الخاتمة

الخاتمة
حصاد أول من هذه السنة التي تكرّست لقراءة الكتب المقدسة والتمعُن في غناها، والتأمّل في معانيها. لبثْنا في نصوص العهد القديم وتركنا العهد الجديد إلى ما بعد. من أسفار التوراة الخمسة إلى بعض الأسفار التاريخية. ومن الأنبياء حتى أسفار الحكمة، سواء كانت من القانونيّة الأولى، أي تلك التي وصلت إلينا في اللغة العبريّة، أو من القانونية الثانية، أي تلك التي قرأناها في اليونانية.
قسم أول كان حول مفهوم الارسال. الله يدعو والانسان يجيب. الله يرسل والمؤمن يمضي ولا يخاف لأنه عرف على من اتّكل. ذاك كان وضع ابراهيم الذي ترك أرض أور الخصبة، ثم أرض حاران، قبل أن يتوجه إلى «فلسطين» الحالية، التي دعيَت كنعان وإن هي لم تكن سوى قسم ضئيل من كنعان التي امتدت من مصر حتى تركيا الحالية.
بعد ابراهيم، تعرّفنا إلى موسى الذي تردّد وتردّد، وما قبِل أن يمضي بدون رفقة أخيه. ولبَّى اشعيا النداء حالاً بعد أن تطهّرت شفتاه، وراح يحمل الكلمة بالرغم من الصعوبات التي وُعد بها: لن يسمعوا، لن ينظروا، لن يفهموا. مات اشعيا شهيدًا كما يقول التقليد، إذ نُشر مع الشجرة، ولكن كلامه ما زال حيًا. وكذا نقول عن هوشع، نبي حبّ الله، وعاموس الذي انطلق من جنوب البلاد إلى شماله لينادي بالعدالة في مجتمع كثُر فيه الفقراء وكان الأغنياء حفنة صغيرة. أما ناتان فحمل الكلمة إلى الملك داود الذي سيدعوه التقليد اللاحق نبياً ويربط به سفر المزامير.
وقرأنا في القسم الثاني سفر اللاويين، أو الأحبار كما في بعض الترجمات، ودعْوته إلى القداسة. قداسة خارجيّة حين ينفصل المؤمن عن كل ما ينجّسه. وقداسة داخليّة تتمثّل في حفظ الوصايا ولا سيّما محبة القريب. واكتشفنا في سفر العدد جيلين: جيل أول مات في البرية ولم يصل إلى أرض الموعد. خرج من مصر وما لبث يحنّ إلى سمكها ولحمها وبطيخها. فتاه وتاه ودُفن في البرية. وجبل ثانٍ وُلد في برية سيناء ومضى إلى برية فاران قبل أن يبلغ تلال موآب. وها هو يستعدّ للدخول، لا بقيادة موسى، بل بقيادة يشوع بن نون الذي هو صورة بعيدة عن يسوع المسيح. وسفر التثنية فهمناه قراءة ثانية لمسيرة الشعب من مصر إلى مدخل الأرض.
بدا لنا سفرُ يشوع كتابَ الصلاة والليتورجيا، وفيه يشكر المؤمنون العائدون من المنفى على ما نالوا من عودة ثانية، على صورة الأولى التي كانت بشكل حج انتهى بالعهد يتجدّد مع الله في معبد شكيم. أما سفر القضاة فهو عمل الروح عبر أشخاص ضعفاء ومع ذلك كانوا حلقة بين يشوع ومؤسّسة المملكة مع شاول ثم داود. حاول هؤلاء «المخلِّصون» الاثنا عشر أن يحافظوا على عبادة الله، فقابلهم سفر الأعمال حيث الروح يطلق الكنيسة إلى أقاصي الأرض.
في قسم ثالث، رافقنا حزقيال، ذاك الذي حاول إعادة بناء الجماعة التي بدت بشكل عظام يابسة. ولكن بفعل الروح، ما كان ميتاً قام فصار جيشاً كبيراً جداً، لا لحرب جسديّة، بل لحرب روحيّة حول هيكل سوف يكون صورة عن هيكل يُهدم ويُبنى في ثلاثة أيام، هو جسد المسيح. مع ميخا تساءلنا: من مثل الله؟ لا أحد يمحو ذنوبنا ويلقي في قعر البحر خطايانا. وحبقوق، تلك الحبقة ذات الرائحة الطيبة؛ ماذا تستطيع أن تفعل أمام الشر الذي يجتاح الشرق مع العنف والقتل والدمار.
والنصوص الثلاثة الأخيرة، نشيد الأناشيد، نشيد حب الله، نشيد حبّ البشر. يشوع بن سيراخ، ذاك السدّ المنيع في وجه الحضارة اليونانية بجاذبيتها البشرية وأصنامها التي تحارب عبادة الله الواحد. وأخيرًا دانيال الذي كان جسرًا بين الأنبياء والنصوص الجليانيّة، حيث يرى «النبي» ما لا يراه الناس العاديون، لأنه عاد إلى الوراء فاكتشف أمانة الله في الماضي. إذًا هو يكون اميناً اليوم وغدًا. فيكفي أن نبادله الأمانة بالأمانة. وبما أنه هو آمن بنا ووثق، فنحن أيضًا نؤمن به ونجعل كل اتكالنا عليه.
والنهاية، ثلاثة نصوص من يعقوب السروجي. واحد حول يفتاح وابنته.     
واثنان حول شمشون وخياناته ورجوعه إلى الله، مع جدال حول الحرية والنعمة.
حصاد أول يليه حصاد ثانٍ والرب هو الذي يوجّه خطانا.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM