تقديم

تقديم
كتب القديس لوقا مؤلّفاً في كتابين: الإنجيل وسفر الأعمال. كانت لنا مناسبة سابقة فقدّمنا تفسيراً لقسم من إنجيل لوقا، وها نحن ندخل إلى عالم أعمال الرسل.
يبدو سفر الأعمال إمتداداً للإنجيل الثالث، وهو يتضمّن تاريخ تأسيس المسيحية. كان الكاتب قد أعلن في مقدمة الإنجيل (1: 1- 4) أنه يتبع خطى سابقيه فيروي بداية المسيحية. وقد يكون منذ ذلك الوقت قد فكر بشهادة عن حياة يسوع وأعماله وأقواله، كما بخبر عن انتشار الرسالة المسيحية. فكر بالإنجيل ثم بسفر الأعمال.
اسمه أعمال الرسل أو بالأحرى أعمال بعض الرسل. كما كتب الأقدمون مآثر الرجال العظام، مآثر هنيبعل ابن قرطاجة والإسكندر الكبير ابن مكدونية، هكذا فعل لوقا. كتب عن بعض الرسل وخصوصاً بطرس وبولس. وذكر كل الذين كان لهم دور بعيد أو قريب في انتشار المسيحية. مثل أسطفانس وفيليبس وبرنابا وسيلا وغيرهم.
ومن خلال هؤلاء الرسل، ذكر الفاعل الأول الذي هو الروح القدس. نفخ في شهود المسيح فوصل بهم إلى أقاصي الأرض. وذكر لوقا لا سيرة أشخاص فحسب، بل مسيرة الكلمة من أورشليم عبر السامرة وأنطاكية. ولما وصلت هذه الكلمة إلى رومة أنهى لوقا كتابه. تساءل الشراح: لماذا لم يقل لنا لوقا شيئاً عن نهاية بطرس وبولس مع أنه كتب مؤلفه بعد موتهما؟ وراح آخرون يتحدّثون عن جزء ثالث أراد لوقا أن يكتبه فوافته المنية. كان هذا مجرّد إفتراض. فما يهتم له لوقا ليس مسيرة أشخاص مات معظمهم في أيامه فختموا شهادتهم بدمهم. بل مسيرة. الكلمة التي كانت تنمو وتتقدم، التي انتقلت من العالم اليهودي إلى العالم الوثني. ما اهتمّ له لوقا هو أن هذه الكلمة التي وصلت إلى رومة ما زالت تُعلن رغم كل الصعوبات والمضايقات. قيّد بولس وسُجن. ولكن الكلمة ظلّت حرة والتعليم يُعلن بجرأة حتى في قصر الأمبراطور الروماني.
هذا هو سفر أعمال الرسل الذي سيحدّثنا عن موت أسطفانس ويعقوب، ولكنه يخبرنا أيضاً بصورة رمزية عن موت بطرس (ف 12). ويحدّثنا عن صعود بولس إلى أورشليم، ولكنه صعود لا ينتهي بموته في أورشليم على مثال معلمه، بل في رومة.
هذا هو سفر أعمال الرسل الذي فيه نتعرّف إلى المسيحيين الأولين الذين أخذهم جنون المسيح فلم يوقفهم شيء. أضطُهدوا فكان الإضطهاد مناسبة لهم ليذهبوا أبعد من اليهودية، أبعد من السامرة... إلى فينيقية، إلى قبرص، بل لما وصل بولس إلى رومة، كانت المسيحية قد سبقته إلى هناك.
هذا هو الكتاب الذي نتعرف إليه. وهو يتألف من أربعة أقسام: مداخل، دراسات، تأمّلات، أبحاث. هو كتاب يجمع العلم إلى التأمل والبحث إلى الصلاة، ويعلّمنا الدرس الذي يفتح قلوبنا لنتبع نداء الروح القدس يدعونا كما دعا التلاميذ الأولين.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM