الفصل الرابع عشر والخامس عشر

الفصل الرابع عشر

«دوميسيان قيصر، إلى القضاة وإلى سكّان مدينة أفسس. نريد أن يُنفى هذان الشقيّان، هذان الساحران الشرِّيران، المدعوَّان يوحنّا وبروخور. إنَّ رحمتَنا عفَتْ عنهما مدَّة طويلة. والآن، بعد أن شتما آلهتنا الخالدة، لا يجوز أن يبقيا وسط الذين يكرِّمون الآلهة. فنأمر بأن يُبعَدا إلى بطمس، أوَّلاً لأنَّهما عدوَّان لعبادة الآلهة، ثمَّ لأنَّهما يحتقران شرائعنا ويحتقران قراراتنا. فيجب أن يعلما حين يشعران بعذابات كبيرة، أن يراعيا عظمة الآلهة وألاَّ يحتقرا سلطتنا».

وصل أمرُ قيصر هذا إلى أفسس. فجعل القضاة القيودَ علينا، أنا ومعلِّمي يوحنّا، وضربونا وشتمونا وقالوا: «أهذا هو الساحر الذي بحيله يقترف هذه الجرائم العديدة»؟ وأُرسل مئةُ جنديّ لحراستنا. ما حرسا فقط يوحنّا، الرسولَ والإنجيليّ وحبيبَ الله، بل ضربوه وأوسعوه شتائم، ثمَّ اقتادونا إلى السفينة.

الفصل الخامس عشر

وحين دخلنا في السفينة، أمرَنا الجنود بأن نجلس في وسط العمارة، وأعطونا ستَّ أوقيات خبز طعامًا وإناء صغيرًا مملوءًا بالماء مع بعض الخلّ (شرابًا). ما كان يأكل يوحنّا كلَّ يوم سوى أوقيَّتين من الخبز وثُمْنَ حصَّة الماء. ويترك لي الباقي. ولمّا حلَّت الساعة الثالثة ظهرًا، جلس الجنود يأكلون، وكان لهم وفرة من الطعام والشراب من أفضل الأنواع. وبعد أن أكلوا، أخذوا يلعبون. وإذ كانوا يرقصون ويقفزون، سقط في البحر واحد منهم، وكان شابًّا، وهو يركض على حرف السفينة. فاستسلم إلى شقاء عميق والدُه الذي كان على السفينة، ولكان ارتمى طوعًا في البحر لو لم يمسكوه. فأتى بعض الجنود والضبّاط إلى الموضع الذي كان فيه يوحنّا مربوطًا، ولمّا رأوا أنَّه لا يبكي، قالوا له: «كلُّنا نبكي بسبب هذا الشقاء الذي حصل، وأنت تقيم هنا من دون علامة حزن». فقال لهم الرسول: «ماذا تريدون أن أفعل لكم؟» (مر 10: 51: الأعمى). فأجابوه: «أعنَّا إن كان ذلك في استطاعتك». وكانوا قد سبق لهم وسمعوا بالعجائب العديدة التي صنعها في أفسس.

فقال يوحنّا لواحد منهم: «أيَّ إلهٍ تعبد؟» فأجاب: «أبولّون، يونون، هرقل وباخوس([1])». (وقال) لآخر: «وأنتَ، من هم آلهتك؟» فأجاب: «اسكولاب([2]) وديانا عظيمة الأفسسيِّين([3]). وسأل الآخرين أيضًا، وعرَّف كلُّ واحد ضلاله.

فقال لهم يوحنّا: «إذًا، آلهة عديدة بهذا المقدار لا يستيطعون أن يساعدوا رفيقكم ولا أن يعينوه، كما أنَّهم لا يستطيعون أن يعينوكم في ضيقاتكم وفي أحزانكم». فأجابوه: «لأنَّنا نجسون قدَّامكم، سمحوا أن نشعر بهذا الشقاء». فتركهم يوحنّا في هذا الضيق حتّى الساعة الثالثة من اليوم التالي. ثمَّ، شعر بالشفقة تجاه الذي هلك، وأحسَّ بألم جميع الحاضرين، قال: «انهض يا ابني بروخور، وأعطني يدك». لأنَّه كان منهكًا بثقل الحديد. فنهضتُ ومددتُ له يدي، فصعد إلى جزء مرتفع في السفينة، وبكى بمرارة وقال للبحر: «باسم ابن الله الذي مشى عليك([4]) كما على أرض يابسة، والذي لأجله أحمل هذه القيود (1تم 2: 9) كعبدٍ له، ردَّ الشابَّ الذي ابتلعته سليمًا معافى».

وما إن تفوَّه يوحنّا بهذا الكلام، حتّى هبَّتْ عاصفةٌ بحيث إنَّ الذين كانوا على المركب، ظنُّوا أنَّهم في خطر قريب، فخافوا من الغرق. وصعدت موجة كبيرة على السفينة ورمَتِ الشابَّ سليمًا معافى. كلُّ الذين رأوا هذه المعجزة، سجدوا لدى قدمَي يوحنّا قائلين: «حقًّا، إلهُك هو إله السماء والأرض وخالق كلِّ الخلائق». عندئذٍ حلُّوا القيود التي تقيِّد الرسول الطوباويّ، ولبثنا معهم في اتِّفاق تامّ.

 


[1](1)  Apollon هو إله والجمال والنور والفنون والعرافة. Junon: زوجة جوبتير، إلاهة الأنوثة والزواج. تقابل Héra اليونانيَّة. Hercule، إله الزراعة والتجارة وتوالي السنين. Bacchus يقابل ديونيسوس، إله الخمر...

[2](2)   Esculape: إله الطبّ.

[3](3)   أع 19: 28: عظيمة ديانا. هذا ما يقابل: عظيمة أرطاميس.

[4](4)  في مت 14: 25: «جاء يسوع ماشيًا على الماء»، ودعا إليه بطرس. رج يو 6: 17.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM