الفصل الثاني والثلاثون والثالث والرابع والخامس والثلاثون

الفصل الثاني والثلاثون

وإذ رأى فيلون هذه العجيبة، أمسك يوحنّا بيده وقال له: «يا معلِّم، ما هي المحبَّة؟» فأجابه يوحنّا: «الله هو المحبَّة (1 يو 4: 8)، فمن امتلك المحبَّة امتلك الله». فقال فيلون: «إن كان الذي يمتلك المحبَّة يمتلك الله، كما تقول، فبيِّن لي أنَّك تمتلك المحبَّة: أدخل إلى بيتي لنأكل ونشرب معًا والله يكون معنا». فتبعه يوحنّا. وبعد الطعام علَّمه كلمة الله. وطلبت منه امرأة فيلون أن يعمِّدها. فهذه المرأة كانت مصابة بالبرص، وكان جلدها أبيض مثل الثلج. ولمّا نالت العماد وجدت نفسها وقد شُفيَتْ شفاء تامًّا. فلمّا شهد فيلون هذا الشفاء، خسر عجرفته وتشامخه، وصار متواضعًا، وديعًا، وسقط عند قدمَي الرسول وقال: «أيُّها المعلِّم الصالح(1)، أستحلفك بالله الذي تعبد: كن عطوفًا عليَّ، ولا تغضب على عبدك، فأنا قلتُ ضدَّ كرازتك أمورًا كثيرة وأنا نادم، فأرجوك أن تمنحني علامة الحياة الأبديَّة». فعلَّمه يوحنّا وفقَّهه، ثمَّ عمَّده باسم الآب والابن والروح القدس.

الفصل الثالث والثلاثون

وفي صباح الغد، خرجنا باكرًا من بيت ميرون، فاجتمع جمهور كبير ليسمع تعاليم يوحنّا. واجتمع أيضًا كهنة أبولُّون الذين أرادوا أن يُهلكوا يوحنّا حين دمَّر لهم هيكلهم. فوقفوا قربه يراقبون أعماله لكي يجدوا ما يشكونه([1]). وجرَّب واحدٌ منهم يوحنّا قائلاً: «يا معلِّم عندي ابن أعرج الجنبين، اشفه فأومن بالمصلوب الذي تكرز». فقال يوحنّا: «إذا كنتَ تؤمن يُشفَى ابنك». فأجاب الكاهن: «اشفه أوَّلاً ثمَّ أؤمن». فقال يوحنّا: «كن فطنًا في كلامك. فأنا عالم أنَّك تريد أن تجرِّبني وتبحث عن مناسبة تجديف. لهذا، باسم ذاك المصلوب، ستكون أعرج الجنبين». وفي الحال، ما عاد الكاهن قادرًا أن يمشي. ودعاني يوحنّا وقال لي: «يا ابني بروخور، امضِ إلى ابن كاهن أبولُّون وقلْ له إنِّي أنبِّهه باسم الإله الذي صُلب في عهد بيلاطس البنطيّ، أن يأتي إليَّ». فمضيتُ وحملتُ إليه كلام يوحنّا. وفي الحال نهض بعد أن شُفيَ شفاء تامًّا وأتى معي. وحين وصلتُ إلى يوحنّا، ارتمى عند قدمَي الرسول وشكره. وحين رأى الأب أنَّ ابنه شُفيَ صاح بصوت عالٍ: «ارحمني، يا رسول الله». فصنع يوحنّا عليه إشارة الصليب وأمره بأن ينهض، فنهض في الحال وارتمى عند قدمَي الرسول وطلب منه أن يعمِّده. فاعتمد وأخذنا إلى بيته حيث أقمنا في ذلك اليوم.

الفصل الرابع والثلاثون

وفي الغد، رحنا إلى البوابة المدعوَّة بوابة دوميسيان، فاجتمع حول يوحنّا جمهور كبير وكان هناك مستسقٍ(1)، مريضًا منذ 17 سنة. وما كان يقدر أن يتحرَّك ولا أن يتكلَّم. فأشار بأن يُعطى حبرًا وورقًا، فكتب: «يا يوحنّا رسول يسوع المسيح، يتوسَّل إليك رجلٌ مُثقل بالشقاء بأن ترحمه». تسلَّم يوحنّا هذه الرسالة، فقرأها وابتهج بإيمان هذا الرجل، وكتب له: «إلى الرجل المستسقي، يوحنّا عبد يسوع المسيح ورسوله (رو 1: 1)، سلام،

«تطلبُ منِّي أن أعينك في ضيقك: باسم الآب والابن والروح القدس، كن ناجيًا من عاهتك وتعافَ».

وحين تسلَّم المستسقي هذه الرسالة وقرأها، نهض معافى. وحين رأى الجمع هذه المعجزة، أخذَتْه الدهشة ورغب بعد أن يسمع كرازة يوحنّا. والرجل الذي شُفيَ سقط عند قدمَي يوحنّا وطلب منه أن يعطيه علامة يسوع المسيح. فعمَّده يوحنّا باسم الآب والابن والروح القدس.

الفصل الخامس والثلاثون

وحين تركْنا هذا الموضع، جاء أمامنا رجلٌ أرسله والي الجزيرة. فقال ليوحنّا: «يا رسول المسيح ابن الله، أسرعْ في المجيء إلى بيت الوالي لأنَّ امرأته تستعدّ لأن تضع ولدًا وهي في خطر عظيم». فمضى يوحنّا إلى الوالي، وحين دخل يوحنّا إلى البيت، خلُصت المرأة. وقال يوحنّا للوالي: «لماذا دعوتني؟» فأجاب: «لكي تبارك بيتي».

فأجاب يوحنّا: «إن أنت تؤمن بيسوع المسيح تَتبارَكُ مع بيتك». والوالي الذي كان سعيدًا بالخير الذي أنتجه مجيء يوحنّا، قال: «أؤمن بالله الذي أرسلك لخلاصنا». فعلَّمه يوحنّا كيف ينبغي عليه أن يؤمن بالآب والابن والروح القدس. ثمَّ عمَّده. وطلبت امرأته أيضًا أن تتعمَّد، ولكنَّ يوحنّا ما أراد إلى أن تُكمل أربعين يوم تطهيرها(1).

وجاء الوالي إلى يوحنّا بكمِّيَّة كبيرة من الفضَّة، وترجَّاه أن يقبلها ويبارك بيته. فقال يوحنّا: «لا أستطيع أن أقتبل هذه الفضَّة لكي أبارك بيتك، ولكن وزِّعْها على الفقراء باسم يسوع المسيح فيبارَك بيتُك». ولبثنا ثلاثة أيّام في بيت الوالي. ثمَّ خرجنا لنمضي إلى بيت ميرون حيث اجتمع جمهور كبير طالبًا أن يسمع يوحنّا.

 


[1](1)  ذاك كان موقف الفرِّيسيّين تجاه يسوع. رج لو 6: 7.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM