الفصل الثامن عشر والتاسع عشر

الفصل الثامن عشر

وانطلقنا من إبِّيدور ووصلنا إلى ميرّا([1]) حيث أُبقينا سبعة أيّام بسبب مرض أحد الجنود الذي كان يتألَّم كثيرًا من الزحار والإسهال وسيلان الدم. وفي اليوم الثامن، كان جدال بين حرَّاسنا. بعضهم قال: «ليس من المناسب أن نتوقَّف وقتًا أطول، لأنَّه ينبغي أن ننفِّذ الأمر الذي أعطيَ لنا ونكمِّل السفر الذي بدأناه، وإلاَّ نتعرَّض لأن نُحسَب متهاملين فنعاقَب». فأجاب الآخرون: «ليس من العدل أن نترك رفيقًا لنا في وضع حرج لا يُسمح له أن يتحمَّل أتعاب البحر. فينبغي أن نتوقَّف بضعة أيّام لكي نرى ما سيكون».

وإذ رأى يوحنّا أنَّ هذا الجدال يطول بدون نتيجة، قال لي: «يا ابني بروخور، امضِ وقُلْ لهذا المريض، باسم يسوع المسيح، لكي يأتي إليَّ». فاقتربتُ من المريض وكرَّرتُ له ما قاله يوحنّا. فنهض في الحال وأتى لدى يوحنّا. فقال له يوحنّا: «قل لرفاقك: يجب أن ننطلق من هنا ونواصل الطريق». وفي الحال، هذا الرجلُ الذي كان مريضًا منذ سبعة أيّام، وما كان أكل شيئًا، ألزم رفاقه أن ينطلقوا حالاً.

الفصل التاسع عشر

ثمَّ أتينا إلى موضع اسمه ليفوس([2]). فأوقفتْنا عاصفةٌ دامت ستَّة أيّام. ما كان في هذا الموضع ماء، فتعذَّبنا كلُّنا من العطش. فقال لي يوحنّا: «يا ابني بروخور، أنزلْ إناء إلى البحر باسم يسوع المسيح واسحبه». ففعلتُ ما أمرني. ثمَّ قال لي: «خذ آنية كثيرة واملأها من مياه البحر هذه». ففعلت. فامتلأت كلُّ الآنية مياهًا حلوة. فقال يوحنّا لجميع الذين كانوا على المركب: «باسم يسوع المسيح المصلوب، اشربوا»([3]). فشربوا كلُّهم، وسيطرت الدهشة عليهم، فقال الواحد للآخر: «ماذا نعملُ لهذا الرجل الذي يصنع معجزة نحن شهود لها؟ لنمضِ ونحلَّه من هذه القيود ونطلب منه أن يسامحنا على الشرِّ الذي فعلناه له، لئلاَّ تنزل نارٌ من السماء وتدمِّرنا».

فأتوا إلى الرسول وقالوا له: «يا رجل الله، لا تسخط على عبيدك. نفَّذنا أوامر الإمبراطور وما تجرَّأنا على تجاوزها. ولكنَّنا نخلِّصك من هذه القيود ونعمل كلَّ ما تطلبه منّا». وفي الحال، فكُّوا القيود عن معلِّمي يوحنّا. فقال لهم يوحنّا: «أحسب كلا شيء أتعابَ هذا العالم وهمومَه. فنفسي تشعر بفرح عظيم حين أُتمُّ مشيئة وأحكامَ يسوع المسيح إلهي الذي صُلب لأجل خلاصنا». وإذ سمع الجنود هذه الأقوال، سقطوا كلُّهم بوجوههم إلى الأرض وقالوا للرسول: «يا سيِّد، ها إنَّ كلَّ شيء تحت سلطانك. امضِ حرًّا إلى حيث تريد وها نحن ننطلق إلى أرضنا».

فقال لهم يوحنّا: «أتثقون ثقة كافية بإمبراطوركم بحيث لا تتعرَّضون لغضبه، إذا تركتموني أمضي؟» فأجابوه: «لا، يا سيِّد». فقال لهم يوحنّا: «إذًا، أَكمِلواما أمركم به سيِّدُكم وانْطَلقوا إلى المكان الذي عيَّنه لكم، ثمَّ عودوا بسلام إلى بيوتكم». ثمَّ علَّمهم يوحنّا، بحسب الكتب المقدَّسة، ما يخصُّ ابن الله. فلمّا سمعوا هذا الكلام، طلبوا منه أن يمنحهم العماد، فعمَّد في ذلك اليوم عشرة كانوا رؤساء الآخرين. وانطلقنا من ليفوس فوصلنا إلى بطمس. ولمّا دخلنا المدينة، سلَّمَنا الجنودُ إلى من يجب أن يتقبَّلنا، بحسب أوامر الإمبراطور. والرؤساء الذين نالوا العماد طلبوا من يوحنّا أن يسمح لهم بأن يبقوا معنا في هذه الجزيرة. ولكنَّه ما شاء([4]) ذلك. فقال: «يا أولادي([5])، احفظوا فقط النعمة التي نلتم، ولا تهتمُّوا لموضعٍ تقيمون فيه». فلبثوا عشرة أيّام، وبعد أن تلقَّوا بركته بفرح، عادوا جميعًا، كلُّ واحد إلى بلده.

 

 


[1](1)  Myrrha

[2](1)  Liphos

[3](2)  حوَّل يسوع الماء إلى خمر (يو 2: 1ي). ويوحنّا حوَّل المياه المالحة إلى مياه عذبة.

[4](3)  نتذكَّر مجنون الجراسيِّين. رج مر 5: 18-19.

[5](4)  هكذا اعتاد يوحنّا أن يدعو المؤمنين. رج 1 يو 2: 1. Filioli mei

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM