الفصل الرابع والخامس

الفصل الرابع

وفي الغد صباحًا، احتفلت المدينةُ كلُّها بعيد ديانا، ومضى الجمهور إلى الهيكل حيث يرتفع تمثال ديانا ارتفاعًا عظيمًا. فأتى يوحنّا وصعد إلى الهيكل ووقف إلى يمين التمثال حيث جاء السكّان ليقدِّموا الذبائح، وهم يرتدون الثياب البيضاء. أمّا يوحنّا الذي احتفظ بثيابه الوسخة التي كان يشتغل فيها وهو في الحمّامات، فلفت نظر الأفسسيِّين الذين امتلأوا سخطًا وغضبًا، والتقطوا حجارة ليرموها عليه. ولكن بقدرة الله، الحجارة التي أطلقوها على الرسول توجَّهت على تمثال ديانا بحيث تحطَّم كلُّه. وحين رأوا أنَّ الحجارة التي أطلقوها لم يمسَّ واحدٌ منها الرسول، صرُّوا بأسنانهم. وكثيرون من الذين شاهدوا هذا المنظر ضحكوا.

الفصل الخامس

حين تحطَّم التمثال وسقط، قال يوحنّا للأفسسيِّين: «يا رجال أفسس، لماذا تستسلمون لمثل هذه الجهالات إذ تؤدُّون العبادة للشياطين وتتركون الإله الحقيقيّ، صانع العالم كلِّه وخالقَكم؟» عندئذٍ كان الله يحمي رسوله من غضب الأفسسيِّين، وما استطاع واحدٌ منهم أن يضع يده عليه. وقال لهم يوحنّا (أيضًا): «ها إلاهتُكم دُمِّرت وتحطَّمت بحجارة أردتم أن تطلقوها عليَّ. أنهضوها، وأقيموها كما كانت. وإذا كان لها بعض السلطان صلُّوا إليها لتمارس انتقامها عليَّ، أنا الذي كنت سبب دمارها. فلتُعطي بعض البرهان على قدرتها التي تجعلني أؤمن أنَّها إلاهة. وإلاَّ يكون واضحًا أن لا سلطة لإلاهتكم».

حين سمع الأفسسيُّون هذا الكلام، أرادوا في الحال أن يرموا حجارة على الرسول، ولكنَّ الحجارة عادتْ وسقطتْ عليهم، وأخذوا يجرحون بعضهم بعضًا. وإذ رآهم يوحنّا ساخطين سُخطَ الشياطين، وهم يضربون بعضهم بعضًا، قال لهم: «يا رجال أفسس، لماذا تمارسون سخطكم، بعضكم على بعض؟ تيقَّنوا وانظروا قدرة الإله الحقيقيّ الرهيبة، التي تثيرونها عليكم بشططكم. فأنتم تعتبرون جهالةً الكلمةَ التي أحملها لأجل خلاصكم. فتوقَّفوا وانظروا وتنبَّهوا».

عندئذٍ مدَّ الرسول يده نحو الشرق وقال: «أيُّها الربُّ يسوع الذي تعمل بحسب رحمتك وشفقتك، بيِّنْ لهؤلاء الرجال أنَّك الإله الحقيقيّ وأنَّ لا إله آخر غيرك». وحين تكلَّم هكذا، حصل زلزال قويّ. وحين رأى الآخرون ما حصل، سقطوا عند قدمي يوحنّا قائلين: «يا سيِّد، نطلب منك أن تعيد هؤلاء الموتى إلى الحياة، فنؤمن بإلهك الذي تكرز به». فأجابهم يوحنّا: «يا رجال أفسس، قلبُكم قاسٍ وأنتم بطيئون عن الإيمان بالإله الحقيقيّ. أعرفُ أنَّه، إذا قام هؤلاء الموتى، سيبقى قلبكم قاسيًا مثل قلب فرعون الذي رأى العجائب والمعجزات». وبالرغم من ذلك، لبث الأفسسيُّون يطلبون منه من أجل الذين هلكوا، وكانوا ساجدين أمام الرسول. عندئذٍ سمع يوحنّا طلبهم، ورفع عينيه إلى السماء ولبث صامتًا مدَّة طويلة، وهو يتنهَّد ويذرف الدموع. وقال: «أيُّها الربُّ يسوع المسيح، يا من أنت دومًا الإله الحقيقيّ مع الآب، أنتَ يا من نزلتَ على الأرض لتخلِّص الجنس البشريّ، استمعْ إلى صلوات عبدك الذي يتضرَّع إليك واغفر خطايا شعبك. واجعل الذين ماتوا في هذا المكان، أن يعودوا إلى الحياة فيعرفوا أنَّك الإله الحقيقيّ ويؤمنوا أنَّك أنتَ أرسلتني، وامنحني أنا عبدك، أن أكرز كلمتك بأمانة». وحين تكلَّم هكذا يوحنّا خادم الله، توقَّف الزلزال. والموتى الملقَون على الأرض نهضوا. وإذ سقطوا عند قدمَي يوحنّا، أرادوا أن يعبدوه. غير أنَّ يوحنّا شرع يبشِّرهم بالألوهة الواحدة، الآب والابن والروح القدس، الذين يجب أن يعبدوهم، وأنَّ الأقانيم الثلاثة جوهر واحد.

وعلَّمهم أشياء أخرى كثيرة نستغني عن ذكرها في هذا الكتاب.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM