الخاتمة

الخاتمة

ذاك هو المجلد الثاني من »الخلاصة الكتابيّة والآبائية«. جاء هو أيضاً في ثلاثة أقسام، شأنه شأن المجلد الأول.

في قسم أول عنوانه »العهد الجديد وأضواؤه«، تعرّفنا إلى شخص يسوع المسيح في أصوله، في عماده ونسبه وصولاً إلى قيامته. ثم كانت جولة في مواضيع أخذت من الأناجيل، فتركنا الأمور العامة، وأخذنا وجهاً خاصاً: الليتورجيا عند متى، الرحمة عند لوقا، الحياة الأبدية عند يوحنا. هي شطحات لا جامع لها سوى أنها تركزّنا في العهد الجديد بدءاً بالأناجيل وصولاً إلى الرسائل البولسيّة، وهي تفتح أمامنا باب الرعاية والروح، لا البحث العلميّ المجرّد.

مع القسم الثاني وعنوانه »في موازاة الكتاب«، نخرج بعض الشيء من دراسات الأسفار المقدّسة في ذاتها، فنفتح مواضيع لها علاقات بعيدة أو قريبة بالنصوص الملهمة. أين وصلت دراسات نصوص قمران؟ وماذا نقول عن يوسيفس، المؤرّخ اليهودي، الذي عاصر الأناجيل وشارك في الثورة اليهوديّة الأولى، وترك بشكل خاص العاديات اليهودية، وفيها قراءة جديدة لتاريخ شعبه. كما ترك مؤلفاً عنوانه حرب اليهود ضدّ الرومان. لا يتوقّف هذا الكاتب في أرض فلسطين، بل يخرج منها ويقدّم الكثير عن تاريخ فينيقية وقبرص ورومة. بعد ذلك، تطرّق هذا القسم إلى المنحولات، إلى التفاسير، إلى مرقيون ورفضه للعهد القديم، إلى شهود يهوه ورفضهم لالوهيّة المسيح بحيث يعتبرون عقيدة الثالوث الأقدس بدعة شيطانيّة.

القسم الثالث: أنطاكية العظمى والمعلّمون فيها. نتعرّف إلى المدينة المؤسّسة في القرن الرابع ق م، بيد السلوقيين. ونقرأ وصفاً لها بقلم شخص أحبّها وكأنها عروسه، ليبانيوس الخطيب والمعلِّم، الذي ارتبط اسمه بلبنان قبل أن يكون أستاذ البلاغة في أنطاكية حتى وفاته، فتتلمذ على يده الذهبيّ الفم وغيره.

والمعلّمون في أنطاكية أولهم ديودور أسقف طرسوس، مؤسّس مدرسة أنطاكية الكتابيّة. خافوا على مؤلفاته، فأخفوها داخل مؤلّفات الذهبيّ الفم، بعد أن ربطه كيرلس الاسكندراني بنسطور. ثم الذهبي الفم الذي ترك العظات في الأسفار الالهية مع تشديد على الوجهة الأخلاقيّة. وتيودور رفيق الذهبي الفم، بعد أن عاشا معاً الحياة النسكيّة في جوار أنطاكية. قرأنا له فقط ما بقي من سفر التكوين مع نظرة إلى طريقته في شرح الكتاب المقدس. إذا كان تيودور أسقف المصيصة (أو مفسوسطي، كما يقول السريان)، فيوحنا كان أسقف القسطنطينية وجار الامبراطور. وسوف يتألم من هذه الجيرة لأنه تصرّفَ كالأنبياء، فقال الحقيقة. لهذا أُرسل أكثر من مرة إلى المنفى حيث مات. وبعد كلام عن أوسابيوس الحمصي وتفسير سفر التكوين، نطيل الكلام عن آخر مفسّر كتابي بقيت آثاره حاضرة في المدرسة الانطاكية. تيودوريه (أو: تيودوريت، أو: تيودوريتس) أسقف قورش، ملك المدينة الجبليّة برعاياها القريبة من 700 رعيّة. قرأنا فقط لهذا الأب تفسير أشعيا الذي كاد يغيب في تلال من المخطوطات، فعرفنا فيه العمق في الفكر والسلاسة في الأسلوب، والقوّة في البرهان، بحيث اعتبر الوجهَ الأقوى في تاريخ الكنيسة، بين سنة 431 (مجمع أفسس) وسنة 451 (مجمع خلقيدونية).

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM