الخاتمة

الخاتمة

في هذه السنة التي أعلنها قداسة البابا بندكتس السادس عشر سنة كهنوتيّة، كان لنا المقالات العديدة، في المجلات المنشرة في لبنان والعراق ومصر وفلسطين كما قدّمنا أناشيد يعقوب السروجي حول الكاهن والكهنوت. وفي قراءتنا لبولس الرسول، رافقناه ينطلق من مدينة إلى مدينة، ومن موقع إلى موقع، وفي النهاية، أطلّ علينا كتابان أخيران. الأول، كهنة وخدّام في بيت الرب، ما أردنا فقط أن نتكلّم عن الكنائس التي تفرد مكاناً للكهنة وللأساقفة بل وصلنا إلى الرعاية بأي اسم تسمّوا: القس، القسيس، الشيخ، الشماس، المربي. الأسماء تتبدّل ولكن المهمة هي هي. في ساعات حرجة من الحياة، في الولادة أو في الزواج "الوفاة، هناك أشخاص عُيّنوا لكي يكونوا بقربنا. الطفل، الفتى الذي يستعدّ للزواج، الشاب الذي يمضي إلى الحرب. في هذه المحطات الهامة من الحياة، لا بدّ من وجود "الكاهن" أو ما يقابله في المذاهب والديانات والحضارات.

قد ننتظر منه التصرّف السحري، الحركات الآتية من عمق التاريخ، الوسائل التي يعرفها وحده فيدخلنا في عالم أسرار يتعدّى عالمنا. هذا ما نظنّه. ماذا يكون المستقبل؟ نمضي إلى "الكاهن"؟ ما تكون الطريق؟ هل نمضي إلى الحرب أم نطلب السلام؟ هل ننتصر أم ننهزم؟ جواب من البشر، ولكننا نقبل به فنكون ثمن يتعلّق بجبال الهواء. جواب من الله يعارض مرات عديدة نزواتنا، نرفضه ونرفض الكاهن معه، كما نضطهده ونحاول إلغاءه، ومع ذلك، نلغي نبياً فيطلّ نبيٌ آخر. نُبعد كاهننا فيأتي كاهن آخر. وكذا نقول عن الأساقفة. ففي بدايات الكنيسة مات اغناطيوس أسقف انطاكية حين رُمي للوحوش، فجاء بعده من بولس الكنيسة. وقبريانس أسقف قرطاجة، سلّم نفسه للموت فداء عن أبناء رعيته. وكذا نقول عن بطريرك حجولا، هذا عدا البابوات الذين ماتوا الواحد بعد الآخر، بيد الآخرين، كما بيد المسيحيين على مثال البابا مرتينُس الذي نفاه الامبراطور فمات في المنفى.

فهل توقّفت الكنيسة؟ كلا. فالكاهن الأبدي يسوع المسيح يختار كهنة لكنيسته، وهو حاضر فيها. وهو يضع أمامنا المثال بعد المثال بحيث لا تحسب نفوسنا وحدنا في قلب الجهاد، كما قال إيليا للرب. ما من كاهن هو وحده. هناك الآلاف وعشرات الآلاف. ما من جماعة مستفردة، فهناك جماعات آخرى تصلّي معها وتتألّم معها، يأتي التعيير والشدائد، كما قالت الرسالة إلى العبرانيين، والمعاملة السيئة مع الاستهزاء والتعيير. طوبى لكم إذا عيّروكم، قال الرب. وقالت الرسالة: "شاركتم السجناء في آلامهم، وصبرتم فرحين على نهب أموالكم، عارفين أن لكم مالاً أفضل لا يزول" (عب 33: 34). ما ينقصنا الثقة في قلوبنا. ما ينقصنا الجرأة. ما ينقصنا التغلّب على الموت. ما ينقصنا الهدف الذي نضعه أمامنا: ما من هدف سوى يسوع المسيح. عنده وحده نجد الخلاص. أما كل هدف آخر فيبقينا في هذا العالم جائعين عطاشاً. وفي النهاية، نكون في طريق الهلاك.

ذاك هو المناخ الذي فيه نقرأ هذا الكتاب: أنت كاهن إلى الأبد. يكفي أن تكون يدك بيد يسوع. والكنيسة لن تقوى عليها أبواب الجحيم، فلماذا نخاف عليها وكأنها كنيستنا الخاصة ونحن مسؤولون عنها. إذا نظرنا إلى الماضي، نرى الصعوبات التي تجاوزناها بنعمة من الرب الإله. فلماذا نخاف في الحاضر ونرتعب أمام المستقبل. فالله أمين. فعل في الماضي ويفعل اليوم وكل يوم. أما حياتنا فتستند إلى من هو هو، أمس واليوم وإلى الأبد. هل نؤمن بهذا؟

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM