تقديم

دراسات يبيلية -33-

الخلاصة الكتابية والأبائية:الجزءالثاني

الخوري بولس الفغالي

منشورات الرابطة الكتابية.

تقديم

بعد المجلد الأول من »الخلاصة الكتابيّة والآبائيّة«، ها هو المجلد الثاني، يقدم دراسات القديم منها والجديد ليفتح آفاقاً علميّة طالما يحتاج إليها الباحث، بل طالبُ اللاهوت، بل طالب التثقيف الديني أياً كانت هويّته.

خطّان في الدراسات الكتابية: البحث الموسَّع المسنَد بالشواهد والمراجع المأخوذة من الكتّاب الغربيين بشكل خاص، بعد أن راح عالم الشرق يغفو في سبات عميق، لسنا ندري متى يصحو منها. ثم القراءة الروحيّة والرعائيّة التي تساعد المؤمنين على تغذية حياتهم الروحيّة. فإن كان كلام الله نوراً لخطانا، فلماذا نقدّمه في الغموض والتعقيد بحيث يصبح ظلاماً؟ وإن كان طعاماً يرافقنا في جوعنا، وفي عطشنا إلى البر والتطلّع إلى مقصد الله ومشيئته، فلماذا نريده صعب الهضم بحيث يُبعد المؤمنين عن قراءة الكتاب ولا يقرّبهم ممّن هو الطريق والحقّ والحياة.

الغوص كان في العهد الجديد. مواضيع متنوّعة وأسفار تقدّم هذه الوجهة أو تلك من المعرفة الروحيّة. تركنا الأمور المعروفة من دراسة الأناجيل مثلاً، وتوقّفنا عند ناحية خاصة تدفع القارئ إلى النظر في ناحية من النواحي، وتحثُّه على البحث عن نواحٍ أخرى.

ومع آباء الكنيسة. في المجلد الأول، جُلنا في كنيسة الاسكندريّة، ورافقنا بعض وجوهها في ما هو خاص بها. لا على مستوى الكتاب المقدس وحسب، وإن كان لأوريجان حصّة الأسد، بل في مختلف الوجهات الكنسيّة. فنحن نعرف الدور الذي لعبته ِكنيسة الاسكندرية في تقابلها مع كنيسة أنطاكية.

وفي هذا المجلد الثاني، نعود إلى أنطاكية، تلك المنارة المسيحيّة في الشرق التي لم يبقَ منها اليوم الكثير الكثير. فالمسيحيون داخل المدينة قلّة قليلة. لا بأس. فأكثرهم ما زال يعرف السريانية، مع المدن والقرى المحيطة باحدى الكنائس الكبرى، التي حرّكها صعود القسطنطينية فأخذ منها وهجها وجعلها تابعةً لعاصمة الامبراطور بحيث خسرت أصالتها في الإطار اليوناني. أما التقليد السرياني فتفرَّق كنائس هنا وهناك في الشرق، قبل الانتقال إلى أوروبا خاصة، وإلى أميركا وأوستراليا. ولكن إلى متى سيبقى هذا الانتشار متماسكاً؟ أما هناك خوف أن تذوب هذه الاقليّات في بحر بشريّ كبير؟ أما يبحث الشاب أو الشابة، على الانتماء التام إلى البلد الذي يعيش فيه، لئلاّ يبدو على الدوام ذاك الغريب الذي لا يقدر أن يتعاون مع أناس تعرَّف إليهم جديداً؟

إلى كنيسة أنطاكية نتعرف مع وجوهها الكبيرة من ديودور إلى أوسابيوس الحمصي، من تيودور والذهبي الفم إلى تيودوريه القورشيّ. آباء كبار تركوا لنا الغنى الكبير الذي ما زلنا نجهل الكثير منه إلى الآن. هي نافذة فُتحت هنا. وقد تصبح باباً، بل بوّابة واسعة تسمح لأبناء أنطاكية وأبناء سائر الكنائس، أن يقرأوا الكتاب المقدس في لغتهم، فيسيروا في خطى الآباء. ويكونوا فخراً لهم في ما يواصلونه من دروس وأبحاث.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM