تطهير هيكل أورشليم.

 

تطهير هيكل أورشليم

قسمان في هذا النصّ: كلام عن الهيكل (2: 13-22)، ثمَّ انتقال من عمل يسوع إلى ردَّة الفعل على ما عمل (2: 23-25).

2: 13-22

هذا المشهد الذي يرويه يوحنّا، نجد ما يوازيه في الأناجيل الإزائيَّة الثلاثة، التي تصوِّر تطهير الهيكل خلال رسالة يسوع في أورشليم وقبل موته بقليل(1). في مت 21: 10-17 ولو 19: 45-46، قام يسوع بهذا العمل يوم دخوله الظافر إلى أورشليم. في مر 11: 15-19، بعد ذلك الوقت. ما جابه الكهنة والكتبة يسوعَ في ذلك الوقت، بل سألوه: بأيِّ سلطة؟ وخلال المحاكمة أمام المجلس، اتُّهم الربّ بأنَّه يريد تدمير الهيكل (مر 14: 58؛ مت 26: 61)(2).

2: 13. اليهود. لاعلاقة للمسيحيّين بهذا العيد. رج 6: 4؛ ثمَّ 7: 2 والكلام عن عيد المظالّ. هذا الكلام يدلُّ على المعاداة تجاه هذا العيد، الذي يجب أن يأخذ وجهة جديدة في شخص يسوع.

الفصح. هي المرّة الأولى التي فيها يُذكَر الفصح. وسوف يُذكَر أيضًا مرَّتين (6: 4؛ 11: 55). هذا يعني أنَّ رسالة يسوع امتدَّت على ثلاثة أعياد فصح، وهذا يعني قرابة ثلاث سنين. أن يكون مضى يسوع إلى اليهوديَّة خلال إقامته في الجليل، الأمر ممكن. وربَّما في هذا الوقت التقى نيقوديمُس (3: 1ي).

يسوع. .ιησους يرد الاسم الشخصيّ ليسوع في متتاليات مختلفة وفي شواهد متنوِّعة. ربَّما يكون أضيف في آ12، على أن يكون الضمير »هو«: »ونزل«. هكذا يزول الغموض بعد آ11. وصعد ανεβη. ذاك هو الفعل المستعمل من أجل الحجِّ إلى أورشليم، الواقعة على جبل.

آ14. الهيكل. ιερω: الرواق الداخلي في الهيكل، أي رواق الأمم. أمّا الهيكل في المعنى الحصريّ، فيُذكَر في آ19-21 ναος (في العربيَّة: ناووس). بقرًا، غنمًا. ما يُباع من أجل الذبائح. أمّا الحمام واليمام فذبيحة الفقراء (لا 5: 7). وهذا ما يفسِّر المعاملة الرقيقة لبائعي الحمام. وحده يوحنّا يتوسَّع في الكلام عن الحيوانات التي يَستعمل لها السوط. الصيارفة κερματιστας. بما أنَّ على المال اليونانيّ والرومانيّ صورة الإمبراطور أو صور الآلهة (الدينار أو الدرهم)، لا يُسمَح بدخوله إلى الهيكل، وخصوصًا لدفع ضريبة النصف شاقل (مت 17: 27) الذي يساوي دينارين أو درهمًا واحدًا.

آ15. سوطًا. في برديَّة بودمر: نوع من سوط. حبال σχοινιων. لا مكان للعصا ولا للسلاح في الهيكل. قد يكون صنع سوطه ممّا وجده هنا مرميٌّا على الأرض. وحده يوحنّا تحدَّث عن السوط الذي استُعمل للحيوان، وإن ضمَّ بعضُهم التجّار. قال بولتمان إنَّ النصَّ عاد إلى مر 11: 15 (يطرد الذين يبيعون...) وإلى مت 21: 12. بعثر εζεχεεν. استُعمل أكثر من فعل. وهذا الفعل ورد هنا للتناسق مع الأناجيل الإزائيَّة.

آ16. بيت أبي. صُوِّر الهيكل مرارًا في العهد القديم على أنَّه بيت الله (مر 2: 26). رج لو 2: 49 وكلام يسوع: »أكون في بيت أبي«. بيتًا. وهكذا تحوَّل بيت الله. نتذكَّر أنَّ »التاجر« في الكتاب هو »الكنعانيّ«. وهكذا نفهم كيف تحوَّل بيت الله.

آ17. تذكَّروا εμνησθησαν . في ذلك الوقت. بل بعد القيامة. رج آ22. ستأكل. صيغة المضارع. وهذا مع العلم أنَّ بعض المخطوطات والترجمات الأولى جعلت الماضي تماشيًا مع النصّ الماسوريّ وربَّما مع السبعينيَّة في مز 69: 9: »غيرتي على بيتك أكلتني«.

آ18. واليهود. هذا مثَل يساعدنا على فهم كلام يوحنّا عندما يقول: اليهود ιουδαιοι. هذا ما يقابل رئيس الكهنة، ثمَّ الكتبة وشيوخ الشعب. رج مر 11: 27 وز. آية σημειον: معجزة تكون برهانًا دفاعيٌّا في وجه اللامؤمنين. في الأناجيل الإزائيَّة، طلبَ آيةً الكتبةُ والفرّيسيّون والصادوقيّون وهيرودس (مت 12: 38-39؛ 16: 1-4؛ لو 23: 8). هي عودة إلى العهد القديم ؟؟؟ كعلامة إلهيَّة تدفع الإنسان إلى أن يصدِّق تدخُّل إنسان باسم الله. أمّا يسوع فما لبّى أبدًا مثل هذا الطلب، الذي يلتقي مع مضمون تجارب الشيطان ليسوع خلال صيامه. لكي تفعل هذا. أي: ما (أو: من) الذي سمح لك أن تفعل هذا؟ أو: بأيِّ سلطة فعلتَ ما فعلت؟ رج مر 11: 28وز.

آ19. اهدموا λυσατε. صيغة الأمر .p 203 Interpretation ,ddoD. ولكن في المعنى الشرطيّ: إن أنتم هدمتم. وقال بولتمان: هو أمرٌ هاكم ironique نجده مثلاً عند عا 4: 4 (تعالوا إلى بيت إيل وارتكبوا المعاصي). أو أش 8: 9 (ارتعدوا أيُّها الشعوب). والمعنى: انطلقوا وافعلوا هذا، وسوف ترون ما يحصل.

آ20. ستّ وأربعين سنة. رج يوسيفس، العاديّات 15/11: 1 قال: إنَّ إعادة بناء الهيكل بدأت في السنة 18 لهيرودس الكبير (20/19). مثل هذا التاريخ أجدر بالثقة من السنة 15 التي ذكرها يوسيفس في الحرب 71:1. هذا يعني بحسب العاديّات أنَّنا سنة 27/28 ب.م. أو بأكثر دقَّة في فصح سنة 28 ب.م. إنَّ المخاطرة في تحديد كرونولوجيّا بالنسبة إلى خدمة يسوع، أمرٌ معروف. ولكنَّ هذا التاريخ يوافق تاريخ لو 3: 1، الذي يحدِّد زمَن رسالة يوحنّا المعمدان في السنة 15 لطيباريوس قيصر (تشرين الأوَّل 27 إلى 28، حسب الكلندار السوريّ). أمّا الرقم في يوحنّا فيعود إلى الهيكل. ولكن بما أنَّ يوحنّا يقول إنَّ الهيكل هو جسد يسوع، وفي إطار 8: 57 (»ما بلغتَ الخمسين بعد«)، اعتبر Loisy أنَّ يسوع كان ابن 46 سنة وأنَّه توفّي في سنة اليوبيل، أي في الخمسين. الواقع هو أنَّ رسائل يونانيَّة باسم آدم أوردت 46، فكانت أساسَ التفسير لدى عدد من الآباء، وبالأخصّ القدّيس أوغسطين الذي رأى في هذا الرقم عودة إلى طبيعة يسوع البشريَّة(3). نحن لا نقول إنَّ يسوع عاش 46 سنة، ولكن لا نستبعد أن يكون تجاوز الثلاثين سنة، كما قال لو 3: 23.

بُني οικοδομηθη. هي صيغة الماضي المبهَم aoriste. لم يتمَّ العمل في الهيكل حتّى سنة 63 ب.م. وفي زمن الوالي البينُس، كما قال يوسيفس في العاديّات (20/9: 7). بناء يُعمَل فيه ولكنَّه لم يتمَّ بعد. نجد ما يقابل هذه العبارة مع الماضي الكامل parfait في سبعينيَّة عز 5: 16: »من ذلك الوقت إلى الآن (الهيكل) يُبنى (الفعل هو هو. الماضي المبهم) وما انتهى«، رج يو 4: 3، 20 والصيغة نفسها (عبدوا الله προσεκυνησανسجدوا).

آ21. كان يقول ελεγεν. الماضي المستمرّ .parfait معبد  ναου هناك من الآباء من ألغى »معبد« فقال فقط: »كان يقول عن جسده«. تاتيان، إيرينه، ترتليان، أوريجان.

آ22. فلمّا أقيم ηγερθη . صيغة المجهول الإلهيّ. أي: الله أقامه. ويمكن أن تكون الصيغة intransitif لامتعدِّية على مستوى المعنى(4): »ولمّا قام«. ولكن نفضِّل المجهول الذي يرد 19 مرَّة في العهد الجديد للكلام عن الآب الذي أقام ابنه من بين الأموات. ولكن في الإنجيل الرابع، قدرة الآب هي أيضًا قدرة يسوع، وشدَّد يوحنّا بأنَّ يسوع قام بقدرته الذاتيَّة (10: 17-18).

بالكتابة τη γπαφη. أو بالكتاب المقدَّس في عهده القديم بشكل إجماليّ، أو في بعض أقسامه. مثلاً مز 16: 10 (لا تتركني في عالم الأموات)؛ 69: 10 (الغيرة على بيتك) الواردة في آ17. حين كرز الرسل، وجدوا بسرعة الشهادات التوراتيَّة حول القيامة. رج 1كو 15: 4: »قام في اليوم الثالث بحسب الكتب«. وبالكلمة. العهد القديم والعهد الجديد هما وحي الله إلى البشر.

2: 23-25

هذه الآيات تعدُّ الطريق للحوار مع نيقوديمس.

آ23. عيد الفصح. حرفيٌّا: في الفصح  εν τω πασχα ، في العيد εν τη εορτη كان العيد عيدين: عيد الفصح أو ذبح الحمل، ثمَّ عيد الفطير. ضُمَّ العيدان في عيد واحد. لم يتكلَّم يوحنّا عن عيد الفطير، بل الإزائيّون. أمّا لو 22: 1 فذكر الاثنين معًا: »عيد الفطير الذي يُقال له الفصح«. آمنوا باسمه. رج 1: 12 حيث الكلام عن الإيمان. ولكن يبدو أنَّ هذا الإيمان بقي ناقصًا، كما كان الأمر بالنسبة إلى نيقوديمس: لبث »خائفَ الله«، وما صار تلميذًا مثل يوسف الرامي (يو 19: 39).

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM