الفصل الثامن والتاسع و العاشر

الفصل الثامن

في تلك الأثناء، حرَّك دوميسيان اضطهادًا ثانيًا. وإذ كان يوحنّا في أفسس، وجَّه الإمبراطور رسالة إلى قنصل هذه المدينة، قائلاً: «علمْنا أنَّ عندكم رجلاً اسمه يوحنّا بن زبدى الذي يُعتبَر مسيحيًّا وتلميذ ذاك الناصريّ الذي صلبه اليهود بسبب جرائمه. ليتخلَّ عن ضلاله فيحيا، أو ليهلك إذا لبث في هذا الضلال». فأرسل القنصل جنودًا ليوقفوا يوحنّا. فنبَّهه (القنصل) بحسب قرار الإمبراطور أن ينكر يسوع المسيح وأن يتوقَّف عن الكرازة بالإنجيل. فأجابه يوحنّا: «حاشا لي أن أنكر اسم ربِّي العذب، وهو اسم تسجد له كلُّ ركبة ويعترف به كلُّ لسان (فل 2: 10). خيرٌ لنا أن نطيع الله لا البشر (أع 4: 19) بسبب عظمة مجد جلاله، والمجد الذي وعد به للذين يحبُّونه. لن أنكر يسوع المسيح الذي هو معلِّمي والذي أحبَّني، ولن أتوقَّف عن الكرازة بإنجيل اسمه إلى أن تتمَّ مسيرةُ الخدمة التي كلَّفني بها». حين سمع القنصل أقوال الرسول، تبدَّل وجهه من فرط الغضب وقال ليوحنّا: «كيف وصلتَ إلى جنون يحرِّك عليك غضب الإمبراطور؟» وأمرَ في الحال أن يُحبَس في السجن، وقال: «ينبغي أن لا نُبقي أحرارًا أولئك الذين يثورون على الملك ويحتقرون الشرائع».

الفصل التاسع

فكتب القنصل إلى دوميسيان في شأن يوحنّا، رسالة هذا نصُّها: «إلى دوميسيان قيصر، الرفيع دومًا، من قنصل أفسس. ليعلَمْ جلالُك المقدَّس بالنسبة إلى يوحنّا بن زبدى ذاك الذي كتبتَ لنا عنه أنَّه أتى إلى آسية وأنَّه كرز بالمسيح المصلوب الذي يؤكِّد أنَّه الإله الحقيقيّ وابن الله: هو يحتقر عبادة آلهتنا التي لا تُقهَر والتي أقامها أسلافُنا. بما أنَّه كان يستسلم إلى السحر ويتعدَّى هكذا على قرارات الإمبراطور، وبما أنَّه، بسحره وكرازته، اجتذبَ كلَّ شعب آسية لعبادة رجلٍ ميت ومصلوب، أمرْنا نحن بعد أن اشتعلنا غيرة لكرامة الآلهة الخالدين، أن يأتي أمام منبرنا لكي يتوقَّف عن الكرازة ويقدِّم للآلهة السُكُب التي ترضيها. وإذ استحال علينا أن نقنعه، ننقل هذه الأخبار إلى الجلالة الإمبراطوريَّة لكي تُعلمنا ما الذي تُقرِّره في حكمتها السامية في شأن هذا الثائر ونحن ننفِّذه بأمانة».

الفصل العاشر

في ذلك الوقت، كان دوميسيان يتجادل مع مارسيل([1]) ولين([2]) حول مجيء يسوع المسيح. وإذ لم يقدر أن يقنعهما، امتلأ غضبًا. وفي ذلك الوقت قدَّموا إليه رسائل القنصل حول يوحنّا. فشرع يقرأها ويزداد غضبُه شيئًا فشيئًا. وأمر القنصلَ بأن يُخرج يوحنّا من أفسس وبأن يرسله إلى رومة مقيَّدًا. تلقَّى القنصلُ أمر الإمبراطور، فقيَّد يوحنّا واقتاده معه إلى رومة مع شلَّة من الجنود. وحين علم دوميسيان بوصوله، وإذ لم يشأ هذا الإمبراطورُ الشرِّيرُ أن يرى وجهَ الرسول، أمر القنصلَ بأن يُقتاد الرسول أمام الباب اللاتينيّ([3])، وأن يلقيه حيًّا في خلقين زيتٍ يغلي، بعد أن يجلده ويحلق له شعره، ليراه الشعبُ محتقَرًا. فأمر القنصل أن يُعرَّى الرسول وأن يُجلَد بقساوة بعد أن حُلق شعرُ رأسه. فصنع الفائسون([4]) ما أُمروا به.

 


[1](1)  Marcel Ie. بابا سنة 308-309.

[2](2)  Lin. بابا سنة 67-76.

[3](3)  La porte latine: أحد أبواب رومة.

[4](4)  Licteurs. جنديّ رومانيّ يحمل الفأس.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM