأنا المزامير قراءة لاهوتيَّة، روحيَّة، فجاءت ترافق السنة الطقسيَّة: الميلاد والمسيح المتجسِّد، الدنح والغطاس مع الله الملك. في زمن الصوم عدنا إلى التوبة وطلب الغفران. وبعد الصلب والقيامة، طلبنا من الروح أن يعلِّمنا الوصايا، وتطلَّعنا إلى أورشليم السماويَّة.
في قسمٍ ثانٍ، فتحنا العهد الجديد ولاسيَّما أناجيل الطفولة، وغصنا في عالم الليتورجيّا والاحتفالات بحيث نستعيد معناها العميق ولا نبقى عند القشور في فهمها وعند الرتابة في ممارستها. المواضيع هنا تأمُّلات لا دروس. هي قصيرة فتتيح لنا أن نُعدَّ «عظة» ربَّما عن هذا العيد أو ذاك.
حصاد سنة الكتاب المقدّس كان وافرًا، من كتاب أول عنوانه «إطلالات على العهد القديم» إلى كتاب ثان «الكتاب المقدّس وامتداده»، كانت لنا جولات رائعة في التعمّق بكلام اللَّه، وخصوصًا العهد القديم حيث نترك الأمور البشرية التي تتحوّل مع الزمن، من توصيات حول الذبائح الحيوانية والنباتية، إلى كلام رمزيّ عن الحروب نقرأه بصورة حرفيّة فنحسب أنّه لم يبقَ انسانٌ حيًا في هذا الشرق. فالشعوب التي كانت في فلسطين قبل مجيء يسوع والقبائل التي معه، لبثت في مكانها. ويكفي أن نعرف أنّ كاهن اليبوسيين، صادوق، هو الذي حلّ محلّ أبياتر في السلالة الكهنوتية، ومن لم يكن من سلالته، أبعد بشكل نهائي. ومنه كانت جماعة الصدوقيين الذين كانوا الوكلاء على الهيكل وذبائحه.
أجل، نترك الأمور البشرية، ونأخذ ما فيه من وحي إلهي، على مستوى حبّ اللَّه أوّلاً. اسمعوا: أحبّوا الربّ الهكم بكلّ قلوبكم وكلّ نفوسكم وكلّ قدرتكم. ذاك ما نقرأ في سفر التثنية (6: 5). وفي سفر اللاويين: «تحبّ قريبك كنفسك». ثُمّ: «كونوا قدّيسين لأني أنا قدّوس». وطلب من المؤمن أن يترك بعض السنابل وبعض عناقيد الكرم للفقير واليتيم والغريب والأرملة. وخصوصًا علّمنا الكتاب أن نرتاح يومًا في الأسبوع. فالإنسان ليس آلة لا تتوقّف. ويرتاح مع الرجل والمرأة حتى الثور والحمار.
والكتاب المقدّس يحمل «كلمة اللَّه» التي هي سيف ذو حدّين. فزع منها داود الملك، وقال: «خطئتُ إلى الربّ» وانتظر غفران الربّ. وأخاب الملك القدير بجيشه ومركباته، لبس المسح مثل انسان تائب حين وبّخه ايليا على فعلته الشنيعة ضدّ نابوت اليزرعيلي. النبي أهم من الملك. فالنبي يحمل كلام اللَّه ويتكلّم باسم الله. أما الملك فيخضع لهذه الكلمة على ما أمره سفر التثنية: «على الملك أن لا يكثر من النساء... ومتى جلس على عرش ملكه، فعليه أن يكتب نسخة من هذه الشريعة... فتكون عنده ليقرأ فيها كلّ أيام حياته حتى يتعلّم كيف يخاف الربّ». هذا ما قيل للملك. ويُقال أيضاً للكاهن ولرئيس الكهنة وللشعب ولا سيّما أغنياءه لئلا يأتي الحكم الإلهي عليهم قاسيًا.
فماذا ننتظر لنبدأ كلّ يوم من أيامنا في قراءة كلام اللَّه، فيكون لنا النور الحيّ.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM